الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

قمة الأشقاء

قمة الأشقاء
قمة الأشقاء





كتب - أحمد قنديل

العلاقات «المصرية ـ الكويتية» راسخة فى قلب وعقل القيادة السياسية لكلا البلدين الشقيقين، خاصة فى ظل العلاقات القوية والتاريخية بينهما، والتى ازدادت رسوخًا ومتانة فى ظل رعاية الرئيس عبدالفتاح السيسى، وأمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح.
وتأتى زيارة السيسى إلى الكويت، وهى الثالثة له منذ توليه الرئاسة فى يونيو 2014، استكمالًا للزيارات المتبادلة بين البلدين الشقيقين، حيث كانت الزيارة الأولى فى الخامس من يناير 2015، بينما كانت الزيارة الثانية فى السابع من مايو 2017، والتى تستهدف النهوض بالتعاون الثنائى فى جميع مجالات العمل المشترك، من أجل تعزيز علاقات التعاون التاريخية الراسخة والمتنامية بين البلدين والشعبين الشقيقين فى مختلف المجالات الحيوية، إيمانًا بوحدة الهدف والمصير والتطلع إلى مستقبل مزدهر.
وتكتسب الزيارة أهمية كبيرة نسبة إلى توقيتها، نظرًا للتحديات الجسام التى تعصف بالعالمين العربى الإسلامى، وتؤكد أهمية العمل العربى المشترك، للتصدى لتلك التحديات، ومواجهة التهديدات التى تهدد مستقبل المنطقة، والتى تتطلب العمل على تعزيز المصالح المشتركة فى شتى المجالات.
العلاقات «المصرية ـ الكويتية»
وتعتبر العلاقات المصرية - الكويتية المتجذرة عبر تاريخ البلدين، نموذجًا يحتذى به فى العلاقات الدولية، حيث تؤكد مصر دائمًا تأييدها ووقوفها إلى جانب كل ما من شأنه تحقيق أمن الكويت واستقرارها سياسيًا واقتصاديًا وعسكريًا، حيث كان الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، من أوائل الرؤساء الذين هنأوا الكويت باستقلالها عام 1961، من خلال برقية أرسلها إلى الشيخ الراحل عبدالله السالم أمير الكويت حينها، لتحدد تلك البرقية مسار العلاقات الاستراتيجية بين البلدين، وما تبعها من معارضة مصر لتهديدات الرئيس العراقى الراحل عبدالكريم قاسم، بضم الكويت للعراق، وإصدار الرئيس جمال عبدالناصر بيانًا تاريخيًا، قال فيه: «إن الوحدة لا تتم إلا بالإرادة الشعبية فى كل من البلدين، وبناءً على طلبهما معًا»، مرورًا بموقف القيادة المصرية المؤيد والداعم للكويت خلال فترة الغزو العراقى عام 1990.
وفى المقابل، تؤكد الكويت دائمًا دعمها الكامل لمصر فى مختلف المواقف والأزمات التى تمر بها، وهو ما اتضح جليًا، حينما أعلنت الوحدة المصرية - السورية عام 1958، حيث أعلنت الكويت دعمها لتلك الوحدة بالكامل، على الرغم من عدم ارتياح بعض دول المنطقة لتلك الوحدة حينها، وكذلك وقوف الكويت إلى جانب مصر فى مواجهة عدوان يونيو 1967، وفى حرب أكتوبر عام 1973، وأخيرًا فى تأييد إرادة الشعب المصرى فى ثورة 30 يونيو 2013.


الدور المصرى فى الكويت

ومنذ تأسيس العلاقات الدبلوماسية الرسمية بين مصر والكويت، فى أعقاب إعلان استقلال الكويت رسميًا عام 1961، بدأت العلاقات بين الجانبين فى التنامى المطرد، حيث سرعان ما جرى تبادل السفراء، وجرى التنسيق السياسى بين البلدين الشقيقين على أعلى المستويات، فى حين بدأت العلاقات المشتركة على المستوى الشعبى مبكرًا، وذلك من خلال الدور التاريخى للبعثات التعليمية المصرية فى الكويت خلال أربعينيات القرن الماضى، والتي تحملت الحكومة المصرية رواتبها حينها، إيمانا منها بوحدة مصير البلدين، لتسهم تلك البعثات فى بناء عصر التنوير والنهضة التنموية وتأسيس القاعدة العلمية فى الكويت.
واستقبلت مصر عام 1939، أول بعثة طلابية من الكويت، والتى إيمانًا منها بأنها فى وطنها الثانى، أسست «بيت الكويت فى القاهرة»، والذى خرجت منه واحدة من أهم المجلات الثقافية فى تاريخ الكويت الحديث، وهى مجلة «البعثة» برئاسة المفكر والأديب المعروف عبدالعزيز حسين، بينما استقبلت أول بعثة طلابية نسائية عام 1956، وكانت مكونة من سبع طالبات.

