الأربعاء 8 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

6 مواقف تاريخية

كيف ساندت إفريقيا مصر فى معركة تحرير سيناء؟

تقرير - أحمد امبابى



نستطيع أن ننظر للأدوار العربية والإفريقية، المساندة والداعمة للدولة المصرية فى معارك تحرير أرض سيناء واسترداد تراب أرض الفيروز بعد نكسة يونيو 1967، على أنها خير سند وخير دليل على مرحلة جنى ثمار العلاقات المصرية العربية والإفريقية فى عهد الرئيس جمال عبدالناصر.

فقد كانت للدائرتين العربية والإفريقية، أدوار سياسية ودبلوماسية وعسكرية مهمة فى تحضير مصر للمعركة والحرب فى أكتوبر 1973، ثم فى المرحلة التالية للحرب، من خلال ممارسة الضغوط الدبلوماسية على المجتمع الدولى ودعم الموقف المصرى فى معركة تحرير أرض سيناء كاملة من المحتل الإسرائيلي، فى مواقف سجلها التاريخ بحروف من نور فى سجل العلاقات المصرية الإفريقية والعربية.

دعم التحرر والوحدة الإفريقية

قبل تفنيد الأدوار الإفريقية فى دعم مصر فى معركة تحرير أرض سيناء، من المهم التوقف أمام فترة العصر الذهبى فى العلاقات المصرية الإفريقية بعد ثورة 23 يوليو 1952، وتحديدًا فى فترة الرئيس جمال عبد الناصر، حيث احتلت إفريقيا مرتبة متقدمة فى أولوية السياسة الخارجية، وتبنت مصر عددًا من القضايا المهمة على الساحة الإفريقية فى هذه الفترة، أهمها: مناهضة الاستعمار الأوروبي، ودعم تحرر الدول الإفريقية، ومناهضة النظم العنصرية فى القارة، ورفض أشكال الاستعمار الجديد وأشكال الهيمنة والتبعية الغربية، والمساهمة الإيجابية والفاعلة فى تأسيس منظمة الوحدة الإفريقية، حيث كان الرئيس عبدالناصر من الآباء المؤسسين لمنظمة الوحدة الإفريقية عام 1963.

من هذا المنطلق امتد التأثير المصرى لغالبية دول القارة، وجاء فى مقدمة تلك المواقف دعم القاهرة لحركات التحرير الإفريقية، فقد كانت مصر أول دولة فى العالم تقدم لحركات التحرير الأسلحة والتدريب العسكرى المناسب، وظهر الدعم أيضًا بفتح مكاتب لحركات التحرير الإفريقى فى القاهرة، لإيجاد تواصل بين حركة التحرير الإفريقية وبين مصر ومع العالم الخارجى أيضًا، وكانت مصر أول بلد فى العالم يتجمع فيه عدد كبير من المكاتب السياسية الإفريقية، كما اهتم عبد الناصر بإنشاء جهاز إعلامى قوى لدعم التواصل مع إفريقيا، حتى أصبحت القاهرة العاصمة الأولى فى إفريقيا والعالم التى تعكس قضايا القارة ككل.

قطع العلاقات مع إسرائيل

خلال فترة حكم الرئيس أنور السادات، نستطيع أن ننظر لمسار العلاقات المصرية الإفريقية، خلال هذه الفترة بأنها فترة استثمار لنتائج سياسات وتأثير مصر بالقارة فى عهد جمال عبدالناصر، وظهر ذلك فى معركة التحرير المصرية واسترداد أرض سيناء من إسرائيل فى حرب أكتوبر 1973، واتخذت الدول الإفريقية مجموعة من المواقف التاريخية التى تدعم مصر فى حربها مع المحتل الإسرائيلي، وأهم هذه المواقف هي:

1- 8 دول تقطع علاقاتها مع إسرائيل:

أول المواقف الإفريقية الداعمة لمصر فى معارك تحرير سيناء، كان بعد النكسة عام 1967، حيث نظر الأفارقة إلى إسرائيل بوصفها قوة احتلال تحتل أراضى إفريقية، فى وقت كانت مصر والدول العربية فى مقدمة الداعمين لحركات التحرر الوطنى الإفريقية.

من هذا المنطلق قامت 8 دول إفريقية بقطع علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل عام 1972، حيث قامت أوغندا بقطع علاقاتها مع إسرائيل، ثم تبعتها سبع دول أخرى هى تشاد ومالى والنيجر والكونغو برازافيل وبوروندى والكونغو الديمقراطية وتوجو.

