الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

الترجمة العربية الأولى لأهم مرجع لاهوتى للإيمان الإنجيلى

الترجمة العربية الأولى لأهم مرجع لاهوتى للإيمان الإنجيلى
الترجمة العربية الأولى لأهم مرجع لاهوتى للإيمان الإنجيلى




كتب - القس مايكل ملاك

تواكبا مع الدورة الجديدة لمعرض القاهرة الدولى للكتاب تقدم دور النشر المسيحية هى الاخرى كتبا جديدة ومهمة وترجمات أيضا تعد الاولى من نوعها ومن بين هذه الكتب تجدر الإشارة إلى أول ترجمة عربية لكتاب كالفن «أسس الدين المسيحى».
فى ظل احتفال العالم المسيحى بذكرى مرور 500 عام على الإصلاح الإنجيلى الذى أشعل شرارته المُصلح مارتن لوثر فى يوم 31 من أكتوبر 1517عندما علق حججه على باب كاتدرائية وتنبرج التى أشعلت مصابيح النور فى أركان الكنيسة المظلمة، جاءنا الخبر الطيب من أرض بعيدة كالمياه الباردة للنفس العطشانة، حيث قامت دار منهل الحياة بالشراكة مع كلية اللاهوت للشرق الأدنى فى بيروت وبمشاركة أقلام مصرية إنجيلية بإطلاق الترجمة العربية الأولى لأهم المراجع اللاهوتية التاريخية للإيمان الإنجيلى المُصلح كتاب « أسس الدين المسيحي» للمصلح الكبير « جون كالفن» فى مجلدين كبيرين تخطيا الــ1400 صفحة ورقية شمل خلاصة الفكر اللاهوتى المُصلح، وبعد انتظار دام أكثر من أربعة قرون، خرج أخيرًا للنور.

