الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

ذكرى الانتصار فى الحرب العالمية الثانية

ذكرى الانتصار فى الحرب العالمية الثانية
ذكرى الانتصار فى الحرب العالمية الثانية




كتب: أحمد عبده طرابيك

جاءت احتفالات الانتصار بالذكرى السبعين لانتصارات الحرب العالمية الثانية هذا العام وسط أجواء مشحونة بين شركاء الماضى الذين صنعوا هذا الانتصار، حيث تعددت أماكن الاحتفالات ومنظموها، فقد نظمت الصين احتفالات كبيرة فى بكين لاستحضار التاريخ، وما قدمته الصين من تضحيات كبيرة فى الأرواح والممتلكات، ورغبة منها فى التذكير بمآسى تلك الحرب المدمرة، وأن يعى العالم بما خلفته من دمار وهلاك، حتى يكونوا حريصين على السلام مهما كانت صعوبة الوصول إليه.
أما روسيا التى كانت أكثر دول الحلفاء تضحية وصمودا من أجل تحقيق النصر، فقد نظمت احتفالا عالميا لأنها كانت أكثر الدول تضحية خلال الحرب، كانت فقرته الرئيسية استعراضا عسكريا ضخما فى الميدان الأحمر وسط موسكو، جاء استعراضا للقوة العسكرية الجبارة التى تمتلكها روسيا، وقد حضر ذلك الاحتفال العديد من زعماء وقادة دول العالم، فى ظل غياب شركاء النصر من القادة الأوروبيين والقيادة الأمريكية، فى إشارة عن الغضب من السياسة الروسية تجاه الأحداث الدائرة حاليا فى شرق أوكرانيا.
وقد شهدت القاهرة مساء السادس من مايو احتفالا نظمته سبع من سفارات الدول التى كانت ضمن الاتحاد السوفييتى السابق «روسيا، بيلاروسيا، أذربيجان، أوزبكستان، كازاخستان، أرمينيا، طاجيكستان»، تحدث سفراء الدول السبع عن التضحيات الكبيرة التى قدمتها بلادهم من شهداء وجرحى ومهجرين، إلى جانب ما قدموه من ثروات وموارد، حيث كان الاتحاد السوفييتى يتبنى مبدأ التخصص الجغرافى فى الإنتاج بحسب الامكانات والموارد فى كل منطقة، حيث كانت كل دولة تتخصص فى إنتاج منتج أو مجموعة منتجات معينة، فقد كانت أوزبكستان على سبيل المثال تتخصص فى إنتاج الحبوب والخضراوات والفاكهة، أى كانت بمثابة مزرعة إنتاج الغذاء فى الاتحاد السوفييتي، كما كانت كازاخستان متخصصة فى إنتاج الأسلحة والصناعات الحربية لما تمتلكه من ثروات معدنية هائلة، وعلى حد قول سفير كازاخستان كانت تسع رصاصات من كل عشر رصاصات أطلقت فى الحرب من قبل الاتحاد السوفييتى كان مصدرها كازاخستان، كما كان نفط أذربيجان المستخرج من بحر قزوين يمد القوات السوفييتية بنحو 90% من احتياجاتها من الوقود، إضافة إلى الأعداد الكبيرة التى قدمتها تلك الدول من أبنائها ما بين قتيل وجريح خلال تلك الحرب. ولذلك فمن حق هذه الدول أن تفتخر بما حققته من نصر، حيث كانت طرفا مباشرا باعتبارها جزءا أساسيا من مكونات الاتحاد السوفييتى الذى كان مستهدفا بالاعتداء.
إذا كانت دول الحلفاء كافة قد خاضت غمار الحرب العالمية الثانية للدفاع عن أراضيها وشعوبها من خطر النازية، وقد حققت أهدافها بتحقيق النصر آنذاك، إلا أن العديد من الدول العربية قد خاضت تلك الحرب رغما عنها بحكم وقوعها تحت الاحتلال من قبل بعض دول الحلفاء، وخاصة بريطانيا وفرنسا، فمصر وبعد مرور سبعين عاما على انتهاء الحرب العالمية الثانية ما زالت تعانى آثارها المؤلمة، ففى الوقت الذى تحتفل فيه دول الحلفاء بالنصر، وما ينعمون به من ثمار ذلك النصر، تظل مصر بصفة خاصة تعيش آلام تلك الحرب التى جرى بعض من أحداثها على الأراضى المصرية بين بريطانيا وألمانيا.
لقد تسابق قائدا المعركة - مونتجمري، روميل - بإغراق منطقة العلمين على مساحة تصل إلى ثلاثة آلاف كيلو متر مربع بالألغام، والآن وبعد مرور سبعين عاما عليها أصبحت المنطقة موبوءة بالألغام، ورغم قيام القوات المسلحة المصرية بتطهير نحو 70 ألف فدان، تظل تلك المساحة ضئيلة إذا ما قورنت بباقى المساحة المنزرعة بالألغام، الأمر الذى يكلف مصر الكثير من الضحايا، وحرمانها من جزء عزيز من ترابها الوطنى دون استفادة من موارده الكبيرة، فهل تذكرت الدول التى تسببت فى تلك الكارثة ما اقترفته من ذنب، وساهمت فى التكفير عما فعلته بالمشاركة فى إزالة تلك الألغام؟
كاتب وباحث فى الشئون الآسيوية