الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

إسلام زاهر: الفنان الحقيقى لا يقاس بكثرة معارضه وإنما بقيمة ما يقدمه

إسلام زاهر: الفنان الحقيقى لا يقاس بكثرة معارضه وإنما بقيمة ما يقدمه
إسلام زاهر: الفنان الحقيقى لا يقاس بكثرة معارضه وإنما بقيمة ما يقدمه




كتبت ■سوزى شكرى
حين علم أصدقاؤه من الوسط التشكيلى بموعد افتتاح معرضه تحت عنوان «وردى ومراثى» تساءل البعض أين كان كل هذه الفترة!؟ والبعض الآخر كرر كلمة «أخيرا» فتوقفنا أمام هذه الجمل التى تحمل فى طياتها تفسيرات ومعانى لوجوده فى ذهن وذاكرة الفن والفنانين رغم غيابه.
إسلام زاهر فنان شباب من جيل التسعينيات، حاصل على جوائز صالون الشباب فى دوراته الأولى، عاد إلينا يستكمل مشروعه الفنى والفكرى والفلسفي، الذى بدأ بمعرضه «البحث عن السعادة» أو بحسب معرضه السابق الذى أقامه عام 2010 «السعادة المنتظرة».
زاهر فنان متمرد على النص والمسلمات، يجادل ويحاور الواقع، لكن جدله ليس بتصالح مع الواقع وموافقته على كل النصوص والمسلمات، لكن بإعادة صياغة الواقع فى معالجات وتكوينات وتشكيلات وخلق سياق بديل للواقع، ليكون ناتج هذا الجدل حالة فنية وتقنية وتشكيلية صادمة وإنسانية.
 قال عنه الناقد ياسر منجى: «إسلام ظاهرةً إشكاليةً بين أبناء جيله، بل وبين عموم عارفيه ومتابعيه فى عموم الوسط التشكيلى المصرى وهو ذلك الفنان المعروف بموهبته العارمة، وبتمكنه من ناصية الرسم وتقنيات معالجة المسطح التصويرى وفق الأصول الراسخة».
حول معرضه وحول فترة غيابة تحاورت معه روزاليوسف نكشف عن آرائه فى الحركة الفنية وفعاليتها.. فكان هذا الحوار
■ «وأخيرا».. أين اختفى الفنان إسلام زاهر؟ سؤال طرحه زوار معرضك.. فبماذا سترد عليهم؟
-لا أجد مبررا لوجود الفنان بدون تقديم عمل فنى له قيمه ويمثل إضافة، وإذا لم يقدم الفنان الجديد فما الفائدة من التواجد، لم أبتعد كما وصفونى، لكن اعتبرها فترات تأمل وتقنين وإدراك معطيات الحياة، وتكوين خبرات وقوانين خاصة بالتأكيد لها تأثيرها على أعمالى الفنية، لا يوجد فنان يمكنه أن يغيب عن الفن والفن لا يعيش بدون الفنان، كلاهما روح واحدة أنا ضد فكرة الظهور وكثرة المعارض والانتشار المتكرر بدون قيمة، بالعكس ربما كثرة ظهور الفنان تفقده القيمة، لأنه شكل عند ذاكرة الملتقى والجمهور طابع لأعماله، ربما قد تؤدى إلى ابتعاد المتلقى عن معارضه لأن المتلقى أصبح يتوقع ما يطرحه الفنان قبل أن يراه، مثلا إذا أعاد الفنان إنتاج أفكاره أو اعتبرها بصمة فنية، وهناك فرق بين إعادة إنتاج نفسه وبين وجود بصمة فى أعماله تميزه، لذلك أجد خلط كبير بين التواجد والظهور الدائم، لذلك فهذه الجملة «أخيرا» التى قالها زملائى أسعدتنى وحملتنى مسؤولية كبيرة، وتؤكد أنى تركت انطباعا جيدا لدى المتلقي، وهذا ما أقصده أن معيار القيمة باق أكثر من بقاء الأشخاص وليس بالكم أو التكرار، معيار التواجد بالكم كونتها كليات الفنون منذ كنا طلبة والتقييم على كم الاسكتشات والظهور المتكرر وليس على القيمة أو المضمون.
■ هل معرضك الحالى «وردى ومراثى» امتداد لمعرضك السابق «سعادة منتظرة»؟
