الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

البحث عن «اللقية» يصل القطاع الحكومى فى «المنيا» التنقيب عن الآثار «الباب الواسع» للثراء الفاحش

البحث عن «اللقية» يصل القطاع الحكومى فى «المنيا» التنقيب عن الآثار  «الباب الواسع»  للثراء الفاحش
البحث عن «اللقية» يصل القطاع الحكومى فى «المنيا» التنقيب عن الآثار «الباب الواسع» للثراء الفاحش




المنيا - علا الحينى

«المنيا».. عروس الصعيد.. رمزها نفرتيتى الجميلة جميلة جميلات العصر الفرعونى، وثالث المحافظات الأثرية على مستوى الجمهورية بعد الجيزة والأقصر، تتمتع بمكنوز أثرى ضخم يضم 5 عصور تاريخية كبيرة، منها خرج اخناتون بدعوته للتوحيد، وبها البقيع الثانى والمدفون به صحابة «رسول الله صلى الله عليه وسلم» فى البهنسا ببنى مزار، فضلا عن المحافظة شهدت رحلة مرور العائلة المقدسة، وعلى أرضها ولدت وعاشت السيدة مارية القبطية زوجة الرسول «صلى الله عليه وسلم».
لكن كل ذلك تحول إلى نقمة ولعنة على المحافظة، حيث كشفت تقارير عن أن محافظة المنيا تعد ثانى المحافظات على مستوى الجمهورية فى حوادث التنقيب عن الآثار لما تحويه من مكنوز أثرى لأهم الحقب الفرعونية بمناطق «تل العمارنة ـ بنى حسن ـ تونا الجبل» بالإضافة إلى احتوائها عددًا كبيرًا من الآثار الرومانية التى لا مثيل لها.


