الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا
مرحبًا بالحرية!
كتب

مرحبًا بالحرية!

كرم جبر روزاليوسف اليومية : 15 - 03 - 2011سر العداء الرهيب للصحافة القومية(1)- المؤكد أن قبولي رئاسة مجلس إدارة «روزاليوسف» يوم الاثنين 5 يوليو 2005، كان من أسوأ القرارات التي اتخذتها في حياتي، ولكنها خطي كتبت علينا، ومن كتبت عليه خطي مشاها.- «أسوأ» لأنني لم أعمل في غير مهنة الصحافة والكتابة، وظللت حتي هذه اللحظة محققًا صحفيا أبحث عن الخبر والمعلومة، وأحقق كل كلمة قبل أن أكتبها.- ولأنني لا أحب الروتين ولا الرتابة ولا التعقيدات التي هي سمة العمل الإداري، واليوم بعد أكثر من خمس سنوات، أسترد حريتي وأحطم قيودًا أوجعتني كثيرًا.(2)- رغم ذلك، فقد بذلت قصاري جهدي مع مجلس إدارة منتخب لإرساء تنظيم مؤسسي، لا يعتمد علي الأشخاص بل الفريق، ولم يصدر عني قرار فردي واحد، كان بإجماع جميع الأعضاء.- تجربة مضت بحلوها ومرها، حاولنا أن نصلح ما أفسده الدهر، ولكن يبدو أن ملف الصحافة القومية أصبح حالة مزمنة يصعب علاجها، ويحتاج حلولاً جذرية.- «أم المشاكل» هي الديون المتراكمة منذ نشأة الصحافة القومية، وبجانب أصل الدين تلال من الفوائد والغرامات تصل إلي خمسة أو عشرة أضعاف الدين نفسه.(3)- حاولنا مرات عديدة أن نصل لحل لمشكلة الديون القديمة، ولكن كانت الحكومة تقف لنا دائمًا بالمرصاد، وعلي رأسها أنس الفقي وزير الإعلام السابق، وعدو الصحافة القومية.- في كل مرة كان رؤساء مجالس الإدارات يرفعون المشكلة لرئيس الجمهورية السابق، كان أنس يتدخل، ويزعم كذبًا أن الحكومة تعكف علي دراسة الملف وستنجزه بسرعة.- في إحدي المرات صرخ فيه رؤساء المؤسسات أمام الرئيس السابق بأن الحكومة لا تدرس ولم تتصل بأي مؤسسة، فرد ببرود «يبقي لسه حيتصلوا بيكم».. وظلت الألاعيب خمس سنوات.(4)- لا أقول هذا الكلام كنوع من «بطولة الزمن الضائع»، ولكن سبق أن كتبته عشرات المرات، وأن حكومة نظيف كانت تتلاعب بهذا الملف وفي نيتها تصفية الصحافة القومية.- في أحد الاجتماعات في الإسكندرية، قالها نظيف لقيادات المؤسسات الصحفية، أنتم تهاجمون الحكومة ولا تهاجمون الرئاسة وحملت كلماته تهديدًا ووعيدًا، وكتب كل الزملاء عن ذلك.- ظل أنس الفقي حتي النفس الأخير كارهًا للصحافة القومية، لأنها ظلت بمنأي عن شلته التي جاء بمثلها في التليفزيون، فحوله إلي تكية وعزبة لأصدقائه.(5)- كان الله في عون القيادات الجديدة للصحافة القومية، فعلي أكتافهم تلال من المشاكل، وأهمها علي وجه التحديد تراجع الإيرادات وزيادة النفقات، وتلك هي المعادلة الصعبة.- مؤسسة مثل «روزاليوسف»، كانت تحصل علي نحو 60 مليون جنيه سنويا من كتب وزارة التربية والتعليم، بمعدل 5 ملايين جنيه كل شهر، واستمر هذا الوضع قرابة عشر سنوات.- منذ أربعة أشهر، ومع قدوم أحمد زكي بدر للوزارة، لم يدخل المؤسسة أي شيء، نتيجة التخبط والسياسة العشوائية وتغيير القيادات، وضاع هذا المورد الأساسي، فكيف يمكن تعويضه؟(6)- مشاكل كل المؤسسات الصحفية متشابهة وصورة طبق الأصل ولا فرق بين الأهرام ودار الهلال مثلاً، ولكن كما يقول المثل «كل برغوت علي قد دمه»، وكل مؤسسة مكبلة بأعبائها.- الحلول التي طرحناها كثيرة، سواء بإضافة الديون إلي رأس المال أو بإلغاء الفوائد والجدولة وإعادة الهيكلة، ولكنها كلها تحطمت علي صخرة كراهية الحكومة للصحافة القومية.- هل يتغير الموقف بعد الثورة، وتولي قيادات جديدة، هل يتم فتح الملفات بجدية وجرأة، أم يظل الوضع علي ما هو عليه حتي تنهار واحدة وراء الأخري؟(7)- المؤكد أن من يتولي منصبًا في هذا الزمن هو فدائي أو انتحاري.. وأحمد الله أنني تحررت ورجعت إلي أوراقي وقلمي فهي الباقية والصديق الوفي.- تجربة الأيام الماضية جعلتني أري بشرًا من فصائل نادرة، كنت أستغرب كثيرًا عندما أقرأ عن نماذجهم في الروايات، لكنني رأيتهم بأم عيني علي الطبيعة.- مرحبًا بالحرية، ووداعًا لقيود ثقيلة، وأعباء جسام، تحملناها وأدينا الأمانة حتي اللحظة الأخيرة، والمؤكد أن الحياة فيها أشياء تستحق أن نعيشها[email protected]