الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

«الإسلام السياسى».. وتوظيف «الخطاب الدينى» بالوثائق: كيف تغسل «الإخوان» أدمغة«المستهدفين» فى 7 سنين؟!

«الإسلام السياسى».. وتوظيف «الخطاب الدينى» بالوثائق: كيف تغسل «الإخوان» أدمغة«المستهدفين» فى 7 سنين؟!
«الإسلام السياسى».. وتوظيف «الخطاب الدينى» بالوثائق: كيف تغسل «الإخوان» أدمغة«المستهدفين» فى 7 سنين؟!




تحليل يكتبه: هاني عبدالله

لأسباب مختلفة (تتعلق بـ«البناء المعرفي» لتيار الإسلام السياسى)، فإن أغلب الروافد «المغذية» لمعتقدات التيار، تقف فى موضع «الخصم» من مرتكزات «الدولة الوطنية» (أى دولة) بمفهومها المعاصر؛ إذ تتراجع تلك «المرتكزات» (عند أبناء تيار «الإسلام السياسى») فى مقابل إعلاء فكرة «دولة الخلافة»، وحتمية استعادتها.. ومن ثمَّ.. ينطلق جُل أبناء التيار - غالبًا - فى فهمهم لنموذج «الدولة الحديثة» - بحدودها الجغرافية، المُتعارف عليها - من أنها صنيعة «القوى الاستعمارية»، التى أسقطت «دولة الخلافة» فى عشرينيات القرن الماضي.. من دون الالتفات لعددٍ من الخصوصيات التاريخية، والحضارية، التى تزخر بها العديد من بلدان «الشرق الأوسط».. فالدولة المصرية (على سبيل المثال)، امتلكت – من الناحية التاريخية – حدودًا «مستقرة»، ومعروفة، حتى قبل تأسيس «دولة الخلافة» نفسها بآلاف السنين (باستثناء حقب تاريخية، معدودة).
وإجمالاً.. يؤسس «التيار»، هنا، توجهاته؛ اعتمادًا على رافدين «رئيسيين»: الأول؛ هو «المُنتج الفقهى» (الشرعي)، والثاني؛ هو «توظيف» هذا المُنتج (سياسيًّا، وتنظيميًّا)، فى إطار التخديم على مفهوم استعادة «دولة الخلافة» (المندثرة).. وفى مقابل هذا التأسيس؛ تبدو - فى كثير من الأحيان - الساحة «النقدية»، المتصدية لتفنيد «الدعاوى»، التى يؤسس عليها تيار «الإسلام السياسى» منطلقاته الفكرية، وكأنها تسير فى اتجاهين، لا يلتقيان إلا نادرًا: الأول؛ يتعلق بتفنيد مرتكزات «المنتج الفقهى» للتيار (كتوجه دينى).. وهو دورٌ، كثيرًا ما كانت تتم محاصرة المتصدين له، باتهامات (جاهزة)، مثل أنهم: «فقهاء السلطان»، أو «شيوخ الدولة».. والثاني؛ يتصدى له أنصار «الدولة المدنية الحديثة»، عبر تفنيد آليات «توظيف الخطاب الديني» من أجل إعلاء مصلحة التنظيم (أى تنظيم)، على حساب «كيان الدولة» ذاته، من دون التطرق (بشكل كبير) للجانب «الفقهي»، الذى يُصدّره التيار.
ومن هنا.. تحاول «الحلقات التالية» المقاربة بين الاتجاهين السابقين (نوعًا ما)، عبر التداخل بين ما هو «فقهي» (خصوصًا عندما يُرجح أبناء التيار آراءً بعينها، من دون سواها)، وبين ما هو «سياسي»، بشقيه: «النظري» (ترجيح آراء الغلو، والتشدد). و«التنفيذي» (حمل السلاح، نموذجًا).

