الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

«المواقع الإباحية» على «فراش» الأسرة المصرية

«المواقع الإباحية» على «فراش» الأسرة المصرية
«المواقع الإباحية» على «فراش» الأسرة المصرية




كتبت - هايدى حمدى

المواقع الإلكترونية باتت تشكل قنابل موقوتة فى كل بيت، فهى توفر كل ما يجول فى بال أى شخص، فكل ما عليه كتابة ما يخطر له لتظهر آلاف الصفحات التى تحمل مراده، وبسبب ما يعانيه الشباب من أوقات فراغ كبيرة دون استغلالها فى شىء مفيد، كذلك مع انتشار الأفلام الدخيلة على المجتمع المصرى التى تحمل الإيحاءات الجنسية بل فى بعض الأحيان مشاهد جنسية كاملة، مما يؤدى إلى إثارة الدافع الجنسى لدى الشباب، خاصة أن تلك الفترة العمرية تحمل كل معانى الحماس والاندفاع وزيادة الشهوة لدى الشباب، فأصبح الشباب رقم 3 فى قائمة الباحثين عن كلمة «جنس Sex» فى العالم، وذلك حسب إحصائية أعدها محرك البحث العالمى «جوجل»، وبدأ الشباب فى التعرف على ما يسمى بـ«غرف الشات الإلكترونى» أو «الجنس الإلكترونى»، وهو عبارة عن عملية تتم بين فردين عبر وسائل الاتصال المتوافرة عبر شبكة الإنترنت، مثل: البريد الإلكترونى، أو الصور، أو الرسائل الجنسية،.. وغيرها والتى تعتمد على التخيل والإيحاءات.


