الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

من «بيت الله» إلى «البيت الأبيض» وثائق «صعود» و«سقوط» الإخوان «الحلقة الثانية والثلاثون»

من «بيت الله» إلى «البيت الأبيض» وثائق «صعود» و«سقوط» الإخوان «الحلقة الثانية والثلاثون»
من «بيت الله» إلى «البيت الأبيض» وثائق «صعود» و«سقوط» الإخوان «الحلقة الثانية والثلاثون»




بالأسماء: «أردوغان» التقى 19 «قيادة إخوانية»
فى «نيويورك».. لدعم التنظيم «سياسياً وإعلامياً»!


دراسة يكتبها هانى عبدالله
على خلفية قرار «محمود عزت»، بحل «مكتب الخارج»، كان أن توالت «مبادرات التوفيق» بين الطرفين.. إذ كان أول تلك المبادرات فى 23 ديسمبر، فيما عُرف بـ»مبادرة الـ44»، وهى «مبادرة» قدمها 44 برلمانيًّا «سابقًا» من المنتمين للتنظيم (منهم، وفقًا لـ»وكالة الأناضول»: «حلمى الجزار»، و«أمير بسام»، و»عبدالموجود درديري»، و«عزب مصطفى»، و«محمد عماد الدين»، و«محمد الفقي»، و«رضا فهمى»، و«عبدالغفار صالحين»، و«عادل راشد»، و«مصطفى محمد»، و«عبدالرحمن شكرى»، و«أيمن صادق».. ودارت «المبادرة»، حول إجراء انتخابات «داخلية» شاملة (مجلس شورى جديد - مكتب إرشاد جديد - مجلس رابطة جديد- مكتب خارج جديد)، فضلاً عن وضع ما وصفوه بـ«الرؤية الاستراتيجية» واضحة المعالم.. إلا أنّ هذا الأمر، لم يُثنى «محمود عزت» وفريقه، عما اعتزموه.
وفى نهاية يناير من العام 2016م، ظهرت ثانى مبادرات التوفيق بين الطرفين، (فيما عُرف بمبادرة «الشيخ القرضاوى»).. إذ طالب خلالها «القرضاوي» (الداعم لتوجهات فصيل «محمد كمال») بالإعداد لـ»انتخابات شاملة» لمؤسسات الجماعة (فى الداخل، والخارج)، وإجرائها بأسرع وقت ممكن، وفقًا لـ»لائحة تنظيمية» يجرى التوافق عليها فى مؤسسات الجماعة، لتعزيز ثقة الجماعة، والتفافها حول قيادتها.. مع التأكيد على الالتزام بما وصفوه بـ»المسار الثوري»، المعتمد من قبل «مؤسسات الجماعة»، وقيادتها.. وبالتعاون مع بعض «القوى المصرية» (التى وصفها بـ«المخلصة».
وتضامن مع «القرضاوي» فى مبادرته تلك، كلٌ من: د.أحمد الريسونى ( المغرب) – الشيخ محمد الحسن الددو، (موريتانيا) – د.عبدالرزاق قسوم (الجزائر) – د.على محيى الدين القره داغى – د.محمد صالح عثمان رئيس هيئة علماء السودان (السودان) – د.عبد الوهاب الديلمى ( اليمن) – د.عبدالمجيد النجار (تونس) – د.نور الدين الخادمى (تونس) – الشيخ جلال الدين العمرى، أمير الجماعة الإسلامية بـ«الهند» – الشيخ سلمان الندوى (الهند) – د.عبدالغفار عزيز (باكستان)- الشيخ عبد الهادى أوانج (ماليزيا) – د.عمر فاروق (تركيا)- الشيخ سالم الشيخى (ليبيا) – د.محسن عبد الحميد (العراق) – د.جمال بدوى (مصر) – د.مروان أبوراس (فلسطين).. إلا أنها باءت بالفشل، ولم تصادف أى موافقة من قبل «حرس الجماعة القديم».
وفى 3 إبريل من العام 2016م، أعلنت جبهة «محمود عزت» (الحرس القديم)، عن تشكيل لجنة للانتخابات «التكميلية» (لا الانتخابات الشاملة)، للإشراف على استكمال المؤسسات الشورية، وانتخابات المستويات الإدارية.. بدءًا من شورى المحافظات، واقتراح الضوابط والإجراءات، وما اقترحه مسئولو «المكاتب الإدارية»، و»لجنة التطوير» فى هذا الشأن.. ورفع ذلك للقائم بـ»أعمال المرشد»، لاعتماده.
