الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

«الكبد والكلاوى» سرطان فى بطون المصريين

«الكبد والكلاوى» سرطان فى بطون المصريين
«الكبد والكلاوى» سرطان فى بطون المصريين




تحقيق - كريم حسب الله

«معدة المصريين تهضم الزلط».. جملة يحاول بائعو وتجار المواد الغذائية ترويجها رغم كذبها.. يحاولون تهدئة ضمائرهم بها، لما يفعلونه فى صحة المصريين.. يصيبونهم بالسرطان، ولعل فى حبس «ملك الكبدة» 5 سنوات بسبب بيعه كبدة غير صالحة للاستهلاك الآدمى عبرة لكل من تسول له نفسه بيع «الكبدة المستوردة وأخواتها» من الشارع.


«روزاليوسف» نزلت للشارع والتقت عددا من أصحاب عربات الكبدة، ورصدت تصرفاتهم وطريقة تعاملهم مع «بطون المصريين»، كما التقت خبراء فى الغذاء للوقوف على حقيقة الأمراض التى تسببها «الكبدة المستوردة»، خاصة فى ظل احتلال مصر للمركز الأول فى أعداد الإصابة بمرض الالتهاب الكبدى سى، والمركز 12 فى الفشل الكلوى، متفوقة على بلدان «أدغال إفريقيا»، بخلاف نسب السرطان المرتفعة.
«يا بيه أنا بقالى 11 سنة شغال على عربيات الكبدة، وعمرى ما سمعت أو شوفت مستورد أو بياع رمى كبدة، حتى لو كانت منتهية الصلاحية، هو فى حد يرمى نعمة ربنا»، هذا هو رد «محمد. أ»، أحد العاملين على عربية كبدة فى موقف «كوبرى مسطرد»، وتابع: «زادت أسعار الكبدة المستوردة بعد الثورة، وأصبح الكيلو بـ26 جنيهًا، بعد أن كان بـ10 جنيهات قبل الثورة»، وعندما سألناه عن كيفية تعرفه على تاريخ الصلاحية قال: أنا بشتريها فى أكياس، لكن تاريخ الصلاحية بيكون مكتوب على الكرتونة فقط، فأنا معرفش التاريخ».
سألناه عن طريقة حصوله على مياه الشرب والطهى وتنظيف الأطباق، فقال: «أحصل عليها من نقطة الشرطة التى تبعد مسافة 500 متر، لكنى أغسل الأطباق بمياه من الترعة المجاورة (ترعة الاسماعيلية)، ويقضى حاجته فيها.
«انتقلنا إلى منطقة أخرى فوجدنا رجلاً خمسينيًا تحيط به القطط من كل جانب، تنتظر بشغف لحظة إلقائه بالمخلفات أثناء تقطيعه للكبد والكلاوى بكلتا يديه، وممسكا بفمه سيجارة، هو الحاج «أبوإبراهيم» - صاحب إحدى عربات الكبدة فى منطقة وسط البلد، وفى البداية تحدث معنا عن قلة الرزق، وعربة الكبدة التى ورثها عن أبيه، وسرعان ما استقبل «شخطة» من زوجته التى تعمل معه على سيارة الكبدة «خد تعالى»، فغطى الكبدة التى يجهزها للطهى «فى الشارع» بقطعة من القماش البالية «لاحظنا وجود شحم ودماء متجلطة عليها»، وأخذت تهامسه فى أذنه، ثم عاد سريعا ليعتذر عن الحديث معنا.
نقلنا تلك الصورة للدكتور لطفى شاور - مدير عام التفتيش على اللحوم والمجازر بمديرية الطب البيطرى بالسويس سابقا - فقال إن جميع اللحوم المستوردة والكبدة تسبب السرطان، لأنه تم حقنها بالهرمونات والمنشطات المحفزة للنمو، والتى تنتقل للإنسان وتزيد نمو الخلايا بشكل غير طبيعى.
وتابع: «الكبدة هى غدة حيوية مهمة فى الجهاز الهضمى للحيوان، تكون مسئولة عن تكسير السموم والهرمونات فى الجسم، وتخزينها بها، مشيرا إلى أن جميع الكبدة المستوردة من أمريكا واستراليا واوكرانيا والبرازيل، لا تصلح للاستهلاك الآدمى، أما الكبدة البلدى فهى صالحة لأننا لا نحقن حيواناتنا بالهرمونات والمنشطات.
وتساءل شاور: «هل تعتقد أن الشعب الأمريكى «أهبل وعبيط» ليعطى المستوردين المصريين الكبدة الناتجة عن ذبح العجول دون مقابل؟، بحيث لا يتكلف المستورد إلا ثمن التجميد والشحن فقط، ليصل كيلو الكبدة المجمدة إلى مصر بـ18 جنيهًا، أم أنهم يعرفون حقيقة المواد التى يتم حقن العجول بها، والتى يتم تكسيرها وتخزينها فى كبد الحيوان، وبالتالى تصبح هذه الأكباد غير صالحة للاستهلاك الآدمى، فيتخلص منها تخلصًا آمنا من خلال أمعاء المصريين.
