الخميس 9 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
عبدالوهاب وعبدالحليم والانحياز للأجمل!

عبدالوهاب وعبدالحليم والانحياز للأجمل!

كل أغنية تسمعها فى الإذاعة أو شاشة التليفزيون من أغانى العظماء، أم كلثوم، عبدالوهاب، عبدالحليم، وغيرهم من نجوم الغناء وراؤها حكاية وسهر وتعب وعرق وعشرات البروفات حتى تخرج الأغنية فى أجمل وأبهى صورة.



ويواصل الأستاذ مجدى العمروسى شريك عبدالوهاب وعبدالحليم فى شركة صوت الفن فيقول: بروفات «عبدالوهاب» كانت مدرسة وتعليمًا ومتعة لا حدود لها، وبروفات عبدالوهاب مع «عبدالحليم» كان فيها كثير من الخلافات واختلاف فى وجهات النظر فى طريقة العزف أو سرعة الإيقاع أو بطئه، وكثيرًا ما كان أحد أعضاء الفرقة يتدخل مؤيدًا لرأى الأستاذ «عبدالوهاب» أو رأى «عبدالحليم»، وكان عبدالوهاب دائمًا ينساق وراء الأجمل، ولا مجال إطلاقا للعناد أو للتمسك برأيه باعتباره الملحن، ولكنه فى نفس الوقت كان يثق فى أذن عبدالحليم وذوقه، وكان يحضر أغانى عبدالحليم فى الأربع أو الخمس بروفات الأولى حتى يتأكد من استيعاب العازفين للحن، ثم يترك باقى البروفات لعبدالحليم ويحضر البروفة الأخيرة التى كانت تتم غالبًا فى المسرح.

بالنسبة للسيدة أم كلثوم كانت التسجيلات فيها صراع دائم، محمد عبدالوهاب يريد الآلات الحديثة والجديدة مثل الأورج والجيتار أن تعمل طوال اللحن، وسيدة الغناء تريد أن تخفف منها بقدر الإمكان، وكان عبدالوهاب قادرًا دائمًا على إقناع أم كلثوم بما يريد فى البروفات.

لم أر أبدًا عبدالوهاب يتهاون مع أى عازف مهما كانت مكانته، بل إنه فى بعض  الأحيان كان يجد الكمانجة مثلا أو الناى أو الأورج يقول حركة موسيقية معينة عن طريق اجتهاد العازف أو اعتقاده أنها حركة تجميلية، ولكننى كنت أفاجأ بالأستاذ «عبدالوهاب» يقول بحسم: كويس اللى أنت عملته ده يا فلان.. لكن مفيش داعى له خلينا حسب ما هو مكتوب».

وأحيانًا كثيرة يستحسن ما يقوله العازف فيناقشه فيه ويشجعه ويجعله يقوله بحسم أكثر أو برقة أكثر!

وعند غناء السيدة أم كلثوم فلم يكن يترك المسرح والفرقة إلا بعد قفل الستارة عند انتهاء الأغنية فى أول وصلة تذاع منها، فيخرج من جيبه مبلغًا من المال ربما ألفين أو ثلاثة آلاف - يسلمها لقائد الفرقة لتوزيعها على العازفين، وغالبًا ما يكون قد وعدهم بذلك إذا أجادوا والتزموا.

ولم يكن عبدالوهاب يسمح إطلاقًا بعدم الجدية فى البروفات أو تأخر أحد العازفين أو تغيب أحد وليس معنى ذلك أن تكون البروفات أعصابها مشدودة ويشوبها التوتر، بل كان فيه من المقدرة ما يمكنه من تغيير الجو فى ثوان من جوٍ جاد إلى جو ضاحك خفيف الظل بنكتته السريعة التى تغير الجو فورًا».

هكذا كان العظيم محمد عبدالوهاب!