السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

الأمين العام للمجلس الشرعى الإسلامى الأعلى فى لبنان يكشف فى حوار خاص لـ«روزاليوسف»: القاهرة تدخلت لوأد فتنة دار الفتوى والمفتى الحالى «ريشة» فى يد نفوذ إيران




حوار: أحمد قنديل

إذا أردنا لعنصرى الأمة «مسلمين ومسيحيين» أن يكونوا يدا واحدة.. يجب أن تجمعهم أيضا مساحة واحدة.. تناقش قضاياهم الخلافية في دينهم ودنياهم.. ونحارب التطرف والتكفير الذى يطولهم من التكفير والإرهاب


كشف  الأمين العام للمجلس الشرعى الإسلامى الأعلى فى لبنان الشيخ خلدون عريمط- فى حوار خاص لـ«روزاليوسف» من بيروت- من هو مفتى لبنان القادم.. موضحا نص المبادرة المصرية لوأد الفتنة فى لبنان بعد خلافات وصلت الى المحاكم قائلا ان تعطيل انتخاب المفتى غير وارد ومصير المسلمين السنّة فى لبنان اكبر من الأشخاص والمواقع  وأنه فى حال رفض المفتى الحالى تلك المبادرة كيف سيكون التحرك.. مشيرا الى انه فى حال التوافق سوف يعقد لقاء بين جميع الشخصيات والقوى الاسلامية السنية فى دار الفتوى بحضور المفتى الجديد للجمهورية ويعقبه  لقاء اسلامى «سنى - شيعى» لوأد الفتنة وتحصين الوحدة الاسلامية لتكون اساسا للوحدة الوطنية فى لبنان والى نص الحوار


■ من يحرّك مفتى الجمهوريّة الحالي؟


- اساسًا دور مفتى الجمهوريّة ان يكون المؤتمن على الدور الإسلامى والوطنى والعربى للمسلمين خصوصًا وللبنانيين عمومًا، ومن المفترض ان يكون مفتى الجمهوريّة اللبنانية ثابتًا وحارسًا للشريعة الإسلامية، وضمانة للوحدة الوطنية، ومؤتمنًا على الدور الحضارى والإنسانى لمسلمى لبنان، وعندما يتحوّل مفتى الجمهوريّة الى اداة تحركها الرياح كيفما شاءت، ويصبح كالريشة المعلّقة فى الهواء، عندها يفقد المفتى دوره وموقعه كما هو حاصل مع المفتى قبانى، الذى اضحى اداة بيد النفوذ الايرانى، يستقوى به على اخوانه العلماء، ويواجه به ومن خلاله القيادات الإسلامية الوطنية بحجج وترهاتٍ واهية، فالمفتى قبانى منذ ثلاث سنوات لم يعد مفتيا للجمهورية وانما اصبح اداة بيد صبية صغار يعملون لحسابهم الخاص،مع حزب الله والنفوذ الإيرانى، بحيث اصبح الرأى العام الإسلامى وحتى العربى منزعجًا ورافضًا لسلوك ودور المفتى قبانى المريب والخطر.


■ هل ترى ازمة المفتى قبّانى انتهت بتقديم اعضاء المجلس المحسوب عليه استقالتهم؟


 - من المؤسف ان ازمة المفتى قبانى التى بدأت منذ ما يزيد على ثلاث سنوات مع المجلس الشرعى الإسلامى الأعلى، والذى يمثّل السلطة التشريعيّة لشئون المسلمين فى لبنان، حيث من المفترض ان يترأس المفتى قبانى جلساته الشهريّة، أن هذه الأزمة كان من الممكن تلافيها من خلال موافقة المفتى قبانى على الالتزام بالقوانين وايقاف سلسلة سوء الإدارة والفساد وعدم دخول المفتى قبانى فى محاور محليّة وإقليميّة تتناقض تمامًا مع المصلحة الإسلاميّة والوطنيّة للمسلمين فى لبنان، والأشخاص الذين قدّموا استقالاتهم من المجلس المفترض المحسوب على قبّانى هم فى الأساس ليسوا أعضاءً حقيقيين فى المجلس الشرعى المنتخب والمعترف به من الدولة اللبنانيّة ومؤسساتها الدستوريّة، لكن هذه الاستقالات هى خطوة سليمة ومرحّب بها على طريق تصحيح المسار فى دار الفتوى، وهى وسيلة من الوسائل التى يمكن ان تنير الطريق للمفتى قبانى لأن يعود الى جادة الصواب ويخرج من الأنفاق والدهاليز التى حشر نفسه بها لأهدافٍ وغاياتٍ شخصيّة ومصلحيّة على مقاس احد ابنائه وبعض مساعديه، ونتيجة سوء ادارته لهذا الموقع بعدما ابعد كلّ الكفاءات الدينيّة والإدارية عن دار الفتوى.