بنهاية «المرحلة التمهيدية»، الخاصة بالانتقاء «الأوّلى» لعناصر صف الإخوان؛ يُصبح الفرد [المُستهدف بالتجنيد] أكثر اقترابًا – فيما بعد - من دائرة «الربط الخاص» بالتنظيم؛ إذ تبدأ تلك الدائرة بما يُعرف بمستويات «مرحلة التكوين» (أى المستويات التى يكون خلالها «فرد الصف» أكثر قبولاً للالتزام بمبدأ: «السمع والطاعة»، من الناحية التنظيمية).. وتنقسم «مرحلة التكوين» إلى مستويين رئيسيين: [مستوى الأخ المنتسب]، و[مستوى الأخ المنتظم].. وهى مرحلة تستغرق (فى مستوييها) نحو ثلاث سنوات كاملة.
وبحسب تعريفات «الوثائق التربوية» للتنظيم؛ فإن أول تلك المستويات (أي: الأخ المنتسب)، هو بداية مرحلة «البناء الحقيقى» لرجل العقيدة وجندى الدعوة (!).. إذ يخضع خلالها الفرد المُستهدف إلى سلسلة من الإجراءات الرامية للتثبت من صدق توجهه [التنظيمي]، الرامى لـ«إقامة دولة الإسلام»، ونشر دعوة الجماعة بين ربوع العالمين، تأسيسًا على «ركائز ثلاث»، هي: [التعارف/ التفاهم/ التكامل].. ووفقًا لوثيقة «التوثيق والتضعيف»؛ يُحتسب [العُمر الدعوى للأخُوَّة] داخل «الصف» منذ بداية التحاق الفرد [المستهدف بالتجنيد] بهذه المرحلة، إذ تتراوح مدتها بين «عام»، أو «عامين»، بحسب كل قطرٍ من أقطار التنظيم.. وذلك؛ حتى يصل «الأخ» إلى مشارف مستوى «الأخ العامل» (مرحلة إعداد الدعاة).. وعلى هذا؛ فإن شروط الالتحاق بـ«المرحلة التكوينية» بشكل عام، هي:
• تحقق أهداف المرحلة السابقة (أى مستوى المؤيد) بنسبة 75% فى عمومها، مع الالتزام والتخلى عن الشُبهات.
• التمتع بـ«الروح الجماعية»، والتخلى عن الفردية.
• التحقيق من وصول «المدعو» إلى مستوى جيد من: [الطاعة/ والانضباط/ والكتمان/ والالتزام بسياسة الجماعة].
• التحقق من رغبته [الأكيدة] فى الالتحاق بالجماعة، والعمل من خلالها [كجندى دعوة].. إذ يتم خلال تلك المرحلة مُفاتحة «المدعو»؛ للانضمام إلى الصف.. ولا يُفاتح «المدعو» إلا إذا كان مستواه جيدًا، بعد [تقييم دقيق من مسئوله]، والتأكد من استكماله شروط الانتقال لـ«المرحلة التكوينية»، عبر التأكد من رغبته الحقيقة فى الانضمام للجماعة، سواء أعلن هذه الرغبة.. أو «لم يعلنها» (كأن يعتبر نفسه - مثلاً - واحدًا من أعضائها).. ويُضاف إلى ذلك تزكية اثنين من [الإخوان النقباء] (أو من فى مستواهم)، ثم «ترشيح لجنة العضوية» بالمنطقة التى يتبعها، ثم اعتماد «المكتب الإدارى» للمنطقة لتلك التزكية.
