الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

شيوخ «الفضائيات» تركوا المساجد واستغلوا الشرع فى أجندات «مشبوهة»

شيوخ «الفضائيات» تركوا المساجد واستغلوا الشرع فى أجندات «مشبوهة»
شيوخ «الفضائيات» تركوا المساجد واستغلوا الشرع فى أجندات «مشبوهة»




تحقيق - محمود ضاحى
لم  تعد هناك مصداقية فى شيوخ السلفية ومشاهير الدعوة الذين ادعوا أنهم خط الدفاع الأول عن الإسلام والمسلمين، بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير، وخلطوا المنابر فى الأمور السياسية والحزبية، فهم الآن أمر أرجعه المفسرون من العلماء إلى أنه نتيجة طبيعية لظهور رجل الدين فى محفل السياسة وكذبه على الجمهور ما عكس بدوره عدم تصديق أيا منهم.

توظيف  الدين  حسب  أهوائهم
قديما فسر مشايخ غير مختصين من السلفيين وشيوخ الفضائيات القيم الإيجابية الواردة فى النصوص الدينية يحسب أهوائهم، بل ولجأوا إلى توظيف الدين لبسط سيطرتهم على طبقات اجتماعية مقهورة ومطحونة، ناهيك عن تسخيره أيضا فى الأمور السياسية والحزبية التى تخدم مصالحهم الشخصية، وكانت نتيجة ذلك كله أن خرجت وزارة الأوقاف بقرار منع أبرز علماء التيار السلفى وقيادات مجلس شورى العلماء والشيوخ «أبو إسحاق الحوينى - محمد حسان - محمد حسين يعقوب» من الخطابة والدعوة فى المساجد.
أصناف أمثال تلك الشيوخ تواروا عن الأنظار، بينما هناك صنف ثان فمثله برهامى ورسلان غيروا جلودهم وشاركوا فى العملية السياسية بعد أن تركوا المنبر وخلعوا رداء الدين بفتاواهم الحاضرة التى أرقت العالم العربى، هؤلاء السلفيون الذين اعتلوا المنابر وتحدثوا فى السياسة والدين هدفهم واحد، لكن بعد انتشار الأعمال الإرهابية والإجرامية والتكفيرية لم نسمع أصواتهم أو مبادراتهم، علاوة على أن علماء الأزهر المختصين أشاروا إلى أن ظهور رجل الدين يتحدث عن التحزيبات والسياسة أمام الناس قلل من شأنه كثيرا.
يقول الدكتور على جمعة، مفتى الجمهورية السابق، إن علاقة الدين بالسياسة علاقة وثيقة فيما يخص رعاية شئون الأمة فى الداخل والخارج، موضحا أن الدين قائم على رعاية المجتمع والنهوض به ونشر التسامح والخير، مؤكدا ضرورة فصل الدين عن السياسة بالمعنى الحزبى، قائلا: «هذا الربط مفسدة للدين وإنزاله من سموه إلى معترك ليس للدين فيه شأن كما يعد انه ظلما له»، متسائلا: كيف ينادى البعض بالدين وهم يريدون من ورائه الكراسى؟، مطالبا بالتفريق بين الإزالة والإزاحة التى تهدف إلى البناء، موضحا أن انتشار دعاوى الهدم منذ ثورة يناير تريد عدم نهوض مصر مرة أخرى.

