الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

واحة الإبداع.. خط واحد

واحة الإبداع.. خط واحد
واحة الإبداع.. خط واحد




اللوحات للفنان:  خالد خالد

يسيل بجوار النيل فى بر مصر نهر آخر من الإبداع.. يشق مجراه بالكلمات عبر السنين.. تنتقل فنونه عبر الأجيال والأنجال.. فى سلسلة لم تنقطع.. وكأن كل جيل يودع سره فى الآخر.. ناشرا السحر الحلال.. والحكمة فى أجمل أثوابها.. فى هذه الصفحة نجمع شذرات  من هذا السحر.. من الشعر.. سيد فنون القول.. ومن القصص القصيرة.. بعوالمها وطلاسمها.. تجرى الكلمات على ألسنة شابة موهوبة.. تتلمس طريقها بين الحارات والأزقة.. تطرق أبواب العشاق والمريدين.  إن كنت تمتلك موهبة الكتابة والإبداع.. شارك مع فريق  «روزاليوسف» فى تحرير هذه الصفحة  بإرسال  مشاركتك  من قصائد أو قصص قصيرة أو خواطر «على ألا تتعدى 550 كلمة» مرفقا بها صورة شخصية على الإيميل التالى:

[email protected]


 

خط واحد

قصة قصيرة

 

كتبتها -  رحاب إبراهيم

ما له يبتسم ببلاهة هكذا؟ هل يمكن ..؟! فتاة المختبر قالت « لا يوجد» فهل أخطأت ؟؟»»
«وأنتِ بقى عندك أولاد؟» قالها الطبيب الشاب وهو ينظر فى ورقة المختبر بتمعن، ثم ينظر إلى «جميلة» فاتحاً فمه بابتسامه تصل بين الأذنين.
ارتجفت «جميلة» وهى ترد: لسه ازداد اتساع ابتسامته حتى خيل إليها أنها تلف رأسه بالكامل
«وعايزة بقى ولد واللا بنت؟» تصاعدت دقات قلبها «نعمة ربنا كلها خير.. ممكن ورقة التحليل؟
تحولت ابتسامته إلى قهقهة عالية وهو يناولها الورقة ويهز رأسه بطريقة تليفزيونية  «للأسف .. المرة دى ما فيش» توقفت الدقات فجأة، خطفت الورقة وتمنت لو أنها صفعته على وجهه البارد أو لو استطاعت الاختفاء من المكان كله.. هبطت السلم مسرعة وعيناها على الورقة  NEGATIVE .. مكتوبة بوضوح كادت تتعثر أكثر من مرة.. لما ألحت فى سؤال فتاة المختبر عن النتيجة  قالت لها بصوت متعاطف: أرسلتها من نصف ساعة للعيادة يا مدام.. التحليل سلبى لم تصدقها، كما لم تصدق تحليل الصباح. إنها تشعر به يتكون فى أحشائها، يكاد يلمسها من الداخل، إنها ترى ابتسامته تحوم حولها ليلاً، وتكاد تصحو على صوت صراخه مطالباً إياها بتغيير ملابسه.
الحجرة المليئة باللعب والدمى الملونة فى انتظاره، وهى تكاد تشم رائحة الحليب فى فمه مختلطة بأنفاسها لما تأخر نزول الدم يومين هرعت إلى الصيدلية، واشترت اختباراً منزليّاً مكتوباً عليه:
نتيجة سريعة ودقيقة من أول يوم فى الحمل .
قرأت التعليمات جيداً.. خط واحد لا يوجد .. ظهور خطين يعنى أن التحليل إيجابى.
عصرت يدها وهى تضع قطرات العينة فى المكان المخصص كأنها تستحلف الخط الثانى أن يظهر.
بدأ الخط الأول فى التكون ويدها ما زالت تعتصر القطرات تتوسل إليها أن تدخل بعمق ليتكون الخط الثانى.. لما يئست من التحليل رمته جانباً، لكنها لم تفقد الأمل.. جارتها قالت لها إن تحليل الدم أضمن .
ما أن غادرها زوجها لعمله فى الفترة المسائية حتى أسرعت للمستشفى القريب من البيت.
لم تشأ إخباره، تود أن تعملها له مفاجأة وترى عينيه تلمعان وهى تشير إليه من بعيد بورقة التحليل.. طفلهما المنتظر.. حياتها ومستقبلها.
دخلت البيت وهى تلعن الطبيب والمختبر والمستشفى.. ما زال عندها شيءٌ خافتٌ من الأمل.. خالتها قالت إن التحاليل لم تظهر حملها الأخير حتى شعرت بحركة الجنين فى شهرها الخامس.. تنهدت، وأسندت رأسها على وسادتها رافضة السماح للدموع أن تنزل،  فما زال قلبها يحلم.