ومن ثمَّ.. كان أن ردت «اللجنة الإدارية العليا» (لجنة الأزمة) على هذا الأمر، بنحو شهر (أى خلال الأسبوع الأول من «مايو» من العام 2016م)، بالإعلان - مرة أخرى - عن «خارطة طريق» جديدة، لإنهاء أزمة الجماعة الداخلية.. وكان من بين ما نصت عليه تلك «الخارطة»: إجراء انتخابات «شاملة وكاملة» على المستويات كافة، بلا استثناء (من «مكتب الشعبة»، إلى اللجنة الإدارية «مكتب الإرشاد المؤقت».. ومن «مجلس شورى الشعبة» إلى «مجلس الشورى العام»).. لتستمر - بعد ذلك – المناوشات فى «الداخل»، ومحاولات تثبيت أقدام التنظيم، مرة أخرى – بمختلف الطرق، والوسائل – فى الخارج، حتى لا يدفع «تنظيم الجماعةالدولى» (خاصةً فى كُلٍ من: أوروبا، وأمريكا) ثمن صراعات «التنظيم فى مصر».
.. إذ كان من بين ثمرة تلك الصراعات، محاولة كل «فصيل» العمل على دعم «توجهاته» بمؤيدين من داخل العمقين: («الأوروبي»، و«الأمريكي»).. ففى البداية، سعى فصيل «محمد كمال» (عبر تأثير علاقات «الشيخ القرضاوي»، داخل العمق الأوروبي)، إلى شحن «القيادات الأوروبية» (خاصةً، اتحاد المنظمات الإسلامية فى أوروبا) تجاه سياسات «إرشاد القاهرة» (الذى يسيطر – بالتبعية – على مكتب الإرشاد العالمي)، وتحميله مسئولية ما يتعرض له التنظيم «عالميًّا».. جراء فشل الجماعة فى «القاهرة»، وما تبعه من تحركات «بريطانية»، و»أوروبية»، و»أمريكية»، حول علاقة الإخوان بالعنف.. بينما سعى «القائم بالأعمال»، لتوظيف قوته داخل العمقين: «العربي»، و»الأمريكي»، فى تحجيم دعوات «الاستقلال»، و تحجيم دعوات الحد من السيطرة المصرية، على «التنظيم العالمى».
■ ■ ■
وفيما كان قيادات أوروبا، يدرسون فعليًّا وجهة نظر الدائرة القريبة من «الشيخ القرضاوي»، كان قيادات التنظيم فى أمريكا، يدرسون الأمر بشكلٍ مختلف (نوعًا ما).. إذ يُمكننا، هنا، ملاحظة عدد من «النقاط المحورية»، التى تُميز بين حسابات جماعات «التنظيم فى أوروبا»، ونظيرتها فى «أمريكا»:
أولاً: تداخلت – عبر سنوات خلت – العلاقة بين «إخوان أمريكا»، والعديد من الدوائر الرسمية، و«الأمنية» الأمريكية، فى سياق «سياسات عالمية» ممتدة، ومتشعبة الأهداف.. وذلك، على خلاف مؤسسات «الجماعة فى أوروبا.. إذ كان – غالبًا – تداخل مؤسسات الجماعة مع الدوائر الرسمية فى أوروبا، مُنصبًا، فى المقام الأول، على «العمل مع الجاليات».. وما تجاوز نطاق «العمل مع الجاليات»، نحو «السياسات العالمية»، لم يكن بمعزل عن التنسيق مع «الولايات المتحدة» نفسها.
ثانيًا: كان على مؤسسات الجماعة فى أمريكا أن تترقب – ابتداءً – إلى أى مدى يُمكن أن يُسهم «تغيير الإدارة» فى واشنطن، من (ديمقراطية) إلى (جمهورية)، على خريطة تحالفاتها «الرسمية» الداخلية.. وإلى أى مدى، يُمكن أن تنعكس صلتها بالتنظيم (الأم) فى مصر، على إعاقة أنشطتها فى كُلٍ من: أمريكا، وكندا؟
ثالثًا: تنعكس طبيعة العلاقة بين «إخوان مصر»، و»إخوان أمريكا» – بشكلٍ مباشر - على العديد من الملفات، التى يتداخل فيها التنظيم بمنطقة «الشرق الأوسط».. بدءًا من «الملف الفلسطيني» (يتمركز العديد من قيادات التنظيم «الفلسطينيين»، فى كل من: أمريكا، وكندا).. ووصولاً إلى «برنامج الارتباط» مع واشنطن (وهو «البرنامج»، الذى لعبت خلاله «قيادات التنظيم فى أمريكا» دورًا محوريًّا فى التقريب بين الطرفين).