استغلال  المقدسات  «المساجد - الكنائس»
الداعية الأزهرى عبد الناصر بليح، يؤكد أن خلط الدين بالسياسة من الموضوعات التى يتحدث عنها الكثيرون ما بين مؤيد ومعارض، فمنهم من يمنع إقحام الدين فى السياسة لأنه سيلقى بظلال سالبة على الممارسة السياسية تصل حد النتائج الكارثية خاصة أن هذا الإقحام يتسم من جهة بعدم الاتفاق والإجماع، ومن جهة أخرى سيصل إلى استغلال المقدسات «المساجد - الكنائس».
ناهيك عن استغلال الأئمة ورجال الدين المنابر الدينية المختلفة فى الدعاية وتعريض المساجد للدنس والهرج والمرج ولاسيما يوم الجمعة، فى حين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن كلمة «صه» منذ اعتلاء الخطيب المنبر مخافة أن يتحول المسجد لسوق وقت أداء الشعائر، علاوة على استغلالهم المنابر أيضا فى تحقيق الأهداف والطموحات السياسية الدنيوية وما ينبغى أن يكون الإمام تحت سلطة أحد أو أمرة أحد من الجماعات.
وتابع: إن من ينادون بأن السياسة لها علاقة وطيدة بالدين فهى كلمة حق أرادوا بها مآرب أخرى ولاسيما فى زماننا زمن الفتن والخزعبلات والعصبية المذهبية والحزبية، دون النظر لمصلحة الدين، إلى جانب أن الذين تدخلوا فى السياسة من رجال الدين قد أضروا انفسهم أولا وعرضوا الدين للقيل والقال وفتحوا المجال لأعداء الدين الحنيف أن يتقولوا عليه وينسبوا له أفعالاً ومغالطات العباد.
ويرى بليح أنه لابد من ابتعاد الدين عن السياسة فى ظل وجود الأزهر الشريف والمادة السابعة من الدستور التى تحفظ وتكفل للأزهر أمور الدعوة الإسلامية كاملة فى مصر والعالم العربى والإسلامى ، كما أن هناك لجنة دينية تهتم بهذه الأمور فى البرلمان تناقش كل ما يتعلق بالدين والدعوة والمساجد، وأنا كمسلم كل ما يهمنى بأن الدين الإسلامى هو مصدر التشريع، بالإضافة إلى أن شيخ الأزهر يتم اختياره بالانتخاب الحر المباشر من بين لجنة كبار العلماء.
ويقول الشيخ محمد البسطويسي، نقيب الأئمة والدعاة، إن الكثير من المشايخ دينوا السياسة، موضحًا أن النبى صلى الله عليه وسلم كانت تخرج غزواته من المساجد لكن الكثير من العلماء سيسّوا الدين، مطالبًا كل من يعمل فى السياسة أن يبتعد عن الدين، مناشدا أئمة المساجد بأن يفرقوا فى تحزباتهم وعدم الحديث فى المواضيع التى تثير الفتن لأننا فى مرحلة يجب فيها تضافر الجهود مع الدولة خاصة التفرقة التى تحدث من بعض القيادات الإخوانية، وأن تكون العبرة أمامنا ولا نتحدث فى السياسة لأن الناس تحتاج إلى جرعة دينية.
وأضاف أن بعض التيارات السلفية عندما تعمل فى السياسة من على المنبر، وتستخدم الدين لأغراضها فتظهر بمظهر الفضيحة خاصة ممن خرجوا من أتباع السلفية أمثال برهامى وأنور البلكيمى وغيرهم.
بينما رأى الداعية الشيخ محمد القطاوى، رئيس حركة أئمة بلا قيود، جواز ربط الدين بالسياسة فالدين ليس مجرد فقط الحياة التعبدية كالصلاة والزكاة وباقى أركان الإسلام، وإنما شمل الدين العبادات والمعاملات على حد قوله، موضحًا أن المعاملات فى مجملها هى السياسة وأن الدين الذى جاء لينظم الحياة الاجتماعية للبشر لم يهمل أبدا الجانب الأقوى «الدولة» واهتماماتها وتنظيم شئونها.
وأوضح أن وجود الشريعة بغير الدين تتحول إلى غابة من الذئاب يأكل القوى فيها الضعيف ويطغى ذو السلطان على العامة، ولو رأينا المصطفى صلى الله عليه وسلم حين دخل المدينة لم يكن حاكما وإنما كان هو رجل الدين الذى أعاد ونظم بتدينه الحياة منطلقا من رسالته لبناء الدولة الدينية الملتزمة التى تحافظ على قيمها وأخلاقها والتى تحترم حقوق الفرد والجماعة.

أهداف  سياسية  ودنيوية
ونوه القطاوى إلى أن انفصال الدين عن الدولة ليس صحيحًا ولكن شرط أن يطبق هذا التكامل بصورته الصحيحة، لا أن تستخدم مجرد شعارات تلعب على وتيرة تدين الشعب للوصول الى أهداف سياسية ودنيوية، ولكن آن يتم التكامل بين الدين والدولة لتنظيم الحياة ونشر روح الود والتسامح، فإن النبى صلى الله عليه وسلم كان هو رجل الدين وكان هو رجل الغزوات، فكان حاكما وقائدًا ومربيًا.
وأشار إلى أن هناك عوامل تقوم عليها الدولة السياسية التى بدأ بها وطبقها النبى صلى الله عليه وسلم مع اختلاف المسميات، فالبرلمان والتشاور كان موجود منذ انطلاق النبى بدعوته إعداد الجنود وتكوين جيش وقيادات الحماية الخارجية والداخلية والعلاقات الخارجية مع الملوك كل هذا وأكثر هو الذى صارت عليه الدولة لكن فى مسميات الوزارة بين الدفاع والخارجية والداخلية وضع اللبنة الأولى فى أصله هو رجل الدين محمد صلى الله عليه وسلم.

