السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
وزير العدل الذي أعرفه
كتب

وزير العدل الذي أعرفه




 


كرم جبر روزاليوسف اليومية : 09 - 03 - 2011


قال للرئيس السابق: «الشعب هو الذي يحميك»


(1)


- بعد إحالته للتقاعد عقب أحداث الأمن المركزي سنة 1986، اتصل أمير الكويت بالمستشار محمد عبدالعزيز الجندي النائب العام في ذلك الوقت، عارضاً عليه أن يكون مستشاراً للديوان الملكي.


- كان العرض مغرياً للغاية، بحيث يكتب الرقم الذي يريده والامتيازات التي تريحه، لأن الديوان الملكي الكويتي يشرفه أن يكون مستشاره القانوني رجلاً بنزاهة وكفاءة «الجندي».
- اعتذر المستشار الجندي قائلا: إن آخر منصب يزين به ملف خدمته هو «النائب العام المصري»، ومن يشغله لا يجب أبداً أن يشغل وظيفة أخري.
(2)
- ربما يفاجأ وزير العدل المستشار الجندي أنني أعرف هذا الكلام عنه، فهو الذي رواه لي بعد خروجه وكنت أتردد عليه في مهام صحفية إبان مسئولية منصب النائب العام.
- عُرف عن هذا الرجل الكفاءة والخبرة والنزاهة، وكان نائباً عاماً من طراز فريد، لا يعرف إلا الحق والقانون، ولا يغريه منصب أو جاه أو مال.
- تولي أخطر القضايا في الثمانينيات واستطاع أن يكون ممثلاً أميناً للشعب والدفاع عن قضاياه لذلك غضبوا عليه وأحيل للتقاعد قبل يوم واحد من بلوغه السن القانونية.
(3)
- الحدث الأهم الذي تولاه وزير العدل كان ثورة الأمن المركزي سنة 86 التي نتجت عن تردي أحوال جنود الأمن المركزي المعيشية.
- ثارت وقتها شائعة «وكانت حقيقة» أن مدة التجنيد ستصبح خمس سنوات بدلاً من ثلاث، بما يعني أن هؤلاء الجنود الغلابة سيقضون في السخرة عامين إضافيين.
- انطلقت ثورتهم من معسكرات الأمن المركزي في الهرم وأخذوا يدمرون الفنادق والملاهي الليلية والمال العام، وحرقوا كل شيء يقابلهم.
(4)
- نزل الجيش إلي الشوارع وأعلنت حالة الطوارئ وحظر التجوال، ولمس الناس بأنفسهم الفارق الهائل بين معاملة الجيش النموذجية وأسلوب الشرطة العدواني.
- كان الضحية هو الوزير أحمد رشدي الذي فوجئ بالثورة من وسائل الإعلام ولم يستطع أن يتخذ أي إجراءات لتهدئة الجنود أو السيطرة علي غضبهم.
- 25 سنة تمر علي هذا الحادث دون أن يستوعب أحد العبر والدروس وحدثت عملية تضليل كبري أدت إلي زيادة حجم الأمن المركزي لقرابة المليون مجند.
(5)
- في ذلك الوقت حاولت وزارة الداخلية أن تعلق الحادث في رقبة الشيوعيين واليساريين والناصريين بزعم أنهم قاموا بتحريض الجنود الثائرين.
- وبدأ زبانية جهنم من قيادات أمن الدولة يقنعون الرئيس السابق حسني مبارك بهذا الأمر، حتي لا يدينوا أنفسهم، وصاحب ذلك حملة إعلامية ضخمة للترويج لنفس الاتهام.
- كانت زفة حقيقية لذبح العناصر اليسارية التي لم يكن لها أدني علاقة بالحادث، ولكن هكذا تعودت الداخلية دائماً: البحث عن شماعة وكبش فداء.
(6)
- هنا يظهر المستشار عبدالعزيز الجندي في الصورة مرة ثانية عندما اتصل به الرئيس السابق ليسأله: هل الشيوعيون وراء الأحداث؟ وأراد أن يعرف رأيه في هذا الاتهام.
- قال النائب العام للرئيس السابق: إن هذا الكلام محض افتراء ولا أساس له من الصحة، وإن كل ما يتردد يتنافي مع مؤشرات التحقيق التي سيتم الإعلان عنها.
- يبدو أن الكلام لم يعجب الرئيس السابق خصوصاً عندما قال له الجندي: «الشعب هو الذي حماك من الثورة» وليس الأمن المركزي ولا الشرطة».
(7)
- «الشعب هو الذي يحميك»، ربما لم يفهم الرئيس السابق هذه العبارة إلا يوم 25 يناير 2011 أي بعد 25 سنة.. ولكن «فات الميعاد».
- الشعب الذي حمي الرئيس السابق من الثورة سنة 86 هو نفسه الشعب الذي قام بالثورة سنة 2011، تعددت الأسباب والموت واحد.
- هذا الكلام سبق نشره في وقتها، وكان عبارة عن دردشة حدثت منذ أكثر من 20 سنة مع المستشار الجندي، الرجل الذي أعاد له الشعب حقه.


[email protected]