السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

لبيك اللهم لبيك

لبيك اللهم لبيك
لبيك اللهم لبيك




الحج هو قصد مكةَ لأداء عبادة الطواف، ووفق المعتمد من دار الافتاء المصرية حول أعمال الحج، يبدأ الإحرام أولا بالاستعداد له بملابسه وهى إزار: وهو ثوب من قماش يلف على وسط الحاج ما بين السرة إلى ما دون الركبة.. وخيره الجديد الأبيض الذى لا يشف عن العورة «بشكير»، و رداء: وهو ثوب - كذلك- تستر به ما فوق السرة إلى الكتف وخيره أيضا الجديد الأبيض «بشكير»، ويحذر على المحرم لبس أى مخيط، فمن اضطر لمرض فله أن يلبس مع الفدية.
كل هذا للحاج الرجل، أما المرأة الحاجة فتلبس ملابسها المعتادة، الساترة لجميع جسدها من شعر رأسها حتى قدميها، ولا تكشف إلا وجهها وكفيها.

وعندما يشرع الحاج فى التوجه إلى مكة فإن كان بالمدينة فعليه أن يحرم بالعمرة فقط أو بالحج فقط أو بهما معا - حسبما تريد- من المدينة ذاتها، أو من ميقاتها - ذى الحليفة- وهو المكان المعروف الآن «بآبار على» قرب المدينة، فى الطريق منها إلى مكة، أو من رابغ.
وإذا كان  ممن يسافرون فى الأفواج المتأخرة الذاهبة من جدة إلى مكة مباشرة، فله أن ينوى الحج والعمرة معا وتسمى «قارنا» أى: جامعا بينهما، ولك أن تحرم بالعمرة فقط، أو أن تحرم بالحج فقط.
الطواف بالكعبة
وعند قدوم الحاج لمكة يتوجه إلى البيت الحرام؛ ليطوف طواف العمرة إن نوى العمرة أولا، أو طواف القدوم إن كان نوى الحج، وعلى الحاج أن يبِّر، ويهلِّل عند رؤية الكعبة المشرفة ويقل: «الحمد لله الذى بلَّغنى بيته الحرام، اللهم افتح لى أبواب رحمتك ومغفرتك، اللهم زد بيتك هذا تشريفًا وتعظيمًا وتكريمًا ومهابة، وزد من شرفه وكرمه - ممن حجه أو اعتمره- تشريفًا وتكريمًا وتعظيمًا وبرًّا، اللهم أنت السلام ومنك السلام، فحينا ربنا بالسلام، وأدخلنا دار السلام»، ثم يدع بما يشاء.
وليستقبل الكعبة المشرفة تجاه الحجر الأسود، ويجعله على يمينه وينوى الطواف، مكبرا، مهللا، رافعا يديه معلنا: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله، قائلًا: اللهم إيمانًا بك، وتصديقًا بكتابك، ووفاءً بعهدك، واتباعًا لسنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم.
ثم يجعل الكعبة على يساره مبتدئًا من قبالة الحجر الأسود، حتى يتم سبعة أشواط بادئًا بالحجر الأسود ومنتهيًا إليه فى كل شوط.. ويسن استلام الحجر الأسود وتقبيله عند بداية كل شوط إن استطعت، وإلا أشار إليه دون تقبيل.
فإذا فرغ الحاج من أشواط الطواف السبعة توجه إلى المكان المعروف بمقام إبراهيم وصل فيه - منفردا- ركعتين خفيفتين ناويًا بهما سنة الطواف، أو يصلهما فى أى مكان فى المسجد إن لم يجد متسعًا.
ثم يتوجه إلى صنابير مياه زمزم ويشرب منها ما استطاع، فإن ماءها لما شرب له، كما فى الحديث الشريف.. ثم يرجع - بعد شرب ماء زمزم أو بعد وقوفك بالملتزَم- ويسْعَ بين الصفا والمروة بادئا بما بدأ الله تعالى به فى قوله: {إِنَّ الصَّفَا وَالمَروَةَ مِن شَعَائِرِ للَّهِ}.. وبالانتهاء من أشواط السعى السبعة يكون الحاج قد أتم العمرة التى نواها حين الإحرام.. وبعدها يحلق الرأس أو يقص الشعر كله أو بعضه.
وبهذا الحلق أو التقصير للشعر يتحلل المحرم من إحرام العمرة رجلا كان أو امرأة، ويحل له ما كان محظورا عليه، ومتى تمتع الحاج على هذا الوجه بالتحلل من إحرام العمرة قبل الإحرام بالحج، فقد وجب عليك ذبح هدى.
أما من أحرم بالحج فقط أو كان محرمًا قارنًا بين الحج والعمرة، فإن عليه - حين وصوله إلى مكة محرمًا وبعد أن يضع متاعه ويطمئن على مكان إقامته- أن يطوف بالكعبة طواف القدوم سبعة أشواط، وله أن يسعى بين الصفا والمروة، حسبما تقدم، وله تأجيل السعى إلى ما بعد طواف الإفاضة ولا يتحلل من إحرامه، بل يظل محرمًا حتى يؤدى مناسك الحج والعمرة ويقف على عرفات، ثم يبدأ التحلل الأول ثم الأخير بطواف الإفاضة.
الوقوف بعرفة