■ هل حقًا فى 10 اغسطس الجارى سينتخب مفتى جديد للبنان؟


- بإذن الله تعالى سيكون هذا التاريخ الذى اشرت اليه، هو بداية لطى صفحة سوداء من تاريخ الإفتاء فى لبنان، والانتقال الى صفحة مشرقة من تاريخ المسلمين فى لبنان، بانتخاب المفتى الجديد للجمهوريّة اللبنانية ليعود لموقع مفتى الجمهوريّة ودار الفتوى دوره الإسلامىّ الشامل والوطنىّ الجامع بالحفاظ على الدور الإسلامى والوطنى والعروبى للمسلمين الذين كانوا على الدوام الضمانة لوحدة لبنان وعروبته ودوره الوطنى فى اطارٍ من رسالتهم الإيمانيّة الداعية للإلتزام بكتاب الله وسنّة نبيّه عليه الصلاة والسلام.


 ومن المفترض ان يوجّه رئيس مجلس الوزراء الأستاذ تمام سلام، دعوة الى الهيئة الناخبة لانتخاب مفتى جديد فى 10 أغسطس ليصار الى طى هذا الملف وسحبه من التداول ومنع استغلاله ، وهذا ما نصت عليه الأنظمة والقوانين المرعيّة الإجراء، التى تشير الى ان رئيس مجلس الوزراء هو الذى يدعو الهيئة المنتخبة، وهو الذى يترأّس الانتخابات.


■ لماذا كلّ هذا السجال حول انتخاب المفتى الجديد وما هى الأسباب التى أدّت الى ذلك؟


- من المفترض ان يحال مفتى الجمهورية الى التقاعد عند بلوغه الـ72 عامًا وان ينتخب مفتى جديد، وهذا هو الطبيعى، غير أن  المفتى قبانى عندما اصطدم  مع رئيس مجلس الوزراء والعديد من رؤساء الحكومات ومع المجلس الشرعى الإسلامى الأعلى بسبب تجاوزات ماليّة قام بها من خلال احد ابنائه وبعض معاونيهم، وبسبب حرصه على التمديد لنفسه مدى الحياة ورفضه لمشروع تطوير وتحديث العمل فى دار الفتوى، لكى لا يقع المفتى مجددا فيما وقع فيه من اخطاء وخطايا اداريّة ومالية، وللهروب من كلّ هذه وتلك، جنح المفتى قبانى نحو قوى محليّة واقليميّة مستقويًّا بها فى مواجهة المجلس الشرعى الإسلامى الأعلى وبعض رؤساء الحكومات، وبسبب ذلك اصبح المفتى قبانى وبدعمٍ من حزب الله والنفوذ الإيرانى فى مكان، واكثريّة المسلمين وقياداتهم  فى مكان آخر، وتحوّل المفتى قبانى الى اداة  ومتراس للنفوذ الإيرانى ليتمدد على الساحة الإسلاميّة، ولتوجيه سهامه الى معارضى نفوذ حزب الله الإيرانى من القيادات الإسلاميّة أو المشايخ والعلماء المناوئين والرافضين لأداء حزب الله ومشروعه الإيرانى فى لبنان بحجة القضية الفلسطينيّة التى حوّلها حزب الله وايران لجسر عبور الى المنطقة العربيّة.


■ هل تدخلت مصر لوأد فتنة دار الإفتاء، وما هى تفاصيل تدخلها عبر الأزهر الشريف؟


- لا شك أن لمصر دورا مهما وبنّاء فى قضايا العرب والمسلمين، وخاصةً فى لبنان، وهذا هو عهدنا بمصر وقيادتها وشعبها  ومشيخة الازهر الشريف فيها وخاصةً القيادة السياسيّة الجديدة للرئيس عبد الفتّاح السيسى ومن معه، فقد كانت مصر وشعبها على الدوام محتضنةً للبنان بكلّ مكوناته وساعيةً الى تحصين وحدته الوطنيّة، ومناديةً باستمرار برفع الأيدى عن لبنان وشعبه، ومن اجل ذلك فإن مصر بدأت ومنذ وقتٍ ليس بقصير بالعمل على وأد الفتنة بين المسلمين بسبب مشكلة دار الفتوى ودور المفتى قبانى فيها، وذلك من خلال الدور البارز والمهم والصامت للقنصل العام المصرى (السيّد شريف البحراوي) بتوجيهٍ من القيادة المصريّة وبالتنسيق مع الأزهر الشريف لبذل الجهود المشكورة لتوحيد الصف الإسلامى، ومحاصرة الخلاف والقيام بجسر تواصل بين الفرقاء، وتقديم النصح للمفتى قبانى للتعاون مع كلّ المعنيين وعدم إتاحة الفرصة لمن يريد ان يستمر هذا الخلاف بين المسلمين ليحقق اهداف كلّ الطامحين لأن يبقى لبنان ورقةً بيد المشروع الإيرانى فى المنطقة، وتتركز المبادرة المصرية التى يقوم بها القنصل العام على الأسس التالية:
1- اختيار مفتى جمهورية جديد بالتزكية من كل الاطراف.


