الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

فى مهرجان شرم الشيخ الدولى للمسرح الشبابى. انتعاش سياحى وحرص جماهيرى على الحضور والمتابعة!

فى مهرجان شرم الشيخ الدولى للمسرح الشبابى. انتعاش سياحى وحرص جماهيرى على الحضور والمتابعة!
فى مهرجان شرم الشيخ الدولى للمسرح الشبابى. انتعاش سياحى وحرص جماهيرى على الحضور والمتابعة!




ما بين التنوع والمواءمة أقيمت فعاليات الدورة الرابعة من مهرجان شرم الشيخ الدولى للمسرح الشبابى فى اسواق وشوارع مدينة شرم الشيخ ومسرح قصر الثقافة الذى احتوى على خشبته أغلب العروض والفعاليات؛ انطلق المهرجان هذه الدورة كى يوائم جغرافيا المكان الذى اقيم على ارضه فلم تقتصر عروضه على أعمال صنعت لخشبة المسرح فقط بل قدم عددًا من عروض مسرح الشارع ما بين السوق القديم وخليج نعمة والشارع المقابل لقصر الثقافة حيث صنع مسرحا لإقامة العروض؛

حرص الجمهور على متابعة فعالياته بشغف ودأب فلم يقتصر على ضيوفه فقط بل حضر عدد من سكان وأطفال مدينة شرم الشيخ وهو ماكان مفاجأة للجميع.
إحياء السياحة
سعى المهرجان لتحقيق منطق مواءمة الزمان والمكان ونوعية الجمهور المستهدف؛ لتقديم فعالياته بشتى الطرق والأساليب المختلفة ففى البداية كان السعى لإحياء السياحة بشرم الشيخ وهو ما تحقق بشكل كبير من خلال ضيوفه المشاركين وأتى معظمهم من جميع أنحاء العالم للمواكبة والحضور من دول عربية وأجنبية مختلفة كما استهدف المهرجان هذه الدورة استضافة عدد غير قليل من الشخصيات المسرحية ذات ثقل وأهمية دولية سواء للمشاركة فى تقديم ورش أو للتكريم او كضيوف جاءوا فقط لمتابعة ومواكبة المهرجان وهو ما حقق حالة مسرحية سياحية غير مسبوقة بشرم الشيخ.
عروض متنوعة
لم يشأ صناع المهرجان أن تمر فعالياته مرور الكرام فصنعوا له حالة خاصة سواء عن طريق التنظيم أو تنوع العروض المقدمة ما بين عروض رئيسية ومسرح شارع ومونودراما ولجان تحكيم دولية لكل فرع من هذه العروض؛ وبالتالى اصبح المهرجان يسير فى عدة مسارات بجانب الندوات وتوقيع بروتكولات التعاون المشترك مع الدول والوفود المشاركة وتوقيع كتب، انطلقت الفعاليات بالعرض الإيطالى «وهم» والذى كان اختيارا موفقا إعتمد صناعه على الحركة والتكرار فى تقديم تصورهم عن الوهم فى قضية الحياة والموت حالة مسرحية مختلفة ومميزة قدمها هذا العمل الذى اعتمد على الحركة وخيال الظل فى توصيل رسالته الفنية امرأة فى البداية تودع حبيبها بعد تعرضه لحادث توهم أنه مات ثم وقوع حادث للحبيبين وموتهما معا ما بين حالة الوهم أو البرزخ التى يعيشها الاثنان لعب أبطال العرض على مشاعر متناقضة بين الفرح والحزن وصحوة الحياة والموت
   «آخر 15 ثانية»
كان من بين الأعمال الأكثر قوة وتميزا «آخر 15 ثانية» حصل على جائزة أفضل عرض لدولة كندا، تناول العمل حادث مقتل المخرج مصطفى العقاد وابنته ريما اعتمد العرض على تكنيك مختلف سواء فى التمثيل أو الحركة والإخراج أو صناعة الصورة المسرحية؛ وكأنه شريط لفيلم سينمائى صغير يعرض أحداثه بمقاطع وتقطعات مونتاج صنعت بحرفة عالية حيث احتوى العرض على وقفات فى الانتقال من مشهد إلى آخر وفى أداء تمثيلى صامت أقرب إلى عروض الرقص المعاصر وبالإيحاء والإيماءة ثم بعض الكلمات الحوارية غير الطويلة؛ قدم المخرج مقطوعة فنية أشبه بالعزف الموسيقى على اوتار الممثلين والصورة المسرحية المصنوعة بتقنية فنية عالية فى نقل أحداث وصور الممثلين على خلفية المسرح التى تناثر عليها مجموعة من الجلاليب البيضاء والسراويل وكأنها أجساد ممزقة عاكسة لأجساد من طالهم التفجير ومن ارتكبوه فى حق الأبرياء عمل متميز لمخرجه مجدى بو مطر صنع به حالة فنية سردية خاصة جدا لحدث واقعى قتل فيه الإرهابى حلم مخرج كبير وفرحته بابنته التى راحت ضحية نفس الحادث لم تتسع المساحة للحديث عن العرض بشكل تفصيلى لكنه يعد من بين الأعمال المهمة والملهمة لمواجهة الإرهاب فى الوقت الحالى وأكد مخرجه أن العقاد وقاتله كلاهما ينتميان إلى الدين الإسلامى وكلاهما كان يرى أنه يدافع عن الإسلام ويحسن صورته والمفارقة أن العقاد الذى أراد تصحيح صورة الإسلام فى الغرب مات على يد مسلم يظن أنه يحمى الإسلام ويدافع عنه.
