الثلاثاء 16 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

فى ذكرى ميلاده.. يوسف السباعى شهيد السلام وفارس الرومانسية

فى ذكرى ميلاده.. يوسف السباعى شهيد السلام وفارس الرومانسية
فى ذكرى ميلاده.. يوسف السباعى شهيد السلام وفارس الرومانسية




«يا أهل النفاق !! تلك هى أرضكم.. و ذلك هو غرسكم.. ما فعلت سوى أن طفت بها و عرضت على سبيل العينة بعض ما بها.. فإن رأيتموه قبيحاً مشوها ، فلا تلومونى بل لوموا أنفسكم.. لوموا الأصل و لا تلوموا المرآة..أيها المنافقون !! هذه قصتكم ، و من كان منكم بلا نفاق فليرجمنى بحجر».. لكل منا ثقافة ولغة خاصة بالبيئة التى نشأ بها أما هو فيصعب من كلماته على الورق أن تعرف فى أى بيئة نشأ فى الحوارى أم فى القصور فيلسوف حكيم أفنى عمره بين أرفف الكتب أم صعلوك يتسكع فى الطرقات وينبش فى أسرار البيوت..أم رجل عسكرى بروتين صارم لقد توغل يوسف السباعى فى نفوس الصعاليك والأمراء والموظفين والشحاذين متوسطى الدخل ومعدوميه على اختلاف ثقافتهم ولغتهم.. وخرج لنا بإبداع أدبى ولغة مرنة وفلسفة بسيطة يدركها الجميع
كان السباعى من الكتاب الذين آمنوا بأنهم إنما يكتبون للقارئ البسيط لا لنخبة القراء. وهذا ما يضعه فى خانة واحدة مع زعيمى الرومانسية الآخرين، إحسان عبد القدوس ومحمد عبد الحليم عبدالله. والمؤسف أن السباعى الذى يكاد يكون اليوم شبه منسى، ويندر أن يتناول النقد الجاد أعماله، لا يزال عمله فى حاجة إلى إعادة تقييم وإعادة اعتبار. وهو ما حاوله الأديب يوسف الشارونى فى دراسة مبكرة كتبها عنه، فى حياته، وقال فيها إن البيئة التى نشأ فيها يوسف السباعى (المولود عام 1917 فى حارة الروم بالقاهرة) قد لعبت دوراً أساسياً فى تكوينه، حيث نجده وقد قرأ منذ وقت مبكر كل ما ألفه أبوه الأديب محمد السباعي. ويقول الشارونى إن توفيق الحكيم يأتى بعد الأب فى المقام الثانى بين العناصر التى أثّرت فى تكوين يوسف السباعي، كما يأتى الحى الشعبى الذى نشأ فيه فى المقام الثالث.
 ويؤكد الشارونى بأن السباعى اتجه فى بداياته لكتابة الشعر والزجل، ثم توقف لفترة إثر التحاقه بالكلية الحربية. أما أول قصة قصيرة نشرت له فكانت «فوق الأنواء» (1934)، ومن وقتها لم يكفّ عن كتابة القصة القصيرة ثم خاض فن الرواية فكانت «نائب عزرائيل» (1974) تجربته الأولى، وتلتها قصته الأشهر «إنى راحلة» التى أسبغت عليه فور صدورها شهرة دفعته إلى مواصلة طريقه الأدبى بكل سهولة بعد ذلك، وصولاً إلى كتابة المسرحية. وفى الخمسينيات وكان اسمه قد بات راسخاً، أصدر السباعى روايات عدة غلب عليها الطابع الوطنى وأتت أشبه بتأريخ للحياة الوطنية، من «رد قلبي» (1954) التى تناولت حكاية ثورة الضباط الأحرار، إلى «طريق العودة» عن قضية فلسطين وحتمية عودة العرب إليها، إلى «نادية»عن عدوان السويس، إلى»جفت الدموع»عن الوحدة المصرية - السورية، إلى «ليل له آخر» عن الانفصال، ناهيك بمسرحية «أقوى من الزمن» التى تتحدث عن بناء السد العالى و«ابتسامة على شفتيه» وهى رواية كتبها فى عام 1971 عن معركة الكرامة، ثم «العمر لحظة» عن حرب الاستزاف. هذا من ناحية الروايات الوطنية التاريخية، أما بالنسبة إلى الاتجاه الأدبى الخالص، فقد أبدع فيه السباعى أعمالاً تقف فى مقدمتها رواية «السقا مات» بالطبع، لكنها تضم أيضاً أعمالاً بالغة الأهمية مثل «أرض النفاق» و«لست وحدك» و«نحن لا نزرع الشوك» إضافة إلى العديد من المجموعات القصصية.