رابعًا: وفقًا للعديد من الشواهد، فإن أغلب قيادات، وكوادر «التنظيم فى أمريكا» - على خلاف نظيرتها فى «أوروبا» – كانت ترى فى توحيد صف «التنظيمات القطرية» خلف راية واحدة - وقتئذ - أمرًا يُؤمن «قوة مضافة» فى مواجهة «الانتقادات العالمية» المتصاعدة، تجاه التنظيم.. ومن ثمَّ، سعى العديد منهم إلى دعم «مبادرات التوفيق» بين الطرفين المصريين (د. جمال بدوي، نموذجًا).. مع الاحتفاظ بدراسة مقتضيات «الهيكلة الداخلية» للتنظيم، بحسب المستجدات السياسية، على الساحة العالمية.
■ ■ ■
وفى سياق سعى «إخوان أمريكا»، لدعم شبكتهم الخاصة (أي: فى الداخل الأمريكي)، والظهور بمظهر المتماسك، فى أعقاب «الهزات المتتابعة» التى تعرض لها «التنظيم الأم» فى القاهرة.. كانت قيادات «التنظيم» بالولايات المتحدة الأمريكية، فى عُجالة من أمرها، لعقد المؤتمر السنوى «رقم 41» بالتنسيق بين كُل من: «الدائرة الإسلامية فى أمريكا الشمالية»، و«مجتمع المسلمين الأمريكيين» (ICNA-MAS).. وهما من المنظمات التابعة لـ«تنظيم الجماعة الدولي»، بشكلٍ مباشر (لا تنسيقي، فقط).
وكان من أبرز ما شهدته أروقة المؤتمر، حينئذ (عُقد المؤتمر فى مايو من العام 2016م، بمدينة «بالتيمور»)، إعلان «وكالة الأناضول» (الوكالة التركية الرسمية)، عن إطلاقها خدمتها الإخبارية الجديدة «تقرير أنباء الأناضول الدولي» (1)، لنقل رؤية «تركيا» وشركائها فى القضايا العالمية المختلفة.. وقال «ميتين موتانوغلو» (Metin Mutanoglu)، رئيس تحرير الوكالة، و»نائب رئيس مجلس إدارتها»، خلال المؤتمر، إن «الخدمة الجديدة»، ستقدم الأخبار: «السياسية»، و«الاقتصادية»، و«الثقافية»، و«الاجتماعية» من العالم الإسلامى لمشتركيها باللغات: الإنجليزية، والعربية، والتركية.. وأن هذا (بحسب تعبيره)، لملء «الفجوة الإعلامية»، التى لم يشغلها «العالم الإسلامى» (!)
وهو تحرك، كان مدعومًا - بالفعل - من دوائر تنظيم الإخوان فى أمريكا.. إذ قال «نعيم بيك» (Naeem Baig)، رئيس «إكنا» (ICNA)، إن ما قامت به «وكالة الأناضول» هو الصوت الذى نحتاجه الآن، إذ لن يصل هذا الصوت لمسلمى أمريكا فقط، بل للعالم أجمع.. وهو ما ردده – تقريبًا – رئيس إحدى كبرى المؤسسات «الإخوانية» الأخرى بالولايات المتحدة.. إذ قال «أزهر عزيز» (Azhar Azeez)، رئيس «إسنا» (ISNA)، إن «الوكالة» سوف تنقل صورة متوازنة لـ«مسلمى المهجر» فى الولايات المتحدة الأمريكية (!)
إلا أنّ «الدعم التركي» حينئذ، لم يتوقف على «الجانب الإعلامي»، داخل العمقين: «الأوروبي»، و«الأمريكي» فقط.. بل تجاوزه إلى «الدعم السياسي»، عبر «المحافل الدولية».. ومن ثمَّ.. كان الرئيس التركى «رجب طيب أردوغان» (Recep Tayyip Erdogan)، أحرص ما يكون على الالتقاء، وقيادات التنظيم فى «الولايات المتحدة» الأمريكية، على هامش الجلسة «رقم 71» للجمعية العامة للأمم المتحدة، فى سبتمبر من العام نفسه (أي: العام 2016م)، بنيويورك (2).
