الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

جورج سيدهم أمير البهجة

جورج سيدهم أمير البهجة
جورج سيدهم أمير البهجة




سيتذكرك الناس دائما، سيتذكرن من رسم البسمة على شفاههم، من أدخل السرور على قلوبهم، حتى لو غاب عنهم لسنوات، ستبقى الصورة الذهنية الأخيرة له على الشاشة محفورة فى عقولهم، هذا أهم الدروس التى يجب أن يتعلمها اى فنان من أحد كبار ملوك الضحك، جورج سيدهم، أن تكون فنانا حقيقيا، همك الأول هو إسعاد الناس، وأن تقدم فنا يحمل رسالة هادفة تبنى لا تهدم، فرغم مرور حوالى 22 عاما على غيابه بسبب المرض إلا أنه مازال عالقا فى ذاكرة الصغار الذين لم يعايشوه قبل الكبار، فهو فنان من العيار الثقيل، عملاق من عمالقة الكوميديا، فبمجرد أن يذكر اسمه لا نملك إلا أن نتذكرابتسامته وخفة ظله، ولم لا فقد استطاع أن يصنع لنفسه شخصية استثنائية رغم انطلاقه من فرقة ثلاثى أضواء المسرح التى كانت سببا فى شهرته مع الضيف أحمد وسمير غانم.

■ ■
أطلق عليه البعض «لوريل» العرب، إذ قدم نوعا نادرا من الكوميديا، وشكل فصلا مهما من فصول كوميديانات المسرح المصرى لأنه امتلك ناصية الأداء الكوميدي.. وأيا كان الدور المطلوب منه يؤديه بسلاسة وسهولة.
أصوله الصعيدية لم تمنع حبه للفن والتمثيل، ليتجه أثناء دراسته فى كلية الزراعة فى أواخر الخمسينيات من القرن الماضى إلى الالتحاق بمسرح الجامعة فيقدم أعمالا عالمية مثل «عطيل» و«مكبث» وخلال هذه الفترة شارك فى البرنامج التليفزيونى المعروف فى ذلك الوقت «تسالى» بفقرة صامتة بعنوان «دش بارد» ومن خلال هذا البرنامج تعرف على رفيقى دربه الضيف أحمد وسمير غانم لينطلقا إلى آفاق النجومية وقلوب المصريين دون استئذان.

■ ■
بداية التعاون بين جورج سيدهم والضيف أحمد وسمير غانم جاءت خلال برنامج «مع الناس» وفقرتهم الشهيرة «شحاتين حول العالم» ثم «دكتور الحقنى «بعدها كونوا أشهر فرقة مسرحية كوميدية فى فترة الستينيات وهى فرقة «ثلاثى أضواء المسرح « ليقدموا من خلالها أعمالا متنوعة فى السينما والمسرح والتليفزيون أبرزها «حواديت» و«طبيخ الملايكة» و«30 يوم فى السجن» و«الزواج على الطريقة الحديثة» و«أفراح» بجانب فوازير رمضان التى أخرجها لهم محمد سالم.
رغم ذلك لم يكتب لهذه الفرقة الاستمرار بعد رحيل الضيف أحمد والذى كان بمثابة الصدمة التى هدمت فرقة «ثلاثى اضواء المسرح».
لم يستسلم سيدهم للابتعاد عن الفن ودفعه حبه للسينما والمسرح إلى العودة بقوة، ليبدأ خلال فترة السبعينيات مرحلة جديدة من حياته عبر تقديمه أدوارا منفردة فى عدة أعمال سينمائية نجح بجدارة فيها وارتبط اسمه بهذه الشخصيات. فمن ينسى «الجراج» و«الشقة من حق الزوجة» و«المعتوه» و«عالم عيال عيال» و«أضواء المدينة» و«البحث عن فضيحة» و«شباب مجنون جدا».

■ ■
وفى التليفزيون قدم أعمالا ناجحة نتذكر منها «صباح الورد» و«بوابة الحلواني» و«قابيل وقابيل» و«رأفت الهجان».
رغم نجاحه وخفة ظله فى الأعمال السينمائية والتليفزيونية لكن ظل المسرح هو عشقه الأول فقدم مع سمير غانم أعمالا مثل «أهلًا يا دكتور» و«المتزوجون» و«حب فى التخشيبة» و«فندق الأشغال الشاقة» و«موسيقى فى الحى الشرقي» وغيرها من الأعمال التى رسخت لفن المبادئ والكوميديا الراقية التى تغازل عقول المشاهدين لا غرائزهم.
أخذ الفن منه الكثير وهو فى المقابل أعطى الكثير، فانشغل بفنه عن حياته الشخصية، حتى إنه ظل عازفا عن الزواج الذى كان يصفه دائما بالنظام الفاشل إلى أن قابل رفيقة حياته الصيدلانية «ليندا» لتغير فكره فى الزواج وجعلته يرتبط بها فى أوائل التسعينيات وأصبحت هى كلمة السر فى حياة جورج سيدهم.

■ ■
حبه للمسرح دفعه لإنشاء مسرح «الهوسابير» الذى شكل حالة خاصة ومهمة فى حياته،إذ عرض من خلاله معظم مسرحياته، لكن سرعان ما تعرض المسرح لحريق قضى على محتوياته وأصاب جورج بالصدمة.
بعدها تعرض لوعكة صحية خطيرة وأصيب على إثرها بجلطة فى المخ ، ورغم ذلك بإرادته المعهودة وحبه للفن واجه أزمته بشجاعة واستطاع التغلب عليها.
ليعود من جديد ويبدأ بتجديد مسرحه حتى فوجئ بالحجز على مسرحه بعد رهان شقيقه لمحتويات المسرح إلى أحد البنوك، هنا أسقط فى أيدى عملاق الكوميديا ولم يتحمل عقله الحالم ولا قلبه الرقيق تلك الخسارة لتداهمه جلطة أكبر فى العام 1997 أبعدته عن الفن تاركا خلفه إرثا فنيا ثمينا من أعمال الكوميديا التى ستظل راسخة فى أذهان الجمهور ليس فقط المصرى ولكن جمهوره العربى كذلك.. لأجل الكثير والكثير مما قدم.. لأجل ابتسامة رسمها على وجوه الكبار والصغار.. لأجل فن هادف ومسيرة طيبة مليئة بالنجاحات وجدناه عن جدارة يستحق «وسام الاحترام».


روزاليوسف