الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

الدية لا تجوز لقتلى رابعة ولا تصالح مع الإرهاب




كتبت - ناهد سعد

أثير فى الآونة الأخيرة الحديث عن دفع الدية لقتلى رابعة  لإنهاء حالة الانقسام التى يحاول الإخوان خلقها بالمجتمع فيما تداولت بعض المواقع وجود مبادرة للدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، والدكتور شوقى علام مفتى الجمهورية تقضى بدفع الدولة الدية كاملة لمن سقطوا قتلى أثناء فض اعتصام رابعة العدوية والنهضة.

فيما اكد مصدر مسئول بالأزهر  أن كل ما يتم تداوله هو محاولة لإثارة اللغط حول موقف الأزهر، وان شيخ الأزهر د. أحمد الطيب يؤيد ان يكون هناك استقرار لكن بعد محاسبة المخطئين فى إثارة الفتن.
وعن وجهة النظر الشرعية فى قضية دفع الدية لمن سقطوا قتلى فى ميدان رابعة  رفضت د. آمنة نصير رفضاً باتاً دفع الدية لقتلى رابعة قائلة انهم ليسوا ضحايا وليسوا شهداء كما يدعون ويهللون ويهتفون.. وان يدفع دية لهم فذلك اعتراف بالدولة انهم قتلوا ظلماً وعدواناً بل إنهم ليسوا كذلك على الاطلاق حيث تم تنبيههم أكثر من مرة بالخروج قبل موعد الفض لكنهم اختاروا البقاء و كانوا يسمعون ويطيعون حديث اسيادهم باستخدام العنف ضد الدولة و افرادها من  شرطة وجيش، ورأينا جميعاً من كانوا يخرجون من الاعتصام خروجًا آمنًا و لم يمسهم سوء.. لكن من تبقى هم الارهابيون الذين كانوا يقاتلون جيشنا وقتلوا منهم بالفعل فهم مجرمون و ليس لقتل المجرم او الإرهابى دية..
وأضافت نصير أنه يدفع دية لهولاء الارهابيين القتلة فمن سيدفع دية شهداءنا شهداء الوطن الحقيقيون ضباط الجيش و الشرطة الذين يقتلون يومياً بدون إنذار كما تم التعامل مع معتصمى رابعة و الذين اختاروا البقاء وتساءلت فكيف وقتها سيتم دفع دية هؤلاء الشهداء الابرار.
بينما يرى د. مبروك عطية أن العقوبات فى الشريعة الإسلامية، ومنها الدية، وسيلة فعالة لإزالة أسباب الاحتقان وتقليل التوتر بين أفراد المجتمع، مما يساهم فى المحافظة على قوة العلاقات الاجتماعية خاصة أن الدية فيها ما يشبه الترضية ووقاية وحماية للمجتمع، وفيها مراعاة للحالات الإنسانية والدوافع المؤدية إلى القتل غير المتعمد.
واضاف  من المعروف أن استبعاد الدية يؤدى إلى العنف، ولهذا فإن الشريعة الإسلامية بتطبيقها نظام الدية تؤدى إلى التكافل الاجتماعي.
واستطرد: «إن تطبيق الدية يقلل كثيراً من الضغوط على الدولة فى ذلك الوقت الدقيق ومن الممكن ان تستجلب هؤلاء الذين يشعرون بشعور عدوانى تجاه الدولة بسبب فقدانهم عزيز أو قريب أو أحد أفراد أسرتهم ، لهذا من حق ولى الأمر أو القاضى بعد استطلاع آراء علماء الدين سن تشريعات تحدد قيمة الدية بمقدار مادى  وبالتالى يتم إلزام أسر الضحايا بها.
و إشار عطية الى وجود مبدأ فى الاسلام يقول «لا يطل دم فى الاسلام» فالدولة بذلك تعمل على إعادة التوازن فى المجتمع وهو شىء جيد.. وعن دية شهداء رجال الشرطة الأبرار الذين قتلهم رصاص الارهابيين أن الأصل فى الاسلام يقع على الجانى ولكن اذا كان غير معروف وهو حال الارهابيين او غير ميسور فيتكفل بيت المال بدفع الدية عن أهل القاتل.
 ويوضح عطية أنه لا دية لمن حمل سلاحاً افراد الشرطة والجيش و سقط  قتيلا  جراء ذلك الفعل لان تلك ليست معركة بين شخصين لكنها حرب بين الحق والباطل و بين الوطن و عدو الوطن فمن يسقط من الطرف الاول بطل وشهيد، ومن يسقط من الطرف الثانى ارهابى جبان ليست له دية.. لذلك _ والحديث لعطية _ يجب التفريق بين من قام بحمل السلاح ومعاداة جيش بلاده فى رابعة والبسطاء الذين غرر بهم باغراءات مادية و استغلال حاجتهم للمأكل والمال الذى كان يتم توزيعه هناك وقتها.