التعاون الثقافى

كما تنوعت العلاقات بين البلدين فى مختلف مجالات الثقافة، حيث تأسس المسرح الكويتى على أيدى الفنان الراحل زكى طليمات، حينما أنشأ فرقة المسرح العربى عام 1961، بالإضافة إلى إصدار المفكر الكبير أحمد زكى مجلة «العربى» فى ديسمبر 1958، ليؤسسها كمنارة للكويت فكرية وثقافية عربية، بينما كان أول مدير لجامعة الكويت عام 1966، هو الدكتور الراحل عبدالفتاح إسماعيل.

 

الروابط الرياضية والدستورية

امتد التعاون المصرى الكويتى إلى الروابط الرياضية أيضًا، حيث تولى المدرب المصرى الراحل طه الطوخى، مسئولية أول منتخب كويتى مشارك فى كأس الخليج الأولى، ونجح فى تحقيق البطولة حينها.
وعلى الصعيد القانونى، أسهم المصريون فى وضع الدستور الكويتى، والذى كان مسودة مشروع دستور فى مصر فى أوائل خمسينيات القرن الماضى، إلا أنه كتب له أن يكون دستورًا للكويت، على أيدى كبار الفقهاء الدستوريين المصريين، ومنهم عبدالرزاق السنهورى، وعثمان خليل عثمان، ومصطفى كامل، وعبدالفتاح حسن.


العلاقات الاقتصادية والتجارية

وخلال تاريخ العلاقات المصرية ـ الكويتية، وتأكيدًا لأطر التعاون المشترك فى مختلف المجالات، وقع البلدان منذ عام 1963 وحتى عام 2018، نحو 114 اتفاقية تعاون ومذكرة تفاهم، وهو ما يعكس مدى عمق وقوة العلاقات بين البلدين الشقيقين، فضلًا عن الشراكة الطويلة والمثمرة بين مصر والصندوق الكويتى للتنمية الاقتصادية العربية منذ نشأته عام 1961، حيث بلغ عدد المشروعات الممولة من قبل الصندوق الكويتى نحو 48 مشروعًا فى مختلف القطاعات التنموية والحيوية فى مصر.
وتعتبر العلاقات الاقتصادية والتجارية، أحد أهم روافد التعاون المشترك بين البلدين الشقيقين، خاصةً فى ظل النمو المضطرد الذى شهدته خلال السنوات القليلة الماضية، حيث تجاوزت الاستثمارات الكويتية المتراكمة فى القطاعين العام والخاص فى مصر حاجز الـ15 مليار دولار، إضافة إلى عمل ما يقارب ألف و227 شركة كويتية فى مجال التجارة والاستثمار فى مصر، وهو ما أسهم فى زيادة حركة تنقل الأفراد بين البلدين، بمعدل 64 رحلة جوية أسبوعيًا، ونحو 170 ألف زائر كويتى سنويًا، فى حين ازداد حجم التبادل التجارى بين البلدين بشكل ملحوظ، ليصل إلى نحو ثلاثة مليارات دولار أمريكى خلال السنوات الأربع الماضية.


المستوى الشعبى

يبقى التقارب الكبير بين الشعبين، حجرًا مهمًا فى بناء العلاقات الأخوية الوطيدة بينهما، وهو ما يتضح من خلال الدور المهم الذى تقوم به الجالية المصرية بالكويت فى عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية منذ عقود، والذى وصل حجمها حاليًا إلى نحو 700 ألف مصرى، لا يحظون بتقدير الشعب الكويتى فقط، وإنما مسئولية أيضًا، والذين يثنون على دور الجالية فى مختلف المناسبات.