العمل يتضمن أربعة كُتب كما نظمها أو اسماها جون كالفن:
1- الكتاب الأول: معرفة الله الخالق «الله الأب» ويضم 18 فصلا يتناول فيها معرفة الله كخالق ومعرفة أنفسنا، وعقيدة الثالوث وعلاقة الله بخليقته.
2- الكتاب الثاني: معرفة الله الفادى فى المسيح «الابن» ويضم 17 فصلا يتناول فيها عقيدة المسيح وأيضاً تعاليمه عن الشريعة «الناموس» وعلاقة العهد القديم بالعهد الجديد.
3- الكتاب الثالث: فى تقبل نعمة المسيح «الروح القدس» ويضم 25 فصلا ويتناول فيها عمل المسيح والروح القدس فى حياة المؤمنين ويعالج مواضيع الإيمان والتقديس والتبرير والحياة المسيحية والاختيار الإلهى والقيامة الأخيرة.
4- الكتاب الرابع: الوسائط الخارجية أو الوسائل المُعينة التى يدعونا الله بها إلى شركة المسيح ويثبتنا فيها «الكنيسة»، ويضم 20 فصلا ويتناول فيها مفهوم الكنيسة وهيكلها وسلطتها ووظيفتها فى إعلان البشارة وممارسة الأسرار وخدمتها فى كل المجالات الروحية وكان الختام بالكنيسة والحكم المدنى «السياسى».
وللحديث عن هذا العمل لابد من الإشارة إلى لؤلؤتين فى صدر الكتاب الأولى المقدمة التى خطاها الدكتور جورج صبرا عميد كلية اللاهوت للشرق الأدنى فى بيروت وأحد أهم الأعلام اللاهوتية المُصلحة العربية الحالية، هذه المقدمة التى تعتبر المرجعية الأولى لهذه المقالة لما بها من حقائق تاريخية عن كاتب العمل «جون كالفن» وعن العمل نفسه « أُسُس الدين المسيحى».
أما الثانية فهى «خطاب استهلالى إلى فرنسيس الأول ملك فرنسا 1560» وفيه يشرح «جون كالفن» ظروف كتابة هذا الكتاب وهو المرجعية الثانية لنا.
عن الأولى يذكر لنا د0 صبرا الكثير من الحقائق لكن سأوجز أهمها:
1- من المستغرب بعد قرابة قرنين من الزمن على الوجود الإنجيلى المُصلح فى الشرق العربى أن هناك كتابين فقط منشورين يحتويان على كتابات كالفن الأول «المسيحية الكتابية 1994» وهو ترجمة لبعض المقاطع المختارة من كتاب أسس الدين المسيحي، والثانى «مقالة قصيرة فى العشاء المقدس 2004»  بجانب ثلاثة كتب ودراسات عن كالفن «مصلح فى المنفى – جون كالفن دراسة تاريخية وعقائدية – حديث مع جون كالفن».
2- نشر كالفن أول نسخة لهذا الكتاب سنة 1536 عملاً صغيراً باللاتينية لم يتجاوز ستة فصول نفذ الكتاب فى أقل من سنة، فأعاد نشره مع بعض التوسع سنة 1539، ثم أصدره بالفرنسية سنة 1541 لاقى رواجاً، فتوسع فيه حتى صدرت النسخة الثالثة 1545 فى 21 فصلاً، ثم أصدره فى الشكل النهائى عام 1559 فى 80 فصلاً، وعن الترجمات للغات أخرى صدرت بالاسبانية 1540، والايطالية 1557 والهولندية 1560، والانجليزية 1561، والألمانية 1572، والتشيكية 1617، والمجرية 1624، واليابانية 1934، والصينية فى خمسينيات القرن العشرين، والكورية 1993، والروسية 1999، والرومانية 2003، أما عن الترجمة العربية فتأتى من النص الإنجليزى الذى ترجمه فورد لويس باتلز من اللاتينية وحرره جون ت. ماكنيل.
3-  هناك مكونان مهمان فى حياة كالفن يساعدان القارئ على فهم عمله اللاهوتى هذا: الأول هو أن كالفن كان إنجيلياً من الجيل الثانى (أى بعد مارتن لوثر – أولريخ زوينجلي) وقد مكنه هذا من الإطلاع على كتابات رواد الإصلاح الأوائل وأن يفكر فى المشترك عندهم وفى ما يختلفون حوله أيضاً فيحاول التوفيق، ومكنه أيضاً من الإطلاع على الأفكار والتعاليم لمن اعتبرهم متطرفين وخطرين وهراطقة.
أما المكون الثانى تأثر ثقافة كالفن وخلفيته الفكرية بالحركة الإنسانوية «التركيز على الإنسان ودراسة الأدب الكلاسيكى المستقل على الكتابات الدينية» وقد كانت من سمات هذه الحركة العودة إلى المصادر، لذا نجد كالفن عاد إلى أباء الكنيسة، فقد كانت الحصة الأكبر للقديس أغسطينوس، حيث أحصى الباحثون 1700 اقتباس مباشر، وأكثر من 2400 اقتباس غير مباشر من ق. أغسطينوس فقط، وكذلك من الآباء الشرقيين نجد أن القديس يوحنا فم الذهب يحتل المركز الأول فى كتابات كالفن.
لكن خلاف هذا كان المصدر الرئيسي والأول الذى عاد إليه كالفن هو الكتاب المقدس.
4- إن هذا العمل اللاهوتى لابد للقارئ أن يتذكر أنه من القرن السادس عشر فى عصر خلافات كنسية ولاهوتية حادة، لذلك فإن لغته وتعابيره فى بعض المواقف تكون قاسية وحادة، فتعابير الدحض والشجب والإدانة والتحطيم والازدراء كانت طبيعة ذلك العصر الجدلى والخلافى، لذا لابد أن يقرأ فى سياقه.
اللؤلوة الثانية «خطاب استهلالى إلى فرنسيس الأول ملك فرنسا 1560».
كتب جون كالفن خطاب إلى ملك فرنسا موضحاً له بعض الأمور، موجزة فى ثماني نقاط رئيسية:
1- ظروف البدء بكتابة هذا الكتاب، فقال كالفن إن غايتى إيصال بعض الأساسيات لمساعدة أولئك الذين مستهم الغيرة الدينية، وظهور البعض فى المملكة الذين ينادون بأنه لا مكان للتعليم السليم فيه، فوجدت من المفيد أن أعطى توجيهاً، وأن أطرح أمام جلالتكم فتعلموا حقيقة التعليم الذى يذكى غيظ أولئك.
ثم يسرد كالفن أفكاره بالحجج والبراهين القوية التى يضعها أمام الملك، ولأن الخطاب طويل وبه الكثير والمهم، وحتى لا يكون الحديث عنه مختزلا أو غير مُلم بالمضمون الاشمل سأكتفى بالإشارة فقط إلى عناوين النقاط، و بوسعك عزيزى القارئ الإطلاع عليه فى الكتاب كاملاً.
2- التماس من أجل الإنجيليين المضطهدين.
3- دحض اتهامات الخصوم: الجدة، الريبة، قيمة العجائب.
4- ضلالة ادعائهم أن آباء الكنيسة يعارضون تعاليم الإصلاح.
5- الاحتكام إلى العادة بدلاً من الحقيقة.
6- مغالطات حول طبيعة الكنيسة.
7- ادعاءات شغب سببه وعظ الإصلاح.
8- فليحذر الملك من التصرف على أساس اتهامات كاذبة: الأبرياء يتوقعون تزكية إلهية.
الجدير بالذكر أن كلية اللاهوت الإنجيلية بالقاهرة قامت بحفل إطلاق للكتاب وذلك فى يوم الجمعة الموافق 12/1/ 2018 بمقرها، بحضور كل من د.ق/ أندريه زكى رئيس الطائفة الإنجيلية بمصر، الذى قال فى كلمته «إن نقطة التحول فى الإصلاح هى ترجمة النص إلى لغة الناس» وقد عبر عن سعادته بهذا العمل، أيضا حضر وشارك د.جورج صبرا، عميد كلية اللاهوت للشرق الأدنى فى بيروت، وحضرت وشاركت السيدة سوسن تنورى مديرة دار منهل الحياة للنشر، كذلك عميد كلية اللاهوت الإنجيلية بالقاهرة د.ق/ عاطف مهنى، والقس/ يوسف سمير، رئيس مجلس إدارة الكلية، د.ق/ هانى يوسف العميد الأكاديمى للكلية، وقاد الاحتفال د.ق/ وجيه يوسف، رئيس مركز دراسات مسيحية الشرق الأوسط، ومن الضيوف د/ مارك سوانسون، الأب/ سمير خليل اليسوعى، وقيادات من سنودس النيل الإنجيلى.
هنيئاً للقارئ العربى بهذا العمل الخالد، وشكراً لدار منهل الحياة وكلية اللاهوت للشرق الأدنى، وللمترجمين القس/ أديب عوض، القس/ وليد هرموش، القس/ فيكتور مكارى.