الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

فى وداع رمضان

فى وداع رمضان
فى وداع رمضان




د أشرف فهمى

مدير عام التدريب بوزارة الأوقاف

 

تنقضى أيام رمضان ولياليه بسرعة، بالأمس كنا نتلقى التهانى بقدومه، وها نحن نودعه بكل أسىً، وتطوى صحفنا جميعًا وتصعد إلى الله عز وجل وفيها صيامنا وقيامنا وأعمالها كاملة، وقد  أحسن فيه أقوام وأساء آخرون، ويمضى رمضان وهو إما شاهد لنا أو علينا، شاهد للصائم الحق، وشاهد على المقصر المعرض عن الطاعة، وأعمارنا فرصة لا تمنح للإنسان إلا مرة واحدة، فلنغتنم أيام عمرنا  قبل فوات الأوان ما دمنا فى زمن الإمكان .
إنه شهر الخير والإحسان شهر الذكر والقرآن شهر العبادة والإيمان، الشهر الذى جعل الله فيه الرحمة والمغفرة والعتق من النيران.
لقد حلَّ علينا رمضان ضيفاً كريماً وهى سنة الله فى الكون  شهر يأتي، وشهر يذهب، فما أسرع مرور الليالى والأيام، وكرّ الشهور والأعوام . ويرحل رمضان وقد عشنا ثلاثين يومًا رأينا  من الإيمانيات عند الناس ما يثلج الصدر ويسعده من الكرم والفضل والإطعام  الذى نراه فى شوارعنا وطرقاتنا.
لقد أكرمنا الله بشهر رمضان بأن جعل أجر صيامه خاصًا له فلم يطلع عليه ملك ولا رسول لنجتهد فى العبادة، فهل كنا على قدر كرم الله ؟! .
ولنسأل أنفسنا : ماذا قدمنا فى رمضان، هل صمناه حق الصيام، وهل قمناه حق القيام، وهل حققنا  الحكمة من الصيام وهى التقوى فأصبحنا أتقياء أصفياء؟.
فهنيئًا لمن أقبل على الله فى رمضان، والخسارة لمن لم يستثمر هذا الشهر؛ فقد لا يدركه  مرة أخرى،  فمن لم يغفر له فى رمضان متى يغفر له.  
ولكن كيف نودع رمضان، إننا نودعه بالطاعة كما استقبلناه بالطاعة، نودعه بالشكر والذكر والاستغفار،  ألا ترون النبى (صلى الله عليه وسلم) وصحابته الكرام كان يكثر من الطاعات فى أواخر رمضان. كان (صلى الله عليه وسلم) إذا دخل العشر الأواخر من رمضان أيقظ أهله وشد المئزر وأحيا الليل.
ونحن نودع رمضان نستعد للفرحة الأولى كما فى الحديث : (لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ: فَرْحَةٌ عِنْدَ فِطْرِهِ، وَفَرْحَةٌ عِنْدَ لِقَاءِ رَبِّهِ)رواه مسلم، وكان الأوائل يجتهدون فى إتمام العمل وإتقانه ثم يهتمون بعد ذلك بقبوله، كما وصف الله عباده المؤمنين بأنهم: {يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ}
وعلينا أن ننظر إلى أحوالنا بعد رمضان ؟! هل نعود إلى ما كنا عليه قبل رمضان  من معاصٍ وتضييع الصلاة وهجر القرآن .
 وكان سيدنا على (رضى الله عنه)  ينادى فى آخر ليلة من شهر رمضان: يا ليت شعري! من هذا المقبول مِنَّا فنهنيه، ومن هذا المحروم فنعزيه، أيها المقبول هنيئاً لك، أيها المردود جبر الله مصيبتك .
قال عمر بن عبد العزيز (رضى الله عنه):  إن الليل والنهار يعملان فيك، فاعمل أنت فيهما، وقال ابن مسعود رضى الله عنه: «ما ندمتُ على شىء ندمى على يومٍ غربت شمسه نقص فيه أجلى ولم يزد فيه عملى».
فلنختم شهر رمضان  بالاستغفار والتوبة، فإن الاستغفار ختام الأعمال الصالحة، وقد قال عز وجل لنبيه (صلى الله عليه وسلم) فى آخر عمره: {إِذَا جَاء نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ . وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِى دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجاً، فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً}، وأمر الله سبحانه الحجيج بعد قضاء مناسكهم وانتهاء حجهم بالاستغفار فقال (عز وجل) :» ثُمَّ أَفِيضُواْ مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ».  
إن من الفوائد العظمى التى نخرج بها فى هذا الشهر الكريم أن يبقى معنى الصيام فى نفوسنا، وأن نداوم على طاعة الله تعالى وعبادته، من صلاة وصيام نفل، وإنفاق، وصدقات وأعمال صالحات تفيد ديننا وتخدم وطننا.