الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

«روزاليوسف» ترصد أكبر إمبراطورية للتجار والأسعار فى مصر

«روزاليوسف» ترصد أكبر إمبراطورية للتجار والأسعار فى مصر
«روزاليوسف» ترصد أكبر إمبراطورية للتجار والأسعار فى مصر




فى ظل معاناة المصريين من ارتفاع الأسعار بشكل مبالغ فيه خلال الأيام الماضية.. وإصدار الرئيس السيسى توجيهات مباشرة للحكومة بتخفيضها رحمة بالمواطنين ومحدودى الدخل، رصدت «روزاليوسف» أكبر إمبراطوريتين لبيع الخضار والفاكهة والحبوب والأسماك وأسعارها ومناطق توريدها وهى «سوق العبور» وسوق الجملة بـ«6 أكتوبر» وأحوال التجار والفلاحين الموردين لهما، وبعض المشكلات والتحديات التى تزيد من الأسعار مثل النقل والرسوم وخلافه

«سوق العبور» يسطر قوانين «الأسعار»

تحقيق وتصوير- داليا سمير
«سوق العبور» أكبر أسواق الجملة فى مصر، أنشئ عام  1994 وبه جميع أنواع الخضار والفاكهة والأسماك والحبوب.. عند دخوله ترى إمبراطورية غذائية كبيرة.. فهو لكبار التجار «الطائر الذى يبيض لهم ذهبا»، ويحرم  على غيرهم مشاركتهم.. لغة المال هى الوحيدة التى يتحدث بها تجاره.. فيه حقوق الشيالين والعاملين باليومية ضائعًا، «روزاليوسف» تجولت فيه لتنقل صوره حية من الداخل الذى يتحكم فى أسعار الخضروات والفاكهة.
فى البداية يقول عاطف عبد الشافى - تاجر طماطم - يتراوح سعر القفص ما بين 50 و 55 جنيهًا وزنه 20 كيلو جرامًا، ويتم توريد غالبيتها من الإسماعيلية والشرقية، ويتم الشراء بإحدى طريقتين «الكاش» بدفع الثمن كله للفلاح قبل الزراعة، أو شراء الثمار بعد نضوجها.
وأوضح أن الغلاء الذى أصاب الطماطم كان سببه تغيير المواسم وتصديرها لدولة ليبيا لبيعها بالدولار هناك، مضيفاً أن السلع فى فصل الصيف تتعرض للتلف، مما يضطر التاجر لبيعها بأسعار منخفضة لمصانع الصلصة حتى لا يخسر كل ماله، خاصة أنه ينتفع بالمحل عن طريق الإيجار ويدفع للمالك 3 آلاف جنيه شهرياً، مضيفاً بأن التاجر يتحمل تكاليف كل شىء من ثمن سلعة ونقل ورسوم دخول للسوق وإكراميات حتى لا يدفع الفلاح أى شىء وأن رسوم بوابة السوق تقدر بـ 3.5 جنيه للطن.
وأشار إلى أن هناك عددًا من المشكلات بين الملاك والجهة التى تدير سوق العبور ممثلة فى «جهاز السوق» لأن الأخير يجبر أصحاب المحال بدفع المتأخرات التى تتضاعف قيمتها  فى حالة التأخير عن دفعها لمدة سنة فأكثر، وإذا لم يدفع المالك يهددهم الجهاز بسحب المحلات منهم، مشيراً إلى أن الغرامات تزيد على 5 آلاف جنيه للواحدة، وأن الكهرباء تكون متوافرة دائما للكبار الذين يدفعون الإكراميات لبعض موظفى الكهرباء حتى لا يقطعونها عليهم.
