السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

«أهل الكهف» لتوفيق الحكيم بين الموروث والحاضر بآداب الإسكندرية

«أهل الكهف» لتوفيق الحكيم بين الموروث والحاضر بآداب الإسكندرية
«أهل الكهف» لتوفيق الحكيم بين الموروث والحاضر بآداب الإسكندرية




 الإسكندرية - نسرين عبد الرحيم

يبدو أن اللغة العربية دائما ما توكل غير الناطقين بها باكتشاف أسرارها والبحث فى أغوارها خاصة الآن، حيث نجد الطلاب الصينيين يأتون إلى مصر لدراسة اللغة العربية خاصة بقسم اللغة العربية بكلية الآداب جامعة الإسكندرية فنجد الطالبة الصينية ‏‎Su Adai «سو أداى» وهى تدرس بمرحلة الدكتوراه قامت ببحث عن موروثنا الثقافى وقد قالت كلامًا جديدًا من خلال بحثها نلخصه فى الآتى:
 إن استلهام الموروث بمعنى استحضار الشخصيات أو الأحداث أو الحقب التاريخية  فى عمل أدبى عربى معاصر، لا يعنى بالضرورة أن التاريخ يكرر نفسه أو أن أحداث الماضى تصلح للتمثل بها فى الحاضر، ولا يعنى أيضا أننا نريد أن يكون الماضى مرآة ينعكس عليها الحاضر، وإنما يعنى أن الإنسان لا يمكن أن يكتشف المستقبل دون أن يكتشف الماضى ويعيد إنتاجه لا من حيث كونه ماضيا، خاصة أننا هنا لا نتحدث عن تاريخ محض، وإنما نعيد اكتشاف ذلك الماضى بما يتقاطع مع الحاضر، وبما لا يعد نكوصا إلى الوراء وإنما يحاول أن يستشرف الأديب المستقبل من خلال النظر إلى الماضى باعتبار الإنسان مخلوقا له تاريخ، والقصص القرآنى يمثل الشخصية التى يمكن أن نطلق عليها شخصية النموذج الإنساني، ومن هذه النماذج الإنسانية الكبرى نموذج أهل الكهف ذلك النموذج الذى يعيش فيه الناس فى خارج زمانهم، إما لأنهم كانوا متقدمين على هذا الزمن قبل أن يناموا فى الكهف، ولذلك هربوا إلى الكهف هربا من بطش الناس بهم، وإما لأنهم أصبحوا متأخرين عن الزمن بعد أن استيقظوا من ثباتهم العميق.
وفى الحالتين يهرب الإنسان من هذا الزمن الذى لا يستطيع أن يتوافق معه، وكأن القصة تعطينا تلك الخبرة النهائية التى تقتضى أن يكون الإنسان متوافقا مع زمنه ومعطيات هذا الزمن، وأن أى خروج عن هذه المعطيات سيكون مصيره النفى اختياريا أو إجباريا.
  وقد اهتم توفيق الحكيم بقصة أهل الكهف لأنها تمثل مشكلة الفنان عموما الذى يجد نفسه يعيش فى عزلة بسبب اختلاف آرائه عمن حوله، خاصة إذا كان هذا الفنان هو توفيق الحكيم صاحب المسرح الذهنى والأدب الذى لا يهتم بالمجتمع بقدر ما يهتم بصراع الأفكار، كما أن هذه المشكلة تمثل بعض الأفكار التى يمثل التمسك بها خروجا عن التاريخ وتحديا للزمن.
هكذا تبدأ مسرحية «أهل الكهف» فى قرية كافرة ثلة من الشباب (من ثلاثة إلى سبعة) يرفضون الشرك ويعملون على التمسك بإيمانهم، وتقرر القرية أن تعاقبهم فيهربونإلى الكهف وينامون فيضرب الله على آذانهم ما يزيد على ثلاثمائة سنة، ثم يعيدهم إلى الحياة كى يجدوا أن كل شىء قد تغير، ها هى القرية الظالمة تؤمن، وها هو الملك الظالم يستبدل، ولكن هذا كله لن يغير من مصيرهم المحتوم، وهو العودة إلى الكهف مرة أخرى، صحيح أن الحياة تغيرت كما كانوا يريدون لكن هذا التغيير شمل حياتهم العاطفية والنفسية أيضا  لأنهم أصبحوا أجدادا لأحفاد أكبر منهم سنا، ولأنهم فقدوا الحبيبة والولد والصاحب.
لقد اكتفى توفيق الحكيم فى مسرحيته بثلاث شخصيات ورابعهم كلبهم لأن القرآن الكريم لم يحدد هذه الشخصيات، وكأن توفيق الحكيم اختار الحد الأدنى من الشخصيات التى وردت فى القرآن الكريم، لأنه رأى أن العدد لو زاد على ذلك ستتكرر القصص المسرحية، ورأى أننا نستطيع أن نعطى الرمز المطلوب لتغير الزمن من خلال هذه الشخصيات فقط وأن أى شخصية جديدة ستكون تنويعا على هذه الشخصيات الثلاث.
وجعل هذه الشخصيات مرنوش ويمليخا، بالإضافة إلى الكلب قطمير.
 وبعد ذلك بدأ الحكيم يسرد سبب وجودهم داخل الكهف الذى يتمثل فى الهروب من الملك دقيانوس عدو المسيحية بعد أن ترك ميشلينيا  حبيبته بريسكا تنتظر عودته.
وترك مرنوش زوجته وابنه الصغير محتميا بالكهف للحفاظ على دينه. وترك يمليخا قطيعه واصطحب كلبه.