الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

فى مسابقة الشباب بالمهرجان القومى.. عروض مسرحية انتصرت للإنسانية وجامعة عين شمس الفائز الأول!

فى مسابقة الشباب بالمهرجان القومى..  عروض مسرحية انتصرت للإنسانية وجامعة عين شمس الفائز الأول!
فى مسابقة الشباب بالمهرجان القومى.. عروض مسرحية انتصرت للإنسانية وجامعة عين شمس الفائز الأول!




شهدت مسارح الدولة زحامًا جماهيريًا كبيرًا، على مدار أيام الدورة الثانية عشرة للمهرجان القومى للمسرح، تكدس الجماهير أمام الأبواب للفوز بدخول العروض ولم يتمكن البعض أحيانًا من الدخول نظرًا لمحدودية سعة المسرح، شكل هذا الزحام والتسابق للحضور حالة انتعاش ملحوظة بالموسم المسرحى تمنى المسرحيون تكرارها فى غير أيام المهرجان، تنوعت الخلفيات الإنتاجية للعروض المشاركة من مسرح الدولة والجامعة والقطاع الخاص والمسرح المستقل وعروض الطفل انسجم هذا التنوع فى بانوراما مسرحية متنوعة وغير متكررة  كثيرًا.
مسابقة قوية
جمعت هذه الدورة مجموعة قوية ومميزة من عروض الشباب خاصة مسرح الجامعة وتحديدًا جامعة عين شمس التى من المتوقع أن تكون الفائز الأول ضمن فعاليات مسابقة الشباب نظرًا لتمتع معظم أعمال صناعها بالدقة والجودة والحرفة الفنية العالية؛ بدأت المؤشرات الأولية مع عرض «حذاء مثقوب تحت المطر» للمخرج عمرو عفيفى ثم توالت العروض الجيدة «سوبيبور» إخراج محمد زكى، «قضية ضليلة الحمار» إخراج محمد عصام، «تريفوجا» إخراج عادل مبروك، «نزهة فى أرض المعركة» إخراج كريم شهدى، «الملحمة» إخراج مهند محمود المليجى، «بيت الأشباح» إخراج محمود جمال.
«سوبيبور»
برغم الإجادة فى تقديم عمل فنى متقن الصنع فى عرض «سوبيبور» إلا أن قضيته الشائكة تسببت فى تعرضه لحالة كبيرة من الجدل ما بين مؤيد ومعارض لفكرته الرئيسية؛ تجسدت المفاجأة الصادمة فى عرض «سوبيبور» صاحب القضية الشائكة؛ والحائز على الجائزة الأولى بمهرجان جامعة عين شمس، فى تناوله لقضية الفيلم السينمائى الروسى الذى يحمل نفس الاسم «Sobibor» تناول ما تعرض له اليهود إبان المعسكر دون الخوض فى تفاصيله الكثيرة ووضع تفاصيل أخرى ربما لم تتشابه كثيرًا مع العمل السينمائى قدم بصمته ورؤيته بما يتناسب مع فكره وتوجهه العربى، أراد زكى تناول القضية الفلسطينية بشكل آخر ومن زواية أخرى بتوجيه الخطاب للعدو قبل توجيهه لأصحاب القضية أو مناصريها من دول عربية شقيقة ومن هنا جاء الالتباس وافتعلت الأزمة التى حرض فيها البعض على اتهام زكى وفريق عمله بالخيانة والمحاباة لليهود على حساب القضية الفلسطينية وهو ما لم يكن صحيحًا على الإطلاق.
صياغة الرسالة الشائكة
دون الخوض كثيرًا فى تفاصيل ما تعرض له شباب جامعة عين شمس من اتهامات غير حقيقية وعارية عن الصحة؛ لا بد من توضيح رسالة العرض وكيفية صياغة وتناول هذه الرسالة فى عمل مسرحى إنسانى فى المقام الأول، فى هذا العمل خطاب نفسى عنيف لدولة إسرائيل ففى الوقت الذى أيام الحرب العالمية الثانية يقدم العرض فى نسيج هذا الخطاب إدانة واضحة لما يحدث اليوم فى فلسطين بذكر تواريخ 48 و47 ثم الجمع بين علامتى الصليب المعقوف «النازية» و«نجمة داود» وكأننا فى زمن النازية الجديدة دلالة أخرى على أن الاثنين وجهان لعملة واحدة وهو ما كان واضحًا جليًا فى أغلب مشاهد العرض ثم إنهاء العمل بتساؤل صناعه كيف لمن ذاق هذا العذاب أن يعيده ويذيقه لغيره اليوم؛ غلف العمل بمشاعر شديدة العذوبة قوية الأثر فى تركيزه على الانتصار للإنسانية بمعناها المجرد من أى تعصب دينى أو عرقى وتمثل ذلك فى الرجل والمرأة المسلمين اللذين يحاولان دون جدوى الخروج من المعسكر لكن لا يستمع لهما أحد وعندما يقرر الضباط الألمان الاستجابة يقرران التنازل عن الخروج لصالح عائلة يهودية لأن لديهم ابنة صغيرة طلبا من عائلتها