وأضاف «عبدالشافى» أن كميات كبيرة من التقاوى الموجودة بالأسواق «مسرطنة» ودخلت عن طريق التهريب من إسرائيل، كما حدث منذ سنوات فى الطماطم التى كانت تشبه البلح فى طولها، بالإضافة إلى أن إنتاجية التقاوى من المحاصيل ضئيلة جدا فى مصر ما يتسبب فى خسارة كبيرة للمزارع وضررا على صحة المستهلك، كما أن بعض رجال الأعمال يحتكرون استيراد تلك التقاوى ما جعل سعرها يتضاعف، مشيرا إلى أن كثيرا من الأدوية الزراعية «المبيدات» صناعة إسرائيلية تسبب فى دمار المحاصيل وليس علاجها.
وأكد أن معظم المحاصيل غير الصالحة تذهب إلى مصانع الأغذية المحفوظة خاصة الطماطم، والتى يشتريها أصحاب المصانع بأسعار زهيدة، مضيفا أن بعض أطباء الصحة باعوا ضمائرهم ويتسترون على تلك العمليات فى استخراج التصاريح بتلك المنتجات نظير مبالغ مالية.
 وعلى جانب آخر قال «حسام محمد أحمد» - بائع متجول فى سوق العبور - أنه يتاجر فى الباذنجان والفلفل والبطاطس والبصل ويشتريها من مزارعى الشرقية، ويحجز المحصول باسمه قبل زراعته بمبلغ 100 أو 200 ألف يدفعهما للفلاح كعربون مسبق حتى يضمن أنه سيحصل على الثمار بعد الحصاد، لأن السوق لا يحكمه سوى المال الذى يؤثر على المستهلك، فى كل الأحوال لأنه إذا زادت أسعار المحصول وتكلفة حمولته ونقله تزيد الأسعار على المواطن.
وتابع أن الرسوم التى تفرض على الحمولة الوافدة للسوق تكون على السلعة فقط، وليست على السيارة لأن وزنها يكون معروفًا ومسجلاً على البوابات وأن أجرة السيارة تتراوح بين 420 و450 جنيها ويدفعها الفلاح وليس التاجر، ويستجلب عمالة باليومية لتعاونه فى تجارته من محافظات أسيوط وسوهاج والمنيا، ويتحمل المستهلك أجورها، حيث يحصل على بضع جنيهات من كل زبون يشترى منه للعمال.
مشيرا إلى أن السلع التالفة تشتريها المطاعم والمصانع وأن النظيف يباع للزبون القطاعي، مفيدا بأن كثيرا من المطاعم تلجأ للسلع الفاسدة والتالفة فى أوقات الغلاء، خاصة مطاعم الكشرى والفول والفلافل وبعض المطاعم الأخرى.
وفى المقابل أكد «بكر سعد» (شيال) أنه يعمل فى السوق منذ 15 عاما ويعلم بأنه لا يوجد مستقبل له ولأبنائه وأن غلاء الأسعار يعود عليه بالسلب حيث إنه يكسب فى يومه 30 أو 40 جنيهًا وهو من سكان إمبابة، ولا يوجد تأمينات تضمن مستقبل أولاده ولا يتقاضى الأجر فى حالة مرضه أو غيابه عن العمل.
وطالب الدولة باحتضانهم حتى ولو بعمل تأمين صحى أو اجتماعى على أولادهم، وذلك لأن السوق يتبع الدولة وليس التجار الذين يتعاملون بما يخدم مصالحهم الخاصة فقط.
وأضاف أن الجميع يعانى من الأسعار والفلاح يعانى من غلاء السماد وغشه سواء من بعض الجمعيات الزراعية أو السوق السوداء، والتاجر يعانى من الغلاء الذى يتحمله المستهلك بعد ذلك، ولكن إذا عزف الأخير عن الشراء فإنه يضع التاجر فى ورطة.
