الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

قراءة فى شخصية الإرهابى «1»

قراءة فى شخصية الإرهابى «1»
قراءة فى شخصية الإرهابى «1»




محمد فايد يكتب:


تعود بدايات الأعمال الإرهابية إلى قديم الأزل، فتاريخ العمل الإرهابى  يعود إلى ثقافة الإنسان بحب السيطرة وزجر الناس وتخويفهم بغية الحصول على مبتغاه بشكل يتعارض مع المفاهيم الاجتماعية الثابتة وهو ما حدث فى بداية الخليقة حيث قتل قابيل أخوه هابيل بالرغم من أن كوكب الأرض وما عليه كان خاضعا لهما وكل نعم الخالق تحت امرهما. من هنا قد ظهر أول شكل من اشكال الإرهاب والترهيب وترويع النفوس.
وبذلك يعود الإرهاب إلى ثقافة الإنسان فى تحقيق الذات وحب التملك، ويُعتبر ذلك كأقدم مرجع لمصطلح الميكافيلية وأن غاية الإنسان تبرر الوسيلة المُتبعة، وهذا ما يُمثله الإرهاب
ومثال آخر للإرهاب يعود للقرن الأول وكما ورد فى العهد القديم، همت جماعة من المتعصبين على ترويع اليهود من الأغنياء الذين تعاونوا مع المحتل الرومانى للمناطق الواقعة على شرق البحر المتوسط.
كما فى القرن الحادى عشر، لم يجزع الحشاشون من بث الرعب بين الآمنين عن طريق القتل، وعلى مدى قرنين، قاوم الحشاشون الجهود المبذولة من الدولة لقمعهم وتحييد إرهابهم وبرعوا فى تحقيق أهدافهم السياسية عن طريق الإرهاب.
قبل القرن الحادى عشر أبرز عمليتين إرهابيتين هما عملية سرية قامت بها طائفة من اليهود ضد الرومان وتضمنت اغتيال المتعاونين معهم وعملية اغتيال «على بن أبى طالب» على يد الخوارج.
وتلعب التنشئة دورًا كبيرًا فى بناء الشخصية وتكوين الدافع لدى الإنسان وتتفق بحوثات الرابطة النفسية الأمريكية على أن الشخص الإرهابى يمر بتنشئة غير سوية وتربية غير سليمة، وهو ما يُبرز لديه الغرائز العدوانية ويأهله للسلوك الإرهابى العنيف ونبذ لغة الحوار، وما نظنه فى أفعال كثير من الانتحاريين المنتمين للفئة الضالة أنهم مرضى يعانون من عدم السواء النفسى والتوازن الداخلى، ولكن استقراء مسار الجماعات والحركات الإسلامية المختلفة، لوحظ فيه محاولة اقتناص المواهب وسرقتهم من سياقاتهم الاجتماعية والخاصة، نحو سياقها الأيديولوجى، وتحييد وإقصاء من يرونه غير مؤثر أو مصابا بمرض نفسى ما حتى لا يحملون مؤونة أزماته الخاصة، أو يسبب ارتباكا داخل التنظيم.
وهو ما يرصده فى السياق نفسه أحد أكبر خبراء علم النفس السياسى والمتخصص فى دراسة الإرهاب الدكتور جيرولد بوست الأستاذ فى جامعة جورجتاون بالولايات المتحدة،  فى دراسة له عن الجذور النفسية للإرهاب، رافضا هذه الفكرة المنتشرة التى ترى أن الإرهابيين مرضى يعانون من اضطرابات نفسية خطيرة، وأنه لا يمكن لشخص على درجة من السواء النفسى أن يقدم على قتل ضحايا أبرياء باسم قضية ما، وأن يتحول بملء إرادته إلى قنبلة بشرية، منتهيا إلى أنه لا جدوى من البحث فى علم الأمراض النفسية الفردية، لفهم سبب انخراط الناس فى الإرهاب.
ويخلص إلى أننا لن نكون مبالغين إن نحن جزمنا بأن الإرهابيين أشخاص «طبيعيون» نفسيا، مؤكدا أن الجماعات والمنظمات الإرهابية تعزل من بين صفوفها الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات نفسية، باعتبارهم يمثلون مخاطرة أمنية.
ويشير «بوست» إلى تقديم تفسير «التنشئة الاجتماعية للإرهابيين» كمصدر لتطرفهم، حيث يرى  أن اختيار الأفراد لطريق ممارسة الإرهاب، يضرب بجذوره فى تنشئتهم الاجتماعية المبكرة، التى أنتجت تشوهات فكرية مبكرة ولازمت توجههم لممارسة العملية الانتحارية والقتل باسم المعتقد ومظنة الدفاع عنه، كما تعطى هذه التنشئة الدينية أو الأيديولوجية أعمالهم مغزى مقدساً، يدنس ما سواه من آراء واجتهادات.
هذه النتيجة نفسها سبق أن أبرزها هورجان فى مقال اختار له عنواناً مركباً بالغ الدلالة على تلمس المنابع بدلا من محاولة التعرف على ملامح الشخصية الإرهابية «الطريق إلى التجنيد» يشير فيه إلى تقرير صدر عن مجلس العموم البريطاني، بعد مرور أقل من سنة على وقوع أربعة تفجيرات انتحارية، استهدفت مترو الانفاق فى لندن فى 7 يوليو 2005، ورد فيه أن المعلومات المتوافرة عن مرتكبى الجرائم الإرهابية فى المملكة المتحدة، لا تكشف عن وجود سمات مشتركة ثابتة بينهم، تساعد فى تحديد من يمكن أن يكون معرّضا لأن يصبح إرهابيا وفق سماته الشخصية، فهم ينحدرون من أصول عرقية متباينة، وقد حصل البعض على مستوى جيد من التعليم، فى حين حصل البعض الآخر على قدر أقل من التعليم، والبعض فقراء جدا، فى حين أن البعض الآخر أقل فقرا، وقد كان البعض مندمجاً بصورة ملحوظة فى نمط الحياة الإنجليزى، وهو ما يثير المناقشة حول سلوكهم الإرهابى غير المشترك فى المعايير.
ونكمل الأسبوع المقبل