الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

«روزاليوسف» تنشر وثيقة تاريخية للجامعة العربية عن الجزر الإماراتية

«روزاليوسف» تنشر وثيقة تاريخية للجامعة العربية عن الجزر الإماراتية
«روزاليوسف» تنشر وثيقة تاريخية للجامعة العربية عن الجزر الإماراتية




كتب - خالد عبدالخالق


حصلت روزاليوسف على وثائق وتقارير اعدتها الامانة العامة للجامعة العربية منذ عام 1971، تلقى الضوء على خلفية احتلال إيران للجزر الإماراتية الثلاث طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبوموسى فى 30 نوفمبر 1971، الوثائق والتقارير التى اعدتها الجامعة العربية استندت على وثائق مقدمة من حكومة رأس الخيمة والشارقة انذاك، تشير الوثائق إلى أنه فى حالة جزيرة أبوموسى، فإن القوات الإيرانية دخلت إليها بموجب مذكرة تفاهم بين إيران والشارقة تم التوقيع عليها قبيل ذلك بأيام، ونصت مذكرة التفاهم التى تم التوقيع عليها بعد تعرض حكومة الشارقة لضغط وتهديد شديدين من إيران، على أن يتم نشر القوات الإيرانية فى جانب واحد من الجزيرة حيث ستمارس سلطتها على هذا الجزء، فيما ستحتفظ الشارقة بسلطتها على باقى أنحاء الجزيرة وبموجب المذكرة فلن يتخلى أى من أطراف الاتفاق عن حقه فى جزيرة أبوموسى، كما انه لن يعترف كذلك بحق مطالبة الطرف الآخر بها.
وأفاد شهود آنذاك بأن حاكم الشارقة وافق على التوقيع على المعاهدة فقط عندما تبين له بالدليل القاطع بأنه حتى لو لم يقم بالتوقيع فإن إيران ستغزو أبوموسى وتحتلها عسكريا على أى حال.
أما فيما يتعلق بجزيرتى طنب الكبرى وطنب الصغرى فقد جرت محاولة مماثلة من قبل إيران للتفاوض حول اتفاق مع حاكم رأس الخيمة ولكنها باءت بالفشل مما اسفر عن غزو إيران لهاتين الجزيرتين بالتزامن مع وصول قواتها إلى ابوموسى وقد وقعت خسائر فى الأرواح نتيجة لاستخدام الحكومة الإبرانية القوة فى غزو الجزيرتين.
الإدارة القانونية بالجامعة أعدت تقريرا حول احتلال إيران للجزر الإماراتية الثلاث، التقرير لم يظهر إلا مرة واحدة وكان بصورة محدودة التداول، وغلب عليه الطابع السرى بحيث إن تداوله كان فى أضيق الحدود، ويشير إلى أن إيران تدعى أن جزيرة أبوموسى كانت ملكا لها منذ القدم وأن بريطانيا هى التى استولت على الجزيرة منها وأعطتها للشارقة منذ ثمانين عاماً والتقرير يقول إنه بافتراض صحة هذا الادعاء – وهو ما تدحضه دحضا تاما الوثائق الواردة إلى الأمانة العامة من إمارة الشارقة – فإنه يثير التساؤل عن مدى أحقية إيران فى المطالبة حاليا باسترداد هذه الجزيرة بعد فوات هذه المدة الطويلة من استيلاء بريطانيا المزعوم عليها؟ وهل يمكن القول إن إمارة الشارقة قد اكتسبت ملكية الجزيرة بالتقادم الطويل المدة من عدمه؟
التقرير يوضح أنه للإجابة عن هذين السئوالين يقتضى الأمر الرجوع إلى شروط التقادم الثلاثة التى استقر عليها فقه القانون الدولى والبحث عن مدى توافر هذه الشروط كلها أو بعضها فى الحالة المعروضة، كما يشير التقرير إلى أن الشرط الأول لاكتساب الإقليم بطريق التقادم الطويل أن تضع الدولة يدها على اقليم معين تابع لإحدى الدول، بصفته صاحبة السيادة عليه وأن تصدر عن هذا الأساس جميع التصرفات التى تجريها بشأن هذا الأقليم وسلطاتها التى تباشرها فيه، ومن الجدير بالذكر بالنسبة للحالة المعروضة فإن التقرير يشير إلى نقطتين مهمتين الأولى أن الاتفاقيات التى أبرمتها إمارات الخليج العربى مع الحكومة البريطانية خلال المدة ما بين 1820 و1903 