الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

زلزال سقوط الديكتاتور

زلزال سقوط الديكتاتور
زلزال سقوط الديكتاتور




على أردوغان أن يعرف أن الجرح العميق الذى تسببت فيه الانتخابات ما هو إلا نتاج أسلوبه شديد المركزية فى الحكم، والذى يقرر كل شيء فى البلاد، وبدأت تبعات زلزال عرش أردوغان بعد الهزيمة فى الانتخابات مبكرا بتطبيق الحكومة سياسة العقاب الاقتصادى تجاه الأتراك بعد أن فشلت الرشاوى فى كسب أصواتهم، حيث أزالت منافذ بيع الخضراوات ورفعت أسعار الكهرباء والبنزين، والقرارات الثلاثة الأخيرة ليست سوى علامة أقوى على مدى تشبث أردوغان وفريقه بالسلطة وكيف لا يرغب فى تركها مهما بلغ الأمر.


أنقرة وإسطنبول اللتان تضمان نحو ثلث إجمالى الناخبين فى تركيا، ستكونان أكثر المدن تضررا من هذه القرارات، وهى رسالة واضحة من أردوغان الذى خسر الانتخابات بهما لأول مرة.
فقد أعلنت نقابة محطات الإمداد بالطاقة والنفط والغاز الطبيعى فى تركيا عن زيادة جديدة فى أسعار البنزين بمقدار 19 قرشا للتر الواحد.
ومع انتهاء الانتخابات المحلية فى تركيا بدأت هيئة تنظيم سوق الطاقة التركية عن بدء تطبيق الأسعار الجديدة لأسعار الكهرباء ليرتفع سعر البيع لشركات التوزيع بنحو 37%.
وعقب إعلان اللجنة العليا للانتخابات نتائج غير رسمية بأن مرشح المعارضة فاز بانتخابات أنقرة، بدأ مسئولو البلدية بإزالة منافذ الخضراوات والفاكهة التى كانت تبيعها بأسعار رخيصة فى محاولة لكسب أصوات الأتراك.
وكانت تلك المنافذ التى سماها أردوغان بـ«منافذ التنظيم» قد انطلقت قبيل الانتخابات المحلية للتصدى لارتفاع أسعار السلع الغذائية.
التبعية الثانية هى اعتزام قيادات بحزب العدالة والتنمية الحاكم فى تركيا الانشقاق عنه وتأسيس كيان آخر جديد لمواجهة أردوغان بعد الهزيمة المدوية فى الانتخابات المحلية، وتعرض حزب «العدالة والتنمية» لأكبر انتكاسة فى تاريخه، مع خسارته أكبر 4 مدن رئيسية، وهى العاصمة أنقرة وإسطنبول وإزمير وانطاكيا.
وأكد نائب رئيس حزب العدالة والتنمية السابق، آطيلجان بايار، عبر حسابه على موقع «تويتر»، «الحزب السياسى الجديد سيعلن عن برنامجه فى غضون شهر، على أن يتولى رئاسته، أحمد داود أوغلو، رئيس الوزراء الأسبق».
ولفت إلى أن الحزب الجديد «يضم فى عضويته وزير الاقتصاد السابق على باباجان إلى جانب العديد من الشخصيات التى سبق أن شغلت مناصب رئيسية فى العدالة والتنمية».
وأضاف بايار الذى شغل أيضا عضوية المجلس التنفيذى للحزب أثناء رئاسة داود أوغلو للوزراء أن «الأتراك بعثوا برسالة إلى الحزب الحاكم خلال الانتخابات المحلية، مفادها أنه لم يعد مسموحًا له الانفراد بالسلطة فى البلاد».
وشدد على أن «خسارة الحزب الحاكم للمدن الكبرى نتيجة طبيعية لانحرافه عن أفكار داود أوغلو التى تلخصت فى عدم افتعال المشاكل مع الجيران.
تصريحات بايار عن تأسيس المنشقين عن أردوغان حزبا سياسيا جديدا، ليست الأولى التى يخرج فيها مسئول سياسى سابق ليؤكد صحة مثل هذه التقارير.
وكان الكاتب الصحفى التركى أحمد طاقان، المستشار السابق للرئيس السابق عبدالله جول، كان قد أوضح أن الشخصية المزمع ترؤسها وقيادتها للحزب الجديد ستكون مفاجأة للجميع، وأن هناك فريقا داخل العدالة والتنمية يعارض اللغة التى يستخدمها أردوغان فى خطاباته السياسية.
وعلى الرغم من أن جول يعد من أبرز المؤسسين الأوائل لحزب «العدالة والتنمية» إلى جانب أردوغان فإنه أبدى عديدا من المواقف التى تعبر عن رفضه سياساته خاصة فيما يتعلق بالتعامل مع المعارضين لسياساته، سواء من خارج أو داخل الحزب.
ودفعت سياسات أردوغان العدوانية والإقصائية مؤخرا نحو 800 عضو بالحزب الحاكم إلى الانشقاق والانضمام لصفوف حزب الشعب الجمهورى الذى يتزعم المعارضة فى البلاد.
حتى قبل إجراء الانتخابات، بدا من الواضح، استنادا إلى خارطة التحالفات، أن التكتل المعارض للرئيس التركى يتزايد بشكل مطرد، خصوصا عقب انضمام حزب «السعادة» أو إخوان تركيا، إلى تحالف أحزاب معارضة تريد تجريد حزب العدالة والتنمية الحاكم من غالبيته.
تحالف حرم أردوغان من جزء كبير من ثقل كان يأمل بأن يستثمره لتعبئة قاعدته الناخبة فى الاقتراع، وجعله يخسر أصواتا لصالح «السعادة»، هذا الحزب الذى يستمد جذوره من الفكر السياسى الإسلامى نفسه لحزب العدالة والتنمية الحاكم.
فبتحالفه الهجين مع أحزاب ذات مرجعية علمانية، أسقط مرشح أردوغان فى بلدية إسطنبول، فى تحد يستبطن رسالتين للرئيس التركي.
الرسالة الأولى عبارة عن تهديد وتحذير ضمنى لأردوغان بضرورة التحالف مع إخوان البلاد فى أى انتخابات برلمانية مقبلة، على أن يمنحهم حصتهم من كعكة السلطة، عكس ذلك، فإنهم قد يكررون السيناريو نفسه معه.
أما الرسالة الثانية، ففيها خط أحمر يرسمونه لأردوغان، ويحذرونه من خلاله من مغبة التفكير فى تسليم أى من عناصر إخوان مصر الهاربين فى تركيا، لسلطات البلد الأول.
التبعية الثالثة هى ارتفاع مؤشر أسعار المستهلكين التركى 19.71% على أساس سنوي، وبالمقارنة مع الشهر السابق، بلغ تضخم أسعار المستهلكين 1.03% متجاوز أيضا متوسط التوقعات.