الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

شبح «بريكست» يخيم على مستقبل بريطانيا

شبح «بريكست» يخيم على مستقبل بريطانيا
شبح «بريكست» يخيم على مستقبل بريطانيا




يستعد رئيس الوزراء البريطانى بوريس جونسون للتعامل مع خيارات صعبة، بعد اجتماع مجلس العموم، أمس الثلاثاء، من بينها خيار قيامه بالدعوة لإجراء انتخابات مبكّرة فى حال نفذ متمردو حزب المحافظين تهديدهم بالسيطرة على البرلمان لتقييد الحكومة بتشريع يحول دون مغادرة المملكة المتحدة للاتحاد الأوروبى دون اتفاق.
وتعد الساعات الـ72 القادمة، مرحلة حاسمة فى تاريخ المملكة المتحدة لجهة عضويتها فى الاتحاد الأوروبى، وسط تخبط فى الرؤى وتباين فى المواقف لدى الطبقة السياسية البريطانية، إضافة إلى التجاذبات الحادة داخل حزب المحافظين والذى ينذر بحدوث تغيرات بنيوية وفكرية داخل الحزب.
وبقى أقل من شهرين على الموعد المقرر لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى، ويوجد سبعة سيناريوهات محتملة فى هذا الصدد.

 

خروج بلا اتفاق


من المفترض أن تغادر بريطانيا الاتحاد الأوروبى فى 31 أكتوبر فى تمام الساعة الحادية عشرة بتوقيت جرينيتش.
ويقول رئيس الوزراء بوريس جونسون إنه يرغب فى إبرام اتفاق جديد مع الاتحاد الأوروبى على بنود الخروج، لكنه تعهد بأن يكون الخروج فى 31 أكتوبر حتى لو كان ذلك بلا اتفاق.
ويعنى الخروج بلا اتفاق خروج المملكة المتحدة فورًا من الاتحاد الجمركى والسوق الموحدة – والترتيبات المصممة لتيسير حركة التجارة.
ويحذر العديد من السياسيين وأصحاب الأعمال من الآثار المدمرة لذلك على الاقتصاد، بينما يرى آخرون أن تلك المخاوف مبالغ فيها.

سيطرة النواب لمنع الخروج بلا اتفاق

صوت أعضاء البرلمان أكثر من مرة لإظهار معارضتهم للخروج بلا اتفاق، وستحاول أحزاب المعارضة وبعض الأعضاء المحافظين تمرير تشريع للحيلولة دون الخروج بلا اتفاق.
لكن القرار بتعليق البرلمان فى التاسع من سبتمبر يعنى أن أمامهم وقتًا قصيرًا للغاية. ويتوجب عليهم فى البداية السيطرة على جدول أعمال البرلمان، ومن المتوقع أن يجرى تصويت على ذلك اليوم الثلاثاء.
وعندئذ سيشرعون فى محاولة تمرير قانون جديد – لحث الحكومة على أن تطلب من الاتحاد الأوروبى إرجاء موعد الخروج حتى 31 يناير 2020.
هذا القانون يمكن أن يُطرح للنقاش والتصويت فى مجلس العموم يوم غد الأربعاء، وأن ينتقل إلى مجلس اللوردات بعد غد الخميس. ومن غير المقرر انعقاد المجلس يوم الجمعة، لكن أعضاء البرلمان قد يقررون انعقاده.
وإذا ما تم تمرير مشروع القانون، فقد يحظى باعتماد الملكة ويصير قانونًا يوم الاثنين، التاسع من سبتمبر.

تصويت على سحب الثقة

وتتطلب الدعوة لانتخابات مبكرة تأييد ثلثى أعضاء مجلس العموم البالغ عددهم 650 نائبًا، وينطوى هذا على مخاطر لجونسون، حيث سبق أن اتخذت رئيسة الوزراء السابقة تيريزا ماى، قرارًا مماثلًا لتسفر الانتخابات المبكرة عن خسارة حزبها الأغلبية.
وإذا فشل هذا المسار التشريعى، فمن المحتمل أن نشهد جدولًا للتصويت لسحب الثقة من الحكومة، وكان زعيم حزب العمال جيريمى كوربين قد أعلن فى وقت سابق عزمه الإقدام على تلك الخطوة.
وإذا ما حظى مقترح سحب الثقة بتصويت عدد أكبر من النواب، فستكون هناك فرصة سانحة مدتها 14 يومًا أمام الحكومة الراهنة - أو أية حكومة بديلة برئيس وزراء جديد- لكى تحظى بثقة النواب.
وحال تعيين حكومة جديدة عبر تلك الطريقة، فقد تسعى هذه الحكومة إلى إرجاء موعد الخروج من الاتحاد الأوروبى – ربما لإجراء انتخابات عامة أو إجراء استفتاء آخر.
وإذا لم يفز أحد بثقة النواب، فسيكون بإمكان بوريس جونسون كرئيس وزراء اختيار موعد إجراء الانتخابات العامة بعد 31 أكتوبر، أى بعد وقوع الخروج من الاتحاد الأوروبى.