ويتوزع «المنهج التربوى» لمستوى «الأخ المُنتسب» على المحاور الآتية: «المحور الإيمانى والتعبدى»، و«المحور السلوكى»، و«المحور الحركى».. ويشمل المحور الأول (أى: المحور التعبدى) نحو 52 درسًا فى القرآن [كتاب: «التفسير الواضح» للدكتور محمود حجازى، نموذجًا]، و20 درسًا فى الحديث [كتاب: «رياض الصالحين»، نموذجًا]، و16 درسًا فى السيرة [كتاب: «فقه السيرة» للشيخ محمد الغزالي، نموذجًا]، و10 دروس فى الفقه [كتاب: «فقه السنة» للشيخ سيد سابق، نموذجًا]، و12 درسًا  فى العقيدة.. بينما يتركز المحور الثانى (المحور السلوكي) على دروس «عيوب النفس» [8 دروس خلال اللقاء الدورى للأفراد المستهدفين].
بينما يستهدف المحور الحركى (التنظيمي)، تحقيق: فهم واستيعاب أركان دعوة الجماعة وواجباتها (الفهم/ الإخلاص/ وبعض مراتب ركن العمل)، وأن يحرص الفرد «المستهدف» على سلوك طريق الأصالة فى التعاطى مع «دعوة التنظيم».. وتركز دروس هذا المحور، هى الأخرى، على دعم هذه الأهداف، بشكل أكثر تخصصًا.. إذ تتوزع «الدروس الحركية» لهذا المستوى (تأسيسًا - فى المقام الأول - على رسائل البنا) كالآتي: ركن الفهم [16 درسًا]، وركن الإخلاص [4 دروس]، ومرتبة الفرد [4 دروس]، وإرشاد المجتمع [12 درسًا]، ومرتبة البيت [4 دروس]، وطريق الأصالة [8 دروس].. وهى دروس يُستفاد منها جميعًا داخل «كتائب التنظيم»؛ إذ يشترط التنظيم عقد 3 ندوات - على الأقل – داخل «المعسكر» الذى تنظمه الجماعة لأفراد تلك المرحلة.
وبالنسبة لدراسة «رسائل البنا»، و«تاريخ الإخوان» خلال هذا المستوى؛ فإن الجماعة تعقد نحو 5 ندوات مختلفة، فى هذا السياق.. إذ يتم تخصيص «الندوة الأولى» لشرح رسالة: [دعوتنا]، و[دعوتنا فى طور جديد].. وندوة منفردة حول: [إلى أى شىء ندعو الناس].. كما يتم تدريس رسالة: [الأسر] داخل المعسكر الذى تنظمه الجماعة لأفراد المستوى.. كما يتم تنظيم «ندوة» موسعة عن [ظروف نشأة الإخوان/ وأهداف دعوتها/ ووسائلها].. وتُختتم تلك المرحلة بـ»ندوة» عن جوانب القدوة فى شخصية حسن البنا (!)
■ ■ ■
مع نهاية مستوى «الأخ المُنتسب»؛ يبدأ المدعو [المستهدف بالتجنيد] فى الولوج إلى المستوى التالى من مستويات «المرحلة التكوينية» (أي: مستوى «الأخ المنتظم»)، بشكلٍ مباشر.. وهو مستوى يستغرق نحو «عامين» على الأقل (بحسب المنهج «المُعتمد» من قبل الجماعة فى مصر).. إذ يتم خلاله (وفقًا للتعريف التربوي) تعميق ولاء الفرد المُستهدف، وترسيخ انتمائه للصف والجماعة، وإعداده للوصول إلى مرحلة «الطاعة الكاملة».. كما يتم خلال هذا المستوى تأهيله؛ حتى يُوظّف طاقاته وقدراته فى خدمة «دعوة التنظيم».. وتكون شروط الالتحاق بهذا المستوى:
• الانتظام لمدة عام - على الأقل -  فى مستوى «المنتسب».
• عدم ظهور عيوب أو مشكلات فى سير «الأخ»، تستدعى مراجعة موقفه.
• أن يُحقق أهداف المرحلة السابقة (أي: مستوى المنتسب) بنسبة 80% فى عمومها.. و 100% فى الالتزام والتخلى عن الشبهات.
• التحلى بالروح الجماعية و التخلى عن الفردية .
