الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

كاميليا السادات فى حوار جرىء لـ«روز اليوسف»: «السيسى» أنقذ مصر من الجماعات الإرهابية.. وصان الوطن وحمى سيناء

كاميليا السادات فى حوار جرىء لـ«روز اليوسف»: «السيسى» أنقذ مصر من الجماعات الإرهابية.. وصان الوطن وحمى سيناء
كاميليا السادات فى حوار جرىء لـ«روز اليوسف»: «السيسى» أنقذ مصر من الجماعات الإرهابية.. وصان الوطن وحمى سيناء




الرجل الذى لقن العالم درس الحرب والسلام، وأعاد لمصر أرض الفيروز بإدارته السياسية الحكيمة، صاحب أسطورة العبور والكرامة، الزعيم المتواضع، المُلقب بالرئيس المؤمن، إنه الزعيم الراحل محمد أنور السادات.
فى ذكرى مئوية ميلاده، كان اللقاء مع جزء نابض من تاريخ مصر، إنها د. كاميليا السادات، التى ورثت منه ملامحه، وابتسامته، وخفة ظله، وبشاشة وجهه، وذلك من داخل مسكنها بالمعادى فى القاهرة، والتى هى بمثابة متحف يُوثق الأحداث التاريخية العظيمة، فى كل ركن من منزلها  ترى وتشعر بروح السادات مع ابنته التى تروى لنا رحلة السادات من السجن إلى القصر، ومن الهزيمة إلى النصر، ومن الحرب إلى السلام، وكشفت صراعه مع الملكية للشيوعية وتيار الإسلام السياسى، وخطة الإخوان لاغتياله.. وإلى نص الحوار.

 

■ بداية ما تعليقك على منح الرئيس الراحل جائزة الكونجرس الذهبية؟
- تكريم الكونجرس الأمريكى لروح والدى يؤكد أنه ما زال حيًا فى قلوب المليارات فى جميع أنحاء العالم بما فعله طيلة حياته، وهذا التكريم يبرز أنه ما زال فى التاريخ، ولا يزال الناس يتذكرون السادات مثلما يتذكرون غاندى ومارتن لوثر، وأذكر إحدى الكلمات قالها والدى لنا: «يا ولاد أنا فى التاريخ»، مما يعنى أن التاريخ لا ينسى ويذكر كل زعيم، وحينما كنت فى أمريكا لمدة 24 عامًا للحصول على الماجستير والدكتوراه، لمست اعتزاز الكثيرين بوالدى مع علمهم بأننى ابنته، فكانوا يتغنون به ولم ينسوه، وهاهم الآن بعد مرور  40 عامًا يتذكرونه بأنه رجل سلام، وبعد عودتى من أمريكا تفاجأت أن الشباب الصغار الذين لم يعاصروا فترة حكمه يتحدثون عنه ويكأنه ما زال على قيد الحياة.
■ كيف تصفين السادات الأب وكيف كنت ترين فترة حكمه لمصر؟
- كان أبى يؤمن بالتغيير وكان يرى أن الذين لا يغيرون أفكارهم لا يستطيعون تغيير الأشياء الأخرى، كان الزعيم يعيش بالحب، ويحكم مصر بالحب، فلم يكن للكراهية مكان فى حياته وعندما يتجنب أحدًا فيكون بسمو دون أن يخطئ، كان رجلاً بمعنى الكلمة، حالمًا وحكيمًا.
■ ما هى علاقتك بالرئيس السادات؟
- والدى كان يتعامل معنا جميعًا بنفس الدرجة، إلا أننى شخصيًا كان لى مكانة لديه لأننى كنت أذهب معه فى كل مكان منذ صغري، فذهبت معه لجريدة الجمهورية، ولمجلس قيادة الثورة، وبالتالى كانت تربطنى به علاقة صداقة أكثر من الأبوة، فالسادات كان مدرسة وأسطورة لن تتكرر، ولديه بُعد نظر أشبه بالبحر ليس له نهاية.
