الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

«المثلث الذهبى» يدخل أولى مراحل التنفيذ بعد وضع المخطط العام

«المثلث الذهبى» يدخل أولى مراحل التنفيذ بعد وضع المخطط العام
«المثلث الذهبى» يدخل أولى مراحل التنفيذ بعد وضع المخطط العام




قنا ـ حسن الكومى

تعاقبت الحكومات وتعددت الخطط والقرارات ولكن الروتين والصعوبات حالت دون حدوث نهضة اقتصادية واجتماعية على أرض الصعيد وظل الصعايدة يعانون  من دوامة الفقر والنسيان وغياب التنمية الحقيقية على أرضه حيث احتلت محافظات «قنا، وأسيوط، وسوهاج والأقصر وأسوان» مقدمة المحافظات الأكثر فقراً رغم انها محافظات غنية بالموارد والثروات المعدنية لكن للأسف تقاعست الدولة عن استغلال هذه الثروات وظل الصعيد بدون نهضة وفرص عمل حقيقية تنهض بسكانه ومؤخرا بدأ حلم تنمية الصعيد يتحقق بمشروع المثلث الذهبى الذى يتخذ  من البحر الأحمر وقنا قاعدة جنوبا  يمتد شمالا إلى المنيا. 

 

منذ أيام استقبل اللواء عبدالحميد الهجان محافظ قنا أعضاء المكتب الاستشارى العالمى لشركة دابولونيا الإيطالية لوضع المخطط العام لمشروع التنمية الشاملة لمنطقة المثلث الذهبى بمدينة قفط والقصير وسفاجا.
«روزاليوسف» ترصد فى هذا التحقيق ملامح هذا المشروع على لسان الدكتور إبراهيم الدسوقى رئيس قسم الجغرافيا بكلية الآداب جامعة جنوب الوادى الذى قال إن مشروع المثلث الذهبى إحدى القواعد الرئيسية لما يعرف بالاقتصاد المصرى القديم وهو مشروع واقعى ومن أهم المشروعات التنموية فى مصر ويعتبر خطوة جادة من الحكومة الحالية لخدمة محافظات الصعيد «قنا، البحر الأحمر، الأقصر، الأطار الجغرافى للمشروع يمتد على مثلث أضلاعه الثلاثة قاعدته  «قنا - سفاجا 160كيلو، ثم  قنا - قفط على نهر النيل داخل الوادى 22كيلو، وقفط - القصير 180 كيلو» التقاء رأس المثلث على ساحل البحر الأحمر.
وأوضح الدسوقى أن مشروع المثلث الذهبى يمتاز بإمكانيات عالية جداً فى المجالات الزراعة والاقتصادية والتعدينية والسياحية فعلى طريقى «قنا سفاجا»، و«قنا القصير» أهم مزارات سياحية لم تستغل إلى الآن أكثر من  2000 نقش هيروغليفى فى وادى الحمامات فى طريق «قنا القصير تعرض» بعضه للأسف للتخريب من أروع النقوش الفرعونية، ويعتبر أقدم طريق برى به  نقوش تعود لعصر ما قبل التاريخ يطلق عليها علماء الآثار «مخربشات» كما أنه يحتوى على آثار فرعونية قديمة وآبار رومانية قديمة بنفس عمقها مازالت موجودة بالإضافة إلى وجود منطقة الفواخير ومنطقة الذهب كما انه اقدم خريطة فى العالم لمنجم ذهب  فى «منطقة الفواخير».
ولفت الى أن  طريق  طريق «قنا –سفاجا» لا يخلو من المناطق السياحية التاريخية وفيها محجر يعد من  أقدم محاجر الرخام الرومانية موجود بجبل الدخان، وبقايا المناجم، ومازالت مدينة العمال فى منجم جبل الدخان مزار تاريخى مهم جداً. بالإضافة إلى وجود ميناء «عيذاب» الذى يعد من أهم موانىء مصر فى العصر الوسيط فى الحضارة المملوكية والفاطمية.