فإذا كان الحاج متمتعًا ففى اليوم الثامن من شهر ذى الحجة ويسمى «يوم التروية» تهيأ للإحرام بالحج على نحو ما سبق بيانه فى الإحرام حين بدء الرحلة، ثم يقل: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك.. ومتى قال ذلك - بعد تلك النية- صار محرمًا بالحج، ثم يستعد للوقوف بعرفة يوم التاسع من ذى الحجة؛ لأن هذا الوقوف هو الركن الأعظم للحج كما جاء فى الحديث الشريف: ((الحج عرفة)) فمن فاته الوقوف فقد فاته الحج.
ويتحقق هذا الوقوف بوجود الحاج وحضوره، ولو لحظة، واقفًا أو جالسًا أو ماشيًا أو راكبًا فى أى وقت من بعد ظهر يوم التاسع إلى فجر يوم العاشر، والأفضل الجمع بين جزء من النهار فى آخره وأول جزء من ليلة العاشر منه، أى: قبيل غروب شمس يوم التاسع إلى ما بعد الغروب بقليل.
والحاج فى عرفة يصلِّ الظهر والعصر يوم التاسع مقصورتين ((ركعتين لكل منهما)) مجموعتين جمع تقديم، أى: يصلِّهما - فى وقت الظهر- مع الإمام فى مسجد نمرة إذا استطاع، ولا يفصل بينهما بنافلة، وإلا فيصلِّهما فى خيمته.. وعقب غروب شمس يوم التاسع يتوجه الحجيج إلى مزدلفة.. وعند الوصول إليها يؤدى الحاج فرض المغرب وفرض العشاء جمع تأخير فى وقت العشاء.. وله أن يبيت بمزدلفة حتى يصلى بها الصبح، ثم يتوجه إلى منى، وهذا متوقف على استطاعة المبيت بمزدلفة، وإلا فلو لم يستطع المبيت بها أجزأ أن يمكث الحاج بها قدر حط الرحال على مذهب المالكية، أو الوجود بها لحظة بعد منتصف الليل على مذهب الشافعية، أيهما أيسر.
رمى الجمرات
ومزدلفة كلها موقف، وهى المشعر الحرام.. وعليه أن يجمع من أرضها الحصيات التى سترمى بها جمرة العقبة صباح يوم النحر بمنى. وهى سبع حصيات كل واحدة منها فى حجم حبة الفول. وله أن يجمعها من أى مكان غير مزدلفة، وله أن تجمع جميع حصيات الرمى فى الأيام الثلاثة ومجموعها 49 حصاة سبع منها لجمرة العقبة يوم النحر..ومن بقى بمنى إلى رابع أيام العيد فعليه رمى الجمرات الثلاث كل واحدة بسبع حصيات كما فعل فى اليومين الثانى والثالث.
بعد المبيت وصلاة الفجر يقصد الحاج إلى جمرة العقبة وارمها بالحصيات السبع، واحدة بعد الأخرى على التوال.. ويرم بقوة ويقل: بسم الله والله أكبر رجمًا للشيطان وحزبه، اللهم اجعله حجًّا مبرورًا وذنبًا مغفورًا.
وإذا عجز الحاج عن الرمى بنفسه - لمرض أو لعذر مانع فى وقته- جاز أن يوكل غيره فى الرمى عنه بعد رمى الوكيل لنفسه.
التحلل من إحرام الحج
وبعد رمى جمرة العقبة هذه يحلق الحاجُّ رأسه أو يقصر من شعره، وتقصر الحاجَّةُ من أطراف شعرها، ولا تحلق.. وبهذا الحلق أو التقصير يحصل التحلل من إحرام الحج ويحل ما كان محرمًا ما عدا الاتصال الجنسى بين الزوجين؛ فإن هذا لا يحل إلا بعد طواف الإفاضة الذى قال الله فى شأنه: {وَليَطَّوَّفُواْ بالبيتِ العَتِيقِ}
وبعد رمى جمرة العقبة والتحلل - بالحلق أو التقصير- يذهب الحاج إلى مكة للطواف بالكعبة سبعة أشواط هى طواف الفرض، ويسمى طواف الإفاضة أو طواف الزيارة، وقد سبق بيان أحكام الطواف، ثم يصلى ركعتين فى مقام إبراهيم، ويشرب من ماء زمزم، ويسعى بين الصفا والمروة على ما تقدم بيانه.
وبعد طواف الإفاضة عد إلى منى فى نفس اليوم، وبت فيها ليلة الحادى عشر والثانى عشر من ذى الحجة. ويجوز أن يبقى فى مكة ثم تتم الليلة بمنى، كما يجوز أن يستمر فى منى وتتم الليل بمكة، وله ألا يبيت بمنى وإن كره ذلك لغير عذر، ومن الأعذار عدم تيسر مكان المبيت، ولكن يلزمه إذا لم تبت فى منى أن يحضر إليها لرمى الجمرات.
ووقت رمى هذه الجمرات من الزوال إلى الغروب، وبعد الغروب أيضا، ولكن الأفضل عقب الزوال لموافقة فعل الرسول -صلى الله عليه وسلم- متى كان هذا ميسورًا دون حرج.
وفى نهاية الحج يطوف الحاج طواف الوداع وهو آخر ما يفعله الحاج قبيل سفره من مكة بعد انتهاء المناسك، وقد اتفق العلماء على أنه مشروع، متى فعله الحاج سافر بعده فورا، واوجبه فقهاء الأحناف والحنابلة ورواية عن الإمام الشافعي، بينما قال الإمام مالك وداود وابن المنذر، وهو أحد قولى الإمام الشافعى بانه سنة وهو ما عليه الفتوى فى دار الإفتاء المصرية.