• التأكد من استعداده [الكامل] للالتزام التنظيمى داخل الجماعة.
ويتم خلال هذا المستوى استكمال بقية «المناهج التربوية» المعتمدة للمستوى السابق، إلى نهايتها.. إذ يتم، على سبيل المثال، فى «المحور الإيمانى» (التعبدي) حفظ وتفسير [سور: الأنعام/ الأنفال/ هود/ يس/ الحجرات/ ق/ الفتح]، مع التأكيد على إجادة التلاوة.. وفى «الحديث النبوى»؛ يتم استكمال كتاب: «رياض الصالحين» [حتى آخر كتاب آداب السفر].. وفى «السيرة النبوية والتاريخ»؛ يتم استكمال كتاب: «فقه السيرة» للشيخ محمد الغزالي، إلى جانب دراسة شخصيات من: «أمهات المؤمنين»، و«التابعين».. وفى «الفقه»؛ يتم استكمال المجلد الثانى من كتاب: «فقه السنة» [من الحدود إلى التعزير] للشيخ  سيد سابق.
وفى «المحور الحركى» (التنظيمى)؛ يتم استكمال دراسة «المراتب الثلاثة الأولى»: إصلاح الفرد نفسه (أى: تكوين الفرد المسلم، بحسب توصيف المرشد المؤسس)، و«تكوين البيت المسلم»، وإرشاد المجتمع (أي: مرحلة تكوين المجتمع المُسلم، كما قال بذلك - أيضًا - حسن البنا)، اعتمادًا على منهج «المرحلة السابقة» (أي: مستوى المنتسب).. ويُضاف إليها بقية مراتب العمل (أى «المرتبة الرابعة» من المراتب التى حددها البنا: تحرير الوطن من كل سلطان أجنبي)، و»المرتبة الخامسة»: [إصلاح الحكومة حتى تكون إسلامية بحق!]، و»المرتبة السادسة»: إعادة الكيان الدولى للأمة الإسلامية (أي: دولة الخلافة)، والمرتبة السابعة: (أستاذية العالم).. كما يتم تناول «بقية أركان البيعة» خلال المرحلة نفسها (أي: الجهاد/ التضحية/ الطاعة/ الثبات والتجرد/ الأخوة والثقة).
.. وتأكيدًا للارتباط [العضوى] بين مستويي: «الأخ المنتسب»، و«الأخ المنتظم»؛ تسرد - هنا - وثيقة «التوثيق والتضعيف» عددًا من الملاحظات [العامة] حول «المرحلة التكوينية»، منها:
(أ) إنّ الانتقال من «مستوى المنتسب» إلى «مستوى المنتظم» يكون تلقائيًّا، إذا ما استوفيت الشروط.. خاصةً: [الانتظام لمدة عام - على الأقل -  فى مستوى «المنتسب»/ وعدم ظهور عيوب أو مشكلات فى سير «الأخ»، تستدعى مراجعة موقفه].
(ب) إنّ أهداف «مستوى المنتظم»، هى نفسها أهداف «مستوى المنتسب»، وامتدادٌ لها؛ للوصول بالأخ فى نهايتها إلى تحقيق أهداف «المرحلة التكوينية».. وإلى استيفاء شروط الانتقال إلى مرحلة إعداد الدعاة (مرحلة الأخ العامل).
(ج) يُقسّم منهاج المرحلة التكوينية (بجميع جوانبه) تقسيمًا زمنيًا على مستويي: «المنتسب»، و»المنتظم».
(د) يكون انفتاح «الأخ» على تنظيمات الجماعة وأفرادها محدودًا خلال وجوده فى «مستوى المنتسب».. مع التركيز على [التقييم الدقيق] لأدائه كعضو جديد فى الصف.. وهو ما يعنى - والقول لنا - أن مساحة الانفتاح تزداد «نسبيًّا» خلال مستوى «الأخ المنتظم»، مقارنة بالمستوى السابق عليه.
