الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

الشباب والاستثمار الأمثل

الشباب والاستثمار الأمثل
الشباب والاستثمار الأمثل




كتب: د.محمد محيى الدين حسنين

نظرة سريعة على حالة الشباب، وخاصة طلاب الجامعات وخريجيها، تنبئ بأننا مازلنا نواجه مشكلة حقيقية معهم، فمن الصحيح أن العام الجامعى قد شارف على الانتهاء ولم يشهد هذا العام حوادث شغب داخل الجامعات كالتى شهدها العام السابق، وأن النفوس قد هدأت، إلا أن ذلك لا يعنى أن مشكلات الشباب قد انتهت فمازالت نار معاناتهم تحت الرماد ولم تواجه مواجهة جادة نتعرف فيها على اسبابها ودواعيها، وما زال الشباب فى مهب الريح تتقاذفها تيارات سياسية واجتماعية بشكل قوى، من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، تزلزل الأرض من تحت اقدامهم حتى فقد الكثير منهم ثقتهم بأنفسهم وبمستقبلهم وانفصل قطاع منهم عن مجتمعهم وثقافتهم.
وحتى نزيد الأمر تفصيلا لمن لا يعرف أو يقدر حجم المشكلة فإن أعراضها يمكن رؤيتها فى العديد من الظواهر الواضحة للعيان وربما أقلها الهجرة غير الشرعية، أو أمل الكثير منهم فى تحقيق هجرة شرعية، إضافة إلى زيادة معدلات نسبة البطالة، وكذلك العنوسة، وإلى جانب اختراعهم لغة يتفاهمون بها بعيدا عن رقابة المجتمع، تفصلهم عنه، ناهيك عن تدنى المستوى التعليمى وانتشار المخدرات وغيرها من الظواهر السلبية التى تتفشى فى جيل الشباب.
وليس من المعقول أو المقبول أن نترك ثلثى المجتمع، الذين هم قادة مستقبله، يعانون من تلك المشاكل دون أن نمد لهم يد المساعدة والدعم وأن نتصدى لتلك المشكلات بكل قوة وشجاعة.
وقد يتصور البعض أن رفع شعارات مثل «تمكين الشباب» و«خلق فرص عمل لهم» يمثل الحل السحرى الذى يحول شبابنا من العمل السلبى إلى طاقة منتجة، ويمسح من عقولهم الأفكار السلبية ويزيل عوامل الإحباط التى يعانون منها، لابد اننا نعترف أنها رغم كونها حلولاً مهمة الا أنها حلول آنية فى نفس الوقت، لا تأخذ فى الاعتبار جذور المشكلة ولا تعطى وعودا لمستقبل هذه الأمة.
ولا ننكر أن خلق فرص عمل توفرها استثمارات أجنبية نسعى إلى جلبها من الخارج ستساعد فى تخفيض نسبة البطالة وأن العمل على تمكين الشباب مع ما فى هذا الشعار من غموض أمر مطلوب، الا أننا لا نعرف من هم الشباب المطلوب تمكينهم وما هى الوسائل المطلوبة لاعدادهم للقيادة.
قبل أن نلوم شبابنا يجب أن نلوم أنفسنا أولا ونعترف أنهم الحصاد المر لما زرعناه ونتاج لسياسات لم تضع فى اعتبارها حجم النتائج التى قد تترتب عليها، فنحن جميعا مسئولون عما آلت إليه أوضاع قطاع غير قليل من الشباب بل ندين لهم بالاعتذار عما فعلناه بهم، وقد تكون البداية الحقيقية لأى دراسة جادة هى أن نعترف أن مشكلة الشباب ومعاناتهم هى من نتاج أفكارنا وسياساتنا الثقافية والتعليمية العشوائية، التى ساهمنا جميعا فى وضعها وتنفيذها بالفعل أو بالصمت، إضافة إلى منظومة القيم التى أفسدناها، فأنتجت أجيالا لا تملك المعرفة ولا كيفية الوصول إليها، ولم نغرس فيهم ملكات القيادة ولا قيم العمل.
وقد لا يكفى مقال واحد لتشخيص المشكلة وتتبع جذورها إلا أنه قد يكون من المفيد تحريك مياه البحث والدراسة الراكدة، فالمشكلة أكثر تعقيدًا مما نظن وربما تفرغت مراكز البحوث بالجامعات والمراكز القومية لإلقاء الضوء عليها والاستماع إلي الشباب ووضع خطة قومية للاستثمار فيهم، وتجيب على تساؤلاتهم، وتراعى احتياجاتهم وتساعدهم فى الوصول إلى أهدافهم ليصبحوا طاقة منتجة بدلا من أن يكونوا طاقة سلبية مهملة أو مهمشة تتلقفها وتوظفها القوى الظلامية.