وأضاف: إن جميع القائمين على الرقابة على اللحوم المستوردة «مش فاهمين» كيفية الكشف على الحيوانات غير الصالحة للاستهلاك الآدمى، لعدة أسباب أهمها عدم وجود التقنيات العلمية للكشف عن نسب الهرمونات فى جسم الحيوان، على الرغم من سهولة الحصول عليها، وهو ما يستغله المستوردون «فاقدو الضمير».
أكد رئيس شعبة «القصابين» بالغرف التجارية محمد وهبة، أن عددًا من المستوردين يجلبون لحوما غير صالحة للاستهلاك الآدمى، مطالبا الأجهزة الرقابية بضرورة تشديد الرقابة وتطبيق المقايسة المصرية للمواصفات القياسية للحوم المستوردة، لأنها لا تطبق كما ينبغى.
وأوضح وهبة أن المواطن لم يعد يستطيع شراء اللحوم البلدية، لذا زاد الإقبال على اللحوم المستوردة، وهو ما يصب فى صالح المستوردين، مشيرا إلى أن مصر تستورد من 50% إلى 60% من إجمالى الاستهلاك.
وعن غش بعض التجار وبيع لحوما مستوردة على أنها بلدية،  قال إن ذلك يظهر عند الطهى لأن للحوم البلدية مذاق وطعم خاص، يختلف كثيرا عن المستورد.
وقال سكرتير عام الغرفة التجارية بالإسكندرية أحمد صقر، إن الكبد والكلاوى هى أكثر القطع بالحيوان احتفاظا بالهرمونات خاصة الصناعية والتى يستخدمها المربون لزيادة إنتاج اللحوم.
وأن غالبية دول العالم لا تتناول الكبدة بما فيها أمريكا، كما أن روسيا أوقفت استيرادها منذ عام 2013، لإدراك تلك الدول خطورتها والأضرار التى تسببها لصحة الإنسان، مشيرًا إلى أن مصر تستورد 175 ألف طن سنويا من الكبدة، غالبيتها من أمريكا.
«حد سأل نفسه بياع الكبدة بيغسل إيده فين لما بينف، ولا لما بيروح الحمام يا ترى بيغسل إيديه؟»، بهذه التساؤلات البسيطة فى كلماتها، الصادمة فى مضمونها، أكد الدكتور حسين منصور، رئيس وحدة إنشاء هيئة سلامة الغذاء، أن انعدام نظافة الطعام له العديد من الآثار السلبية على «أكباد» المصريين على المستويين القريب والبعيد.
وأكمل منصور قائلا: «أنا قرفت، وتنفق الدولة المليارات على أدوية الفيروسات الكبدية والفشل الكلوى، ولا تكلف نفسها عناء علاج السبب الحقيقى فى انتشار هذه الأوبئة، ألا وهو الطعام الملوث بصفة عامة، وسيارات الأطعمة المتجولة بصفة خاصة، مؤكدا كذب الادعاءات القائلة بأن «معدة المصريين تهضم الزلط»، وخير دليل على ذلك احتلال مصر المركز الأول على مستوى العام فى معدل الإصابة بأمراض الكبد والسرطان والكلى، متفوقين على دول أدغال إفريقيا.
وبخصوص كيفية القضاء على فساد منظومة الغذاء، أكد منصور: لن تتحسن صحة المصريين، بدون وجود رغبة حقيقية من الدولة فى علاج المشكلة الحقيقية، وإنشاء جهاز منوط به الرقابة على الغذاء، كى لا تتفرق صحة المصريين بين الأجهزة الرقابية.
وقال الدكتور أشرف بركات، رئيس قسم الأمراض المشتركة بالمركز القومى للبحوث، إن بعض التجار يغشون المواطنين ببيع اللحوم المستوردة على أنها بلدية، مشيرا إلى وجود نحو 8 فروق بين اللحم المستورد والبلدي، يجب أن يعرفها المواطن، وهى أن لون البلدى يميل إلى الروز الغامق، أما المستورد فلونه روز فاتح نتيجة دخوله وخروجه من الثلاجة، والبلدى قوامه طرى ومتماسك، أما المستورد يصيبه التليف والتفتت نتيجة عملية التجميد والتبريد أكثر من مرة، والبلدى توجد به عروق بيضاء أما المستورد فتوجد به عروق صفراء وتميل إلى اللون الأخضر؛ بسبب طول فترة تخزينها فى الثلاجات، ولون الشوربة عند طهى اللحوم المستوردة تكون معكرة، نتيجة الدم المجمد بها، أما البلدى فتطفو الدهون على وجه الشوربة ولونها فاتح.