«اليوم الأخير»
«اليوم الأخير» مونودراما سورية بطولة مروة الأطرش والتى قدمها المهرجان باعتبارها حفيدة الفنان الراحل فريد الأطرش وأسمهان قدمت مروة معاناة إمرأة من المهد إلى يوم الوفاة فى قالب مسرحى أشبه بعروض المسرح الراقص فكانت الحركة والإيماءة اشد تعبيرا عن الألم والمعاناة التى تعرضت له هذه المرأة لمجرد أنها امرأة وبالطبع فى مزج واضح بين معاناة تلك المرأة الإنسانية أو النسوية ومعاناة الأرض السورية من الاغتصاب والوجع الدائم فكما اغتصبت سوريا انتهكت واغتصبت هذه المرأة حتى ولو تحت مسمى الزواج الذى انجبت منه رغما عنها وعايشته رغما عنها عاشت طوال حياتها مضطرة بالإكراه فى عذوبة شديدة وبمهارة فنية عالية قدمت مروة رحلة معاناة امرأة مقهورة مجبرة على فعل الأشياء ومضطرة تحمل معاناة جسدها لمجرد أنها امرأة تسجل هذه المرأة رحلتها أمام الجميع فى يومها الأخير كما أعلنت للجمهور.
«بلاى لاند»
«بلاى لاند» فرنسا أداء وإخراج بطرس العماوى تنطلق الشخصية فى اختيار لعبة فيديو جديدة لكن اللعبة تبتلعه بالكامل لتجد الشخصية نفسها قد تحولت إلى بطل افتراضى من هذا المعنى قدم الممثل عرضه المسرحى الذى كان اقرب لعروض البانتومايم من مسرح المونودراما حيث اعتمد فى حركته وبأدائه الجسدى على تقديم تحوله إلى اشكال غريبة وكأنه اصبح روبوت وليس إنسانا تميز الممثل بمرونة الحركة والتشكيل والتعبير عن الحالة المسرحية المقصودة لكنه لم يعبر عن الشكل الفنى الذى صنع العمل من أجله وهو وجوده ضمن عروض المونودراما بالمهرجان، ولمزيد من التنوع والابتكار قدمت فرنسا العرض الجماعى «قبضات نهائية» والذى تناول أزمة العلاقات العاطفية فى جرأة فنية لكن كان ينقصها القالب الفنى الجيد برغم قوة موضوع العرض وجودة النص الذى يشير إلى أن الحب فوق شهوة الجسد وحسن إختيار الحبيب لابد أن يعلو فوق مشاعر الرغبة الجسدية تضمن العمل مشاهد قد تكون جريئة وموحية بفكرته الرئيسية لكنه لم يهتم بالشكل الفنى والمتعة البصرية سواء على مستوى تصميم الإضاءة أو الديكور ولعب صناعه على الإظلام طوال الوقت كذلك المبالغة فى الاعتماد على السرد الطويل والكلام باللغة الفرنسية مما تعذر على الحضور التواصل معه، كان من بين الأعمال المشاركة ايضا «إكس اوه» البحرين، «وحش طوروس» الكويت، «دراما الشحاتين» مصر، «وهنا أنا» فلسطين، «قصة عن نهاية الصيف» آسبانيا، «فكر» سلطنة عمان، «حلم» العراق، «صدأ» الإمارات العربية، «سأموت فى المنفى» الأردن فلسطين.
وضوح الرؤية
صنع المهرجان هذه الدورة حالة فنية وسياحية مهمة ومميزة بمدينة شرم الشيخ وحقق صدى فنى كبير يأمل به رئيسه مازن الغرباوى أن يصبح من بين أهم المهرجانات العربية بالخريطة الدولية وبدورته الرابعة استطاع رمى حجر الأساس فى تقديم مهرجان يحمل وضوحا فى الرؤية وقواما فنيا مختلفا قد لا يشبه مهرجانات أخرى فى أهدافه التى حقق معظمها على ارض الواقع وإن كان تخليه عن بعض الفعاليات قد يفتح له المزيد من الرسوخ والابتكار فى صناعة شكل وقالب فنى جديد غير مزدحم بالعروض والأفكار ففى هذا المهرجان بدا ذهنه مشحونا بطاقة وطموح الشباب الذى لا يتوقف عن إضافة المزيد ولهذا المزيد شأن كبير إذا صاحبه الاختزال والتكثيف فى بعض الفعاليات التى قد تبدو مقحمة على المهرجان أكثر منها مفيدة فى العمل والمتابعة.