وقال «أحمد عباس» موظف بمحل البذور والمبيدات بإحدى الشركات بالسوق أنه يوفر بذور الكوسة حيث إن العبوة تحتوى على 500 جرام بسعر 35 جنيهًا مشيراً إلى أن الفدان يستهلك زراعته 2 كيلو جرام، وأن عبوة الجزر تحتوى على 400 جرام بسعر 70 جنيهًا والفدان يحتاج 2 كيلو، بينما عبوة الأناناس تحتوى على 100 جم بسعر 80 جنيهًا والـ 100 جم يزرع نصف فدان، وعبوة الكرنب تحتوى على 100 جم بسعر 15 جنيهًا وأن الـ100 جرام تكفى زراعة فدان،  علبة «القتة» تحتوى على 500 جرام، وتكفى لزراعة نصف فدان، والخيار تحتوى على 2500 بذرة بـسعر 50 جنيهاً والفدان يحتاج 4 عبوات، والبقدونس بسعر 30 جنيهًا يكفى لزراعة نصف فدان، والبطيخ يابانى مستورد تحتوى على 100 جم بـ300 جنيه تكفى لزراعة فدان، ويوجد لديه تجار دائمين لهذه البذور وأن أسعارها ثابتة ولم تتعرض للغلاء.
وفى شادر السمك قال «عزام عبد الشافى» سماك بأنهم يشتغلون بالسمك الأسوانى فقط ويجلبون نوعين منه من بحيرة ناصر جنوب مصر وهما قشر البياض ويشتريه جملة بـ28 جنيهًا ويباع بـ30 جنيها، وسمك البلطى وأنواعه دباشى بـ 16 جنيهًا، ومتلت بـ12 جنيهاً، وشبار بـ7 جنيهًا، ويبيع الأسماك التالفة لمصانع التونة والسالمون، ويوزع أفضل الأسماك على عملائه من الفنادق والمطاعم الشهيرة، وأن العمالة التى تعمل معه أغلبها من سوهاج ويتحمل صاحب العمل أجورهم،  وأن رسوم السيارات المحملة تكون على المورد.
وأوضح الدكتور سعد لبيب - طبيب بيطرى ومسئول صحى بإحدى ثلاجات حفظ الأسماك - أنهم يجلبون الأسماك من دمياط وكفر الشيخ وبورسعيد ويستوردون أسماك الخليج التى تأتى من خليج عدن باليمن، ويكشف على الأسماك قبل بيعها، وفى حالة تغيير الشكل الخارجى واللون يقوم بفتحها والكشف عن أنسجتها وهذا فى الأسماك المحلية الطازجة، أما المجمدة التى تأتى من الخارج فتكون مضمونة وذلك لخضوعها للكشف الطبى والإجراءات الصحية ومنها المكرونة والمرجان والشفش والسنار والشعوب والمقار والصدف والجمبرى.
منتقدا تقصير جهاز سوق العبور فى الاهتمام بالصرف الصحى وتطهير المنطقة من الناموس حيث إن المياه الراكدة تؤثر بالسلب على الجميع بدءا من الأسماك وانتهاء بالعاملين.
وتابع: الأسماك تحتاج لدرجات حرارة منخفضة والدرجة المثلى «- 20»، وتوجد بعض التلفيات فى الأسماك بسبب التداول والشحن والتفريغ، وقد يكون عيبا فى الثلاجات فى حالة حدوث خلل فى البرودة أو انقطع التيار الكهربى لأوقات طويلة، وتزيد الأسعار بسبب قلة العرض وزيادة الطلب.. قال «جمال فرغلى» محاسب بسوق الفاكهة إن مشاكل سوق الفاكهة تبدأ من صاحب الفاكهة فالتاجر ثم الزبون حيث إن المزارع يريد البيع بأغلى الأسعار فى حين التاجر يريد البيع بأقل الأسعار حتى يضمن زبائنه، مشيراً إلى أن المبيدات المسرطنة الذى داهمت الأسواق الذى يستخدمها الفلاح حتى ينضج ثماره فى غير ميعادها أهدرت كثيرا من الصحة والجودة، وهناك مثلا تفاح اسمه «جولد» وله لونين ويسبب تقلصات فى المعدة وقد تؤدى للتسمم، وأفاد بأن الفاكهة الباهظة لا يتم التخلص منها بل يتم بيعها لمصانع العصير والمربى لإعادة تصنيعها.