■ ماذا تعلمت من الزعيم؟
- تعلمت منه الشجاعة والجدية وقوة الشخصية، والحب والكرامة، والإيمان والصبر، والوسامة والشياكة، علمنى كيف أرتدى ملابسى وأكون مثالًا للأناقة، فحينما كان يرانى بفستان جديد يقول لى: «إيه الفستان الجميل ده، وكان والدى حسن المظهر، الابتسامة لا تفارق وجهه البشوش، حينما تراه تجد أن الإنسانية تظهر على وجهه كالطفل الصغير.
■ ما هى أبرز المواقف الطريفة بينك وبين الزعيم؟
- أتذكر أننى كنت أستعد لحفلة تنكرية مدرسية فى المانيا، وارتديت زى والدى الكامل، والتقطنا الصور التذكارية ليشاهدها والدي، وعند عودتى لمصر جلست معه وأحببت أن يشاهد الصور، فقلت له: «يا ريس مش نفسك تشوف شوية صور من المانيا» وعندما شاهد الصور قال لى «خيبتى أملى فيكى كنت فاكرك هاتطلعى زى البنات الحلوين طلعتى منيلة شكل أبوكى».
■ هناك بعض المصطلحات كان يناديكم بها السادات.. ما سرها؟
- والدى كان خفيف الظل، فعندما كنا نقول أمرًا غير مألوف كان يرد علينا ويقول: على سبيل الهزار «يا غجر»، أو يا «جحشة «والمسمى الآخر «يا كلبة» فى حالة غضبه.
■ ماذا عن علاقتك بالسيدة جيهان  السادات وأشقائك؟
- نحن أسرة واحدة، فهى المرأة التى أحبها والدى وتزوجها وأنجب منها أشقائى الذين أحبهم وقمت بتربيتهم وهم صغار، كما أن علاقتى مع «طنط» جيهان كانت علاقة أخوة وصداقة، حيث إننا تعاملنا معها عن قرب حينما قام والدى بأخذنا فى حضانته لمدة عامين.
■ ماذا عن تنبؤ السادات بثورات الربيع العربى؟
 - سنة 1958 كان والدى سكرتير المؤتمر الإسلامى، وأرسل خطابين إلى د. طه حسين يطالبه بضرورة إعداد كتاب يحذر فيه العرب من مطامع الغرب، وبالفعل عمل أفلامًا توضح ذلك، وشرح فيها كيف تخلص العرب من الاستعمار العسكرى، وتبقى مطامع الاستعمارعن طريق الدين بمذاهبه وطوائفه المختلفة، وهذا ما يحدث الآن فى الدول العربية، وخير دليل ما حدث لـ «شاه إيران» فى عام 1979 كان دائمًا يقول «المتغطى بأمريكا عريان»، فهى التى جلبت الخومينى من أمريكا لمحاربة الشاه، فكانت ترى أن دوره قد انتهى لإثارة الفتنة فى المنطقة بين السنة والشيعة، فحركة داعش التى تعلن محاربتها هى الاخرى من صناعتها، وخصصت لها مراكز تدريب فى تركيا وإيران، و»أسامة بن لادن» هو الآخر صناعة أمريكية، وقتله للظواهرى كان عن طريق الخيانة، وليست أمريكا كما يدعون بدليل حينما ضرب جبل «تورا بورا» فى أفغانستان، قامت أمريكا بحمايته تحت الأرض فى مكان ما ضد النووي، كما دفعت 40 مليار جنيه لجماعة الإخوان الإرهابية بمصر فى إبريل 2012 كتمويل لهم قبل أن يتولوا الحكم بثلاثة أشهر مقابل 40% من سيناء.
■ لماذا سافرت إلى أمريكا باسمك غير مذكور فيه «السادات»؟
- قررت السفر لاستكمال دراستى بأمريكا، ولو علم أحد بأننى ابنة الرئيس السادات ستضطر الدولة لتخصيص حراسة لي، وهذا سيتسبب فى مشكلات عدة، فحررت باسم كاميليا محمد أنور بدلًا من كاميليا السادات، ولم يعلم أحد أننى ابنة الرئيس السادات إلا يوم التخرج عندما حررت اسمى فى شهادة التخرج كاميليا السادات.
