الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

فى يوم اليتيم .. أزهريون يطالبون بتفعيل «الأسر البديلة» لحل مشكلة دور الأيتام

فى يوم اليتيم .. أزهريون يطالبون بتفعيل «الأسر البديلة» لحل مشكلة دور الأيتام
فى يوم اليتيم .. أزهريون يطالبون بتفعيل «الأسر البديلة» لحل مشكلة دور الأيتام




كتب - عمر حسن


حرص الدين الإسلامى على صونِ حقوق اليتيم، وتأمين مستقبله حتى يبلغ أشدّه، وحذر من أكل أمواله بالباطل، كما حثّ الله –عز وجل- عباده على كفالته وحسن رعايته، متوعدًا إياهم بطيب الجزاء والثواب، حتى أنه ذكر اليتيم فى القرآن الكريم 23 مرة، حيث قال تعالى فى كتابه العزيز: «ليس البر بأن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب لكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب وآتى المال على حبه ذوى القربى واليتامى والمساكين».
ويأتى تخصيص يوم اليتيم فى الجمعة الأولى من شهر إبريل كل عام، تماشيًا مع ذلك الخلق الإسلامى الرفيع، من حيث الترفيه عن اليتيم، وإدخال السرور على قلبه من خلال مشاركة جميع مؤسسات الدولة ومنظمات المجتمع المدنى بالاحتفالات فى ذلك اليوم، الذى بدأ الاحتفاء به منذ عام 2004.
ولا توجد إحصائية دقيقة عن عدد الأيتام فى مصر، إلا أن المهندس أحمد حسام القباني، رئيس مجلس إدارة جمعية الأورمان لرعاية الأيتام،  أوضح  أن عددهم يتراوح ما بين 2.5% إلى 3% من عدد سكان مصر، بما يعادل تقريبا مليونين و700 ألف يتيم، وهو عدد ضخم بالمقارنة مع إمكانيات وزارة التضامن الاجتماعى المعنية برعايتهم.
ومن هنا جاءت أهمية نظام كفالة اليتيم، الذى حثّ عليه الإسلام قبل 1400 عام، والذى بدأ فى مصر بموجب قانون أصدرته وزارة التضامن الاجتماعى يحمل رقم 12 لسنة 1996، يتضمن شروطًا محددة من خلال نظام الأسر البديلة والتى بدأته عام 1959  ، حيث يتم إلحاق الأطفال المحرومين ومجهولى النسب لأسر يتم اختيارها وفقا لشروط ومعايير منها: التأكد من صلاحية الأسرة وسلامة مقاصدها لرعاية هؤلاء الأطفال دون استغلال أو لمصالح ذاتية، وأن تكون مصرية مكونة من زوج وزوجة وولدين على الأكثر، بجانب حصول أفراد الأسرة البديلة على قدر من التعليم .
وأما عن إجراءات كفالة اليتيم بنظام «الأسرة البديلة»، فوق ما اعنلته وزارة التضامن  يجب على الأسرة أن تتقدم بطلب للإدارة الاجتماعية الموجودة داخل نطاق الموقع الجغرافى لإقامتها، وتقوم أخصائية الأسرة والطفولة بالإدارة الاجتماعية بعمل بحث ميدانى للتأكد من استيفاء الأسرة للشروط ، وبعد موافقة اللجنة يتم تسليم الطفل للأسرة ويحرر عقد رعاية بين الأسرة البديلة وإدارة الأسرة والطفولة بالمديرية، وذلك بخلاف النوع الثانى من الكفالة الذى يتم من خلال قيام الكفيل بتقديم التبرعات والمساعدات دون التعرف على الطفل، وأحيانا يقوم الكفيل بزيارة الطفل ومنحه الهدايا بيده.
وعن نظرة الإسلام إلى اليتيم، قال الشيخ عبد الحميد الأطرش، رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالجامع الأزهر، إن الله أمرنا فى كتابه الحكيم بإكرام اليتيم، عملًا بقوله تعالى: «وأما اليتيم فلا تقهر»، ومفهوم القهر هنا يعنى ظلمه أو أكل ماله والإساءة إليه.
وأوضح أن اليتيم من الآدميين هو من مات أبوه ولم يبلغ مبلغ الرجال، أما عند الحيوانات فاليتيم هو من ماتت أمه، لأنها مصدر الحنان والرعاية.
وتابع الأطرش موضحًا: «ولد النبى صلى الله عليه وسلم يتيمًا، لكن الله هيأ له جميع سبل الرعاية، ولم يرض له بذل اليتم، فكفله جده عبد المطلب، ثم عمه أبو طالب»، متابعًا: «هناك حكمة إلهية من ميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم يتيمًا، حتى يكون خير قدوة لليتامى».
