الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

امرأتان.. تسقطان من عرش أوروبا

امرأتان.. تسقطان من عرش أوروبا
امرأتان.. تسقطان من عرش أوروبا




كتبت – وسام النحراوى وأمانى عزام


المقولة الشهيرة «عندما أريد الكلام مع القادة، مع من أتكلم؟» ، تعبير قديم يستخدم للإشارة إلى وجود فراغ فى السلطة، وتعانى أوروبا حاليًا  مما يمكن اعتباره «فراغ فى القيادة»، خاصة بعد استقالة تيريزا ماى رئيسة الوزراء البريطانية والاستقالة المؤجلة لإنجيلا ميركل المستشارة الألمانية وهما يمثلان أقوى دولتين فى الاتحاد الأوروبي.
استقالة كلا من تيريزا ماى وآنجيلا ميركل يعتبران «زلزال أوروبي» سيغير الكثير، فالمرأتان الأقوى عالميًا يغادرا عالم الأضواء بهزائم ثقيلة، ولربما تفوقت ماى على ميركل فى هذه النقطة، فرئيسة وزراء بريطانيا مرشحة وبقوة لتسجل كأسوء رئيسة وزراء بريطانية تاريخيًا، بينما ميركل حافظت على ماء وجهها بالاكتفاء بإعلانها عدم نيتها الترشح مرة أخرى وستكمل مدتها التى تنتهى فى 2021.

ميركل المرأة التى هزمتها الهجرة غير الشرعية

حافظت المستشارة الألمانية ميركل على ماء وجهها بالاكتفاء بإعلانها عدم نيتها الترشح مرة أخرى وستكمل مدتها التى تنتهى فى 2021.
ولا يمثل إعلان ميركل مفاجأة، وهناك آراء طالبتها بعدم الترشح فى الانتخابات الأخيرة، التى شهدت أقوى صعود لليمين الشعبوى، حيث حقق الحزبان المحافظان الحاكمان الاتحاد المسيحى الديمقراطى، والاتحاد المسيحى الاجتماعى 33%، بينما حصل حزب البديل لألمانيا اليمينى القومى المتشدد على 13%، وجاء فى المركز الثالث بعد الحزب الاشتراكى الديمقراطى، فى أسوأ نتائجه منذ الحرب العالمية الثانية، وجرت العادة أن يتبادل المحافظون والاشتراكيون السلطة فى ألمانيا حيث جاءت ميركل فى مواجهة جيرهارد شرودر الاشتراكى، وبالتالى كان إعلان ميركل الانسحاب متوقعًا له الانتخابات الأخيرة.
إعلان ميركل الانسحاب فتح الباب لرسم تصورات لمستقبل ألمانيا وأوروبا ومستقبل المحافظين والاشتراكيين فى ظل زحف كبير لليمين القومى، وتأثيره على الاتحاد الأوروبى، حيث يشجع حزب البديل انفصال بريطانيا عن الاتحاد الأوروبى ويعادى اللاجئين والأجانب عمومًا.
ولهذا تظل أنجيلا ميركل إحدى علامات السياسة فى القرن الواحد والعشرين، حيث قدمت تجربة غنية كأول امرأة تتولى المستشارية فى ألمانيا، وأيضًا أول مستشار من ألمانيا الشرقية، وكانت أستاذة الفيزياء بدأت مسيرتها نحو السياسة بعد سقوط سور برلين 1989.
وقد تعرضت ميركل لمعارك سياسية داخلية كانت قضية «الهجرة» هى محركها الأساسى، حتمت عليها تشكيل حكومة ائتلافية  بعد أكثر من 5 أشهر من التعثر الانتخابى لحزبها وتقديم تنازلات لتفادى خطر صعود حزب «البديل».
لكن الامانة تقتضى الاعتراف بأن رصيد ميركل سمح لها بالخروج «الشيك» أو «الانسجاب التدريجي» فقد كان يطلق عليها زعيمة العالم الحر، فعلى مدى 13 عاما قضتها كمستشارة، مر على 18 بلدا فى أوروبا وغيرها من الحلفاء 70 رئيس دولة، وبقيت ميركل بلا منافس ألمانيًا وأوروبيًا، فهى من أكبر المدافعين عن مبادئ الديمقراطية الليبرالية وعن كيان اليورو، ولذلك فإن إنهاء مسيرتها السياسية خسارة فادحة للاتحاد الأوروبى الذى فقد زعيمة حقيقية كان بإمكانها القيادة إلى بر الأمان بإصلاحات هيكلية فى ظل عواصف»البريكست» البريطانى والتظاهرات الفرنسية، فضلا عن التحديات الاقتصادية التى تشكلها إيطاليا بزعامة حكومة شعبوية أعلنت التمرد بميزانية ترفع سقف العجز المالى المتفق عليه أوروبيًا.
وظهرت أولى إشارات «الموت السياسى» لميركل وتأكد إفلاسها السياسى وأنها تحولت لـ»بطة عرجاء»، إثر تعرض حزبها لهزيمة قاسية فى الانتخابات المحلية، حيث سجل أسوأ نتيجة له منذ 1966.
وصفت ميركل بـ «المحاربة» ونقلت عن الكثيرين وصفها بأنها «داهية» و»أقوى» قائد فى أوروبا، وأرجعت الصحف هزيمة ميركل إلى الانتكاسات الانتخابية المتعاقبة والأزمات الاقتصادية فى الاتحاد الأوروبى والتصويت على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى (بريكست).
وقد وضعت صحف كثيرة ميركل فى ميزان واحد مع شارل ديجول ومارجريت تاتشر لبقائهم مدة طويلة فى الحكم، على عكس ما هو معمول به فى الديمقراطيات الغربية: «التاريخ الحديث يخبرنا أن على القادة فى أوروبا تحديدًا الانسحاب فى الوقت المناسب حفاظًا على المنجزات والرصيد».
ووصفها بعض المحللين، بأنها «حاكم براجماتى وحكيم فى عالم يحتاج إلى الكثير من البراجماتية والحكمة».

