الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

«الخروج بملابس المسرح»

«الخروج بملابس المسرح»
«الخروج بملابس المسرح»




كتب - د.حسام عطا

بعيدًا عن أصحاب الأعمدة الصحفية، ورؤساء الصفحات الفنية، والدوريات المختصة بالشأن الفنى، تظل مهنة الناقد المسرحى مهنة مثيرة للجدل، تلك المهنة المعنية بشئون الكتابة النقدية المتخصصة.
هذا النوع من الكتابة التخصصية الدقيقة، هل أصبح الآن، وبعد كل تلك السنوات، وذلك العدد من المطبوعات والهيئات المهتمة بالنشر والكتابة، مهنة تكفل لصاحبها القدرة على الانتظام فى العمل والتفرغ له؟
إن أحوال المسرح بشكل عام، واضطرابات العملية الإنتاجية، أثرت بالفعل فى كل ما يتعلق بالمسرح، وأول المتأثرين بالتقلبات الحادة فى العملية الإنتاجية هو ذلك الناقد المسرحى المطالب بتزويد نفسه بثقافة موسوعية، منفتحة على العالم، وواعية بالهوية القومية، وبأدوات نقدية متطورة تلاحق أحدث التيارات والمذاهب النقدية الحديثة، ومتابعة لما يدور على خشبات المسارح من حوله من هواة ومحترفين ومستقلين؟
إن إمكانية الانتظام فى كتابة مقال فى النقد المسرحى من حيث الشروط المعروفة، والأدوات التطبيقية والمساحة المتاحة للنشر، تبدو صعبة جداً فى ظل ندرة الإصدارات المتخصصة فى ذلك الفرع المهم من فروع المعرفة الجمالية، كما أن المداومة عليها هى مخاطرة مهنية شاقة، وبمراجعة معظم الأسماء المتواتر ذكرها فى مجال النقد المسرحى العام والتطبيقى تجد أن معظمهم يعملون فى مجالات أخرى هى عملهم الأساسى، مثل التدريس بالجامعة أو المزاوجة بين النقد المسرحى والتأليف والإخراج، أو العمل بالصحف بما تقتضيه الكتابة فيها من الخروج الدائم من دائرة النقد المسرحى الضيقة إلى دائرة أوسع هى النقد الأدبى والفنى بمعناه العام، ووسط كل تلك الظروف المحيطة يتجلد الناقد جرجس شكرى الصحفى بمجلة الإذاعة والتليفزيون ليتخذ من مقاله الأسبوعى بها منبراً للنقد المسرحى المثابر القادر على الانتظام والمتابعة، لغته رائقة بسيطة تليق بكونه شاعرًا متفردًا فى قصيدة النثر، وهو يمارس هذا الانتظام النقدى منذ 1993 حتى الآن، وقد أصدر مجموعة مقالاته الأخيرة راصدا العروض المسرحية منذ ثورة 25 يناير حتى الآن متخذا محاور نظرية يتأمل غياب المعالجات الكبرى المسرحية فى تناول ثورتى مصر الأخيرتين، الكتاب متاح الآن لدى الهيئة المصرية العامة للكتاب تحت عنوان «الخروج بملابس المسرح»، وهو يرصد دفتر أحوال المسرح المصرى فى السنوات الأربع الماضية، ولعل الإخلاص للأدوار الاختصاصية يعود للمثقفين والفنانين المصريين، لأن دور المثقف العضوى المهتم بالشأن العام لا يمكن استبداله بالدور المهنى الاختصاصى الدقيق، القبض على هذا الدور الاختصاصى والإصرار عليه هو إنجاز المداومة على الكتاب، تحية لجرجس شكرى ولكتابه المبهج.