■ ■ ■
استنادًا إلى «الوثائق التربوية» أيضًا؛ فإنه إذا كانت المرحلتين: الثالثة، والرابعة (أي: المنتسب، والمنتظم)، هما مرحلة تكوين الفرد؛ ليصبح منتميًا [ومتميزًا بولائه للجماعة والدعوة!].. فإنّ «المستوى الخامس» (أي: مستوى الأخ العامل)، هو المتمم لبناء الفرد الإخواني، ووضع الأسس الكاملة ليكون لبنة فى بناء التنظيم، وإحدى ركائز «المجتمع المسلم» الذى تسعى الجماعة لصياغته وفقًا لرؤيتها الخاصة (!).. ولهذا – بحسب تعبير الوثائق نفسها - لابد من العمل على تهيئة ورفع قدرات الأخ؛ ليكون مؤهلاً لحمل عبء دعوته على المستويين: (الفردى والجماعي).. ووفقًا لوثيقة «التوثيق والتضعيف»؛  فإن أهداف مستوى الأخ العامل (مرحلة إعداد الدعاة) تبدأ بتزويد «الأخ» بأصول الدعوة وفنونها، و»تاريخ الحركات والدعوات» وخبراتها.. ومن ثمَّ.. فإنّ مدة هذه المرحلة تستمر لنحو 5 سنوات (كما هو مُعتمد من قبل التنظيم فى مصر).. وتكون  شروط الانتقال إلى مرحلة إعداد الدعاة (الأخ العامل)، كالآتي:
(1) التحقق الجيد عمليًا لأركان البيعة.
(2) الطاعة الكاملة للجماعة.. والالتزام [الكامل] بضوابط العمل الإخواني، وسياسة الجماعة.
(3) الالتزام بواجبات الأخ العامل المذكورة فى رسالة التعاليم.
(4) إتمام البرنامج الثقافى للمرحلة التكوينية والالتزام الجيد بالبرنامج العملى بها.
(5) أن يحوز شروط القدوة العملية ( من الناحية السلوكية ) بين الناس، أيًّا كان موقعه.
وبحسب «التوثيق والتضعيف» أيضًا؛ يُصبح الأخ أخًا عاملاً (فى مرحلة إعداد الدعاة) بعد ترشيح مسئوله.. وذلك بعد استيفاء شرط المدة.. ثم تزكية لجنة العضوية بالمنطقة.. ثم اعتماد المكتب الإدارى للمنطقة.. ومع استكمال الأخ للمرحلة التكوينية بنجاح وبدء انتقاله إلى مرحلة «الأخ العامل»؛ يُصبح [مؤهلاً للمبايعة].. ويتم بعد ذلك [أخذ البيعة للجماعة] من الأخ بـ«الطريقة المناسبة» أمام مسئول المكتب الإدارى أو غيره.
ووفقًا لـ«المنهج التربوى» المعتمد فى مصر، وتعديلاته الأخيرة؛ فإنّ أهداف المنهج تشمل فى محورها «الإيمانى» (التعبدي):
1- أن يتزود بالعلم النافع فى مجال علم الاستبانة. ( المصدر الأول: الشرع ).
2- أن يثبت أمام العقبات وأن يكون قادراً على اجتيازها.
.. والنقطة الثانية - على وجه التحديد - تتعلق بترسيخ مفاهيم [فقه الابتلاء] لدى الأخ العامل.. إذ يُغرس داخله قناعة بأنّ دعوات الحق دائمًا ما تتعرض لابتلاءات متنوعة، ومتتابعة.. وبالتالي.. فإن صبره على هذه الابتلاءات [السجن/ الاعتقال/ إقصائه عن الحكم... إلخ]، وتمسكه بجماعته إلى النهاية، ماهو إلا من تمام إيمانه (!).. بينما تشمل أهداف المحور السلوكى (الأخلاقي):
(أ) أن يستكمل أخلاق المؤمنين. (لاحظ - هنا - احتكارية مفهوم الإيمان!).