ومن الناحية الزراعية يمتاز المشروع بإمكانيات عالية جداً فى منطقتى وادى اللقيطة، ووادى قنا «حيث تعد منطقة وادى اللقيطة مزرعة مصر الرومانية على بعد نحو  70 كيلو من مركز قفط حيث زرع الرومان القمح بوادى اللقيطة وصدوره لدول العالم ويمتاز المكان بتربته الطفلية، وتوافر مياهه الجوفية ويصلح لزراعة مختلف المحاصيل وبه نحو 7 آلاف فدان تزرع فعليا ويحتاج فقط لما يعرف بفكرة تنمية الهوامش من خلال تحويل فرعى لمياه النيل وإنشاء عمران بالمنطقة وتوفير الخدمات.
ويشير الدسوقى إلى أن مشروع المثلث الذهبى سمى بذلك الاسم لوجود أغلى معدنين وهما اليورانيوم والذهب بالإضافة إلى توافر أغلى مواد البناء حيث يوجد الجرانيت الأحمر والأسود والفلسبار، والرخام وبدرة التلك كما انه يمكن افتتاح موانئ جديدة.
ويرى الدسوقى أنه الأولى بالاستثمار بتلك المنطقة أبناء الأقليم خاصة وأنها هناك امكانيات بشرية هائلة بمحافظات الصعيد ولكن تكلفة المشروع عالية جدا وتحتاج لشبكة قوية من الطرق وبنية أساسية ولكن سهلة لانه سوف يتم تعويضها بشكل سريع عن طريق نظام  التمليك على المدى البعيد وتوفير شبكات المياه والصرف والعمران بالمنطقة.
أما الدكتور محمد إسماعيل عبدالكريم مدرس الاستشعار عن بعد بقسم الجيولوجيا بجامعة جنوب الوادى الذى قام بالابحاث تحت أشراف الدكتور فاروق الباز فيؤكد أن منطقة وادى قنا ووادى المتولا شرق المحافظة من اهم المناطق بجنوب مصر فى مجال الزراعة والسياحة والاستثمار. حيث تتميز المنطقة بمصادر المياه الجوفية  وتنوع التربة التى يمكن ان تستثمر زراعيا وكذلك خامات البناء من رمال وزلط وكذلك الخامات الطبيعية لصناعة الاسمنت، كل هذه الثروات الطبيعية يجب أن تستغل مع الحد من المخاطر الطبيعية أثناء إقامة المجتمعات العمرانية الجديدة حتى يتم تحقيق نهضة تنموية شاملة. ونظرا لأهمية المنطقة فقد تم إنشاء العديد من الطرق بها مثل طريق البحر الأحمر -وادى النيل الذى يربط محافطة البحر الأحمر ومحافظات قنا وسوهاج وكذلك اسيوط بتكلفة مليار جنيه، وساعد ذلك على سرعة الوصول من وإلى المنطقة.
وأشار عبدالكريم إلى أن الجزء الغربى من المثلث الذهبى من أهم المناطق فى صعيد مصر الواعدة فى مجال الزراعة والاستثمار لاحتوائها على أراض صالحة لزراعة المحاصيل الاستراتيجية وتوفر المياه الجوفية. وتم اختيار منطقة وادى قنا لامتدادها الواسع حيث يمتد الوادى من  مدينة قنا إلى حدود مدينة رأس غارب على البحر الأحمر شرقا والمنيا غربا على نهر النيل حيث طريق الشيخ فضل- رأس غارب. وتعتبر المنطقة من أهم المناطق الواعدة للاستثمار والاستصلاح الزراعى والزحف العمرانى لقربها من نهر النيل والمنشات العمرانيه  وسهولة الوصول إليها من مدن البحر الأحمر وكذلك قنا وسوهاج واسيوط من ناحية وادى النيل.
 وأضاف إنه قام بالعديد من الزيارات الميدانية للمنطقة لمعرفة نوعية التربة والآبار المنتجة والوقوف على الوضع الحالى لتواجد المياه الجوفية. من خلال تلك الزيارات وجدوا ان التربة ونوعية المياه صالحة لإنتاج محاصيل القمح - الشعير - الذرة الرفيعة - البرسيم الحجازي- البطيخ - الكنتالوب - الطماطم- الزيتون - الرومان.  كما وجدوا مزارع على طول الوادى حتى 50 كيلو مترًا من مدينة قنا، تلك المزارع تحتاج الى وجود بنزينة وتيار كهربى لاستمرار التنمية المستدامة مع زيادة الدعم الفنى للمزارعين لتشجيع المزارعين.