ويرى د.  محمد الشحات الجندى انه من حق الحاكم استشارة علماء الإسلام فى إمكان فرض تطبيق الدية عن طريق سن تشريعات تتضمنها، استناداً إلى ما ورد بشأنها فى الفقه الإسلامي.
اضاف إن من يتأمل الحكمة من تشريع الدية سيجد أنها تهدف إلى تجنيب الأمة الإسلامية الانتقام، لأن فيها ترضية للمجنى عليه وأهله، مما يقلل الألم والغيظ فى النفوس، مثلما هو الحال فى حالات الاحتقان بين الشرطة وأسر قتلى رابعة فى مصر وغيرها من دول الثورات العربية.
وأوضح أن هناك من الفقهاء من يرى أنه لا يحق لرئيس الدولة أو من يمثله أن يسن أى تشريع يعفى القاتل عمداً من العقاب، وإذا فعل ذلك أو حاول تطبيقه بالإجبار فهو بذلك مخالف للشرع، بل إنه سيكون نوعاً من إهدار دم الأبرياء من الشرطة والتستر على القتلة والسفاحين و الارهابيين، أو التهاون فى التعامل معهم على أقل تقدير.. لذلك فيجب عمل استبيان و فحص عن القتلى فى رابعة و اى منهم كان على قوائم الارهابيين او أحد من أهله لديه ميول عدائية للدولة او الجيش و يمكن ذلك بواسطة رجال المباحث و أمن الدولة.
و عن قيمة الدية بالتحديد يقول  د. محمود عاشور وكيل الازهر السابق اجتهد الفقهاء المعاصرون وقدروا  قيمة الدية بما يعادل 250 جراماً ذهباً، وعلى ذلك فإن الدية فى الإسلام ثابتة القيمة، وتسدد على أقساط على مدار ثلاث سنوات، بحيث يسدد الثلث الأخير فى نهاية العام الثالث، وذلك استناداً لحكم الفاروق عمر بن الخطاب، ولم يخالفه الصحابة فى ذلك.
ويمكن تطبيق قاعدة «دفع المفسدة مقدم على جلب المنفعة»  وقاعدة «ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب»  فإذا كانت الدية كجزاء شرعت أصلاً لتطبيق قاعدة «لا يهدر دم فى الإسلام»، اى تعنى اما القصاص او الدية  فإنها متساوية بصرف النظر عن جنس الضحية، لأن حرمة الدم فى الإسلام متساوية ولا فرق فيها بين شخص وآخر. وإذا تقرر أخذ الدية فإنها توزع على الورثة حسب أنصبتهم، ولدائنى القتيل استيفاء ديونهم من الدية المحكوم بها للورثة لأنها تعتبر تركة لمورثهم.
وكان ناجح ابراهيم القيادى الجهادى السابق قد طرح مؤخراً مبادرة يتم بموجبها تشكيل مظلة شرعية دينية وأهلية تحت مسمى «شهداء الوطن» يتم من خلالها حصر كل ضحايا الصراعات التى شهدتها مصر خلال سنوات الثورة الثلاث، بما يشمل ضحايا رابعة العدوية وميدان النهضة والمنصة والحرس الجمهورى وميدان رمسيس وغيرها من الأحداث، كما يشمل ضحايا محمد محمود وماسبيرو وميدان التحرير وغيرها، وستكون هذه المظلة شاملة لكل ضحايا الوطن، سواء كانوا من رجال القوات المسلحة أو الشرطة أو أبناء ثورة يناير أو متظاهرى التيار الإسلامى، وستكون هذه المبادرة بإشراف ومتابعة شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب ومفتى الجمهورية الدكتور شوقى علام، وبمتابعة شخصية من المشير السيسى (رئيس الجمهورية)، وتقوم المبادرة على عملية حصر بأسماء كل الضحايا من كل التيارات ومن الجيش والشرطة، على أن يتم إصدار فتوى شرعية تحدد قيمة الدية الشرعية التى تجبر الدم عند ذوى الضحايا، من دون البحث فى خلفيات الوقائع وأسبابها أو الأطراف المدانة فى ذلك من أى جانب، وسوف يتم صرف قيمة هذه الديات الإجمالية بشراكة من الدولة ومن رجال أعمال ومن دولة خليجية.