الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

كازاخستان وطريق الحرير الجديد

كازاخستان وطريق الحرير الجديد
كازاخستان وطريق الحرير الجديد




كتب: أحمد عبده طرابيك

تحتل كازاخستان موقعا جغرافيا فريدا فى ملتقى طرق حركة التجارة والنقل على مسار طريق الحرير الأوروآسيوي، حيث تستفيد كازاخستان من موقعها الجغرافى بين القارتين، فاستثمرت فى بنيتها التحتية فى قطاع الطرق البرية، وانتهت من إنشاء أربعة ممرات نقل دولية تربط بين الصين وأوروبا، أهمها طريق «تراسيكا» الذى يربط بين آسيا والقوقاز وأوروبا، حيث أعطى النمو الكبير للاقتصاد الصينى أهمية كبيرة للطرق البرية عبر كازاخستان، باعتبار أن تلك الطرق تختصر المسافة، وزمن النقل من 40 يوما عبر البحار إلى عشرة أيام فقط من خلال طريق برى بين الصين وأوروبا يصل طوله إلى 8445 كيلو مترا منها 2787 كيلو مترا داخل كازاخستان.
لقد كانت قوافل التجارة تمر خلال طريق الحرير القديم من الصين إلى أوروبا عبر آسيا الوسطي، حيث كانت الرحلة تستغرق شهورا، والآن وخلال نفس الطريق، لكن بالقطارات السريعة التى تستخدم بدلا من الإبل، فإن الرحلة لن تزيد على خمسة عشر يوما، حيث انتهت كازاخستان من إنشاء خط حديدى من تشتيجين إلى كورجاس عند الحدود الصينية بطول 293 كيلو مترا، وذلك ضمن شبكة الطرق الكازاخية التى جعلت من كازاخستان محورا رئيسيا للنقل والإمداد على طريق الحرير الجديد، قبل البدء فى إنشاء مراكز عمرانية وصناعية على امتداد ذلك الطريق داخل كازاخستان.
 تعد كازاخستان نقطة مهمة أيضا على طريق الحرير الجديد المتجه إلى الجنوب حيث منطقة الخليج ومصر وإفريقيا عبر أوزبكستان وتركمانستان وإيران، ففى ظل مشروع الحزام الاقتصادى لمشروع الحرير، تعمل كازاخستان ضمن خطط محددة لتكون مركزا مهما ضمن هذا المشروع، فقد أقامت شركة كازاخستان الوطنية للسكك الحديدية مشروع شراكة متكاملة مع شركة «موانئ دبى العالمية» حيث تقوم الأخيرة بتطوير وتشغيل ميناء «أكتاو» على بحر قزوين، وإقامة مشروع المنطقة الاقتصادية الكازاخية «خورجوس - البوابة الشرقية»، كما تقوم كازاخستان بتطوير خطوط السكك الحديدية والطرق البرية التى من شأنها تطوير خدمات النقل بين كازاخستان ومنطقة الخليج، خاصة مع زيادة الاهتمام الدولى بحركة التجارة العالمية عبر موانئ الخليج.
ولا ترغب كازاخستان لأن تكون جسرا من تلك الحركة التجارية العالمية وحسب، بل تهدف إلى تخفيض تكاليف نقل تجارتها والوصول بمنتجاتها إلى الأسواق العالمية عبر طريق الحرير الجديد.
تحرص كازاخستان على نجاح مشروع الحزام الاقتصادى لطريق الحرير الجديد، باعتباره مشروعا عابرا للقارات من شأنه أن يعمل على تنمية اقتصاديات الدول التى يمر خلالها، بل لكونه أيضا مشروعا قابلا للتطوير والوصول إلى معظم دول العالم، ولذلك ليس من قبيل الصدفة أن يتم الإعلان عن ذلك المشروع من كازاخستان، حين أعلن الرئيس الصينى شى جين بينج فى 14 سبتمبر 2013، أثناء زيارته لكازاخستان عن مبادرة «إحياء طريق الحرير وتطويره بحزام اقتصادى ليكون جسرا تجاريا واقتصاديا يربط بين الدول».
تهتم كازاخستان بتطوير علاقاتها مع العالم العربي، فالتاريخ المشترك الذى جمع بينهما، وما خلفه ذلك من تراث ثقافى وحضارى مشترك، إلى جانب التشابه الكبير فى البنية الاجتماعية للشعبين، يجعل من عملية التعاون، وخاصة فى مجال السياحة والتجارة والاستثمار إلى جانب التعاون العلمى والثقافى والفني، أمر مطلوب لدى الجانبين، ولكن وجود عقبات النقل والتواصل، خاصة أن كازاخستان ليس لها سواحل بحرية، حالت دون تطوير تلك العلاقات منذ استقلال كازاخستان عن الاتحاد السوفيتى عام 1991، ولذلك فإن مشروع الحزام الاقتصادى لطريق الحرير الجديد يعتبر جسرا هاما للتغلب على تلك العقبات.
عندما أطلقت الصين من كازاخستان فكرة مشروع الحزام الاقتصادى لطريق الحرير الجديد، فإنها أعلنت عن أفكار عامة، ولم تشأ أن تفرض أفكارا ورؤية أو نموذجا خاصا بها، لكنها تركت الباب مفتوحا لكل الأطراف الأخرى المشاركة فى هذا المشروع للتعبير عن أفكارها ورؤيتها حسب ظروفها الاقتصادية والاجتماعية وخططها فى التنمية وعلاقاتها بمحيطها الجغرافى، ولذلك فإن مشروع الحزام الاقتصادى يظل مشروعا ملكا لجميع الدول، تساهم فيه بما يحقق مصالحها وأهدافها.
كاتب وباحث فى الشئون الآسيوية