وكشف عبدالكريم عن احتمال وجود آبار بترولية بمنطقة وادى المتولة  لانه عبارة عن حوض تكتونى ولذلك كلية العلوم تسخر كل طاقاتها البحثية لخدمة مشروع المثلث الذهبى وهناك العديد من رسائل الماجستير بكلية العلوم فى الفترة الأخيرة تدور فكرتها حول التنمية بمروع المثلث الذهبى.
وفى دراسة بحثية أعدها الدكتور مصطفى محمود استشارى العلوم الجيولوجية، وعضو فريق المثلث القومى للتعدين بقنا كشف أن منطقة المثلث الذهبى تضم بداخلها أفضل الخامات المعدنية بالعالم، حيث يحتوى على أكثر من 30 نوعًا من المعادن والخامات منها «الفوسفات الذى يبلغ الاحتياطى منه أكثر من مليار ونصف طن، الحديد، الذهب» وتضم المنطقة أكثر من 100 موقع لخام الفضة وباحتياطات جيدة. 
كما تضم المنطقة معادن « المنجنيز والكروم والتنجستين والمولبين والنيكل والتيتانيوم والناناديوم والنحاس والرصاص والقصدير والنيوبيوم والتنتالم والفلسبار والكوارتز والرمال البيضاء والتلك والكبريت والبوتاسيوم والكورندم والباريت والأسترنشيوم والفلوسبار والطينة الدياتومية، ذلك بالإضافة إلى مواد البناء من الرمال العادية والزلط والحجر الجيرى والطفلة والجبس وخامات صناعة الأسمنت، وكذلك أحجار الزينة من رخام بأنواعه و الأحجار شبه الكريمة.
 وفى سياق متصل قال الدكتور عباس منصور رئيس جامعة جنوب الوادى، إن الجامعة لا تتأخر عن تقديم الدعم والخبرة العلمية وعلى تواصل دائم مع المجتمع المدنى موضحا أنه هناك لجنة خاصة «بمشروع المثلث الذهبى» يرأسها الدكتور جمال كمال الدين رئيس قسم الجيولوجيا بكلية العلوم  وبدعم كامل من رئيس الجامعة كما انه هناك نحو 10 رسائل ماجستير عن المشروع وكيفية استغلال الموارد الطبيعية. وأشار عباس إلى أن الجامعة على تواصل دائم وترسل القواقل العلمية لمنطقة المثلث الذهبى.   من جانبه أكد اللواء عبدالحميد الهجان محافظ قنا، أن مشروع المثلث الذهبى طرح فى اليوم الثانى فى المؤتمر الاقتصادى وستقوم بتنفيذه شركة «دى بولونيا» الإيطالية، واختيرت مدينة قفط جنوب محافظة قنا، من أجل إنشاء «مجمع الفوسفات الجديد»، بتكلفة 600 مليون دولار والذى سيوفر آلاف فرص العمل للشباب.
وأشار إلى أن محافظة قنا تحتفظ بالنصيب الأكبر منه وهو مليار ونصف مليار متر مكعب فى جبال  «قنا – سفاجا القصير»  وأن محافظة قنا بها  أكبر منجم فوسفات على مستوى الجمهورية يحوى ما يقرب من مليار و465 طن فوسفات. بجانب سلاسل الجبال المتوافر بها انواع عديدة من الرخام والجرانيت المتميزة. كما ان المحافظة تمتلك مساحات شاسعة يمكن زراعتها داخل المثلث الذهبى منها ما يقرب من 16 مليون فدان بوادى قنا و250 الف فدان بوادى اللقيطة.
واوضح الهجان أن  المشروع يهدف إلى إقامة قلعة صناعية جديدة، وإنشاء مركز صناعى وتجارى وتعدينى وسياحى، يمثل طفرة كبيرة لتنمية جنوب الصعيد.