الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

إذاعة «داعش» من هيئة النقل العام من القاهرة ‎

إذاعة «داعش» من هيئة النقل العام من القاهرة ‎
إذاعة «داعش» من هيئة النقل العام من القاهرة ‎




هشام فتحى يكتب:

يستغل دواعش مصر إغفاءة الدولة - طالت منذ وقت ليس بالقصير - لضرب السلام الأهلى للمصريين من خلال استخدام «المواصلات العامة»، تحمل ملايين من المصريين ليل نهار من وإلى أعمالهم ومصالحهم، فيبثون أفكارهم التكفيرية من خلال «فلاشة السائق»، وما أدراك ما السائق ومن يشغل السائق فى الهيئة الموقرة.
 وعلى الرغم من أن قوانين المرور تجرم التحدث مع السائق سواء من راكب أو من غيره ليكون أجدر بالإنتباه للطريق، إلا أن السائق قام بتشغيل فلاشته بأقصى صوت ليعلم آخر راكب بأوتوبيس إمبابة - أكتوبر بأن «المسيحيين كفار، وأن اليهود كفار، وأن المشركين نجس، وأنه الذى لا يسمع كلام الشيخ كافر، وأن الذى يحارب أفكار الشيخ كافر، وان على المسلمين ألا يهادنوهم، ويقتلونهم حيث يجدونهم، فالضرب فوق الأعناق وعلى الأصابع».
يعلم سائقى الداعشى ومن يشغله أن من بين الركاب مسيحيون مصريون، ويعلم أيضا أن من بين الركاب مصريون آخرون لا يؤمنون بما يؤمن به الشيخ، لكن السائق لا يهمه كل هذا، يهمه أن يفرغ طاقة الكراهية التى ببطنه فى أسماعنا، يظن أن خطابه قد جعل المسيحى مسلما، وجعل الملحد مؤمنا، وجعل (النجس) طاهرا، فالكفر للجميع، وهو المؤمن الحق ودواعشه، المبثوثون بالملايين فى مرافقنا الحيوية، بالنقل العام، بالنقل الخاص، بالمصالح الحكومية، بالشركات الخاصة، بمرافق أخرى أكثر خطورة لو انتظرت مجددا لتم القضاء عليها قضاء مبرما بكل تأكيد.
فيروس داعش، فى الحقيقة فيروس أكل الأخضر واليابس من عقول الكثيرين، غسل الأدمغة، نسف الوعى، سكن البطن، أنتج الكراهية.
ساعة ونصف من التكفير والتخوين من راديو الأوتوبيس الداعشى، ولا حياء، ولا خوف من عقاب، ولم لا فالدولة غائبة، غافية، طالت إغفاءتها، فتركت الساحة ليمرح فيها المكفراتية والدواعش، نسفوا الوطن من نفوسهم وعقولهم، كفروا به، قتلوه لمصلحة خطابهم الصحراوى البدوي، خطاب قبلي، ليس خطاب دولة، بل قبيلة، قبيلة الشيخ الصحراوى، لا يصلح لمجتمعنا التعددى، لا يستقيم مع سلامنا الأهلى.
إن الخطاب الصحراوى يستغل حالة التحصين والبوابات الخرسانية التى أقيمت حوله ليضرب من وراء جدر، يخاف المواجهة، لأنه سينهزم، لا يمكنه الصمود أمام العقل، يعلم ذلك تماما، لذا يلجأ للهجوم من وراء الحصون، خطاب جبان، يعلم أنه لو تم رفع يد الحماية عنه لسقط نهائيا وإلى الأبد، ولم لا.
فلقد حكم الله الحكيم فى قرآنه بأنه لو شاء لهدى الناس جميعا، وحكم إنهم مختلفون ولذلك خلقهم، وعاتب نبيه قائلا: «أفانت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين؟!» لكن الدواعش يناقضون خطاب ربهم، ليكرهوا الناس على الإيمان، وهل ينتج الإكراه إلا النفاق؟!
ما شعور الراكب المسيحى أو الراكب غير المؤمن حينما يسمع راديو «النقل العام» يكفره ويكفر أهله؟ ما هى حالة انتمائه الوطنى إذن؟ ماذا يريد هؤلاء من المصريين؟ مَن تركهم يمرحون بعقولنا وإيماننا؟ من تركهم يخربون تخومنا وأحلامنا؟
إن الدولة التى تحارب الإرهاب فى سيناء وغير سيناء لماذا تتساهل مع إرهاب مواطنيها لمواطنيها؟ لماذا تتعامى عن إرهاب مؤسساتها لمواطنيها؟ لماذا تصم أذنيها عن فلاشة السائق؟ ما الذى يفيد النظام من حالة اللاستقرار المجتمعي؟ ولماذا؟ لمصلحة من؟ إن النار ستحرق الجميع، واتق شر الحليم إذا غضب، هكذا يتمثلون.
 كنا فى القديم نسمع الأفراح من راديو الحكومة، برنامج صباح الخير للصوت الساحر سامية صادق، أصوات السلام، فمن الذى استبدلها بأصوات الغربان فى حارتنا؟ من الذى حوّل صوت العندليب لصوت قعقعة السيوف؟ ما الذى حول مصر المحية إلى أحزاب متقاتلة يكفر كل منها الآخر؟ ويكره كل منها الآخر؟ يقينا، لا تتركوا فضاءنا للكفار يلعبون بسلامنا الأهلى، هم الكفار الحقيقيون، كفروا بالوطن، بالإنسان، وهل هناك أغلى من الإنسان عند الله؟ أسجد له الملائكة، وخلق كل شيء لخدمته، إلا أن نفرا من بيننا كفروا بالله وكلماته، أرادوا هدم صرح الإنسان لمصلحة نظم بائسة فى الشرق البائس، ولأهداف خبيثة تبنى بعض المتنفذين خطابهم، خدمة لمشغليهم غرب الاطلنطى وشمال المتوسط. امتدت الرقعة، واتسق الفتق على الراتق، وشبت النار لتطال الجميع، فهل من راشد رشيد؟ هل من مصرى لا شرقى ولا غربى؟ هل من وطنى مخلص ينهى لنا إذاعة داعش من هيئة النقل العام من القاهرة؟