السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

اعرضوه على كتاب الله!

اعرضوه على كتاب الله!
اعرضوه على كتاب الله!




كتب: وليد طوغان
الفارق بين العقوبة الشرعية والعقوبة الدنيوية، أن الاولى لا يجوز إيقافها او تبديلها، لأنها أمرا رباني، بينما الثانية يجوز تعديلها وتبديلها، وايقافها، لانها ليست أمرا من الله، ولا واجبا دينيا.
والقرآن الكريم، لم ينص صراحة على رجم الزانى المحصن مثلا. والنبى (صلى الله عليه وسلم) لم يرجم الا مرات لم تتعد أصابع اليد الواحدة منذ بعثته، حتى وفاته. إضافة إلى انه (صلى الله عليه وسلم ) رجم تعزيرا، يعنى اجتهادا، قبل نزول الآية الكريمة: «الزانية والزانى فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة».
لذلك، يقف فقهاء محدثون، فى عقوبة زنى المتزوج الدينية بين رأيين. الاول يقول بالرجم، رغم عدم النص عليه صراحة فى كتاب الله، بينما يرى الرآى الآخر، ان الجلد هو الحد الشرعى، لثبوته بنص القرآن.
 ويستند اصحاب الرأى بوجوب الرجم، الى حديث عبادة بن الصامت عن الرسول (صلى الله عليه وسلم ) حيث قال: «خذوا عنى لقد جعل الله لهن سبيلا البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام، والثيب بالثيب جلد مائة والرجم بالحجارة». يقولون ان النبى (صلى الله عليه وسلم ) قد رجم، فيما يعرف بحديث العسيف، وحديث «انس» وما رواه ابو هريرة من حديث ماعز وما رواه سليمان بن بريدة من حديث الغامدية.
وفى المحلى، والجامع لاحكام القرآن للقرطبى، ان بعض الفقهاء يستندون فى عقوبة الرجم الى نص قرآنى، يقولون انه نزل وقرئ به، الا ان نساخ القرآن لم يدونوه، فلم يثبت باللفظ، وبقى حكمه فى الآية المنسوخة: «الشيخ والشيخة اذا زنيا فارجموهما البتة نكالا من الله والله عزيز حكيم»!
فى المقابل، يرفض آخرون اعتبار عقوبة الرجم امرا شرعيا، او معلوما من الدين بالضرورة. فاذا رأى ولى الامر تطبيقه لصلاح المجتمع، فيجب ان يعلم الرعية، انه أمر بذلك اجتهادا، كعقوبة دنيوية، لا باعتباره أمرا دينيا.
يستند هؤلاء إلى عدة حجج.
اولها ان ورود آية الجلد فى الزنى (عامة) فى القرآن الكريم، يعنى انها تشمل البكر والثيب، لانها تشمل كل الزناة من المسلمين. وانه لا يجوز تخصيص ما جاء فى الآيات القرآنية الثابتة بطريق القطع، باحاديث نبوية جاءت بطريق الآحاد، تقر بالرجم.
فالمنسوب للنبى (صلى الله عليه وسلم) من حديث فى الموضوع كلها آحاد. اى لم تبلغ درجة التواتر، او الاتفاق، لذلك، لا يجوز الاعتماد عليها فى التشريع، او اقرار العقوبات فى الاسلام.
 حتى مع افتراض تواتر تلك الاحاديث، فانها رغم ذلك التواتر، تظل «سُنة»، أو اجتهادا نبويا.
 والاجتهاد النبوى، لا ينسخ القرآن، ولا يغير فى حدوده.
فالسنة تبين، وتشرح، وتفهمنا ما جاء فى كتاب الله، بكلام الرسول (صلى الله عليه وسلم ) نفسه.
وقد روى عنه (صلى الله عليه وسلم ) قوله : «اذا روى عنى حديث فاعرضوه على كتاب الله، فما وافقه فاقبلوه، وما خالفه فردوه».
ولو عرضنا سنة رجم الزانى المحصن (المتزوج) على كتاب الله لخالفته.
والقاعدة الفقهية، ان السنة تنشئ الشعائر فى العبادات، لكنها لا تنشئ الأحكام فى الحدود.