الأربعاء 8 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

مستشفيات الحكومة.. موت وخراب ديار!

مستشفيات الحكومة.. موت وخراب ديار!
مستشفيات الحكومة.. موت وخراب ديار!




 تحقيق - محمد فؤاد
المستشفيات العامة أصبحت مصائد للموت.. تحصد أرواح المرضى.. من يفلت من الموت يصاب بعاهة مستديمة أو يدخل فى غيبوبة تنتهى بالوفاة‏.. بعض الأطباء يلقون بالمسئولية على القضاء والقدر.. والبعض الآخر يلقى باللوم على سوء الإدارة وضعف الإمكانيات وقلة تأثر الدواء الحكومى.. «روزاليوسف» رصدت حال نماذج قليلة من المرضى فى ظل تأكيدات المسئولين عن الصحة فى مصر على توفير خدمة جيدة للمرضى ومعاقبة المخطئين.

زوجة «51  سنة» مريضة بالسكر أصيبت بغيبوبة سكر فنقلها زوجها إلى المستشفى وتم علاجها ولما أفاقت من الغيبوبة وجدت ذراعها اليسرى فى حالة تورم وزرقاء اللون ويؤلمها بشدة وقرر الأطباء أن ذلك عرض بسبب «الكانيولا» وضيق الأوردة وصرح لها بالخروج.. وبمجرد وصولها البيت ازداد الألم والورم وتحولت ذراعها للون الأسود، وبعودتها إلى نفس المستشفى قرروا ضرورة دخولها العناية المركزة ولا يوجد بها أسرة خالية، ورفضوا دخولها للعلاج.. فأسرع زوجها بنقلها إلى أحد مستشفيات القوات المسلحة، وهناك قرر الأطباء وجود خطأ وإهمال جسيم من المستشفى، إذ كانت المريضة تحقن خارج الوريد وأصيبت بغرغرينة وعدوى أدخلتها فى دوامة ولم تمكث بغرفة الرعاية سوى ساعات معدودة وفاضت روحها إلى بارئها.
رضا إبراهيم مواطن تعرض لإهمال فى شخص نجله أمين البالغ من العمر 5  سنوات، وقال: أصيب بغيبوبة منذ 3  شهور لإصابته بنزيف فى الرئة وضمور فى خلايا المخ وأجرى له طبيب بمستشفى التل الكبير بالإسماعيلية عملية استئصال اللوز فى نهاية يناير الماضى واستغرق الطبيب ساعتين فى إجراء العملية، علمت بعدها أن قلب ابنى توقف أثناء العملية وتم إنعاشه، وبعدها نقلت ابنى إلى المستشفى الجامعى بالإسماعيلية وبعد إجراء الأشعة والتحاليل تبين إصابته بنزيف داخلى على الرئتين وتم سحب الدماء المتجمعة على الرئة.
وأكد الأطباء ضرورة وضعه بالعناية المركزة لحالته الحرجة ولم نجد سريرًا بالعناية المركزة فى المستشفى، فاضطررت لنقله لمستشفى خاص، واحتجز بالعناية المركزة به لمدة 21 يوم منها 15 يوم كان فاقدا للوعى.. وعندما استرد وعيه وجدناه لا يتحرك وفاقدا للنطق.. وأكد لنا الأطباء توقف قلبه لعدم وصول الأكسجين إلى المخ ما سبب موت بعض خلايا المخ وضعف خلايا أخرى فضلا على زيادة الكهرباء بالمخ، فحاولت نقله لمستشفى حكومى آخر لعدم استطاعتى تحمل تكلفة علاجه فى المستشفى الخاص حيث اقترضت ما يقرب من 25 ألف جنيه، لكنه رفض استقباله بحجة أن الحالة صعبة والطفل سيموت.. فحررت محضرًا فى قسم الشرطة حمل رقم 1161 إدارى التل الكبير ضد الطبيب الذى أجرى العملية، والذى حاول شراء صمتى بمبلغ من المال لكننى رفضت لأننى علمت أن ابنى ليس أول ضحية له، مطالبا الدولة بحماية المرضى من معدومى الضمير.
وأكدت رشا ربيع - ممرضة بمستشفى الساحل التعليمى - أن والدها دخل مستشفى الساحل ليجرى عملية «فتاق» فقطع الأطباء شريانًا له أثناء الجراحة وتوفى فى الحال وعند زيارة وزير الصحة للمستشفى تقدمت له بشكوى ضد المستشفى وأمر بالتحقيق فيها وتم تحويلها للنيابة الإدارية.
وتقول هبة سعد الشربينى إن شقيقتها ولاء البالغة من العمر 23 عاما توفيت بسبب إهمال طبيب نساء وتوليد مشهور بمركز شربين بالدقهلية حيث كانت تسعى للكشف الطبى منذ أن تزوجت من أجل الإنجاب وكانت تتابع مع طبيب بعيادته الخاصة، وأمر بإجراء عملية توسيع عنق رحم لها لكن بعد العملية تعرضت لانتفاخ فى بطنها وهبوط فى الدورة الدموية، وعند سؤال الطبيب أكد لنا أنها مصابة بالأنيميا والعملية نجحت وطلب إحضار كيسى دم، ونقلناها إلى مستشفى خاص وطلب الأطباء هناك إجراء عملية استكشاف لها، وتبين من العملية أن الطبيب الذى أجرى العملية تسبب فى دخول هواء فى بطن المريضة خلال التنظيف بعد إجراء العملية، ما أدى إلى التهاب فى الغشاء البريتونى ومع زيادة سوء الحالة اعترف الأطباء بوجود ثقب فى الرحم وقطع فى الأمعاء مما تسبب فى خروج الفضلات إلى الدم ونتج عنها تسمم الدم والأنسجة، ونسبة شفاء الحالة ضعيفة جدا، وحرر زوجها محضرا بالشرطة ضد الطبيب الذى أجرى العملية وساءت الحالة أكثر وحدث فشل فى القلب والرئتين وتسمم كامل فى أعضاء الجسم والأنسجة ثم وافتها المنية.