 

الأكثر مبيعاً

 

مصطلح الأكثر مبيعاً أول ما أطلق على روايات يوسف السباعى التى كانت بدورها الأكثر نقداً فى الوقت الذى ظل نجيب محفوظ الحائز على نوبل فى الآداب عام 1988 ينشر رواياته بغزارة فى وجه صمت نقدى و إعلامى حتى منتصف الخمسينيات ،فضلا عن تحويلها مباشرة إلى أفلام يصفها بعض النقاد غير المنصفين بأنها أكثر أهمية من الروايات نفسها.
وقال مرسى سعد الدين فى مقدمة كتاب «يوسف السباعى فارس الرومانسية» إن السباعى لم يكن مجرد كاتب رومانسى بل كانت له رؤية سياسية واجتماعية فى رصده لأحداث مصر، وقالت لوتس عبدالكريم :«إن دور السباعى فى الثقافة المصرية لا يقل عن دوره ككاتب، وأشارت إلى وصف الناقد المصرى الراحل الدكتور محمد مندور للسباعى بأنه «لا يقبع فى برج عاجى بل ينزل إلى السوق ويضرب فى الأزقة والدروب».
ويعد السباعى ظاهرة فى الحياة الثقافية المصرية رغم تجنب النقاد التعرض لأعماله فيما عدا مؤرخى الأدب، ويكاد ذكره الآن يقتصر على أفلام أخذت عن أعماله ومن بينها (إنى راحلة) و(رد قلبي) و(بين الأطلال) و(نحن لا نزرع الشوك) و(أرض النفاق) و(السقا مات)، كما أنتج التليفزيون المصرى مسلسلا عن حياته بعنوان (فارس الرومانسية).
وأكدت لوتس عبد الكريم أن السباعي»كتب عن فلسطين مثلما لم يكتب أى كاتب أو أديب عربي، وفى كل المقالات التى كتبها بعد المـبادرة التاريخية بزيارة القدس (عام 1977) كان السباعى يركز فى كل مقالاته على حقوق الشعب الفلسطينى ولم تخل مقالة واحدة من مقالاته من الدفاع عن حق الذين اغتالوه غدرا»فى إشارة إلى أحد الفصائل التى خططت للحادث ونفذته

 

الأدب والسلام

 

فى يوم الجمعة الـ17 من فبراير 1978، وصل يوسف السباعى وزير الثقافة المصرى آنذاك، إلى العاصمة القبرصية نيقوسيا، على رأس الوفد المصرى المشارك فى مؤتمر التضامن «الأفروآسيوى» السادس، وبصفته أمين عام منظمة التضامن الإفريقى الآسيوى، وفى صباح اليوم التالى نزل يوسف السباعى من غرفته بفندق هيلتون، متوجهًا إلى قاعة المؤتمر بالطابق الأرضى،  توقف السباعى فى تلك الأثناء أمام منفذ بيع الكتب والجرائد المجاور لقاعة المؤتمر، وحينها أطلقت عليه 3 رصاصات أصابته فى مقتل بعد ربع قرن من ظهور رواية السقا مات ، مات السباعى ليس لكونه روائيا وإنما لكونه رجل سياسة ، ماكان لأحد عرفه التوقع بتلك النهاية وأنى يكون السباعى يوماً هدفاً لرصاص فلسطينى ،وهو الذى دافع عن القضية الفلسطينية ما جعل معظم أدبه أدب قضية أكثر منه أدب إبداع، عوقب السباعى على مرافقته لوفد السلام الذى قاده الرئيس أنو السادات إلى القدس بقتله بل وصفته صحف عراقية هو ومن معه بالخونة الذين رافقوا السادات فى رحلة الخيانة وأحلوا دمه.
وعندما حذره البعض من رحلته إلى قبرص قال السباعى «لا تبالغوا! فالأعمار بيد الله»؛ ورفض فكرة وضع حراسة خاصة به أثناء سفره ليلقى حتفه هناك على يد اثنين من المتطرفين العرب. واختطف أفراد الوفد المرافق وأسدل الستار على حلم السلام الرومانسى.
يذكر أن يوسف السباعى حصل على دبلوم معهد الصحافة – جامعة فؤاد الأول بالقاهرة ورأس مجلس إدارة مؤسسة (روزاليوسف) عام 1961. ورأس تحرير مجلة آخر ساعة عام 1965م ، ورئيسا لمجلس إدارة دار الهلال عام 1971م ، ورئيسا للمجلس الأعلى لاتحاد الإذاعة والتليفزيون. وعام 1977 أختير نقيبا للصحفيين وكان رئيسا لتحرير الأهرام ورئيسا لمجلس الإدارة رحلة طويلة من مجلة مدرسة شبرا الثانوية إلى نقيب الصحفيين.