الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

حوار الأديان والثقافات

حوار الأديان والثقافات
حوار الأديان والثقافات




كتب: أحمد عبده طرابيك
تعانى الأمة العربية والإسلامية عامة خلال السنوات الأخيرة من أخطار الإرهاب الأسود الذى يعصف بكل بقعة من عالمنا العربي، ويحصد كل يوم العشرات بل المئات من المواطنين الأبرياء ما بين شهيد يخلف وراءه هموما وأحزانا جمة، وما بين مصاب قد تلازمه نتائج تلك الإصابة طوال حياته، ذلك الارهاب الذى ارتبط بالتطرف والتعصب البغيض، وللأسف فإن كل تلك الجرائم تتم باسم الدين والإسلام، وكل الأديان من تلك الأعمال براء.
أصبح الحوار لغة ضرورية ملحة بدلاً من لغة السلاح، الحوار بين الديانات، والحوار بين المذاهب، والحوار بين الثقافات، والحوار بين الحضارات، لابد من أن نتحاور، ونتناقش، ونتبادل الآراء والأفكار، ولابد أن يستمع كل طرف للآخر، فلقد ساءت الإنسانية من لغة العنف، فهل نحن حقاً بتلك اللغة مازلنا نتصف بأننا من بنى الإنسان الذى كرمه الله فى البر والبحر.
استضافت أسطانة عاصمة كازاخستان يومى 10و11 يونيو 2015، المؤتمر الدولى الخامس لزعماء الأديان العالمية والتقليدية، بمشاركة 80 وفداً يمثلون 42 دولة، ذلك المؤتمر الذى يعقد بصفة دورية كل ثلاث سنوات منذ عام 2003، يحضره شخصيات رفيعة المستوى من أصحاب الأديان الثلاث «اليهودية، والمسيحية، والإسلامية» ولأن حوالى نصف سكان الأرض يدينون بديانات غير سماوية كالبوذية والهندوسية وغيرها، فقد حرص المؤتمر على أن يشارك أصحاب الديانات غير السماوية فى ذلك الحوار، بالإضافة إلى زعماء وقادة سياسيين، باعتبارهم مسئولين عن وضع السياسات وصنع القرارات.
مصر بدورها كانت حاضرة فى ذلك المؤتمر، مثلما كانت حريصة على المشاركة فى جميع المؤتمرات السابقة على أعلى المستويات، فقد كان شيخ الأزهر السابق الدكتور محمد سيد طنطاوى من أبرز المشاركين فى الدورات الثلاث الأولى للمؤتمر، أما دورته الرابعة عام 2012 فلم يكن الحضور المصرى قوياً نتيجة للظروف التى كانت تمر بها مصر فى أعقاب الثورة المصرية، وفى هذا المؤتمر شارك الدكتور شوقى علام مفتى الجمهورية.
الموضوع الرئيسى للمؤتمر هذا العام حمل عنوان «حوار الزعماء الدينيين والسياسيين فى سبيل السلام والتنمية» وهو موضوع مهم نظراً للارتباط الكبير والمباشر بين السلام والاستقرار من جهة والتنمية والرخاء من جهة أخرى، فالدول التى تعانى من أخطار الإرهاب هى أكثر الدول التى أصيب اقتصادها بالشلل والتدهور، فتأثير الارهاب على الاستثمار والسياحة والتنمية بشكل عام كتأثير السرطان فى جسم الإنسان.  
رئيس كازاخستان نور سلطان نزار بايف، وبان كى مون الأمين العام للأمم المتحدة، وساولى نينيستو رئيس فنلندا، والملك عبدالله الثانى ملك الأردن، أبرز السياسيين المشاركين فى المؤتمر ركزوا على المسئولية الإنسانية للزعماء الدينيين والسياسيين، وتأثير الدين على الشباب، واتجاهات وآفاق التفاعل بين الدين والسياسة، والحوار القائم على الاحترام المتبادل والتفاهم بين قادة وأتباع الأديان العالمية والتقليدية من أجل السلام والأمن والوئام.  
طالب وزير الأوقاف المصرى فى كلمته للمؤتمر، التى ألقالها الشيخ محمد عز الدين عبدالستار وكيل الوزارة لشئون الدعوة، بالعمل من خلال المشتركات الإنسانية التى أجمعت عليها الشرائع السماوية كلها، ومن أهمها حفظ النفس البشرية والعدل، والتسامح، والوفاء بالعهد، وأداء الأمانة، والصدق فى الأقوال والأفعال، وبر الوالدين، وحرمة مال اليتيم، ومراعاة حق الجوار، والكلمة الطيبة، مبينا أن احترامنا للآخر وإيماننا بهذا التنوع يتطلب أن يقابلنا الآخرون بمثل هذا الاحترام لديننا وشعائرنا ومقدساتنا، حتى لا يكون هناك مجال لتفرقة أو تمييز عنصرى يفتحا الباب إلى الصراع بدلا من التوافق الذى نسعى إليه.    
الدكتور عبدالعزيز التويجرى، المدير العام للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة «إيسيسكو» وجه جل اهتمامه بالشباب، من خلال الجلسة الحوارية التى جاءت تحت عنوان «تأثير الدين على الشباب: التعليم والعلوم والثقافة ووسائل الإعلام» باعتبار أن فئة الشباب هى أكثر الفئات التى تستهدفها الجماعات المتطرفة، وأن صيانة الشباب من تأثير تلك الجماعات هو أفضل السبل للحفاظ على ثروتنا البشرية التى هى أساس التنمية والتقدم والرقى.