الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

الكاتبة والإعلامية أميمة السلاخ: الكتابة وسيلة لمواجهة معاركنا مع الحياة

الكاتبة والإعلامية أميمة السلاخ: الكتابة وسيلة لمواجهة معاركنا مع الحياة
الكاتبة والإعلامية أميمة السلاخ: الكتابة وسيلة لمواجهة معاركنا مع الحياة




أميمة السلاخ كاتبة وإعلامية مصرية، صدرت روايتها الأولى بعنوان رواية «معلقون بالأمل عام 2015م، وحديثًا صدرت مجموعتها القصصية «عاملة المنزل رقم 14».
فى أعمالها تضع أميمة بطلاتها فى مواجهة مع ذواتهم، مع مخاوفهم، مع أفكارهم المسبقة، وعبر هذه المواجهة، تولد حياة جديدة، وتتكشف عوالم مختلفة يمتد تأثيرها للمشاعر والأفكار والعلاقات الاجتماعية.
كما تركز على العلاقة بين الرجل والمرأة، وتطرح العديد من الأسئلة وترصد مشكلات متنوعة معظمها نابع من غياب جسور التواصل بين كل من طرفى العلاقة.. عن الكتابة والعلاقات الاجتماعية دار معها هذا الحوار..
 
■ تبدو المجموعة كمتتالية قصصية فكل قصة هى قصة مستقلة بذاتها ولكن وضع القصص سويا تبدو كأنها عمل واحد ممتد، كيف ترى هذه الروح الروائية فى كتابتك؟
- أتفق معك بأن هناك روحا واحدة جمعت قصص المجموعة أو ومضات أضاءت مشاهد المجموعة، لكن لا أعتقد أن شخصياتها أو بطلاتها متشابهة، إلا فى ثلاث قصص تحديداً عن الحيوانات وهى روح الرفق لكن سيدات هذه المجموعة متنوعة تنوع النساء خارجها، ما بين فتاة بعد قصة حب غادر دفعت وحدها ثمنها وقررت ترك مدينتها وانتحال العديد من الشخصيات هرباً من الشخصية الأولى التى خُدعت  حتى قررت أن تنتقم ممن أحبته يوما، وأخرى رغم التزامها الدينى إلا أنها تقرر خلع الحجاب للتمتع بفطرتها فتتعامل مع  تعاليم دينها بعين روحها القوية وليس مجرد تعاليم صارمة، وأخرى تقرر الاستسلام أمام زوج مُصر أن يحبها بطريقته الخاصة، بينما هناك من  قررت الانتحار لأنها لم تستطع أن تجارى زمنها وغيرها سيدات فى ثلاثة وعشرين قصة يبحثن عن مخرج لمشاعرهن أو مواقف وضعن فيها وقررت كل منهن حسب شخصيتها أن تجد مخرجا لها.. لكن فى العموم النساء مثل المدن تتشابه فى الشكل الخارجى وتختلف فى التفاصيل.
■ فى قصة «اعترافات ليلية» رصدت كيف يحاكم المجتمع المرأة على شيء ليس لها دور فيه، مثل عدم قدرتها على الإنجاب، فى حين يتم تجاهل أشياء عديدة أخرى لها دور فيها مثل تفوقها التعليمى كيف ترى هذا التناقض؟
- ردة فعل الزوجة فى هذه القصة تحديداً طبيعى كون الأم والأسرة ثم المدرسة والمجتمع يرسخون أو يؤكدون على أنه لا نجاح للمرأة فى أى دور إذا ما فشلت فى إنجاب طفل من صلب زوجها، لأنها لم تحقق تخليداً لاسمه، وبالتالى سينتهى ذكراه، لكن بطل هذه القصة الحقيقى هو الزوج، من عنوان القصة الليل هو بيت الأسرار متى ما وجد من نُسِر إليه فلن نتوقف عن السرد، ومن تفاصيل الحكاية نتعرف أن الزوج كان لديه استعداد أن يحكى لزوجته من البداية لكنها هى التى تأخرت فى أن تتشاور معه أو تطلب منه شيء.. أى شىء حتى لو كان زواجه بأخرى، وعندما طلبته لم تكن تقصد التحرر من الضغوط التى تلاحقها وتبدأ بقوة من جديد بل التخلص من ذنب اعتقدت أنها المسئول الأول والأخير عنه، بينما هو - أى الزوج-  كان يتوارى وراء دفاع أمه المستميت عنه، لكنه أمام أول موقف مواجهة له مع زوجته، أخبرها بضعفه وعدم قدرته على الإنجاب بل ومحاولاته وتعدد زيجاته التى أكدت فشله، أحياناً الزوجة أو المرأة بشكل عام من قلة ذكائها أو حيلتها تتنازل عن حقها بكامل إرادتها لأنها تبنى جدرانا حولها وحول علاقتها بزوجها ليس لها أساس إلا فى خيالها فقط.
■ معظم بطلاتك فى رحلة بحث عن حياة جديدة ولديهم رغبة فى إعادة اكتشاف الذات والعالم من خلال تجارب وخبرات بسيطة يتطلعوا لها، برأيك إلى أى مدى قد تغير تلك التفاصيل الصغيرة مصائر الأشخاص؟
