الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

أردوغان ديكتاتور مزدوج المعايير

أردوغان ديكتاتور مزدوج المعايير
أردوغان ديكتاتور مزدوج المعايير




نعوم تشومسكى

اتهم المفكر الأمريكى نعوم تشومسكى الرئيس التركى رجب طيب أردوغان بازدواجية المعايير حول الإرهاب، وذلك حين اختاره أردوغان تحديدا من بين المئات من الأكاديميين الذين وقعوا على عريضة يعارضون فيها الممارسات التركية ضد الشعب الكردي، ووصفه بأنه إرهابي.
ووقّع تشومسكى مع مجموعة من الأكاديميين الأتراك عريضة تعترض على القمع الشديد والمتزايد الذى تمارسه الحكومة التركية ضد شعبها الكردي، وكان واحدًا من عدة أشخاص أجانب تمت دعوتهم للتوقيع.
وبعد الهجوم الإرهابى الوحشى فى إسطنبول مباشرة شن أردوغان هجومًا عنيفًا ولاذعًا على موقّعى البيان، معلنا على طريقة بوش أنك إما «أن تكون معنا وإما مع الإرهابيين»، واختاره من أجل سيل من الذمّ، لذلك طلب منه الإعلام التركى والأصدقاء أن يردّ، وقد فعل ذلك باختصار، ونقل موقع أحوال تركية رد نعوم تشومسكى على الرئيس التركى وكتب: «اتهمت تركيا داعش الذى ساعده أردوغان بعدة طرق بأنه وراء الهجوم، بينما يدعم أردوغان جبهة النصرة التى لا تكاد تختلف عن داعش، ثم بدأ هجومًا على هؤلاء الذين يدينون جرائمه ضد الكرد الذين يصادف أنهم القوة الأساسية على الأرض فى مواجهة داعش فى كل من سوريا والعراق. هل يحتاج هذا إلى تعليق؟».
أردوغان قام لسنوات عدة بخطوات لدعم سلطته متقلبًا على الخطوات المشجعة نحو الديمقراطية التى تمت فى تركيا. وتظهر كل المؤشرات أنه يسعى لأن يصبح حاكما مستبدا متطرفا مقتربا من الديكتاتورية، ومن أن يكون حاكما قمعيا قاسيا.
ويضيف تشومسكى أن الأكاديميين الأتراك الذين وقّعوا البيان اعتُقلوا وتم تهديدهم، وهوجم الآخرون جسديا، بينما استمرّ القمع الحكومى فى التصاعد.. تكاد أيام التسعينيات المظلمة لا تمحى من الذاكرة، وكما من قبل، سجّل الأكاديميون الأتراك وغيرهم أمانة وشجاعة ملحوظة فى المعارضة القوية لجرائم الدولة بصورة نادرا ما تجدها فى مكان آخر، معرضين أنفسهم للخطر ومتحملين أحيانا عقوبات شديدة بسبب مواقفهم الجديرة بالاحترام. ولحسن الحظ هناك دعم دولى متزايد لهم، رغم أنه مازال أقل بكثير مما يجب.
عن فكرة أنّ تركيا كشفت فى ظل حكم أردوغان عن نشر استراتيجية «العثمانيون الجدد» تجاه الشرق الأوسط وآسيا الوسطى، وما إن كان نشر هذه الاستراتيجية الكبيرة يجرى بالتعاون مع الولايات المتحدة أو بمعارضتها، يلفت تشومسكى إلى أن تركيا كانت بالطبع حليفا مهما جدا للولايات المتّحدة، حتى أنها أصبحت المتلقّى الأوّل للأسلحة الأمريكية فى حكم كلينتون. حيث صبّ كلينتون السلاح داخل تركيا لمساعدتها فى تنفيذ الحملة الضخمة من القتل والتدمير والإرهاب ضدّ أقلّيتها الكردية. وكانت تركيا أيضا حليفا أساسيا لإسرائيل منذ عام 1958 كجزء من تحالف عام ضمّ الدول غير العربية برعاية واشنطن لضمان السيطرة على مصادر الطاقة الرئيسة فى العالم عبر حماية الديكتاتوريات الحاكمة ضد ما يعرف بـ»القومية الأصولية»، وهو تعبير تلطيفى استخدم من أجل الشعوب.
وفى حديثه عن التدخّل التركى فى الوضع السورى يقول تشومسكى إن ما يحدث فى قصة الرعب السورية يفوق الوصف، إذ يبدو أن القوى الأساسية المعارضة لداعش على الأرض هم الكرد، تماما كما فى العراق، وهم كانوا على لائحة الإرهاب الأميركية. فى كلا البلدين، هم الهدف الأساسى لهجوم حليفنا التركى العضو فى «الناتو»، الذى يدعم أيضا فرع القاعدة فى سوريا «جبهة النصرة». ويرى أن الدعم التركى لـ»النصرة» مفرط جدا. لذا رأينا أنه عندما أرسل البنتاجون بضعة أعداد من المقاتلين الذين درّبهم، سارعت تركيا إلى تحذير «النصرة» التى أبادتهم.
وعند الحديث عن أن هناك تغييرا جيوسياسيا يحدث فى الدور الإقليمى لتركيا، الأمر الذى كان السبب الأساسى وراء الانقلاب الفاشل فى يوليو 2016، وهل يجد هذا التغيير جاريا، يرى تشومسكى أنّ هناك بالتأكيد تغيرا فى السياسة الإقليمية منذ عهد رئيس الوزراء التركى الأسبق أحمد داود أوغلو الذى تحدث عن سياسة صفر مشكلات، لكن ذلك التغير جاء لأن المشكلات تفاقمت.
ويشير تشومسكى إلى كيف أنّ الانقلاب على أردوغان ضمن له تعزيز نظام الحكم الاستبدادى جدا فى تركيا، حيث اعتقل أردوغان الآلاف من الناس وأغلق وسائل إعلام ومدارس وجامعات تابعة للانقلاب. وربما تكون آثار الانقلاب قد زادت حتى دور الجيش فى العلاقات السياسية بما أنه سيصبح تحت السلطة المباشرة للرئيس نفسه، وذلك فى حركة كان أردوغان قد بدأها سابقا.
وعمّا إن كان ذلك يؤثر فى علاقة تركيا مع الولايات المتحدة والقوى الأوروبية إذا أخذنا فى الحسبان مزاعم الأخيرة حول حقوق الإنسان والديمقراطية داخل تركيا وحول مساعى أردوغان إلى إقامة روابط وثيقة مع بوتين، يذكر تشومسكى أنّ «مزاعم» هى الكلمة الصحيحة. وأنّه خلال التسعينيات من القرن الماضى مارست الحكومة التركية أعمالا وحشية رهيبة استهدفت فيها الشعب الكردي، إذ قتل العشرات من الآلاف، ودمرت الآلاف من القرى والبلدات، وأخرج المئات من الألوف وربما الملايين من بيوتهم، مع كل ما يمكن تخيله من تعذيب، 80 بالمائة من السلاح كانت تأتى من واشنطن، وازدادت النسبة بزيادة الأعمال الوحشية.

نقلاً عن العرب اللندنية