انتخابات مبكرة

أما إذا صادف المسار التشريعى نجاحًا وتمكن أعضاء البرلمان من تمرير قانون لمنع الخروج بلا اتفاق، فقد يسعى رئيس الوزراء إلى إجراء انتخابات مبكرة، تتوقع بى بى سى أن يكون ذلك فى 14 أكتوبر.
ويحتاج رئيس الوزراء دعم ثلثى أعضاء البرلمان لإجراء انتخابات مبكرة. وإذا ما انعقدت جلسة التصويت قبل 31 أكتوبر، فإن ما سيحدث بعد ذلك على صعيد الخروج سيعتمد على نتائج الانتخابات.

تمرير اتفاق قبل 31 أكتوبر

المسلك الذى تفضله الحكومة لمنع الخروج بلا اتفاق هو تصديق البرلمان على “اتفاق انسحاب” مع الاتحاد الأوروبى قبل نهاية أكتوبر.
لكن الاتفاق الراهن الذى تفاوضت عليه تيريزا ماى وحكومتها قوبل بالرفض عدة مرات فى مجلس العموم – وقال بوريس جونسون إن هذا الاتفاق منتهى الصلاحية.
وتأمل الحكومة الجديدة أن تتمكن من تأمين اتفاق جديد مع الاتحاد الأوروبى – أو نسخة معدلة من الاتفاق الموجود بدون ما يعرف بـ«شبكة الأمان» الخاصة بأيرلندا «باكستوب»، والتى تعارضها الحكومة. والباكستوب هو تدبير يستهدف منع أى احتمال لقيام نقاط حدودية أو نقاط تفتيش بين أيرلندا الشمالية وجمهورية أيرلندا.
وعلى الرغم من تصريحات للاتحاد الأوروبى بإمكانية النظر فى أى مقترحات بريطانية جديدة، فإن الاتحاد أكد مرارًا أن الباكستوب هو جزء حاسم من الاتفاق.

إرجاء الخروج من الاتحاد الأوروبى

وحتى لو نجح معارضو الخروج بلا اتفاق فى دفع الحكومة إلى طلب إرجاء لعملية الخروج، فإن المملكة المتحدة لن يكون فى مقدورها اتخاذ قرار الإرجاء بشكل أحادى الجانب؛ إذ يتطلب القرار موافقة إجماعية من الدول الأعضاء فى الاتحاد الأوروبى. وقد كان ممكنًا فى السابق الموافقة على تمديدات، وكان ممكنًا إقناع الدول الأخرى حال ظنها أن البديل هو خروج بلا اتفاق.


إلغاء البريكست

وثمة خيار قانونى يتمثل فى إلغاء خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى «بريكست» كلية، عبر إلغاء المادة 50.
لكن من الواضح أن هذا الخيار غير مطروح للنقاش فى ظل الحكومة الراهنة، ومن ثم فإن هذا المَخرج من غير المحتمل التفكير فيه إلا فى ظل حكومة أخرى.
«انهيار اقتصاد بريطانيا»..
وبمطالعة المشهد، نجد أن أزمة «البريكست» قد ألقت بظلالها بالفعل على اقتصاد لندن، حيث سجلت الأسهم البريطانية تراجعًا خلال التعاملات اليومية، وسط تزايد المخاوف بشأن احتمال خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى من دون اتفاق.
كما هبط سعر صرف الجنيه الإسترلينى إلى أدنى مستوى فى عامين مقابل الدولار، مع تأثر معنويات الأسواق باحتدام الخلافات السياسية فى بريطانيا بشأن الخروج من الاتحاد، واحتمال تنظيم انتخابات مبكرة.