ومن أبرزها المعاهدة التمهيدية 1820 ومعاهدة السلام الدائم 1852 والاتفاقات المانعة 1892 لم تفرض نظام الحماية البريطانى على هذه الامارات كما لم تفرض الحكومة البريطانية الحق فى تمثيل الإمارات فى علاقاتها مع الدول الاجنبية، أما النقطة الثانية: فإن إمارة رأس الخيمة ظلت لعدة سنوات جزءا من الشارقة، إلى أن حصلت اعتبارا من سنة 1921 على اعتراف بريطانيا بها كإمارة مستقلة كما أن إمارة الفجيرة استقلت عن الشارقة عام 1901 ولكن لم يتم الاعتراف بها كإمارة مستقلة إلا عام 1952 عندما انضم حاكمها إلى نفس الالتزامات التعاهدية التى سبق أن التزم بها سائر مشايخ الامارات مع بريطانيا، التقرير ينوه إلى أن إمارة الشارقة شأنها فى ذلك شأن سائر إمارات الخليج العربى كانت دولة مستقلة فى مواجهة الدول الأخرى وإن كانت هذه السيادة ناقصة بسبب الالتزامات التى فرضتها الاتفاقيات المعقودة بينها وبين الحكومة البريطانية، وإذا فرضنا جدلا أن بريطانيا كانت قد استولت على جزيرة أبوموسى منذ أكثر من ثمانين عام حسبما تدعى إيران فإن الثابت أن بريطانيا قد تخلت عن هذه الجزيرة ولم تمارس عليها أى مظهر من مظاهر السيادة بل إن الوثائق تثبت بالدليل القاطع أن إمارة الشارقة هى التى ظلت تمارس سيادتها على الجزيرة منذ نهاية القرن التاسع عشر.
التقرير يرى ذلك يؤيده ما يلى: أنه منذ عام 1898 وحكام الشارقة يمنحون الامتيازات الخاصة بالتنقيب عن المعادن فى الجزيرة وما حولها وتعترض إيران على ذلك إلا فى اواخر عام 1970. كما أن الدلائل والبراهين تثبت أن غواصى اللؤلؤ ورعاة الحيوانات وغيرهم كان يستغلون جزيرة أبوموسى ويدفعون لقاء هذا الاستعمال رسوما سنوية لحكام الشارقة منذ عام 1863 كما يكشف التقرير أن أحد أشقاء حاكم الشارقة كان يقيم من حين لآخر فى الجزيرة بوصفه حاكما لها. وأن علم الشارقة كان مرفوعا على الجزيرة منذ عام 1902 وكان يتولى العناية به ممثل من الشارقة ماعدا سنة 1904 عندما غير علم الشارقة بالعلم الإيرانى لمدة شهرين من قبل موظف بلجيكى كان فى خدمة الجمارك الإيرانية ولكن لم تعترف الجمارك الملكية الإيرانية بهذا العمل وقد أزيل العلم الإيرانى من الجزيرة بناء على أوامر اتت من طهران.
التقرير يستخلص مما سبق أن إمارة الشارقة كانت تمارس سيادتها على جزيرة ابوموسى وبالتالى فإن الشرط الأول من شروط اكتساب الاقليم بالتقادم يكون متوافرا فى هذه الحالة.
كما يشير التقرير أن الشرط الثانى لاكتساب ملكية الاقليم بالتقادم أن يكون وضع اليد هادئا بمعنى إلا يكون متنازعا عليه أما إذا كانت دولة الأصل قد احتجت على وضع يد الدولة التى تدعى مباشرة حقوق السيادة على الأقليم  واستمرت فى احتجاجها عليه مهما تكن صور الاحتجاج فإن وضع اليد لا يعد فى هذه الحالة هادئا إما إذا لم تبد دولة الأصل احتجاجا أو كانت قد احتجت أول الأمر ثم توانت بعد ذلك أو وقفت موقفا سلبيا فإن وضع اليد  أصبح فى هذه الحالة هادئا، والتقرير يرى أنه من الثابت من الحالة المعروضة أن وثائق الحكومة البريطانية تؤكد أن هذه الحكومة كانت تتسلم من إيران مذكرات تطالب فيها بجزيرتى سرى وتامب، فى حين  انه لايوجد فى سجلات تلك الحكومة ما يفيد تسلمها أى مذكرات بخصوص إدعاء إيران ملكيتها لجزيرة أبوموسى. كما أن إيران لم تعترض على قيام إمارة الشارقة فى أواخر مارس 1964 برفع العلامة التى وضعتها آنذاك مصلحة خفر السواحل والموانئ الإيرانية على الجزيرة بهدف ادخالها فى نطاق المياه الإقليمية لإيران.