■ هل استشعرت بوادر للحرب فى الأيام الأخيرة؟
 - لم نشعر بأى شيء قبلها، لكن أبى كان دائم المتابعة لأفلام الحرب العالمية الثانية، ولكن فى هذه الفترة علم بلهث إسرائيل وراء جمع المعلومات فطلب من الجهات المعنية بمدها بمعلومات خاطئة، وشن طلعات جوية وقياس قناة السويس والكبارى اللازمة لها، وتجهيز المضخات وشراء المخلفات العسكرية من روسيا لخداع إسرائيل وإقناعها بأننا غير مجهزين لخوض حرب خاصًة بهذه المعدات، ثم علمنا كباقى الشعب من خلال إذاعة بيان النصر فى الراديو، أن نصر أكتوبر أعاد لمصر مكانتها وأعطاها ثقلًا وسط دول العالم بقيادة السادات.
■ ماذا عن كواليس حرب أكتوبر، والشركاء فى نجاحها؟
 - نعم كان هناك شركاء فى نجاح الحرب، ليس فقط رئيس إيران الذى حول مسار شحنة البترول إلى مصر، والذى لم يذكر الإعلام والأفلام الوثائقية غيره، ولكن الملك فيصل كان له موقف بطولى وقتها، فلم يحدد ميزانية محددة لمصر وقت الحرب، ولكنه قال لوالدى «اشترى ما شئت من السلاح ونحن سنقوم بدفع التكاليف بالكامل، وأن الميزانية مفتوحة»، أما البطل الثانى الرئيس الجزائرى «هوارى بو مدين» ففى هذا الوقت كانت روسيا تشترى محصول القطن بالكامل من مصر، بالإضافة إلى 100 مليون جنيه سنويًا مقابل إعطاء مصر السلاح، إلا أنهم وقت الحرب رفضوا شراء المحصول وطلبوا المبلغ بالكامل نقودًا، وقتها كانت ميزانية مصر لا تسمح، إلا أن «مدين» جمع المبلغ بالكامل من ميزانية الجزائر وبنكها المركزى، ودفع ثمن الأسلحة بالكامل لروسيا، وظل متواصلًا مع السادات لأكثر من 6 ساعات، حتى وصلت الأسلحة إلى المياه الإقليمية لمصر، واعتبرهما والدى شركاء نجاح الحرب، بل لولا موقفهما ما خاضت مصر الحرب.
■ ما شعورك كأول امرأة تضع قدمها على أرض سيناء بعد الحرب؟
- حينما أعلنت المخابرات المصرية أن الطريق أصبح آمنًا إلى سيناء، أرسلت طلبًا إليها من الشركة الألمانية التى كنت أعمل بها أنا وزملائى موقع باسم كاميليا السادات، فرفضت المخابرات الأمر، فتحايلت على الموقف بإرسال طلب آخر ووقعت باسمى فيه ثلاثيا «كاميليا محمد أنور» مع وضعه فى الترتيب وسط الأسماء، فتمت الموافقة، وبالفعل ذهبت إلى هناك والتقطت لى صورة وأنا على ما تبقى من خط بارليف، ونلت شرف أول سيدة تصل إلى سيناء عقب النصر، وهناك تذكرت الشهداء ومن بينهم عمى عاطف السادات.