الدكتور صبرى الطويلة رئيس لجنة صناعة الدواء بالنقابة العامة لصيادلة مصر قال: إن هناك بعض الأخطاء تؤثر سلبًا على كفاءة الدواء المقدم للمرضى داخل المستشفيات الحكومية منها عجزها عن توفير مخازن مناسبة وبظروف مناخية معينة لتطبق معايير التخزين التى تناسب مع  كل الأدوية ما ينتج عنه فقد بعض كفاءته خاصة الأمصال والأنسولين.
وأكد الدكتور محمد حسن خليل منسق لجنة الدفاع عن الحق فى الصحة أن وزير الصحة الدكتور عادل عدوى يتعامل مع إهمال الاطباء بطريقة الشو الإعلامى حيث يعلن عن عقوبات وإحالة المخالفات للنيابة، لكن لا يسعى لإزالة أسباب الإهمال من عجز فى أعداد الأطباء بنسبة 35% ومن المفترض أن يتوافر طبيب لكل ألف مواطن لكن لدينا طبيب لكل 1300 مواطن، بالإضافة لعجز فى أعداد التمريض بنسبة 55%، وأزمات نقص فى المستلزمات والأدوية بالمستشفيات.
موضحا أن وزير الصحة عندما زار إحدى محافظات الصعيد وجد 3 وحدات ريفية خالية من الأطباء، وغيرها 450 وحدة مغلقة بالصعيد لأن الأطباء يهربون من العمل فيها لضعف الإمكانات والرواتب.
وأضاف الدكتور أحمد شوشة مقرر اللجنة القانونية بنقابة الأطباء أن هناك 200 شكوى ضد الأطباء وردت للنقابة منذ بداية هذا العام، وجار التحقيق فيها ومنها شكاوى كيدية لأن المريض يتخيل أن الطبيب فقط هو سبب الإهمال، لكن قطاع المستشفيات كأى قطاع فى الدولة يعانى من نقص بالإمكانات ويفتقد التقنيات الحديثة وهذا نوع من الإهمال، فالعجز والنقص فى الإمكانيات سببه ضعف ميزانية الصحة كما أنه لابد من تغيير القيادات المؤبدة على الكرسى لأن الثبات فى حد ذاته تدن ويعطى نتائج سيئة فى الأداء، مؤكدًا أننا لدينا الطواقم الطبية الكافية ولكن ينقصنا التدريب والتعليم المستمر حيث تتناقص معلومات الطبيب بنسبة 10% كل سنة.. وأشار الدكتور أحمد الزين وكيل وزارة الصحة للعلاج الحر والتراخيص الطبية إلى أن الإهمال وليس الروتين، لا يوجد أحد يتعمده، ووارد أن تحدث آثار جانبية لمريض، فنحن لا نبرر الأخطاء الطبية أو أسباب حالات الوفاة فهى مطابقة للنسبة العالمية، ومن الجائز وجود أطباء غير مؤهلين ونقص فى التجهيزات الطبية، وضعف فى خبرات الفريق الطبى وهذا ما نتعقبه دائما ولذلك تم غلق  34 مستشفى خاصًا غلقًا جزئيًا خلال العام الماضى.
مستطردا: نراقب فى تخصص الفريق الطبى كالتمريض وفنيى المعامل والأشعة مدى سلامة الأجهزة الطبية ومطابقتها للمعايير، وتقدم 40 مستشفى خاصًا بطلبات لترخيصها العام الماضى وتم رفض 6 منها لعدم اكتمال الاشتراطات الصحية، وأغلقت 1109 منشآت طبية فى 21 محافظة منذ بداية 2015  لوجود مخالفات بها من نقص التجهيزات وعدم وجود تراخيص لبعضها.
وأكد الدكتور هشام عطا رئيس قطاع الطب العلاجى بوزارة الصحة أن الأخطاء المهنية والطبية موجودة فى العالم كله ونحن ضد هذه الأخطاء، وتقوم الوزارة بتحويل أى طبيب أهمل فى مهام عمله للتحقيق، وإذا كان يعمل بمستشفى خاص يحال للجنة آداب المهنة بالنقابة، وإذا كان يعمل بمستشفى حكومى يحال للنيابة، موضحا أن المستلزمات الناقصة مسئولية مديرى المستشفيات، لأن الوزارة رصدت لهم ميزانيات لتوفيرها فى الطوارئ، واعترف بوجود نقص فى أعداد التمريض والأطباء فى بعض التخصصات، مؤكدا أن الوزارة تقوم بمتابعة مستشفياتها بصفة دائمة من خلال المتابعة الميدانية والمرور المفاجئ لرصد أى إهمال أو قصور، كما أصدر وزير الصحة تعليماته لمديريات الصحة بكل المحافظات بالمتابعة الدورية المستمرة للمنشآت الطبية حتى نقلل من الأخطاء الطبية والإهمال.