(ب) أن يكون ملتزماً مستقيماً يحاسب نفسه على كل عمل، ويقوّمها متى وجد فيها اعوجاجاً.
.. فيما تتضمن أهداف «المحور الحركى» (التنظيمي)، الآتي:
(1) أن يتحقق بالأركان ويلتزم بالواجبات. (أي: أركان البيعة وما يترتب عليها من واجبات داخل الصف التنظيمي).
(2) أن يكون مهموماً بدعوته مشغولاً بفكره وقلبه فى كيفية: انتشارها، ونجاحها، و[انتصارها].           
(3) أن يتدرب على تحمل المسئوليات فى الأعمال التى يكلف بها.
(4) أن يتزود بالعلم النافع فى مجال علم التنفيذ.
(5) أن يتزود بالعلم النافع فى مجال علم الاستبانة. (المصدر الثانى: الواقع).
(6) أن يمارس الشورى بشكل عملى صحيح «التربية الشورية».
.. ولنا - هنا - أن نلاحظ أن التربية الشورية التى تقول بها الجماعة، ما هى إلا «شورى مقيدة» فى الواقع.. إذ إن الاختيارات الفقهية للجماعة - على سبيل المثال - لا خيرة للأفراد فيها.. ومن ثمّ لا يمكن لأى عضو من أعضائها مخالفة اختياراتها الفقهية - فضلاً عن قراراتها الأخرى - إذا ما تم اعتمادها من قبل القيادة العليا للتنظيم، حتى وإن خالفت قناعاته الفقهية الخاصة.. كما أن اجتهاداته التنظيمية الأخرى - بحسب «التوثيق والتضعيف» - يجب أن تظل مرتهنة بـ«مصلحة التنظيم» فى المقام الأول.. إذ تقول «الوثيقة» هنا: إنه يجب أن يتدرب [الإخوان العاملون] فى هذه المرحلة على إبداء الرأى والنصح، وعلى التفكير العميق لـ«صالح الجماعة»، مع استمرار [الطاعة الكاملة] للجماعة، ونموها فى أنفسهم (!)
وفى سياق الملاحظات [العامة] حول تلك المرحلة؛ تُبين وثيقة «التوثيق والتضعيف» أيضًا، أنّه يجب على «الإخوان العاملين» فى هذه المرحلة [والمراحل التالية] عدم التطلع للمسئولية، وعدم الغرور بها.. إذ  ليس شرطًا أن ينتقل الأخ فى هذه المرحلة إلى [مسئول]، أو [نقيب]، أو غيرها من المسئوليات القيادية بعد استيفاء مدة معينة فيها.. وإنما يتوقف مثل هذا التكليف على مستوى الأخ وقدراته، وعلى حاجة الجماعة.
■ ■ ■
وفيما يُمثل مضمون الحلقة الحالية، و[سابقتيها] الجانب «التطبيقى» فى كيفية تغذية «روح الانعزالية» لدى الأفراد «المستهدفين» من قبل «تنظيم الإخوان»، عبر استغلال المشاعر الدينية [التلقائية] للمدعوين.. وسحبهم نحو دوائر التنظيم المغلقة [بشكلٍ تدريجي]، باعتبار أن التنظيم هو الممثل الحقيقى للمجتمع الإسلامى (!).. فإن ترسيخ «روح الانعزالية» تلك [وما يستتبعها من «تعالى إيمانى» على المجتمع الحقيقى (الخارجي)] عرف طريقه – بشكل أكبر – منذ خمسينيات القرن الماضي، عبر المنتج الفكرى لـ«سيد قطب»، الذى رسخ مفهوم «الجاهلية» كعقيدة (لا أيديولوجية، فقط) بين أفراد صف التنظيم.. ومنه انتقل إلى بقية «جماعات العنف» المعاصرة.
.. وللحديث بقية