ماى: فعلت ما بوسعى لتحقيق الديمقراطية

أعلنت رئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماى، استقالتها من منصبها، لكنها ستبقى فى مهامها حتى 7 يونيو المقبل، فى خطوة تمثل تلبية لمطالب من داخل حزب المحافظين الذى تتزعمه وتمهد الطريق أمام تولى زعيم جديد يحاول كسر الجمود الذى يكتنف عملية خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى.
وقالت ماى فى تصريحات أدلت بها للصحفيين خارج مقر إقامتها فى داونينج ستريت: «أصبح من الواضح لى الآن أن مصلحة البلاد تقتضى وجود رئيس وزراء جديد ليقود هذه الجهود، لذا أعلن اليوم أننى سأستقيل من زعامة حزب المحافظين يوم الجمعة السابع من يونيو».
وأكدت «ماى» أنها فعلت ما بوسعها لتحقيق الديمقراطية وحماية الاتفاق وإبرامه، مضيفة: «عدم قدرتى على إتمام بريكست أمر مؤسف للغاية بالنسبة لى، وسيكون كذلك على الدوام».
وقالت: إنها تشعر بالفخر لتوليها المنصب كثانى سيدة تتولى ذلك المنصب، «لكن ليست الأخيرة بالتأكيد» بحسب تعبيرها، مضيفة أنها تشعر بالامتنان لكونها حازت على فرصة «خدمة البلد التى أحبها»، بينما بح صوتها بالبكاء، وانسحبت إلى داخل مقر إقامتها.
وكانت الحكومة البريطانية، أرجأت التصويت على مشروع القانون الجديد بشأن البريكست، الذى كان مقررًا اليوم الجمعة.
لم تستطع رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماى أن تمنع دموعها، وهى تعلن أنها ستستقيل من منصبها كزعيمة لحزب المحافظين، وبعد 3 سنوات فى المنصب، طغت عليها أجواء الأزمة اجتمعت ماى مع رئيس لجنة 1922 فى الحزب، وهى اللجنة التى يمكنها إقالة رؤساء الحكومة لتحديد جدول زمنى لرحيلها.
وقال جيفرى كليفتون براون، رئيس لجنة 1922، إنه يتوقع أن تبقى ماى رئيسة مؤقتة للحكومة لحين اختيار خليفة لها، مضيفًا «سيكون من الأنسب إذا استمرت كرئيسة مؤقتة للحكومة خلال انتخاب زعيم حزب المحافظين ليتولى حينها منصب رئيس الوزراء».
ويستغرق انتخاب زعيم جديد لحزب المحافظين نحو 6 أسابيع. وقالت صحيفة «تايمز» البريطانية إن من المتوقع أن تبدأ المنافسة على زعامة الحزب فى 10 يونيو بعد زيارة دولة يقوم بها الرئيس الأمريكى، دونالد ترمب، لبريطانيا.
وسيعمق رحيل ماى أزمة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى، حيث سيسعى رئيس الوزراء الجديد على الأرجح إلى اتفاق أكثر حسمًا مما يزيد احتمالات الصدام مع التكتل وإجراء انتخابات عامة مبكرة.
اشتهرت ماى بأنها تستطيع الصمود وسط ظروف شبه مستحيلة، لكنها فى الحقيقة من بين أقل رؤساء الوزراء بقاء فى منصبهم فى تاريخ بريطانيا.
تولت ماى رئاسة الوزراء فى عام 2016، لتصبح ثانى امرأة تتولى المنصب. لكن على عكس مارغريت ثاتشر، وصلت ماى عن طريق منافسة على القيادة، بدون الفوز فى انتخابات. وصمدت ماى فى التحدى الذى واجهته فى ديسمبرالماضى بالتصويت على سحب الثقة منها. لكن فى المقابل جاءت نتائج الانتخابات المحلية مخيبة لحزب المحافظين، ورفض مجلس النواب خطتها للخروج من الاتحاد الأوروبى (بريكست) ثلاث مرات.
وتسببت خطتها الأخيرة بنشر مشروع الاتفاق على الانسحاب - وهو التشريع المطلوب لكى يصبح الاتفاق قانونًا فى المملكة المتحدة - يوم الجمعة فى إغضاب الكثير من أعضاء حزب المحافظين. كما فشلت فى الحصول على دعم حزب العمال المعارض.