2-اسقاط جميع الدعاوى الجزائية والمدنية ضد المفتى قبانى وولده وطى ملفه المالى.


3-تحقيق مصالحة بين المفتى قبانى المنتهية ولايته قريبا؛ ورئيس مجلس الوزراء والرؤساء السابقين للحكومة.


4- لقاء بين جميع الشخصيات والقوى الاسلامية السنية فى دار الفتوى بحضور المفتى الجديد للجمهورية.


5- يعقب ذلك لقاء اسلامى «سنى - شيعى» لوأد الفتنة وتحصين الوحدة الاسلامية لتكون اساسا للوحدة الوطنية فى لبنان.


■ هل حقًا الشيخ عبداللطيف دريان هو الأكبر حظًّا لغاية الآن، ومن هم الأوفر حظًا بالنسبة لهذا المنصب؟


- حقيقةً ان المبادرة المصريّة المقبولة محليًّا والمدعومة عربيًّا وخاصة من الجهات المعنية فى المملكة العربية السعودية  لعبت دورًا اساسيًّا فى تقريب وجهات النظر، وباعتقادى ان كلّ الأجواء اضحت مهيّئة لانتخاب المفتى الجديد فى 10 اغسطس، وكلّ المؤشرات تدلّ على ان رئيس المحكمة الشرعيّة العليا القاضى الشيخ عبداللطيف دريان هو الأوفر حظًا لتولى منصب مفتى الجمهوريّة.. والقاضى الشيخ عبداللطيف دريان هو من متخرجى جامعة الأزهر الشريف فى مصر ومن الجامعة الإسلاميّة فى المدينة المنوّرة وله العديد من المؤلفات، وعلى الأرجح انه سيكون انتخابه بالتزكية، نتيجة تعاون كلّ الفرقاء مع المبادرة المصريّة المدعومة من رئيس مجلس الوزراء والرئيس سعد الحريرى، وبقية رؤساء الحكومات السابقين ومن المجلس الشرعى الإسلامى الأعلى.


■ هل من الممكن ان يتعطّل ملف انتخاب المفتى، ولو تعطّل ما مصير المسلمين السنّة حيال ذلك؟


- تعطيل انتخاب المفتى غير وارد ومصير المسلمين السنّة فى لبنان اكبر من الأشخاص والمواقع، فهم اصل لبنان وحماة العروبة والإسلام فى هذا البلد، هم الذين يقررون ولا يستطيع احد مهما كان لديه فائض من القوّة ان يقرر عنهم، لأن المسلمين السنّة وقياداتهم هم الرقم الصعب فى المعادلة اللبنانية، لا يمكن لأحد ان يتجاوزهم، واذا اراد فلن يستطيع، فهم جزء لا يتجزّأ من عمقهم العربيّ والإسلاميّ فى هذا الشرق.


■ من له الحق بإعلان مفتى جديد للبلاد؟


-  انطلاقا من المرسوم الاشتراعى رقم 18 الصادر عن المجلس النيابى عام 1956 تعديلاته، والذى نص على كيفيّة انتخاب مفتى جديد، فإن رئيس مجلس الوزراء العامل أيًّا كان، هو الذى يدعو الى انتخابات المفتى وهو الذى يترأّس المجلس الانتخابى وهو الذى يعلن اسم المفتى الجديد وبعدها يصدر مرسوم جمهورى بإعتماد انتخاب  المفتى الجديد من خلال التشاور والتنسيق بين رئيس مجلس الوزراء ورئيس الجمهورية اللبنانية، وأى دعوة اخرى لانتخابات مفتى الجمهوريّة هى باطلة ولا قيمة لها على الإطلاق.


■ هل من الممكن الإعلان عن اسم المفتى الجديد قريبًا، بعد عيد الفطر مباشرةً مثلاً؟ ونتمكّن بعدها ان نأخذ منه تصريحًا؟


- بإذن الله تعالى وبتوفيقه سيتم الإعلان عن اسم مفتى الجمهورية الجديد فى العاشر من اغسطس بعد دعوة رئيس مجلس الوزراء للانتخابات، ومن خلال لقاءاتنا المستمرّة مع دولة رئيس مجلس الوزراء تمام سلام ومع الرؤساء السابقين، فإن الدعوة للانتخابات ستوجّه فى اوائل اغسطس، وعلى الأرجح من خلال المعلومات المتوفرة، ان العاشر من اغسطس هو يوم الانتخاب، فى حال رفض المفتى قبانى التماشى مع المبادرة المصرية المدعومة عربيا والمقبولة من جميع الاطراف اللبنانية وهذا لا يمكن ان يتم الا بعد اعلان رسمى ببيان ودعوة من دولة رئيس مجلس الوزراء ليكون هذا الموعد رسميًّا وفعليًّا.