الأحد 5 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

«ياسين وبهية».. من الكلمة إلى الجسد فى عمل فنى راقص

«ياسين وبهية».. من الكلمة إلى الجسد فى عمل فنى راقص
«ياسين وبهية».. من الكلمة إلى الجسد فى عمل فنى راقص




«ياسين وبهية» من أشهر الأعمال المسرحية التى قدمت على خشبة المسرح المصرى منذ سنوات، أعادت المخرجة ومصممة الرقص كريمة بدير صياغة وترجمة هذا الموال الشعبى بأجساد فريق فرسان الشرق فى عرضها الأخير «بهية»، وتعتبر هذه الإعادة الثانية للعرض على مسرح الجمهورية بعد أن سبق وقدمته بدير أثناء إدارتها للفريق، وشاركت به مؤخرا ضمن فعاليات الدورة الثانية عشرة للمهرجان القومى للمسرح.

تدور أحداث «بهية» حول قصة بسيطة تطمح للإجابة عن سؤال الموال «مين اللى قتل  ياسين؟!»، عمل فنى راقص من الألف إلى الياء اتخذت كريمة من الموال خطها الدرامى الأصلى وليس العمل المسرحى بتفاصيله كاملة، وانطلقت معبرة عن صياغة فكرها ورؤيتها الإخراجية بتصميمات حركية متنوعة جاءت فى لوحات راقصة متتالية تخللتها بعض الكلمات والجمل الحوارية الناطقة، وإن كان هذا الشكل أو التناول غير محبب بالأعمال الراقصة لأنه عادة ما يخل بفلسفة العمل الراقص، سواء كان لفريق الرقص المعاصر، أو لفريق الفرسان للتراث كلاهما يدور فى فلك الآخر أو كلاهما يتخذ من الجسد وسيلة للنطق والتعبير عن أفكار عرضه، تحل الأجساد محل الكلمات وبالتالى تقاس قوة المصمم بمدى قوة النطق بالتعبير الحركى، ففى الأعمال الراقصة خاصة التى تحمل قصة درامية تظهر وتتضح مهارة التصميم الحركى فى مدى دقته فى التعبير وإيصال المعنى الرمزى للجمهور أو «moral» العرض بلا كلمات فهو يحمل أمانة نقل فكر المؤلف ومعنى عمله الدرامى بأجساد راقصيه وتصميمه المبتكر.
بالطبع لسنا هنا بصدد تقديم مسرحية نجيب سرور «ياسين وبهية» كما صنعها مؤلفها لأن الراقص مهمته الأولى واعتماده الكلى يظل منحصرا فى الرمز حتى وإن خرج بعضهم عن هذا التقليد على استحياء فى مشاهد حوارية قصيرة وسريعة كى يقترب أكثر من الجمهور، إلا أن هذا النوع من الفن سيظل له خصوصتيه التى تحكمه فى الصياغة والإعداد الدرامى باللغة الحركية والإيماءة، فالعمل الفنى الراقص بالكامل أذكى وأمتع من الأعمال التى تتخللها بعض المشاهد الدرامية، وهنا فى «بهية» لا تزال للوحات الرقص قوامها الفنى وحضورها المميز والخاص محتفظة بتفوقها الدائم على المشاهد الدرامية، فهى الأعمق أثرا والأشد تعبيرا والأمتع بصريا على مستوى التشكيل واللغة الحركية المستخدمة ربما كان أبرزهم وأشدهم تأثيرا مشهد الاغتصاب الذى قدمه الراقص ميدو آدم وياسمين سمير، اختزلت فيه المخرجة خلاصة القهر والظلم والقسوة التى تعرضت له «بهية» فى بحثها عن الحق وكان المشهد الأكثر قوة وانضباطا على مستوى التصميم الحركى وكذلك على مستوى التشكيل البصرى فى حركة الراقصين الثنائية والجماعية صنعته المصممة بحرفة فنية عالية.