واستطرد قائلًا: «أرضعته حليمة السعدية وتولاه الله بالرعاية والحفظ حتى صار رجلًا»، لافتًا إلى حثّ الرسول –صلى الله عليه وسلم- على كفالة اليتيم، من خلال حديثه الشريف: «أنا وكافل اليتيم كهاتين فى الجنة»، وأشار بالسبابة والوسطى.
كما ذكر رئيس لجنة الفتوى الأسبق حديث الرسول فى قوله: «إن اليتيم إذا بكى اهتز لبكائه عرش الرحمن، فيقول الله تعالى لملائكته: يا ملائكتى! من ذا الذى أبكى هذا اليتيم الذى غيبت أباه فى التراب ، فتقول الملائكة : ربنا أنت أعلم . فيقول الله تعالى لملائكته : يا ملائكتى اشهدوا أن من أسكته وأرضاه أنا أرضيه يوم القيامة»، وتابع: «حينما ذهب رجل إلى الرسول يشكو له قسوة قلبه نصحه بزيارة المقابر والمسح على رأس اليتيم».
وحذر الله –عزل وجل- من أكل مال اليتم حينما قال فى كتابه العزيز: «إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون فى بطونهم نارا وسيصلون سعيرا».
وأكد الأطرش على ضرورة العمل بنظام الكفالة والأسر البديلة لتحسين أوضاع اليتامى فى مصر، مشيرًا إلى إمكانية استضافة اليتيم فى المنزل شرط ألا تنكشف عليه الأم البديلة طالما لم ترضعه فى سن الرضاعة، مشددًا على حرمانية التبنّى فى الإسلام، أى نسب الطفل اليتيم إلى أب بعينه.
فى سياق متصل أوصى الداعية الإسلامي، وعضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، الشيخ خالد الجندى بضرورة العناية باليتيم، الذى قد يكون سببًا فى إصلاح البلاد والعباد فى يوم من الأيام بالمستقبل، ونافعًا لوطنه ولدينه.
وأشار الجندى إلى أن هناك نوعًا آخر من اليتم، وهو اليتم المعنوى الذى يعيشه كثير من أطفالنا فى ظل أسر مفككة، حيث الأب الغارق فى مشغولياته، والأم المحطمة، متابعًا: «حالات الطلاق التى تحدث تخبرنا أن هناك حالات يتم معنوى يعانى منها الأبناء من وراء الأبواب المغلقة وهؤلاء يستحقون الشفقة عن اليتيم الذى يعرف المجتمع أنه فقد أبويه».
وتابع قائلًا: «أقول فى يوم اليتيم احذروا فقد أصبح أبناء الشعب يتامى»، لافتًا إلى أن معظم حالات الانتحار والإلحاد عند الأبناء سببها حالة اليتم المعنوى الذى يعيشونه رغم وجود الوالدين، فأصبحوا فريسة لمواقع التواصل الاجتماعي، وانحرافات سلوكية وجنسية خطيرة.
وأوضح أن الأسرة البديلة عبارة عن «حضّانة اجتماعية» للعناية بمعدومى الأهل واللقطاء وأطفال الشوارع، مضيفًا: «لا أرى أن تجربة دور الأيتام ستؤدى إلى نتائح طيبة، لأنه يترك فيهما الأيتام فريسة لعديمى الضمائر، حيث تتم الإساءة لهم فى الغالب وتعذيبهم فيتحولون إلى وحوش ضارية تفتك بالمجتمع».
واستطرد: «دور الأيتام فى غيبة عن الرقابة الحقيقية، وتساقط أصحاب دور الأيتام فى جرائم تدل على سوء نواياهم»، مختتمًا: «الحل فى الأسرة البديلة مع الالتزام بتطبيق ضوابط إقامة اليتيم مع الأسرة من حيث عدم الانكشاف عليه وإخباره بحقيقة يتمه عند بلوغه سن الرشد».
ومن جانبه تساءل الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الشريعة والفقه المقارن بجامعة الأزهر، عن عدم وجود دار أيتام تابعة مباشرة لرئاسة الجمهورية حتى تتضمن الرعاية السليمة لهؤلاء اليتامى، داعيًا القوات المسلحة إلى إنشاء دور لرعاية أيتام شهداء القوات المسلحة حتى التخرج والزواج، وبالمثل مع أسر شهداء الشرطة المصرية.
وتابع قائلًا: «للأسف معظم دور الأيتام التابعة للتضامن الاجتماعى تستغل طيبة الناس وتجمع تبرعات باسم الأيتام لتحقيق مآرب خاصة، فى حين يتعرض هؤلاء اليتامى المساكين إلى شتى ألوان التعذيب النفسى والبدنى داخل تلك الدور».
وأوصى كريمة الناس بالذهاب إلى بيت اليتيم للترفيه عليه فى يومه ماديًا ومعنويًا، أسوة بما كان يفعله الرسول –صلى الله عليه وسلم- وكذلك الصحابة، مختتمًا: «من حقهم على المجتمع أن يتضامن معهم فى ذلك اليوم جميع الناس والمؤسسات.. فجميع النصوص الشرعية فى القرآن والسنة والشواهد والوقائع فى التاريخ الدينى كلها تؤكد على مدى أهمية العناية باليتامى».