الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

الإماراتى محمد عبيد غباشى: مقاومتنا للحداثة جعلتنا كمن يحارب طواحين الهواء

الإماراتى محمد عبيد غباشى: مقاومتنا للحداثة جعلتنا كمن يحارب طواحين الهواء
الإماراتى محمد عبيد غباشى: مقاومتنا للحداثة جعلتنا كمن يحارب طواحين الهواء




حوار– خالد بيومى

محمد عبيد غباشى كاتب وأكاديمى وروائى وصحفى إماراتى، سرقته الكتابة الأدبية من عمله الأكاديمى كأستاذ للعلوم السياسية، مؤمنا بأنه لا قوة فى الدنيا تضاهى الفعل الثقافى بمعناه الفكرى الأوسع، دخل مطبخ الكتابة الصحفية، فنشر مقالاته فى عدة صحف، ووقع أحيانا فى فخ الخلط بين الصحافة والكتابة الأدبية، أصدر روايتين هما: مزون، وغفوة عند الذئاب، والثانية أقرب إلى سيرته الذاتية، عن أعماله الأدبية ورأيه فيما مرت به الدول العربية مؤخرا من أحداث سياسية واجتماعية، كان هذا الحوار:


■ «مزون» أولى أعمالك الروائية.. ما التجربة الإبداعية التى تطرحها؟
ــ تلفت الرواية الانتباه إلى مرحلة التحول فى الإمارات التى يمكن سحبها على منطقة الخليج فترة السبعينيات من القرن العشرين الغنية بالتحولات حيث كانت المنطقة تفور بالقضايا الساخنة وكنا خارجين من هزيمة يونيو 1967 التى أحدثت صدعاً نفسياً فى الفكر القومى الذى انكسر ثم اندلاع الثورة الفلسطينية منتصف السبعينيات التى أيقظت نوعاً من الشعور بالذنب فى نفوسنا كعرب، وانتهاء بدخول التلفاز الملون ودخول موضة أفلام الفيديو والمحال التى تبيع أشرطة الأغانى ودخول الهاتف إلى المنازل على استحياء كما يدخل الضيف ودخول المجتمع فى مرحلة هائلة من التحديث.
■  ألا تتفق معى أن هناك ارتباكا فى فهم الحداثة؟
ــ بالطبع هناك نوع من الارتباك، وبرأيى لو أن الناس لو تُركوا لفطرتهم لكشفوا عن جانب إنسانى رائع فى استلهام المعرفة الإنسانية فى ظل بناء حديث للدولة تستعين فيه بالتقدم المادي، لكن هناك جماعات عادة ما تستغل تربية الخوف من كل جديد، والوقوف فى وجه التقدم، ولأن ذلك مستحيلاً، فإن طوفان الحداثة يغمرنا فى مظاهره المادية، لكن العناد والمقاومة يجعلانا نقع فى اللامنطقية واللامعقول، فنبدو كأننا فى مسرح للعبث، أو نبدو كـ(دونكيشوت) نحارب طواحين الهواء ونظنها العدو،
ولا شك أن الإعلام فى الخليج يعيش تحت جناح السلطة وفى العالم العربى كله، لأن الحكم كان ولا يزال مطلقًا ولا توجد مشاركة سياسية حقيقية، وكان لدينا هاجس السقوط والشعور بالخطر بسبب التضاؤل السكاني، وما استتبع ذلك من ضعف ثقافي، ولا تبقى اللغة هى لغتك ولا الجماليات التى تراها تتفاعل معها.
■ لماذا قدمت استقالتك من الجامعة وترفض تولى أى منصب؟
ــ الشيء الذى أؤمن به هو أنه يمكننا أن نكون مفيدين وجادين تجاه أوطاننا بدون أن نكون وزراء أو مسئولين فى مؤسسات.. ربما هناك من هو أجدر منا لأداء هذه المهمة وعلى أحسن وجه، المسئولية طبعاً تقربك من القرار، وهذا قد يكون مهماً، لكن الابتعاد عنها لا يمنعك من أن تكون إيجابياً، لقد قل حماسى للسياسة منذ زمن بعيد، وأصبحت مقتنعاً أنه لا قوة فى الدنيا تضاهى الفعل الثقافى بمعناه الفكرى الأوسع، نحتاج فقط إلى قدر من العمق والذكاء، وأعتبر نفسى خارج هذه الدائرة وهو انحياز فى الجوهر لحريتى وأنانيتى الأدبية.
■ ما سر ولعك بالسفر؟
ـــ وقع السفر على أقوى من كل ما تعلمته فى المدارس والجامعات وتشكلت رؤيتى من جديد فى كثير من الأمور، ولذلك أصبحت أنظر للسفر على أنه نوع من التحرر وتحقيق الحرية لأن الأصل أننا مولودون فى جغرافيا معينة وخطوط محددة وأى محاولة لتجاوزها سيجلب نوعاً من المشقة .. نحن بالأحرى سجناء فى جغرافيا كبرى، والسفر هو مشروع للهروب من هذا السجن، وفى مقدمة كتابى الأخير (غفوة عند الذئاب) رصدت هذه الظاهرة فى التحرر والهروب خارج المدينة مع مجموعة من الأصحاب ووقع التحرر من البيت والسكن وهذا يمثل عودة للأصل كجزء من الطبيعة ولسنا معزولين عنها، فنحن أبناء الطبيعة، ولقد ترسخ لدينا مفهوم خاطئ مفاده أن الطبيعة عدو يجب الاحتماء منه فى قلعة تسمى البيت، فكرة السفر هنا هى هدم لجدران هذا السجن، وعندما تتعامل مع أنماط مختلفة من البشر والمدن حتى الحيوانات تكتشف شيئاً كنت تجهله.
■  لماذا تفضل قول ما تريده بصوت عال ولا تعتمد أساليب التخفى وراء الأقنعة خاصة فى كتابك الأخير (غفوة عند الذئاب)؟
ــ الأسلوب هو الرجل كما يقال، ونفسى تمور بالصراعات، ودائماً أصارع نفسى من أجل التحاور والوصول للآخر، ولدى مشكلة مع المباشرة المفرطة وحاولت التقليل منها لكنها موجودة وحاضرة عندما أناقش إحدى القضايا الكبرى مثل الصراعات الطائفية والمذهبية واضطهاد الأقليات.
■ هل تعتقد أن السفر بالطائرة قلص متعة الرحالة؟
ــ بالعكس الطائرة عامل مساعد فى السفر وجعلته مريحا ومتاحاً وأقل خطراً فى أى وقت، حتى السفر بالبحر متعة عظيمة.
■ كيف تتأمل ثورات الربيع  العربى وتأثيراتها المستقبلية؟
ـــ ستحتل ثورات الربيع العربى مكانا مهما فى سلسلة من تاريخ العرب طولها أكثر من 1400 عام، وسوف تتحول إلى معلم جذري، فكل الثورات رائعة فى تحطيمها للبنى السابقة، لكن التحدى الاكبر يتمثل فى إقامة بنى جديدة، تلبى أشواق المجتمعات فى تطلعاتها إلى حياة كريمة، وتمثل تحدياً لكل مجتمع عربى سار فى طريق الثورة بشكل منفصل، لكن هناك مجتمعات فشلت فى إزاحة الأنظمة القديمة مثل سوريا.
لكنى أعتز بمرحلة ثورات الربيع العربي؛ لأنها تعبير عن صلابة ثقافتنا العربية وشجاعتها فى وجه الطغيان.