- كل يوم جديد هو رحلة بحث عن حياة جديدة- لا أريد أن يظهر كلامى كنوع من أنواع الحكم أو رسائل التحفيز اليومية- هذا هو الطبيعى فلم نخلق من أجل تكرار أيامنا وأفعالنا مؤكد الهدف أسمى وأجمل حتى يكون للحياة معنى وطعم، وما يساعد على خلق الاختلاف هى التفاصيل الصغيرة، كلمة قيلت لنا من مدرس فى مرحلة تعليمية ما، ولادة طفل أو موت عزيز، مواقف تحدث تأتينا مثل الضوء الشاهق الذى يعدم الرؤية، فتغمض عينيك لترى ومن هنا يبدأ التغيير.
كثير منا لم تؤثر فيه حرب هنا أو حرب هناك بمعنى أنها لم تغير مسار حياته وأصبحت شيء روتيني، لكن كثير منا يتأثر من تعذيب بعض الأطفال لأحد كلاب الشوارع.. رؤية رجل طاعن فى السن يبكى فى الشارع لأنه تاه عن منزله الذى يسكنه من عشرات السنين، قهقهة رضيع لمجرد أن والده يمزق ورقة أمامه، جميعنا يحمل بداخله مخزونا أنسانيا وتفاصيلا واجهتنا خلال حياتنا تسمح لنا أن نتأثر لموقف ما بينما يمر على آخر ولا يلتفت إليه.
■ فى كتابتك هناك تماس مع الفن التشكيلى كيف ترى علاقة الكلمة بالصورة؟
- ربما تكون وثيقة مثل الملك والكتابة فكلاهما يحمل فكرة وكلاهما يترك للمتلقى حرية رؤية عمله من منظوره الشخصي.
وإن كان الفن التشكيلى أكثر غموضاً وأقل شعبية من القراءة، فما زال الأول له جمهوره الخاص جداً ويبحث دائما عن متلقى مختلف.
■ سؤال الجدارة والتحقق مطروح فى أكثر من قصة برأيك هل هذه المشاعر يمنحنها لنا المجتمع أم أنها تبع من داخلنا؟
- بطلات قصصى من قمة ضعفهن تولد القوة، أغلبهن يعتقدن أنهن أتين للحياة لوضع بصمتهن الخاصة، اختياراتهن حرة، ودائما لديهن نظرة مختلفة  للأمور ويعرفن جيدا ماذا يردن دون أن يكون المستوى الاقتصادى المتواضع عائقاً أمامهن، فالفقر لا يمنع أن تكون للمرأة كرامة ولا يمنعها من أن تكون قوية، ولا  يقف حائلا  بينها وبين  تحقيق رغبتها كإنسانة حرة، اعتقد أن هذه المشاعر تخصهن، فهن عنيدات لا يفرطن فيما يرغبن ولا ينتظرن من المجتمع أن يمنحهن إياها على طبق من فضه.
■ الاغتراب والفقد وغيرها مشاعر حاضرة بقوة فى كتابتك أيضًا إلى أى مدى تمنحك الكتابة مساحة للتصالح مع الحياة والتخفف من تلك الآلام؟
- الكتابة هى وسيلة لمواجهة العقد التى تصيبنا خلال معاركنا مع الحياة، فى محاولة منا لقبول الواقع والتعايش معه و فيه، وإعادة كتابته من منظورنا الشخصى والتعامل معه أحياناً كند أو صديق وخلق حوار للوصول لقناعة تحفز على الاستمرار.
أتذكر عندما قمت بكتابة عملى الروائى الأول «معلقون بالأمل» كانت بغرض الشفاء وبالفعل جزء كبير من هذه الأمنية تحقق، فالكتابة خير من يعين على مشاعر الفقد، بل وتصبح بعد ذلك سبباً للعيش.
■ التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعى لهما حضور بارز فى قصصك، برأيك كيف انعكس هذا التطور على حياتنا المعاصرة وعلى كتابتك؟
- ضرورى أن يكون الكاتب ابن الزمن الذى يعيش فيه، وألا يكون بعيدًا عن التطور الذى يشهده مجتمعه، وسائل التواصل أصبحت شيء مفروض على الجميع وليس من الحكمة أو الذكاء تجاهلها أو نعانى من أميتها، ووجودها مؤكد انعكس على أغلب نواحى حياتنا فتوسعت قائمة الأصدقاء والمعارف، أصبح وصول المعلومة أسرع وإن كان الأمر يحتاج لبعض التدقيق، وسعت آفاق المعرفة وأصبحت مصدرًا مهمًا من مصادر القراءة وتبادل الكتب لذلك هى موجودة فى بعض القصص كحدث طبيعي.
■ سؤل الزمن وتغيراته وآثاره على الإنسان حاضر مطروح فى أكثر من قصة، إلى أى يمثل لك الزمن مصدر خوف وقلق أو مساحة للتأمل؟
- الزمن هو النفس الذى نتنفسه، وقد يكون الآتى مصدر تفاؤل أو تفكًر للكثير منا، قلة نادرة التى تعيش يومها دون الالتفات للغد، بالنسبة لشخصيات المجموعة بعضهن كان الزمن كفيلًا بردم الجراح وأخريات لم يتأثر مرور الزمن بالسلب أو الإيجاب  بل على العكس، زاد الجرح نضوجاً وحياة.
شخصياً يشغلنى الآتى قد أضعه فى خانة المخاوف وقد يشكل علامة استفهام أو قلقًا شديدًا، خاصةً إذا كنت أنتظر حدوثه - بفارغ الصبر- لارتباطه  بتحقيق أمنية ما أو حتى معجزة قد تتحقق وقد لا.
الزمن قد يكون الأمل والرغبة في تحقيق الأفضل وتخيل أن القادم دائما أجمل، حتى لو نكس الزمن وعده معنا نظل ننتظره، دائرة جبلنا على السير فيها وحولها، وكل منا يدور بمخيلته متأثرةً بما اكتسبه من تجاربه وما ورثه جينياً.