الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

سيناريوهات الحكومة التركية الجديدة

سيناريوهات الحكومة التركية الجديدة
سيناريوهات الحكومة التركية الجديدة




كتب - محمد عثمان –وكالات الأنباء


يعيش حزب «العدالة والتنمية»، الذى حكم تركيا منفردًا 13 عامًا، حالة من الارتباك والتخبط عقب خسارته  الأغلبية البرلمانية التى اعتاد عليها، ليضطر لأول مرة للبحث عن شريك يشاطره الحكم.
وتعد هذه النتيجة الأسوأ لـ«أحمد داود أوغلو»، الذى خاض أول اختبار له زعيمًا للحزب وفشل فى الحفاظ على أصواته وشعبيته، رغم الدعم الكامل الذى قدمه الرئيس رجب طيب أردوغان له خلال الحملة الانتخابية.
لكن ردود فعل  أوغلو، وبعض قيادات حزبه، ووسائل الإعلام المحسوبة عليه، تشير إلى أن الرئيس التركى لن يستخلص درسًا من نتائج هذه الانتخابات، وأنه لن يستسلم، ولن يرفع يده عن حزبه، وذلك عكس الكثير من التوقعات التى أشارت إلى احتمال حصول مراجعة داخلية فى صفوف الحزب وداخل القصر الرئاسى تفضى إلى تغيير سياسات الحزب الحاكم، ومنحه استقلالية أكبر عن أردوغان، بعد أن ظهر بشكل واضح أن الشارع التركى يرفض منحه صلاحيات رئاسية موسعة، وأن تدخله فى شئون الحكومة وفرض سياساته عليها، ما أدى إلى تراجع شعبيتها.
ويبدو أن أردوغان، صاحب الخبرة السياسية، وضع خطة للفترة المقبلة تقوم على عدة محاور، أولها نفى وقوع الهزيمة وإعلان الانتصار لإسكات الأفواه المعارضة داخل الحزب، وفى نفس الوقت تحميل الناخب الذى لم يصوت لحزبه مسئولية تدهور الوضع الاقتصادى الذى بدأت بوادره تلوح مع إعلان نتائج الانتخابات، وسيطرق داود أوغلو أبواب أحزاب المعارضة الثلاثة من أجل حكومة ائتلافية، وسيشهر سلاح الأزمة الاقتصادية واحتمال اللجوء للانتخابات المبكرة فى وجهها، وسيعمل أردوغان وأوغلو على تحميل أحزاب المعارضة مسئولية عدم تشكيل حكومة خلال الـ45 يومًا المقبلة، وهى المهلة الدستورية، وسيسعى للاحتكام إلى انتخابات مبكرة، على أمل أن يستعيد الناخب وعيه ويدرك خطأه ويعود إلى صوابه، ويدعم الحكومة من أجل الخروج من أزمة اقتصادية على الأبواب، لكن ذلك لن ينقذ أوغلو من استبداله بعد ذلك بزعيم جديد للحزب، من أجل امتصاص غضب القيادات التى حملته مسئولية نتائج الانتخابات، فى المقابل فإن سيناريوهات الحكومة الائتلافية تلوح فى الأفق، لكن دون دعائم قوية على الأرض.
فحزب «الحركة القومية» حسم أمره برفض الدخول فى تحالف مع الحكومة، حسب إعلان زعيمه دولت بهجلى، الذى اعتبر أن ما حصل مؤامرة رتبت لها الحكومة والأكراد من أجل دخول حزب «الشعوب الديمقراطي» الكردى للبرلمان وتشريع الحوار التفاوضى بينهما على حل الملف الكردي، متوقعا حكومة ائتلافية تجمعهما معا.
ويبقى الاحتمال الأضعف، وهو ائتلاف يجمع «العدالة والتنمية» مع غريمه حزب «الشعب الجمهوري» اليسارى الأتاتوركي، خطوة لو جرؤ عليها أوغلو، فإنه سيتخلص من خلالها من سطوة أردوغان، وسيفتح المجال لإعادة الحيوية لحزبه بحجة التفاهم مع شريكه الجديد،خاصًة أن زعيم «حزب الشعب الجمهوري» كمال كيلجدار أوغلو طرح برامج إصلاحية واقتصادية تتطابق تماما مع خط العدالة والتنمية الإصلاحى القديم، لكن كثيرين يشكون فى قدرة داود أوغلو على اتخاذ خطوة بهذه الجرأة.
من جانبه استبعد صلاح الدين دميرطاش رئيس حزب «الشعوب الديمقراطي» المؤيد للأكراد، الدخول فى ائتلاف مع أردوغان، قائلا: إن نتائج الانتخابات البرلمانية وضعت نهاية للنقاش حول نظام رئاسي، ومن المتوقع أن دميرطاش،الذى فاجأ العالم بحصوله على 12.87% من الأصوات، بما يعادل 79 مقعدا نيابيا، «شوكة فى حلق» أردوغان، بعد أن منع الأخير من الحصول على ثلثى المقاعد النيابية لتغيير النظام من برلمانى إلى رئاسي، من ناحية أخرى، قال دولت بهجلى زعيم حزب «الحركة القومية» اليمينى إنه يجب على تركيا إجراء انتخابات جديدة إذا لم يستطع الحزب الحاكم الاتفاق على ائتلاف مع حزبين معارضين آخرين فى البرلمان، مستبعدًا الائتلاف مع «العدالة والتنمية» فى الحكومة المقبلة، وأكد بهجلى أن حزبه مستعد للعب دور المعارض الرئيسى إذا تشكلت حكومة ائتلافية بين الأحزاب الأخرى الفائزة فى الانتخابات التى جرت مؤخرًا.
فى سياق متصل أعلن سعدى كوفان، رئيس اللجنة العليا للانتخابات التركية تخطى 4 أحزاب من أصل 20 حزبًا «العتبة الانتخابية» المؤهلة لدخول البرلمان والتى بلغت نسبتها 10% من أصوات الناخبين، وقال رئيس اللجنة فى أنقرة: «إن كلًا من حزب العدالة والتنمية، وحزب الشعب الجمهوري، وحزب الحركة القومية، وحزب الشعوب الديمقراطى»، تخطوا الحاجز الانتخابى للدخول للبرلمان، وحول ردود الفعل العالمية، حملت الصحف البريطانية الصادرة الكثير من الأخبار والتعليقات حول تلك الانتخابات المثيرة، فصحيفة «التايمز»، على سبيل المثال، حملت عنوانا يقول «الأكراد ينطلقون والناخبون يطيحون بأردوغان» مع صور لاحتفالات الأكراد بفوزهم للمرة الأولى بدخول البرلمان وبنسبة 12 فى المائة، أما صحيفة الجارديان كتبت «الانتخابات أذلت أردوغان».
وفى نفس الصحيفة كتب سايمون تسدول تحليلا سياسيا حول نتائج الانتخابات بعنوان «الناخبون يعاقبون سياسات جنون العظمة».