تعليمها فى المستقبل، إن هناك ألوانًا أجمل من لون الدم، ثم انفصال زوجة الضابط الألمانى وابنته عنه بعد انهيارهما من كشف حقيقته بأنه يقتل ويعذب الأبرياء، كل هذه القضايا المناهضة والمعارضة للحرب والقتل وسفك الدماء تأتى مع اتحاد علامتى النازية ونجمة داود وبهذا يتحرر المخرج والمؤلف من الوقوع فى فخ نقل الفيلم السينمائى بحذافيره وقدم عملًا مسرحيًا جيدًا منضبطًا انتصر فيه لاستعراض مواهب 60 ممثلًا وممثلة على خشبة المسرح تباروا جميعًا فى الحساسية الفنية وقوة الأداء ولم تقتصر مهاراتهم على التمثيل فقط بل جمع هؤلاء بين المهارة فى التمثيل والحركة والغناء وبالتالى تمتلك جامعة عين شمس فرقة مسرحية من طراز فنى رفيع، وفكر مخرج ومؤلف لعب على الخطاب النفسى للعدو بدلًا من خطاب الشعارات الرنانة فجمع بين إعلاء شأن الإنسانية وحرفة توجيه رسالة قاسية لليهود بمعانٍ ضمنية وكأنه أراد القول «أنا عربى مسلم انتصر للقضية الفلسطينية من واقع انتصارى لروح الإنسان وكرامته.
تريفوجا
لم تتوقف الرغبة فى الانتصار للإنسانية ونبذ ما تخلفه ويلات الحروب عند «سوبيبور» بل تنوعت وتعددت العروض المسرحية التى تنبذ الحرب والدماء انتصر معظمها إلى الحفاظ على روح الإنسان بشكل كبير مما يوحى بشدة وعى هؤلاء الشباب كان من بينهم «نزهة فى أرض المعركة» إخراج كريم شهدى تناول العرض قصة هزلية ساخرة مؤلمة عن الحرب والموت لعائلة مكونة من أب وأم قررا الذهاب إلى التنزه مع ابنهما فى أرض المعركة؛ ثم عرض «تريفوجا» والذى تدور أحداثه فى قاعدة عسكرية روسية أثناء الحرب الباردة تصاعدت أصوات هجوم أمريكى على القاعدة الروسية وكان القائد وقتها مطالبًا باتخاذ قرار وتنفيذ الأوامر بالتصدى والضرب بالسلاح النووى لكنه رفض وفى النهاية تمت محاكمته على هذا الرفض لعدم خضوعه للأوامر برغم أن الهجوم لم يكن حقيقيًا وتبنى العمل خطًا آخر أكثر إنسانية بمرض ابنته الذى أدى إلى موتها ومعاناة زوجته معه ومع ابنته بسبب عدم اهتمامه بهما وتركيزه الدائم فى عمله حتى فقد كل شيء ومات على يد صديقه الذى تولى التحقيق معه فى محاكمة عسكرية، يحسب للعرض الجانب الإنسانى الدقيق الذى تناول وسرد به علينا قضية الانتصار للإنسانية حتى ولو كلفه حياته فى النهاية وإن كان فنيًا أقل جودة من العروض السابقة وكذلك جاء عرض «نابولى مليونيرة» للمخرج تامر الكاشف والتابع لجامعة القاهرة لم يكن العمل قويًا على المستوى الفنى بما يكفى بينما تناول شكلًا آخر من قضايا الحرب والدمار التى لحقت بالإنسانية فى إيطاليا أثناء الحرب العالمية الثانية والمسرحية اتهام موجه ضد الحرب والثراء القائم على الجشع والاستغلال، تأليف إدواردو دى فيليبو.
«قضية ضليلة الحمار»
كان من بين العروض الجيدة المشاركة ضمن فعاليات مسابقة الشباب بالمهرجان القومى «قضية ضليلة الحمار» إخراج محمد عصام التابع لجامعة عين شمس والمأخوذ عن «ظل الحمار» للكاتب الألمانى فريدريش دورنيمات نقل الشباب أحداث العرض إلى الريف المصرى «كفر المتاعيس» وتدور الأحداث حول طبيب أسنان جاء إلى قرية وأجر حمارًا ليعالج مريضًا يعيش فى قرية بعيدة عن قريته وأثناء سيره فى الصحراء تشتد حرارة الجو فيقف مستظلًا بالحمار يعترض الحمّار على إيجار ظل حماره لأنه لم يدخل فى حساب الإيجار وتشتد المعركة بينهما حتى تصل إلى القضاء، رواية هزلية تناولها صناع العمل بخفة ظل وأداء كوميدى جماعى صاحبه العزف الموسيقى الحي؛ وتميز أبطال العمل بنقل فكرة وفلسفة دورنيمات فى قالب موسيقى كوميدى هزلى عن تفاهة المجتمعات فى عدم الالتفات إلى الأشياء الجوهرية فى الحياة والانشغال بالتفاصيل الصغيرة ووضعها فى إطار أكبر مما تستحق لتكون النتيجة فى النهاية وقوع كارثة بحريق القرية نظرًا لشدة انشغالهم بحل القضية التافهة وإثبات من صاحب الحق فى دعواه.