- معرضى السابق كان فى إبريل 2010 تحت عنوان «سعادة منتظرة» واستخدمت عنصر الخط، خط «كاليجراف» وتشكيل بالحروف، وقصدت بوجود الخط فكرة النص التى ربما قد تكون ضد الحرية أحيانا، وفكرة التأويل والغموض فى النص، وفى كل نص نجد قيد وأحكام على تصرفاتنا قد تعوق وتمنع وتقيد الوصول إلى السعادة، بعض هذه المعوقات ترتبط بالتعليم وبالموروثات وهو منحى وجودى فلسفى له علاقة بالبحث عن السعادة، وقد يكون البحث عن السعادة بالتنازلات! حتى نصبح سعداء، ومع ذلك قد نعيش فى سعادة (ولكن..)، أو نتنازل (عشان..)، إذا نحن أمام تساؤل دائم قد لا ينتهى من هذه الحياة، هل نحن سعداء؟ وما هى السعادة؟ وأين الطريق إليها؟ ولماذا جئنا إلى هذه الحياة إذا لم نعش سعداء؟ وما الداعى لهذا الوجود والتواجد، ولماذا توجد نصوص تحرمنا من حقنا فى الحياة؟ كلها إشكاليات فلسفية بالتأكيد تخدم الفن.
اختلف معرضى الحالى «ورود ومراثى» عن معرضى السابق فى معالجات وتقنيات وتناقضات إنما اتفق فكريا مع مشروعى فى البحث عن السعادة، الجدل مع الواقع هو دور الفنان وهو مشروعى الفنى والتقني، وليس الاتفاق الكامل مع الواقع، الاعتراض والتشكيك هو الجدل الإيجابي، لأن إذا وافق الفنان عن كل شىء فلماذا إذا يقوم أساسا بالفعل الفنى ويقدم رؤية.
■  علمنا أن هناك قصة حقيقة استلهمت منها شخصية معرضك «وردى ومراثي» حدثنا عنها؟
- العنوان تركيبة لغوية تجادل وتراوغ المعنى ومضمون العرض، هو تكمله لنفس السياق فى البحث عن السعادة، أما الوردى فهو اللون، والرثاء هو عدم تحقق طموح، والطموحات الوردية يقابلها رثاء، اللون الوردى أخذ بعد شخصى فى الأعمال، بالفعل بدأت قصتى عندما رأيت صور زفاف لصديقة مقربة بفستان الزفاف، ومن المفترض أنها سوف تكون سعيدة لكنى لم أشعر بأنها سعيدة وكأن معطيات المجتمع والمسلمات فرضت عليها هذه اللحظة ولكنها امرأة بسيطة وعادية فلا تطلب من الحياة سوى السعادة، وجدت مظهرها الخارجى كعروسة تحمل وردا يوم زفافها، بدأت فى عمل اسكتشات للحالة الإنسانية والسيكولوجية للشخصية الباحثة عن سعادة، ولا أعرف ما الذى جعلنى اختارها، على ما يبدو أن الحالة هى التى اختارتني، حيث سيطر اللون الوردي، الثوب وردى وحوائط المنزل وردية ولون الزهور الصناعية التى حرصت على حملها ورديا، حتى غطاء الرأس كان ينافس فى ورديته قماش الثوب الذى غطى كل وجودها عدا الوجه والكفين، أصبح الوردى هو سيد الموقف الآن.
■ باعتبارك من الحاصلين على جوائز صالون الشباب فى دوراته الأولى ما تقييمك لسيطرة الميديا وفنون الحداثة على صالون الشباب فى السنوات الأخيرة؟
- أفخر بأنى من جيل التسعينيات، لكن علاقتنا بالرموز والكبار كأننا نقف فى طابور، كل فنان شاب ينتظر دوره، فأنا حصلت على الجائزة الثانية فى الرسم من صالون الشباب الخامس 1995، جائزة لجنة التحكيم من صالون الشباب التاسع 1997، جائزتى لجنة التحكيم والاتحاد العالمى لنقاد الفن التشكيلى (الأيك) من صالون الشباب العاشر 1998، نحن تواجدنا كفنانين شباب فى صالون الشباب بقرار سياسى أن يكون للشباب فعالية مخصصة، عندما عرض «الفيديو آرت» فى صالون الشباب الأول حجبت الجائزة لأن أحدا لم يفهم الفيديو آرت، وهل يحسب على الفن التشكيلى أم لا؟.
الحداثة بدأت بعد الحرب العالمية الثانية، كسبت أمريكا الحرب وبدأت مخططها التوسعى للعالم كله تحت عنوان «الحرب على الفكر» وهو تفكيك أرضية الثقافة، الذى انبثق من المدارس الفنية، لأنه كان معتاد أن المدارس الفنية تأتى من مراسم الفنان فى العشرينيات والثلاثينيات، ثم يأتى دور النقد الفنى فى التنظير والتأويل، الحداثة جاءتنا من مؤسسات ومنظمات ترعاها جهات مثل «تاون هاوس» عن طريق ورش العمل وتسويق أساليب وأفكار وتقنيات الحداثة على أنها التجديد والتطوير والإبداع، إلى أن أصبح للحداثة فنانوها وجمهورها أغلبهم من الشباب.