وكان بصحبته كُلٌ من: «فيسى كايناك» (Veysi Kaynak) نائب رئيس الوزراء.. و»ميفلوت كافوس أوغلو» (Mevlut Cavusoglu) وزير الخارجية.. و»بكير بوزداج» (Bekir Bozdag) وزير العدل.. و«فاطمة بتول سايان كايا» (Fatma Betul Sayan Kaya) وزيرة الأسرة والشئون الاجتماعية.. و«بيرات البيرق» (Berat Albayrak) وزير الطاقة.. إلى جانب: السفير التركى فى واشنطن «سردار كيليك» (Serdar Kilic)، ورئيس حزب العدالة والتنمية «ياسين أقطاي» (Yasin Aktay)، والمتحدث باسم الرئاسة «إبراهيم كالين» (Ibrahim Kalin).
وفى هذا اللقاء، جلس «أردوغان» وفريقه مع نحو 27 فردًا من ممثلى المنظمات الإسلامية فى أمريكا.. وكان من بينهم (على الأقل) نحو 19 فردًا من التابعين لتنظيم الإخوان الدولى (!).. إذ كان من بين من التقاهم:
• «عبدالموجود درديري» بصفته مسئولاً عما يُسمى بمركز الحوار «المصري- الأمريكي».
• «أحمد شحاتة»، عما يُسمى المنظمة «المصرية- الأمريكية» للديمقراطية.
• «محمد إسماعيل» ممثلاً عن الهاربين إلى تركيا.
• «سيد سيد» المدير الوطنى لمنظمة «إسنا» (ISNA).
• «طارق رمضان» الأمين العام لـ»إكنا» (ICNA).
• «زاهد بخاري» عن «إكنا».
• موفيز أسد صدّيقى عن «إكنا»، أيضًا
• «مازن مختار» المدير التنفيذى لمنظمة (MSA).
• «خليل دمير» المدير التنفيذى لمؤسسة الزكاة الأمريكية.
• «نهاد عوض» المدير التنفيذى لمجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية (CAIR).
• «أسامة جمال» الأمين العام للمجلس الأمريكى للمنظمات الإسلامية.
■ ■ ■
لكن.. على مستوى الداخل فى مصر (بالتزامن مع تحركات التنظيم الدولية)، كان ثمة تحولات «دراماتيكية» فى مسار الصراع الداخلى بالتنظيم.. إذ تمت تصفية «محمد كمال» (قائد الفصيل المناهض لحرس الجماعة القديم)، فى «أكتوبر» الماضى.. وقالت «وزارة الداخلية المصرية» أن «كمال» قتل مع عضو بارز آخر بالجماعة، يدعى «ياسر شحاتة»، عندما ردت «القوة الأمنية» على مصدر طلقات نارية أطلقت عليها من بناية، أثناء مداهمتها للقبض عليهما على خلفية «اتهامات فى قضايا جنائية».. وذكرت «الداخلية»، أن كمال كان «أحد القيادات البارزة للجناح المسلح للجماعة».. وأنه كان أحد أهم المطلوبين أمنيًا لدى السلطات، إذ كان محكومًا عليه بالسجن المؤبد فى قضيتى: 52/2015 جنايات عسكرية شمال القاهرة (تشكيل مجموعات مسلحة للقيام بعمليات عدائية ضد مؤسسات الدولة)، و104/81/2016 جنايات عسكرية أسيوط (تفجير عبوة خلف قسم ثان أسيوط).. إلى جانب اتهامه فى قضايا: «اغتيال النائب العام».. و«اغتيال العقيد وائل طاحون».. و(القضية رقم 431/2015 حصر أمن دولة عليا، بتهمة تشكيل تنظيم مسلح يستهدف ضباط الشرطة والجيش).. والقضية رقم 870/2015 حصر أمن دولة عليا المقيدة برقم 24/2016 جنايات عسكرية طنطا، بتهمة تشكيل تنظيم مسلح يستهدف ضباط «القوات المسلحة»، و«الشرطة»، و«مؤسسات الدولة».
وبعد مصرع «كمال» بنحو شهر، تجددت «المناوشات» بين الطرفين، مرة أخرى.. وإن كان ما يبدو (ظاهرًا) حتى تلك اللحظة، أن «رجل الجماعة القوى» بدأ فى استعادة سيطرته على التنظيم مجددًا.. على خلاف ما كان يتوقعه الكثيرون.. فهل لايزال ثمة مفاجآت (؟!)

هوامش

(1)- Anadolu Agency: “Anadolu Agency>s global news package presented in US”, (by: Esra Kaymak Avci), May 29.2016. Available at: http://aa.com.tr/en/todays-headlines/anadolu-agencys-global-news-package-presented-in-us-/580366
(2)- Yeni Şafak: “Erdoğan meets with representatives of Muslim Community in the US”, Sep.23.2016. Available at: http://www.yenisafak.com/en/news/erdogan-meets-with-representatives-of-muslim-community-in-the-us-2535813