السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

من الذى يزعج المشايخ؟!

من الذى يزعج المشايخ؟!
من الذى يزعج المشايخ؟!




كتب: وليد طوغان
بعد سنوات من وفاة النبى «صلى الله عليه وسلم» باتت المشكلة الكبرى التى تواجه «الإسلام»، كمّ السنن والأحاديث والقصص والأخبار غير المؤكدة، التى اشتهرت عن النبى، فحولها التراث إلى مسلمات لا تحتمل التأويل أو الرفض، رغم أن كثيرًا منها كان يجب أن يُترك!
لذلك انتشرت «سنن» عززت الفجوة بين المسلمين وغير المسلمين، وتداول المسلمون أوامر نبوية أسست «عنصرية» من نوع ما بين العرب وغير العرب، وبين المسلمين وغير المسلمين أيضًا!
بعد مئات من السنوات على وفاة النبى، ظهرت طائفة «المشايخ»، ثم جاء «الدعاة» الذين كانوا تطورًا طبيعيًا لفئة الكهنة المسلمين؛ فغالوا فى الحلال وفى الحرام، قبل أن تطرح فى «الأوكازيون» أحاديث نبوية عن فضل «الذباب» لو وقع فى إناء المسلم، ومكارم أكل «البقدونس»، وفوائد «بول الإبل»!
حتى صورة النبى نفسه تغيرت فى الذهنية الشعبية للمسلمين، فأضافوا لشخصه «صلى الله عليه وسلم» ما لم يضفه الإسلام؛ فقالوا إنه «صلى الله عليه وسلم» كان يعلم الغيب، وإنه «ص» كان يُوحى إليه منذ ميلاده حتى وفاته، وقالوا إن الملائكة اختطفوه صغيرًا، ففتحوا قلبه وأزالوا منه «نقطة الدنيا السوداء»، وإمعانًا فى مزيد من الكوارث والازمات العقلية، اعتقد كثيرٌ منا أن بوله «صلى الله عليه وسلم» كان مصدرًا لشفاء الأمراض!
كانت أزمة اجتماعية شديدة، وأزمة دينية أيضًا.
يحسب علماء الاجتماع، الازمات الكبرى فى تاريخ الشعوب بمئات السنين، يقولون أن الشروخ الاجتماعية، تبدأ وتتطور نتائجها، لتظهر بعد عشرات السنين، لذلك، وبعد مئات السنين من وفاة النبى، عرف المسلمون «الطب النبوى»، وحولت طوائف المشايخ وصفاتها لشفاء الامراض، بسنة رسول الله إلى مادة سريعة الانتشار على شاشات الفضائيات.
اختزل «المشايخ» الإسلام فى أحكام جماع الرجل وزوجته، وأدعية دخول دورات المياه، وجعلوا لها أحكامًا ومحظورات، فرووا فيها الأحاديث، قبل أن يختلفوا فى أسانيدها ورواتها، إلى أن فسر أحدهم الأحلام، بكتاب الله وسنة رسول الله ايضا، وصدقناه، وتمسحنا فى بدلته، مسحنا على صورته من على شاشة التليفزيون!
 اختصرت طائفة المشايخ الدين، فتركوا «الحقوق» و«المعاملات»، وصدروا قضايا «الحيض» و«أصول الجماع» وأحوال «المستحاضة»، حولوا الاسلام  إلى معجزات فى الشفاء بـ«بول» النبى، وقالوا ان للقرآن الكريم نبوءات فى فوائد «البقدونس»، وجعلوا منها دليلًا على «ربانية الإسلام»، وتأكيدًا على «تنزيل الرسالة من رب العالمين»!
أحبوا النبي، فأثبتوا قداسته، بقدرة بوله على الشفاء، وتكلموا عن سوابق بول إبله (صلى الله عليه وسلم) فى علاج الأمراض بأحاديث «مرفوعة»!
 أصبح المنسوب من أقوال للنبى (صلى الله عليه وسلم) أصبح على المشاع، على عينك يا تاجر، بينما سكتت المؤسسة الدينية الأولى (الأزهر) عن الفصل فيما يحدث، من دون أن يعرف أحد، لماذا؟
قضية المؤسسة الدينية إذا فى منهج التفكير، ففى الوقت الذى سكتت فيه عن كبائر، شد رجالها كلهم على أيدى بعضهم فى الدفاع عن كتاب البخارى، أو كتاب كتبه بشر، كان كل اسباب قداسته فى أنه قيل إنه يحوى ما قاله رسول الله، عن كتاب الله!
فى مراجع علوم الحديث انفرد الإمام البخارى بالرواية عن «أربعمائة وعشرين رجلًا، تكلم فيهم بالضعف «ثمانون رجلًا»، وانفرد تلميذ البخارى، الامام «مسلم» بالرواية عن ستمائة وعشرين رجلًا، تكلم فيهم بالضعف «مائة وستون رجلًا».
معنى ما سبق، أن كثيرا من أهل علم الحديث شككوا فى ثمانين رجلًا من رجال أسانيد صحيح البخاري، وشككوا أيضًا فى صحة أسانيد مائة وستين رجلًا من «أسانيد» الإمام مسلم.
«الإسناد» فى علوم الحديث؛ هو الطريق الموصل إلى متن الحديث أو موضوعه، وهم الرجال الذين انتقل الحديث على ألسنتهم من عصر إلى عصر حتى وصل إلينا.
لا نعرف للآن، لماذا قدسنا هؤلاء إذا كان منهم «الغافل»، ومنهم «الضعيف»، ولا نعرف أيضًا سر سطوة كتاب مشكوك فى أسانيده للحد الذى يعتبره بعض المشايخ الأصح بعد كتاب الله!
لم نكن نعلم ما الذى يمكن أن يؤدى إليه سكوت المؤسسة الدينية واقرارها كثيرا من طرق التفكير التى غيرت فى التاريخ الاسلامى، ونشرت «التواكل»، وأسست «للخرافة»، ونشرت «الخزعبلات»، ثم ينزعج المشايخ من برامج إسلام البحيرى، أو تويتات فاطمة ناعوت!