جهود أجهزة الأمن اليومية والتى تتعقب دائما المنقبين والمتاجرين بثروات البلد الأثرية، كشفت الكثير والكثير، ولعل ما توصلت إليه جهود البحث مؤخرا وجود منقبين عن الآثار «موظفين حكوميين» داخل محل عملهم بمخزن للكتب المدرسية تابع لإدارة المنيا التعليمية، ووجود نفق محفور لقرب المخزن من منطقة أثرية، ما يعتبر تطورًا جديدًا لهوس التنقيب عن الآثار فى مقر حكومى.
كان قد تلقى اللواء فيصل دويدار، مدير أمن المنيا، إخطارا من اللواء محمود عفيفي، مدير مباحث المديرية، يفيد بورود بلاغ للعميد أحمد عارف، مأمور قسم المنيا، من محمد أبوالعيون، مدير عام إدارة المنيا التعليمية، بورود معلومات له تتضمن قيام مسئول مخازن الكتب بالإدارة، بالشروع فى عمل حفر أثرى أسفل مدرسة الفولى الابتدائية، والمستغلة كمخازن للكتب المدرسية، التى تقع فى منطقة معروفة بأثريتها.
وعلى الفور انتقلت أجهزة الأمن، وتبين وجود حفر أثرى عبارة عن 5 أمتار فى 3 أمتار، ونفق طوله حوالى 20 مترًا، وعدد 2 مقطف، وأدوات حفر ورفع الأتربة، وكابل كهرباء.
ويؤكد رمضان عبدالحميد، وكيل وزارة التربية والتعليم بالمنيا، أنه بمجرد علم مدير الإدارة التعليمية الواقعة فى نطاقها المدرسة، تم إبلاغ الأجهزة الأمنية، وتم تشكيل لجنة من الشئون القانونية للتحقيق فى واقعة التنقيب، مضيفًا أن المخزن كان عبارة عن مدرسة قديمة تم تحويلها لمخزن كتب.
ويوضح العميد عبدالفتاح الشحات، رئيس البحث الجنائى بمديرية أمن المنيا، أن هناك هوسًا لدى البعض بالتنقيب عن الآثار، لافتا إلى أن كشف هؤلاء المنقبين أو المتاجرين يبدأ بورود معلومات أو بلاغات تفيد بقيام أشخاص بالحفر والتنقيب أو الاتجار فى الآثار، أو وجود أشخاص بحوزتهم قطعًا أثرية وقد تكون تلك القطع مضروبة وتتضح عدم أثريتها.
وينوه إلى أن هناك بعض حالات الاختفاء يتضح بعد ذلك أن وراءها جريمة التنقيب عن الآثار ويتم ضبط تلك الوقائع، مؤكدا أن المناطق الأثرية وحرم تلك المناطق مؤمنة بالكامل ولا يوجد بها أى مجال للتنقيب، وإن كان هناك قرى مشهورة بها محاولات كثيرة من قبل أفراد للتنقيب منها قرى البهنسا والشيخ عبادة تظهر.
ويشير عبدالفتاح إلى أن أغلب المنقبين عن الآثار لديهم هوس ورغبة فى الثراء السريع، مؤكدا أن هوس التنقيب يدخل فيه نسبة من الكذب وكثرة الشائعات بوجود أشخاص نقبوا عن آثار وتمكنوا من استخراج قطع أثرية تم بيعها بمبالغ طائلة، والمشكلة أنه قد يتسبب هؤلاء المنقبون فى أضرار تلحق بجيرانهم ومنها مشكلة فى مركز مغاغة، حيث يتعرض عدد من المنازل للانهيار وهذه الحوادث وقائعها كثيرة.
فايق عبدربه، مدير عام آثار المنيا سابقا، يقول: إن هوس التنقيب عن الآثار كثير ولدى الكثيرون من أبناء المنيا، ويساهم فى ذلك أن المنيا محافظة أثرية تحتوى على حقب تاريخية مهمة، ويستفيد من هذا الهوس الدجالين والمشعوذين ممن يدعون أنهم يعلمون أساطير البحث والتنقيب، وفى حال كشف عدد من حوادث التنقيب تتم الاستعانة بمفتشين الآثار للتأكد من أثرية القطع المضبوطة بقرار من النيابة العامة، مؤكدا أن المناطق الأثرية كلها تحت حماية الآثار.
ويشير فايق إلى أن الصدفة وهوس المنقبين قاد وزارة الآثار لمعرفة مناطق أثرية جديدة وتم إخضاعها بالكامل تحت طائلة قانون الآثار ومادته 20، وتتم محاولات نزع ملكية تلك المناطق، خاصة إذا وجدت بها منازل أهالى ولا يستطيع أى من مواطنى تلك القرى هدم أو بناء منازلهم أو توصيل مرافق إلا فى وجود مفتشى آثار.
ويضيف: كان من ضمن تلك الحوادث حادث قرية صنيم بمركز أبوقرقاص، حيث تم اكتشاف معبد بطلمى أسفل عدد من المنازل، بعد قيام فلاح بالتنقيب عن الآثار، وعلى الفور تم إخضاع القرية لحماية الآثار والتحفظ على المنازل التى تم الحفر فيها لحين توفير التمويل اللازم لإجراء الحفريات على تلك المنطقة.
ويتابع: أيضا ضبط الشرطة لعدد من المنقبين عن الآثار بإحدى قرى الخريجين غرب مركز سمالوط، الذى قادت الصدفة لاكتشاف منطقة أثرية أخرى وتم التحفظ عليها ونزع ملكيتها من شباب الخريجين منذ 3 سنوات ويتم الآن إجراء الحفريات بها.
يذكر أن محافظة المنيا قد شهدت العديد من تلك الحوادث التى راح ضحيتها أرواح وتهدمت منازل ولم يجد هؤلاء المنقبون ما حلموا به منها، حيث شهد شهر إبريل الجارى مصرع الشاب «محمود.م» 30 سنة، عامل، ومقيم بمحافظة أسيوط، إثر سقوطه داخل حفره، على عمق 4 أمتار، أثناء التنقيب عن الآثار بمنزل بناحية أبوهلال التابعة لمدينة المنيا.
ومصرع 4 أشخاص آخرين، بينهم شقيقان، أثناء التنقيب أسفل الجبل الشرقى بالقرب من كوبرى النيل بالمنيا، بعد انهيار الأرض عليهم، علاوة على أن هناك 5 أشخاص آخرين، لقوا حتفهم أثناء التنقيب عن الآثار بقطعة أرض بقرية البهنسا ببنى مزار.
ومن بين تلك الكوارث أيضا انهيار عقار ملك «نادية.ج»، 45 سنة، ربة منزل، ومقيمة بمدينة أبوقر قاص، التى تبين قيام أفراد بعمليات تنقيب داخل المنزل للبحث عن قطع أثرية، ما أدى لانهيار العقار دون وقوع إصابات بشرية.
وحادث آخر منذ 3 سنوات قررت على إثره الوحدة المحلية بمركز بنى مزار بالمنيا إخلاء 11 منزلاً بسبب قيام فلاح بحفر سراديب أسفلها للتنقيب عن الآثار، بعد بلاغ من 11 مواطنًا بقرية أشروبة، بتضررهم من قيام فلاح بالتنقيب عن الآثار بمنزله الكائن بجوار منازلهم وعمل سراديب أسفلها، ما أدى إلى حدوث تصدعات وشروخ بجدران الحوائط .
وبالانتقال ومعاينة منازل الشاكين، تبين وجود شروخ طولية بالحوائط وهبوط بأرضيتها، وبمعاينة منزل المشكو فى حقه تبين أنه قديم ومبنى بالطوب اللبن، وغير مأهول بالسكان وبه حفرة بالصالة قطرها 1.5×1.5 متر وبعمق 7 أمتار، ويتفرع منها بعض السراديب أسفل منازل الشاكين، وتم إخطار الوحدة المحلية لمركز ومدينة بنى مزار، التى أصدرت القرار رقم 339 لسنة 2014 بإخلاء منازل الشاكين بالطرق الإدارية، وتم التنبيه على قاطنيها بإخلائها وتعهدوا بذلك.
كانت قد ترددت أنباء عن أن قرية طوه بها عدد كبير من سكانها نجحوا فى استخراج الآثار ما زاد من هوس الجميع بالثراء السريع والتنقيب عن الآثار وبسبب وجود توسط القرية لمجارى مائية فتجد فترة الأربعنية كما يطلق عليها وهى فترة السدة الشتوية حتى ينخفض منسوب المياه الجوفية ليتم الوصول لمستويات كبيرة فى الحفر تمكنهم من البحث والتنقيب.