الإثنين 6 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

الشيخ «محمد رفعت».. «قيثارة السماء».. تزف الفرحة لقلوب الصائمين

الشيخ «محمد رفعت»..  «قيثارة السماء».. تزف الفرحة لقلوب الصائمين
الشيخ «محمد رفعت».. «قيثارة السماء».. تزف الفرحة لقلوب الصائمين




كتبت - مروة مظلوم


«استمعتم إلى تلاوة مباركة من آيات الذكر الحكيم ويُرفع الآن  أذان المغرب بصوت الشيخ محمد رفعت».. العبارة الأجمل فى الكون على أذن المسلمين فى جميع بقاع الأرض من مستمعى إذاعة القرآن الكريم أو متابعى التليفزيون المصرى عبارة لازمتهم لقرن من الزمن فكانت  إيذانًا لهم بانقضاء نهار يوم قاس من الصيام  وشهادة  لفرحة الصائم بإفطاره.. صوت ذهبى  صار أحد طقوس المصريين لارمضان دون صوت قيثارة السماء «محمد رفعت».
استطاع الشيخ  «رفعت» بصوته العذب الخاشع أن يغزو القلوب والوجدان، حيث جمع بين الخشوع وقوة التأثير، فكان كلما علا صوته وارتفع انسلخ وهو ينكسر فى ألم وكأنه يعتذر عن رفع نبراته أمام خالقه، كما وصفه المفكر الإسلامى الدكتور مصطفى محمود. فكان صوته يشرح الآيات، مما جعل أسلوبه فريدًا من نوعه فى التلاوة.
 كان يتمتع بالنظر حتى أصبح عمره سنتين، وقيل إن فقده للنظر كان بسبب الحسد، فقد قابلته امرأة وقالت عنه «هذا الطفل ابن ملوك، عيناه تقولان ذلك»، وفى اليوم التالى استيقظ الشيخ وهو يصرخ من شدة الألم فى عينيه، ولم يلبث أن فقد بصره، بعدها وهبه والده ضابط البوليس إلى خدمة القرآن حيث أتم حفظه قبل سن العاشرة.ولم يكتف بموهبته الصوتية الفذَّة، ومشاعره المرهفة فى قراءة القرآن، بل عمق هذا بدراسة علم القراءات وبعض التفاسير، واهتم بشراء الكتب، ودراسة الموسيقى الرقيقة والمقامات الموسيقية، فدرس موسيقى «بتهوفن»، و«موزارت»، و«فاجنر»، وكان يحتفظ بالعديد من الأوبريتات والسيمفونيات العالمية فى مكتبته.
الشيخ رفعت جمعت بينه وبين الموسيقار محمد عبدالوهاب صداقة قوية، وكان يحرص على قضاء أغلب سهراته فى منزل الشيخ بالسيدة زينب، وكثيراً ما كانت تضم هذه الجلسات أعلام الموسيقى والفن، وكان الشيخ يغنى لهم بصوته الرخيم الجميل قصائد كثيرة منها «أراك عصى الدمع»، أما عبدالوهاب فكان يجلس بالقرب منه فى خشوع وتبتل، وتدور بينهما حوارات ومناقشات حول أعلام الموسيقى العالمية.
عبدالوهاب عرض على الشيخ رفعت أن يسجل له القرآن الكريم كاملاً بصوته، مقابل أى أجر مادى  يطلبه، ولكن الشيخ رفعت اعتذر له خوفًا من أن يمس أسطوانة القرآن الكريم سكران أو جنب.. الشيخ رفعت لم يعبأ بالمال وأبى أن يتكسبه فقد عرض عليه عام 1935 أن يذهب للهند مقابل «15» ألف جنيه مصرى، فاعتذر، فوسّط نظام حيدر آباد الخارجية المصرية، وضاعفوا المبلغ إلى «45» ألف جنيه، فأصر الشيخ على اعتذاره، وصاح فيهم غاضبًا: «أنا لا أبحث عن المال أبدًا، فإن الدنيا كلها عَرَضٌ زائل».