التقرير يبين أن وضع يد إمارة الشارقة على جزيرة ابوموسى كان هادئا ومستمرا ولم تنازع فيه ايران منازعة جدية على الاطلاق بل إنها كثيرا ما سلمت به واقرته وهو ما حدث عام 1904 وعام 1964 ومن ثم يتعين القول إن الشرط الثانى من شروط اكتساب الاقليم بالتقادم يكون متوافرا أيضا. كما يبين التقرير ان من شروط التقادم أن يكون وضع اليد قديما فإن الثابت أن وضع يد إمارة الشارقة على جزيرة ابوموسى يرجع إلى عام 1863 بل إن إيران نفسها تعترف بأن امارة الشارقة وضعت يدها على الجزيرة منذ أكثر من ثمانين عاما ومن ثم فإن الشرط الثالث من شروط التقادم يكون متوافرا بدوره.
التقرير خلص إلى أن جزيرة ابوموسى كانت ومازالت تعد جزءا من إقليم امارة الشارقة وأن ما تدعيه إيران من ملكيتها لهذه الجزيرة لا يؤيده الواقع أو القانون. وأنه لو كانت إيران على ثقة حقا من صحة ادعاءاتها وشرعية موقفها لما لجأت إلى التهديد باستخدام القوة لاحتلال الجزيرة وفرض سياسة الامر الواقع. يشير التقرير إلى أنه وفقا لسياسة حسن الجوار المنصوص عليها صراحة فى ديباجة ميثاق الأمم المتحدة تلتزم إيران بتسوية الخلاف القائم بينها وبين إحدى جاراتها إمارة الشارقة عن طريق المفاوضات أو عن طريق التحكيم الدولى اسوة بما جرى عليه العمل لتسوية منازعات الحدود التى تنشأ بين الدول المجاورة وبصفة خاصة دول القارتين الأمريكيتين. كما يرى التقرير أن تهديد إيران باستخدام القوة المسلحة لاحتلال الجزيرة يعد أسلوبا من اساليب القوة الذى كان يسود العلاقات الدولية فى القرن التاسع عشر وهو أسلوب جرمه ميثاق الامم المتحدة بمنعه استخدام القوة فى العلاقات الدولية وقد ورد ذكر هذا المبدأ فى ديباجة الميثاق وفى الفقرة الرابعة من المادة الثانية حيث نصت على مما يلى «ويمتنع اعضاء الهيئة جميعا فى علاقاتهم الدولية عن التهديد باستعمال القوة أو استخدامها ضد سلامة الأراضى أو الاستقلال السياسى لأى دولة أو على أى وجه آخر لا يتفق ومقاصد الامم المتحدة. وأنه وفقا لاحكام المادة 2/3 من ميثاق الأمم المتحدة تلتزم إيران بفض جميع منازعاتها بالطرق السلمية على وجه لا يجعل السلم والامن والعدل الدولى عرضة للخطر.  
إيران قامت منذ عام 1971 بتعزيز احتلالها للجزر من خلال محاولة خلق حقائق قائمة على الأرض تمثلت فى إنشائها لبنى تحتية أساسية ونقل بعض الوحدات العسكرية إلى الجزر بغرض إجراء مناورات على الجزر وحولها كما قامت إيران بتنفيذ برنامج يهدف إلى تعزيز استيطان مدنيين إيرانيين للجزر، كما ضمت الجزر إلى إحدى المقاطعات الإقليمية على الأراضى الإيرانية لأغراض إدارية، كما ترفض إيران مبادرة الإمارات بشأن إنهاء النزاع إما عبر مفاوضات مباشرة أو عبر التحكيم الدولى أو من خلال احالة النزاع الى محكمة العدل الدولية، لأن كل الوثائق والحقائق تشير إلى عروبة الجزر وتبعيتها لدولة الإمارات.