قال الدكتور سعيد عبدالعظيم أستاذ الطب النفسى بجامعة القاهرة إن الشباب لديهم طاقة جنسية عالية، جزء منها يحتوى على الرغبة، لذا يحاولون إيجاد شىء مثير، وفئة الشباب فى هذه السن يشغل الجنس حيزاً كبيراً من تفكيرهم، خاصة غير المتزوجين، لكن بعض المتزوجين أيضًا يقبلون على فعل ذلك لأنهم يجدون متعة فى ممارسته، وأحيانًا يكون جزءاً من هذا الاستمتاع فى مشاهدة صور جنسية سواء رجلاً أو امرأة، وهناك حالات شاذة تستمتع بمشاهدة علاقات جنسية مثلية أو عنيفة أو علاقات مع الأطفال.
وترى الدكتورة سامية خضر أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس، أن انتشار هذه الظاهرة الخطيرة يرجع إلى الفراغ الكبير لدى الشباب دون استغلاله فيما يفيد، فلا يشارك فى التنمية أو الخدمة المجتمعية أو الرياضة، ضاربة مثالاً بالطفل فى الدول الغربية الذى يمارس الرياضة منذ الصغر، التى تعمل على امتصاص جزء كبير من طاقة الشباب.
وأوضحت أن دور الإعلام فى عرض هذه الظاهرة غير لائق، لكنه قد يزيد من انتشارها بين الشباب بسبب الأسلوب الذى يتنافى مع الأعراف والتقاليد، فيجب ألا نعرض البرامج التى تصدمنا بأمور دنيئة، وضربت مثالاً على ذلك قائلة «بدل ما تجيب البرامج اللى بتخلى دماغك تتخيل حاجات وحشة زى حلقة اتعرضت فى أحد البرامج عن بنت أبوها بينام معاها، ايه اللى هنوصله غير انك تبقى خايفة لما تشوفى أبوكى»، مؤكدة أنه يجب استبدال ذلك ببرامج توعية حقيقية بعدم الغوص فى علاقات غير سليمة، واصفة بأن ما يحدث فى الإعلام بـ«الفوضى».
وقال الشيخ محمود عبدالخالق دراز الأستاذ بجامعة الأزهر والداعية بالأزهر والأوقاف: إن عملية الجنس حددها القرآن الكريم لنا ولخصتها السنة النبوية فى قول النبى  صلى الله عليه وسلم: «من استطاع منكم الباءة فليتزوج» فغياب الوازع الدينى عن الأسرة المصرية حاليًا هو الذى دعم فكرة الجنس الإلكترونى أو أن الشباب ينظر ويتحرش.. وهذا محرم من القرآن والسنة، حيث قال الله ــ عز وجل ــ فى كتابه العزيز: «قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن».
وأكد «درازد» أن عملية الجنس الإلكترونى ترجع لعادات اجتماعية سيئة يجب معالجتها منها غلاء «المهور» والمبالغة فى تجهيزات العروسين، فمثلاً عندما يقدم العريس على الزواج تقوم الأسرة بتكليفه بما لا يطيق، كذلك الفتاة يطلب العريس من أهلها تجهيز مستلزمات الزواج وخلافه بما لا تطيقه الأسرة، وبالتالى أدى ذلك إلى عدم إقبال الشباب على الزواج بسبب المغالاة فى المهور، فنحن من صنع ذلك بأنفسنا، وبالتالى يفرغ الشباب طاقاتهم فى هذا الأمر، ففى البداية كان يفرغها فى الطرقات والتحرشات وخلافه، أما الآن بعد توغل الإنترنت وسهولة الاتصال بالفتيات أو الفتيات بالشباب أصبحت العملية ميسورة وسهلة ومجانًا، فمن خلال كاميرات الويب يفعل ما يفعله الزوج مع زوجته، وهذا أمر محرم شرعًا، فهو يجعل الإنسان فى صورة بهيمية، فينظر للمرأة بعدما قضى حاجته بما فيها أخته على هيئة جنسية بحتة، فالإنسان الذى يستسلم لمثل تلك الأمور ينظر إلى أى امرأة أجنبية عليه من ناحية الجنس فقط.
وأوضح الداعية بالأزهر والأوقاف أن «الجنس الإلكترونى» لا يعتبر زنى حقيقياً، لكنه يأخذ عقوبة الزنى حكمًا وليس حقيقة، فمن يقبل على هذا لأمر يفعل ما يفعله الزانى وينظر ما ينظره الزانى بل أشد، هذا إلى جانب أنه يثير نفسه ويثير من تجاربه فى الممارسة، وذلك يعود بالأثر السيئ عليه صحيًا ونفسيًا، فهو بعد انتهائه مما يقوم به لا يكون قد أشبع رغبته تمامًا، بالتالى يحاول علاج نفسه فيجد الناحية النفسية على أثر ما سمعه من خطبة من شيخ أو خطبة الجمعة يدخل فى عراك نفسى وداخلى، مما يؤدى إلى حالات انتحار وحالات لا مبالاة وحالات فقدان الأثر الطيب للأسرة والمجتمع والدولة، ينتج عن ذلك شباب منحل نحن من يصنعهم ونجعل هذه المشكلة تتفاقم.
وبالنسبة لفتوى تحريم «الشات» بين الجنسين التى صدرت مؤخرًا، أشار إلى أنه لا يستطيع تحريم «الشات» عبر المواقع الاجتماعية مثل «فيس بوك» و«تويتر» وخلافه، فالتواصل الاجتماعى لا شىء فيه طالما فى حدود وفى عدم خلوة.. ومن متطلبات الأصول الشرعية لـ«الشات» أو خلافه، لكن إذا خرج لمغازلات ومهاترات يأخذ حكم الممنوع أو المحظور، وإذا تم تحريم «الشات» بكل أنواعه فكأننا نصنع حكرًا ونعود للوراء، لكننا نريد الشباب يقوم باستغلال كل ما هو حديث لينفع دينه ونفسه.
وبالنسبة للخطاب الدينى الذى بتطوره يمكن القضاء على هذه المشكلات الدخيلة التى تؤرق المجتمع المصرى وتخلخل العقيدة الدينية الراسخة فى نفوس الشباب، يرى فضيلته أن هناك تراجعًا فى الخطاب الدينى بشكل ملحوظ، وهو أمر تعمل الدولة جاهدة عليه بمؤسساتها الأزهر والأوقاف والإفتاء، لكنه يعتقد أن خطواتهم للأسف قد تكون تقليدية، ففى بداية الاهتمام بتجديد الخطاب الدينى كان شيئًا مبهرًا وما لبث أن تراجع بعد فترة وعاد إلى السير بالروتين القديم التقليدى السابق، فلا يوجد تجديد بل نأخذ خطوات فقط.
واتضح أن هذه المواقع التى تصدر «الجنس الإلكترونى» ما هى إلا تجارة للأدوات الجنسية، التى انتشرت فى مصر خلال السنوات الأخيرة فى إطار عالم تحكمه «السرية»، وتلعب الشركات الإسرائيلية الدور الأكبر فى هذا المجال، حيث تقوم بتصدير بضائع جنسية إلى مصر تتمثل فى شرائط جنسية وأعضاء جنسية صناعية ومجلات جنسية يتم إدخالها إلى مصر بطرق غير مشروعة تقدرها بعض المصادر بـ250 مليون دولار سنويًا.
وتعتبر أبرز هذه الشركات شركة «أيل جال» التى يمتلكها رجل أعمال إسرائيلى  يطلق عليه فى إسرائيل «ملك الجنس»، التى تقوم بتصدير بضائع جنسية للعالم العربى تدر أرباحًا سنوية تصل إلى 300 مليون دولار.