الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

.. و«زجاج مكسور» ترصد ميراث الاستعمار فى الكونغو

.. و«زجاج مكسور» ترصد ميراث الاستعمار فى الكونغو
.. و«زجاج مكسور» ترصد ميراث الاستعمار فى الكونغو




كتب - خالد بيومى
دأب النقاد ومؤرخو الأدب على اعتبار نهايات الحروب بدايات لمراحل أدبية جديدة تختلف عن المراحل السابقة، وكأنها خط تاريخى يفصل بين ما قبلها وبعدها، وهو ما انتهجه الشاعر والروائى الكونغولى آلان مابانكو فى روايته (زجاج مكسور) التى فازت بالجائزة الدولية الفرانكفونية عام 2005، وصدرت ترجمتها العربية حديثا عن سلسلة الجوائز بالهيئة المصرية للكتاب، ونقلها إلى العربية المترجم المصرى عادل أسعد الميرى، حيث تسترجع الرواية بعض مآسى الحقبة الاستعمارية فى الكونغو التى تعد من أكبر الدول الإفريقية مساحة.
وعنوان الرواية (زجاج مكسور) هو الاسم الحقيقى - لا اسم الشهرة - للمدرس الذى يقوم بدور الراوى فى نفس الوقت ويبلغ من العمر 64 عاما، وينصت إلى حكايات الناس الذى يرتادون أحد البارات «لوكريدى» الذى يقع بأحد أحياء العاصمة، وكان زبائن البار يجدون سهولة فى البوح إليه بمشاكلهم وآلامهم بفضل عمره المتقدم نوعاُ ما وبفضل علمه عسى أن يساعدهم فى تخطى أزماتهم أو على الأقل أن يتفهم تلك الأزمات وكان بدوره يسجل قصص هؤلاء البشر المأساوية فى كراس أمامه على المنضدة لكى ينشرها فى كتاب فى المستقبل
ترصد الرواية الحياة البائسة التى عاشها شعب الكونغو والتى كان المستعمرون الفرنسيون يقدمون صورتها المتخلفة للأوروبيين فى معارضهم الدولية مثل الراقصة المدعوة «جوزفين بيكر» وهى الأمريكية الزنجية الإفريقية الأصل التى كانت خلال عشرينيات القرن الماضى ترقص فى ملاهى باريس الليلية عارية تماما إلا من بعض أصابع الموز المعلقة حول خصرها لإخفاء عورتها، وجسدت شخصيتها فى الرواية امرأة الليل المتهالكة (روبينات).
وهناك حكاية (رجل المطابع) الزنجى الذى سافر إلى باريس وحقق نجاحا باهرا فى عمله بإحدى دور النشر هناك وتطلع إلى الزواج من امرأة فرنسية بيضاء (سيلين) التى وافقت على الفور بالارتباط به وأنجبا ابنتين، ولكن هذه الحياة الهانئة لم تستمر بعد أن ضبطها زوجها فى وضع مخل مع ابنه من زواج سابق وتحالف الابن مع الزوجة ضد أبيه واختلقا قصة إصابته بالجنون وتم إيداعه فى أحد ملاجئ المرضى العقليين لأكثر من عامين وفى النهاية تم ترحيله إلى بلاده فقيرا معدما.
وتلفت الرواية إلى أن تاريخ الاستعمار فى الكونغو هو تاريخ تكالب الدول الأوروبية على ثروات إفريقيا حينما قرر الجنرال ديجول بأن برازافيل ستكون عاصمة فرنسا الحرة أثناء احتلال الألمان لباريس فى الحرب العالمية الثانية وهكذا أصبحت الكونغو هى أرض الأحلام بالنسبة للفرنسيين وأرض الحرية من جهة أخرى.
ترصد الرواية الأخطاء التاريخية وبشكل خاص عن تجارة العبيد الزنوج وعن الاستعمار الأوروبى وعن صدام أوروبا مع القوى الوطنية فى سنوات محاولات الاستقلال.
كما كشفت الرواية عن انتهازية قادة الجيوش الذين يصلون إلى الحكم بانقلابات متتالية ويعيشون فى قصور فخمة بها حمامات سباحة وعشيقات من كل صنف ولون وتأتى إليهم المأكولات والمشروبات من باريس بالطائرة، فى حين يعيش أغلب السكان فى فقر مدقع داخل أحياء تنتشر بها الأمراض والأوبئة بسبب انقطاع مياه الشرب والتلوث الدائم للهواء.