المقولة  نشأت  فى  أوروبا
الشيخ محمد الجزار، قال إن السياسة فرع فى الدين ولتمكين الدين نستخدم السياسة والدين هدفه سعادة الإنسان ورقى الأمم والفكرة المأخوذة عن قذارة السياسة فكرة غير حقيقية لذلك يطالبون بفصل الدين عن السياسة فمن يقل بهذا الفصل فلم يعرف الدين أو السياسة ولكنها انطباعات محفوظة يصدرونها للناس فى شكل علمى فالسياسة هى فى فحواها اتخاذ قرار فى أمر ما هذا القرار اذا كان يضاد الأخلاق والقيم والمبادئ والأعراف فهو ضد الدين وإذا وافقها وكان فى صالح المجتمع فهو من الدين.
وأضاف أن الدين هو مجموعة القيم والمباديء والمثل، متسائلا: كيف يتم تنفيذها على أرض الواقع إلا بقرار سياسى؟ لكن ليس فى الدين استغلال الأعمال السياسية للوصول للسلطة، موضحًا أن المفاهيم المعلبة عن السياسة والدين هى سبب الأزمة فى مقولة فصل الدين عن السياسة بخلاف أن هذه المقولة نشأت فى أوروبا فى عصر سيطرة الكنيسة على مقدرات الحياة لديهم ولم ولن تنبع تلك المقولة فى عالمنا الاسلامى لسبب بسيط جدا وهو أنه لا سلطان لعالم الدين على أحد والدليل الأكبر هو مدى الجوع والفقر والعرى الذى يمتد لأكبر شريحة من علماء الإسلام.
ويلفت الجزار إلى أن أمثال «حسين يعقوب - محمد حسان - أبو اسحق الحوينى» ليسوا علماء دين فهم صنيعة تيار تم الزج بهم فى المجتمع وتسليط أدوات الإعلام عليهم فأصبحوا فى المقدمة وفى نفس الوقت همش الإعلام العلماء الحقيقيين فأصبحوا لا صوت لهم ولا يعرفهم أحد.
لكن الداعية إسلام النواوى، بإدارة البحوث والدعوة بالأوقاف، قال: هناك طائفة زعمت لنفسها التدين فأساءت بتدينها إلى الإسلام فحصروا الدين فى الشعائر وغفلت الأخلاق والمعاملات والتقدم والرقى، وطائفة زاد بها الانحلال فأرادوا تهميش الدين فتمردوا على الشعائر ولم يؤدوها، وأقول لهؤلاء وهؤلاء إن الدين الذى ناقش قضية التوحيد كقضية أساسية فى أى دين ناقش أيضا جوانب «حضارية - حياتية - طبية - نفسية - سلوكية».
وأضاف أن الدين الحنيف لم يغفل دور العلم والإبداع البشرى فتراه يفتح نافذة الإبداع ويجعله جزءا من التعبد بقوله «فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون» ونقول لهم «استقيموا يرحمكم الله».

قصاصين  بنو  أمية
نشأت زارع، داعية بأوقاف الدقهلية، يرى أن ربط الدين بالسياسة يضر بالدين وبالسياسة والصراع السياسى منذ قرون كان سببا فى مباشرا فى تزوير الروايات الدينية لخدمة السلطة السياسية، مشيرًا إلى أنه فى الدولة الأموية مثلا تم اختراع روايات لخدمة السلطة عن طريق قصاصين بنو أمية حتى يستميلوا الناس لطاعة الحاكم مثل حديث «أطع الحاكم ولو جلد ظهرك» هذه الرواية رائحة السياسة ظاهرة فيها، والهدف منها خدمة السلطة.
وأوضح أن هناك فرقًا بين فصل الدين عن الدولة وفصل الدين عن ألاعيب السياسيين، منوها إلى أن الإمام محمد عبده كان يقول «لعن الله ساس ويسوس ومسوس وسائس وكل مشتقات السياسة» والسياسة الملعونة فى نظر الإمام بالتأكيد هى الذى يظلم فيها الإنسان ويسحق ويحرم من حقوقه وينتشر بسببها المحسوبية والطبقية والناس المترفة والناس الجائعة.