وقال اللواء محمد شرف رئيس جهاز سوق العبور إن متوسط عدد السيارات التى تدخل السوق يوميا 2866 سيارة، ومساحته 300 فدان، وأفاد بأن الملاك يريدون إلغاء الفوائد التى تطبق على الأموال المقسطة، مشيراً إلى أنه لا يجوز إلغاؤها لأنها مطبقة ضمن قانون الدولة ووفقا لوزارة المالية، وأن الجهاز يقوم بحملات مفاجئة لازالة التعديات والإشغالات التى تكون فى الطريق، حيث يقوم الجهاز حاليا بإعادة رصف سوق الفاكهة ثم الأسماك كل فترة.
وقال إن هناك 2000 محل بسوق العبور حيث أنه يوجد 336 محلاً بـ9 عنابر لسوق الفاكهة، و548 محلاً بـ15 عنبر بسوق الخضار، و144 محلاً بـ8 عنابر لقسم الموز، و94 محلاً بـ3 عنابر لسوق السمك، و46 محلاً بـ4 عنابر لسوق البلح، و72 محلاً بـ3 عنابر للبصل والثوم، مشيراً إلى أن هذه المحلات بنظام التمليك منذ بدايتها بسعر 60 ألف جنيه بالرغم من أنها كانت حق انتفاع وكانت تبدأ بقسط 15 ألف فقط وأنه الآن يتم بيعها بـ10 ملايين للفاكهة و5 ملايين للخضار، وأنه يوجد 80 محلاً بـ 3 عنابر للخدمات والكافيتريا وأنها حق انتفاع ويكون إيجارها لمدة 25 عاماً، وتوجد منطقة الفوارغ بـ 475 محلاً حيث إن هذه الفوارغ هى الأقفاص والكرتون الفارغ، لافتاً إلى أنه توجد منطقة للغلال قيد التنفيذ والإنشاء على 194 محلاً بـ 12 عنبرًا وأنها لم تعمل الآن.
وأكد أن مجلس أمناء السوق هو المسئول عن إدارة السوق وأنه يوجد 9 من تجار السوق أعضاء بهذا المجللس ويتم ترشيحهم بالانتخاب ويوجد نائب المنطقة الشمالية ورئيس الجهاز من بين الأعضاء، موضحاً أن السوق منذ بدايته لم يسدد مديونيته لبنك الاستثمار حيث إنها تضاعفت بسبب الفوائد المتراكمة عليه وأنهم يسددون 15 مليون جنيه سنوياً من مديونية السوق للبنك وأن باقى الدخل يوزع على شركات الصيانة والمسطحات الخضراء، وتشغيل وصيانة الحاسب الآلى، والنظافة ومكافحة الحشرات، وشركة عملية وإدارة وصيانة السوق التابعة للمقاولين العرب وشركة الأمن والحراسة والإطفاء الخفيف.
وأضاف شرف أن المحلات تدفع شهرياً 50 جنيهًا رسوم مقابل النظافة والأمن، وحق الانتفاع يكون بالمزاد، وتسجل البوابات جميع السيارات المترددة والجديدة على السوق ويتم تفتيشها بشكل دقيق وصارم حيث توجد أكمنة على البوابات ونقط شرطية وتموين وإسعاف ومرو ومكتب أمن وطنى من الداخل، مشيراً إلى أنه يوجد 5 بنوك داخل السوق لتسهيل توريد نقود التجار ومنعها من السرقة.
وتابع بأن الجهاز الآن يسعى لتوفير محلات وأماكن للباعة الجائلين حتى لايشردوا، وخصص لهم الجهاز مكان معين داخل السوق وإذا خرج أحدهم عنه تطبق عليه الغرامة، مفيداً بأن الجهاز يشن حملات يومية داخل السوق وأنه إذا رأى إشغالات وتعديات على حق السوق يقوموا بمصادرة المعدات واذا تم تسليمها لصاحبها يكون بعد 21 يومًا ولكنهم إذا أخذوا المأكولات يقومون بتوريدها للملاجئ ودور الأيتام.