■ ماذا عن اتفاقية السلام ورد فعل أسرة الزعيم والشارع عنها؟
 -  كنا سعداء بها بشكل كبير لأن الحروب مدمرة، وذلك لأن عائلتنا فقدت شهداء عدة جراء الحروب، والمعاهدة كانت السبيل الوحيد للسلام ووقف الحروب وإعادة بناء مصر اقتصاديًا، ليس نحن فقط ولكن فرح بها كل عائلة بمصر فوقتها كان «فى كل بيت شهيد»
■ لماذا أُطلق لقب بطل الحرب والسلام على الرئيس الراحل؟
 -  الرئيس السادات قام بتوثيق حرب أكتوبر التى ما زالت تُدّرس فى المعاهد العسكرية وستظل إلى قيام الساعة بأحدث وسائل ومعدات التصوير، وطلب من الملك فيصل وقف تصدير البترول لأمريكا، وأرسل خطابًا لرئيس الوزراء الأمريكى «هنرى كيسنجر» لوقف إطلاق النار، ولكنه رفض قائلًا: من يبدأ الحرب لا يملك أن يوقفها، وفى يوم 18 أكتوبر الذى صرخت فيها «جولدا مائير» صرخاتها التاريخية «أنقذوا إسرائيل» أرسلت أمريكا الغطاء الجوى الجاهز للحرب، وهنا تدخل الملك فيصل وأنقذ الموقف وأوقف تصدير البترول لأمريكا، وقتها طلب عدد من ملوك الدول العربية دخول تل أبيب، إلا أن والدى رفض مؤكدًا أن هدفه هو استرجاع سيناء فعرفت معركة أكتوبر بأنها حرب سلام، ومنها أطلق على والدى «بطل الحرب والسلام»
■ ماذا يُمثل لك يوم 6 أكتوبر عيد ميلاد أم وفاة الزعيم؟
-  هذا اليوم يُمثل لى مزيجًا من المشاعر المختلطة، فهو يوم عز وكرامة، واسترداد الأرض، وانتصار مصر بقيادة رجل الحرب والسلام، فهو يوم حارب فيه وانتصر فيه واستشهد فيه، وهذه دعوة جدتى لأبى «ست البرين» فكنت أنام بجوارها وأنا طفلة، واستيقظ على صوت دعائها وقت الفجر تقول: «إلهى ينصرك يا أنور يا ابنى دنيا وآخرة»، فاستجاب الله لدعائها ورزق بالنصر فى الدنيا والشهادة فى الآخرة.
* صرخت أثناء عودتى من أمريكا وقلت: «جثة بابا بقت شبكة صيد»، حاول شقيقي  جمال تهدئتى واصطحبنى إلى غرفة السادات، وأحضر بدلته، فوجدت فيها مكانًا لرصاصتين إحداهما فى مكان الركبة، والأخرى تحت الإبط، علمت بعد ذلك أنه كان يقف لإعطائهم التحية العسكرية، فجاء هؤلاء الخونة وأطلقوا الرصاص، فاخترقت واحدة منطقة تحت الإبط الأيمن وصلت إلى رقبته ناحية الشمال واستشهد خلال 30 ثانية طبقًا لسرعة رصاصة «الكلاشينكوف».
■ ما أكبر خطأ ارتكبه الزعيم أنور السادات من وجهة نظرك؟
 - السماح للإخوان بالخروج من السجون، وقد دفع حياته ثمنًا لهذه الغلطة.
■ كيف رأيت حكم الإخوان لمصر؟
- من أسوأ السنوات التى عاشتها مصر، لأنهم السبب الرئيسى وراء تدهور الحالة الاقتصادية والسياسية والأمنية لمصر، كما أن هذه الفترة تعتبر من أبشع فترات حياتي، لتعرضى للتهديدات والمضايقات المتعددة منهم، إضافة إلى أن الإخوانى صلاح سلطان كان يسكن معى فى نفس العقار الذى أعيش به، حاول إرهابى وكانوا ينظرون لى نظرة الشماتة طوال الوقت، إلا أننى أخبرته بأن ديمقراطية السادات هى التى أعطتهم الفرص لما وصلوا إليه، وحذرتنى منهم الشرطة العسكرية التى كانت حريصة على توفير الأمن الدائم لى.
■ ما تصورك لمستقبل مصر تحت قيادة الرئيس السيسى؟
- الرئيس السيسى رجل مخابرات، ورجل عسكرية، صاحب عقلية ذكية جدًا، لديه بعد نظر، هذا الرجل عبر بمصر إلى بر الأمان، ويمضى فى طريقه نحو التقدم، فهو رجل جرىء وشجاع أنقذ مصر من حكم الجماعة الإرهابية، ويكفى أنه تصدى للإرهاب والعملية الشاملة سيناء 2018 تتحدث عن نفسها، وضع لها مخططًا تنمويًا وبدأ فى تنفيذه بالفعل، ويعمل على تطويرها بعد أن طهرها من بقايا الإرهاب.