2- تحذير إسرائيل:

ومع استمرار التعنت الإسرائيلى بعد النكسة، بدأت منظمة الوحدة الإفريقية تتخذ قرارات أكثر حزمًا ضد إسرائيل، وصولًا للقرار الذى اتخذته المنظمة فى مايو 1973، والذى تضمّن تحذيرًا رسميًا لـ «إسرائيل» بأن رفضها الجلاء عن الأراضى العربية المحتلة يعتبر اعتداء على القارة الإفريقية وتهديدًا لوحدتها، وأن الدول الأعضاء فى منظّمة الوحدة الإفريقية تعتبر نفسها مدعوّة لأن تأخذ منفردة أو بصورة جماعية أيّ إجراءات سياسية واقتصادية مناسبة لصد ذلك العدوان.

3-حظر اقتصادى على إسرائيل

ظلت الدول الإفريقية على موقفها الداعم للدول المصرية و الدول العربية فى معاركها مع المحتل الإسرائيلي، حتى قامت حرب أكتوبر 1973، وظهر فيها التضامن الإفريقى مع مصر والعرب، خاصة فى منظمة الأمم المتحدة ومنظمة الوحدة الإفريقية، عندما عقدت منظمة الوحدة الإفريقية اجتماعًا استمر 3 أيام فى أديس أبابا حضرته 42 دولة إفريقية وعربية لمناقشة تأثيرات الحرب على إفريقيا، وانتهى الاجتماع بقرار المجتمعين الذين دعوا فيه جميع الدول الأعضاء فى منظمة الوحدة الإفريقية إلى فرض حظر اقتصادى على «إسرائيل» والبرتغال، ودعا البيان إلى إقامة علاقات وثيقة للتعاون بين أعضاء منظمة الوحدة الإفريقية والجامعة العربية.

4- 20 دولة تقطع علاقاتها بعد أكتوبر

نجحت الجهود العربية والإفريقية وقت حرب أكتوبر فى عزل إسرائيل، حيث قامت 20 دولة إفريقية بعد نصر أكتوبر 1973 بقطع علاقاتها مع إسرائيل، حيث كان لتل أبيب علاقات مع 25 دول إفريقية قبل الحرب، وفى يناير 1974، كانت فقط 5 دول التى لا زالت على علاقة مع إسرائيل هي: جنوب إفريقيا، وليسوتو، ومالاوي، وسوازيلاند، وموريشيوس.

5- التصويت باعتبار «الصهيونية» حركة عنصرية

من المواقف التاريخية للدول الإفريقية وقت حرب أكتوبر، كان الحشد الإفريقى للتصويت على اعتبار «الصهيونية» حركة عنصرية، وجاء هذا القرار على المستوى الإفريقى وعلى مستوى الأمم المتحدة، حيث صوت رؤساء دول وحكومة منظمة الوحدة الإفريقية على القرار 77 (د-12) فى أغسطس 1975، والذى يعتبر «النظام العنصرى الحاكم فى فلسطين المحتلة والنظامين العنصريين الحاكمين فى زيمبابوى وجنوب إفريقيا وقتها، يرجع إلى أصل استعمارى مشترك، ولها هيكل عنصرى واحد، وترتبط ارتباطًا عضويًا فى سياستها الرامية إلى إهدار كرامة الإنسان وحرمته».

كما دعمت الدول الإفريقية بقوة قرار التصويت على القرار الصادر من الأمم المتحدة رقم 3379 فى نوفمبر 1975، والذى يقر بأن «الصهيونية شكل من أشكال العنصرية»، وبتحليل السلوك التصويتى للمجموعة الإفريقية نجد أن الدول الإفريقية التى ساندت الموقف الإسرائيلى سواء بشكل حاسم أو غير حاسم تصل إلى 20 دولة. 

6- أول قمة عربية إفريقية

خلال منتصف السبعينيات، وصلت العلاقات العربية الإفريقية لأعلى مستويات الشراكة والتنسيق، واتخذت القمة العربية فى الرباط 1974، قرارًا بعقد مؤتمر قمة عربى إفريقى مشترك، ليمثل نقطة تحول فى علاقات التعاون العربى الإفريقي، وأثمرت هذه الجهود فى استضافت القاهرة فى مارس 1977 أول مؤتمر قمة عربية إفريقية، شارك فيه 65 دولة عربية وإفريقية، صدر عنه إعلان سياسى من 13 بندًا، تعهدت فيه الدول العربية والإفريقية بتنمية علاقاتها على المستويين الثنائى ومتعدد الأطراف.

ومع مطلع الثمانينيات كانت «إسرائيل» قد خسرت القارة الإفريقية، وتقلّص تمثيلها الدبلوماسى إلى أقصى حد، حيث كان التقارب العربى الإفريقى عاملا أساسيًا فى الحد من التغلغل الإسرائيلى فى إفريقيا، وهو ما أكده «آريه عوديد» الدبلوماسى الإسرائيلى فى إفريقيا فى الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي، فى كتابه «إسرائيل وإفريقيا»، مشيرًا إلى التأثير المتراكم لقرارات منظمة الوحدة الإفريقية المعادية لـ«إسرائيل»، منذ 1970، كانت له نتائج خطيرة فى حرب أكتوبر 1973.