الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

انتخابات الكونجرس.. حضور الكراهية

انتخابات الكونجرس.. حضور الكراهية
انتخابات الكونجرس.. حضور الكراهية




بقلم - بول كروجمان- نقلا عن نيويورك تايمز

فى حال لم تنتبه إلى ذلك، فإن الأمريكيين وسط موجة جرائم كراهية. ففى غضون الأيام القليلة الماضية فقط، أُرسلت طرود ناسفة إلى عدد من الشخصيات «الديمقراطية» البارزة، إضافة إلى قناة «سى إن إن». وبعد ذلك، قام مسلح بقتل 11 شخصاً فى كنيس بمدينة بيتسبرج. وفى الأثناء، قَتل مسلح آخر أمريكيَين من أصول إفريقيَة بمتجر بمدينة لويسفيل، بعد أن حاول عبثاً اقتحام كنيسة للسود فى البداية – ولو أنه تمكن من الدخول إلى هناك قبل ساعة، لشهدنا ربما عملية قتل جماعى أخرى. ويبدو جلياً أن كل جرائم الكراهية هذه مرتبطة بمناخ الارتياب والعنصرية .
والواقع أن قتل الأشخاص السود تقليدٌ أمريكى قديم، ولكنه تقليد أخذ يعاد إحياؤه. وعندما تم اكتشاف قنابل الطرود الناسفة، زعم كثيرون على اليمين وبشكل فورى أن الأمر يتعلق بأخبار كاذبة أو بعملية خداع من قبل الليبراليين ليظهروا بمظهر الضحية؛ ولكن «مكتب التحقيقات الفيدرالي» سرعان ما رصد مصدر العبوات الناسفة، وتبين أنها من أحد المتطرفين، والذى بات يُعرف بين الكثيرين بمنفّذ هجوم «اجعلوا أمريكا عظيمة من جديد.
والرجل الذى تم إيقافه فى كنيس «شجرة الحياة» كان من المنتقدين لترامب، ويعتقد أن هذا الأخير ليس معادياً للسامية بما يكفي. ولكن ما أجّج غضبَه على ما يبدو هو نظريةُ مؤامرة يقوم أنصار ترامب بالترويج لها بشكل ممنهج - الادعاء بأن الأغنياء اليهود يقومون بجلب أشخاص سمر إلى أمريكا من أجل أخذ مكان البيض. نظرية المؤامرة هذه اتضح أنها جزء أساسى من خطاب النازيين الجدد فى أوروبا. إنها الموضوع الذى كان يتحدث عنه نازيو أمريكا الجدد.
وهى أيضاً الرسالة الضمنية للهيستيريا المفتعلة حول قافلة المهاجرين القادمين من أمريكا الوسطى. فمروّجو الخوف لا يكتفون بتصوير مجموعة صغيرة من الأشخاص الجوعى والخائفين، والذين ما زالوا بعيدين عن حدود الولايات المتحدة، باعتبارهم غزواً وشيكاً، وإنما ما انفكوا يلمّحون بشكل ممنهج إلى أن اليهود يقفون بطريقة ما وراء الموضوع برمته. وبالتالي، فهناك رابط واضح بين تغطية قناة «فوكس نيوز» ومذبحة كنيس «شجرة الحياة».
ولكن، كيف يتعامل المدافعون مع هذه الصورة القبيحة؟ إنهم يتعاملون معها جزئياً من خلال الإنكار، حيث يزعمون أنهم لا يرون أى رابط بين خطاب الكراهية وجرائم الكراهية، ولكن أيضاً من خلال محاولات توزيع اللوم عبر ادّعاء أن «الديمقراطيين» بنفس درجة السوء، إن لم يكونوا أسوأ. وهكذا، إذا قال فريق: إن بعض أنصار ترامب يحاولون قتل منتقديه، يرد الفريق الآخر: حسناً، ولكن بعض خصوم ترامب صرخوا فى وجه سياسيين فى مطاعم! بيد أن هذا التكتيك الدعائى لا يساوى بين الاحتجاجات والعنف فحسب، وإنما يقوم على كذب صريح.
ففى اليوم الذى أعقب مذبحة بيتسبرج، غرّد جون كورنن – الذى يُعد القيادى الجمهورى الثانى من حيث الأهمية فى مجلس الشيوخ – على تويتر قائلاً: «بيلوسي: إذا كانت ثمة «خسائر جانبية» لأولئك الذين لا يشاطروننا رؤيتنا، فليكن».
ولكن هذا كذب ما بعده كذب. وأنا على يقين من ذلك لأننى كنت حاضراً. والواقع أن التظاهر بأن كلا الجانبين يستحقان اللوم بشكل متساوٍ، أو ربط العنف السياسى بإشاعة الكراهية دون تحديد المسئول عن إشاعتها، هو نوع من الجبن الكبير. والحقيقة هى أن طرفاً من الطيف السياسى يروّج للكراهية، بينما الطرف الآخر يمتنع عن ذلك. ورفض الإشارة إلى ذلك خشية أن يبدو المرء متحيزاً لحزب معين هو مساعدة فى الواقع للأشخاص الذين يسمّمون حياتنا السياسية. وبالتالي، أجل إن الكراهية حاضرة فى الانتخابات التى ستجرى.