الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

soul صراع الحياة والموت.. فى قاعة صغيرة وجمهور كبير

soul  صراع الحياة والموت.. فى قاعة صغيرة وجمهور كبير
soul صراع الحياة والموت.. فى قاعة صغيرة وجمهور كبير




كتبت - هند سلامة


بين جدران قاعة صغيرة مغلقة، تحولت إلى بار حقيقى، يشارك فيه الجمهور، الذى يعتبر جزءا مكملا، للحدث المسرحى «روح» أو «soul» للمخرج باسم قناوى، مجموعة من البائسين والمحبطين من الحياة، فى أفكارهم وأحلامهم عن الحياة والموت، ولكل منهم أسبابه المختلفة، فهم جميعا يأملون فى الموت، للارتياح من متاعب الدنيا وآلامها، وفى مفاجأة مباغتة يأتى إليهم رجل، ويقرر أنه جاء من أجل أن يأخذ، شخصا بعينه معه «للموت»، وكأنه ملك الموت تجسد فى هيئة إنسان، ويخيرهم فى البداية أيهم يريد الذهاب معه، فإذا كان هناك من يرغب فعليه بالتطوع، لكن فى هذه اللحظة نرى التحول الدرامى، والذى هو التحول الإنسانى الحقيقى، فى النفس البشرية، لأبطال العرض جميعا، ما عدا شخصا واحدا !!، «فينهار» الجميع خوفا ورعبا من الموت، الذى كانوا يتمنونه منذ لحظات، لكن عند المواجهة، يخشى الإنسان ترك الحياة، التى لم يقرر أن ينقطع عنها بعد بإرادته، كما كان يدعى، وهنا يكشف النص المسرحى، عن مدى تشبث كل منا بالحياة، رغم ادعائنا العكس، والمفارقة أن الوحيد، الذى جاء من أجله فى الأساس، والذى يقرر الذهاب معه، بلا مقاومة كان أصدقهم تعبيرا، عن استمتاعه بحياته، رغم الآلام التى يعانيها، وأدى هذا الدور، بتلقائية شديدة الممثل فتحى سالم، فكان من أكثر أبطال العمل تميزا، فى تعبيره عن لحظات متعته وألمه، فى وقت واحد.
يعتبر عرض «روح» من الأعمال المسرحية الاستثنائية، التى يقدمها مسرح الطليعة، لهذا الموسم، حيث تحولت هذه القاعة الصغيرة، إلى أجواء بار حقيقى، وليس بارا مصريا، بل هو بار فى مكان ما بدولة ما، لكنها بالطبع دولة أوروبية، وتعمد المخرج الاحتفاظ بهذه الروح الأوروبية، لأن العمل مأخوذ عن نص «الوردة والتاج» تأليف «ج. ب. برستلى»، وظهر هذا الاحتفاظ بوضوح فى إصراره، على تقديم العرض باللغة العربية الفصحى، وليست العامية لأنه يؤكد... «أن اللغة العربية تساهم فى احتفاظ النص بعالميته، بينما إذا قدمته بالعامية المصرية كنت سأضطر، إلى إضافة الروح المصرية، لأجواء العمل كاملة، وهو ما لم أرده على الإطلاق، لأننى فى النهاية تمسكت، بفكرة العرض الرئيسية، حتى يخرج المتفرج متشبعا بها، وهى أن الحياة تستحق أن نعيشها».
 وبالفعل خرج الجمهور متشبعا بهذه الفكرة، والهدف الأساسى من النص المسرحى، الذى يبرز مدى استهتار الإنسان بالحياة فى تضييعه متعة الاستمتاع بها، وانشغاله بالهموم اليومية، فى حين أنه إذا فاجأه الموت، قد يكون أول الفارين منه، وقد يندم كثيرا على ما أضاعه، من وقت طويل فى هموم زائفة، ولم يكن النص وحده، المسئول عن معايشة الجمهور، لأجواء هذا العمل، ولانفعالات الأبطال المختلفة، بينما ساهم وبشكل واضح وأساسى، فى هذه المعايشة ديكور العرض، الذى صممه محمد جابر، والذى تفوق فيه على نفسه، فى تحويل هذه القاعة الصغيرة إلى بار، يجلس فيه الجمهور، مع الممثلين على موائده،، فتشعر وكأنك انتقلت فجأة، من منطقة العتبة، إلى إحدى الحانات «الشيك» بدولة أوروبية، حيث صمم جابر ديكور العرض، بدقة شديدة اهتم فيه بكل تفصيلة، حتى ولو كانت صغيرة، جعلت من الديكور بطلا أساسى فى العرض المسرحى، فمن المرات النادرة التى يكون فيها ديكور المسرحية، أحد الإضافات المهمة والأساسية، والأكثر تأثيرا حتى على مستوى تقييم أداء الممثلين، الذى تراوح بين ممتع وضعيف، فى بعض الأحيان، فلم يكن الجميع على المستوى المطلوب، بل تميز وبشكل واضح، كل من ياسر عزت ولبنى ونس، ومحمد يوسف، وكذلك فتحى سالم، وبالتالى تجاوز العمل أزمة وجود أداء ضعيف، من البعض، بوضع الجمهور فى أجواء ساحرة، عن طريق الديكور المختلف والسينوغرافيا، فاستطاع باسم قناوى بمهارة شديدة، أن يقدم عملا مسرحيا متمامسكا تلاحمت عناصره، وتشابكت فأصبحت قاعة العرض والممثلون كيانا واحدا غير منفصل، إلى جانب أنه قدم نوعية جديدة، خرج بها عن المألوف، فى عروض البيت الفنى، الذى ظل يعانى طويلا، من تقديم أعمال تقليدية بائسة، خلال السنوات الماضية، لكن هذا العام اثبت، عدد غير قليل، من الشباب، أن هناك رؤى مختلفة، ومساحات أوسع وأرحب للإبداع.
 شارك فى بطولة العرض ياسر عزت، فاطمة محمد على، لبنى ونس، أحمد الرافعى، سماح سليم، محمد يوسف، فتحى سالم، حسن نوح، ودراماتورج ياسر أبو العنين.